الأسبوع الجاري سيكون أسبوع ما قبل الاتفاق النووي المتوقع بين ايران والدول الغربية التي بدأت جولات تفاوض حاسمة في شأنه منذ بداية الشهر الجاري، وسستواصل لتبلغ ذروتها بين 17 و24 منه، بالتزامن مع انتخابات الكنيست الاسرائيلي في 17 من الجاري ايضاً، وسيكون لكلّ من هذين الحدثين انعكاساته وتداعياته على مجمل الاوضاع في لبنان والمنطقة. وسيتخلل هذا الاسبوع جلسة جديدة لانتخابات رئاسة الجمهورية تحمل الرقم 20 ينتظر ان يكون مصيرها كسابقاتها، أي أن تؤجلّ الى موعد جديد لعدم اكتمال نصابها.
تسود الأوساط السياسية منذ ايام معلومات متضاربة حول مصير الاستحقاق الرئاسي، بعضها يتحدث عن انّ هذا الاستحقاق سيجد طريقه الى الإنجاز إثر التوصّل الى الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها الغربيين وبين ايران.
فيما البعض الآخر من هذه المعلومات يستبعد حصول هذا الاتفاق النووي ويؤكد انّ انتخاب رئيس جمهورية جديد قد يتأخر لأكثر من سنة، ويشير الى وجود معطيات بهذا المعنى لدى رئيس الحكومة تمام سلام ولكنه لا يكشف عنها لئلّا تثير بلبلة في الاوضاع السياسية ويركز اهتمامه على اتخاذ الخطوات اللازمة التي تجعل حكومته أكثر انتاجية على مستوى معالجة قضايا الناس، واكثر فعالية في إدارة الاوضاع السياسية والامنية الى حين انتخاب رئيس جمهورية جديد.
ويسخر قطب نيابي من توقعات البعض واعتقادهم بأنّ رئيس الجمهورية سينتخب فور حصول الاتفاق النووي بين ايران والدول الغربية. ويقول لـ«الجمهورية» ان لا علاقة للملف النووي الايراني بانتخابات الرئاسة اللبنانية، فضلاً عن انّ لبنان ليس أولوية الآن لدى العواصم الاقليمية والدولية التي تهتم به حالياً من الناحية الامنية فقط، وانّ إنجاز استحقاقه الرئاسي قد يكون مرهوناً بحصول بعض التقدم في اتجاه التسويات المطروحة للأزمات الاقليمية، والتي لا تزال مرهونة بنتائج المعارك الدائرة في ميادين هذه الازمات.
لكنّ مصدراً مطلعاً أكد انّ موعد انجاز الاستحقاق الرئاسي مرهون ايضاً بمدى تقدّم الحوار الجاري بين حزب الله وتيار «المستقبل» وبمصير الحوار بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية».
وكذلك هو مرهون بما سيَرسو عليه الحوار بين الرئيس سعد الحريري وبين رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون، والذي كان اللقاء ـ العشاء الذي جمعهما في «بيت الوسط» في الآونة الاخيرة أحد جولاته الجديدة، في وقت تشير معلومات الى انّ طرفي هذا الحوار قد اقتربا من حسم خياراتهما فيه، على الاقل من جانب الحريري، في الوقت الذي بدأ «المستقبل» وحزب الله يتناولان في حوارهما الانتخابات الرئاسية «على الخفيف» من دون الدخول في التفاصيل العملية.
وكانت الاوساط السياسية انشغلت في عطلة الاسبوع بما شاع عن مضمون رسالة أميركية نقلها رئيس اساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر من وزير الخارجية الاميركي جون كيري خلال لقاء مصادفة بينهما في باريس، الى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وتتضمّن تفاؤل واشنطن بإمكانية انتخاب رئيس للبنان خلال الشهرين المقبلين بعد إبرام الاتفاق النووي مع إيران.
وتوضيحاً لهذا الامر نَفى المطران مطر هذا الأمر، موضحاً في حديث إذاعي أمس أنّ اللقاء بينه وبين كيري حصل مصادفة في مكان عام ولم يدم أكثر من أربع دقائق، حيث طلب مطر من كيري مساعدة لبنان لانتخاب رئيس للجمهورية، فردّ كيري مؤكداً أنّ واشنطن مهتمة بملف الرئاسة اللبنانية، وحَمّله تحية الى البطريرك الراعي. وأكّد مطر «أنّ هذا كل ما جرى من دون زيادة أو نقصان».
مطر في الإليزيه
وكشفت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ المطران مطر كان في باريس زائراً رسمياً قاصداً قصر الإليزيه للقاء مسؤول مكتب لبنان وسوريا والشرق الأوسط السيد ايمانويل بون ليعرض معه التطورات في لبنان والمنطقة وانعكاسات الأزمة السورية على لبنان.
على هامش الزيارة كان لقاء «على الواقِف» بين كيري ومطر في بَهو أحد فنادق باريس الذي كانا من نزلائه وتخلله نقاش قصير عَقب سلام وكلام عام تمنى خلاله المطران مطر أن تجهد الولايات المتحدة الأميركية في استمرار مساعدة لبنان لانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن.
فردّ كيري، الذي ظهر انه مُطلع على آخر التفاصيل، معبّراً عن تصميم بلاده دعم لبنان في كل المجالات السياسية والعسكرية، خصوصاً على مستوى تجهيز الجيش اللبناني لمواجهة المخاطر المحدقة بلبنان.
وأكد كيري اهتمام بلاده بملف انتخاب رئيس للجمهورية، لافتاً الى انه يتابع هذا الموضوع مع سفارة بلاده في لبنان والتي توليه أولوية قصوى. وفي نهاية اللقاء حمّل كيري المطران مطر تحياته الى البطريرك الراعي.
الحريري عند السيسي
وكان الاستحقاق الرئاسي أحد المواضيع التي تناولها الرئيس سعد الحريري في محادثاته في القاهرة. ونقل عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي التقاه أمس، تمنّيه انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية،
وأكد الحريري «الوقوف إلى جانب مصر في مواجهة قوى الضلال والتطرف». وقال: «تحدثنا بالتفصيل ما هي مصلحة لبنان ومصلحة العرب، ومن دون شك فنحن نرى، كما مصر، أنّ الاعتدال هو في مواجهة كل أنواع التطرف وليس نوعاً واحداً منه.
فالتطرف موجود، إن كان التطرف الإيراني أو التطرف الذي نراه في «داعش» و«النصرة». وأضاف: «تحدثنا كذلك حول مواجهة لبنان للإرهاب، وكان هناك تَمنّ عند الرئيس السيسي بحصول انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا الموضوع تتمناه كل دولة في العالم، بأن ينتخب لبنان رئيساً للجمهورية».
ورداً على سؤال، قال الحريري: «في موضوع إيران لدينا ملاحظات، ولكن هذا لا يعني أننا ضدها. نحن نريد أن تكون علاقاتنا بها لمصلحة لبنان ولمصلحتها معاً، وليس لمصلحة إيران فقط».
«حزب الله»
الى ذلك، دعا رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك، خلال احتفال تأبيني لوالد وزير الزراعة الدكتور حسين الحاج حسن في بعلبك أمس، اللبنانيين إلى «تحمّل مسؤولياتهم، تجاه ما يتهدد لبنان من أخطار، وما يجري في محيطه».
ودعا إلى «إعادة الحياة إلى مؤسسات الدولة وقصر بعبدا من خلال انتخاب رئيس للجمهورية، يكون لكل لبنان»، مؤكداً «اننا في حاجة الى طاولة واحدة، نلتقي حولها بقلب مفتوح، على ان يكون هدفنا واحداً، هو مصلحة لبنان واللبنانيين». وختم: «من يحاولون إلباس الدين عباءة الله، كما يريدون. هؤلاء هم ادوات صغيرة في مشاريع كبيرة تحرّكهم، لكن بالارادة والعزيمة والتوكّل على الله سنضع حداً لهم».
مجلس الوزراء
من جهة ثانية وبعدما عاود مجلس الوزراء جلساته الأسبوعية، عَمّمت امانته العامة جدول اعمال جلسته الخميس المقبل على الوزراء.
وعلمت «الجمهورية» انّ هذا الجدول ضمّ 142 بنداً غالبيتها من مراسيم وقرارات بنقل اعتمادات مالية واعطاء سلفات خزينة الى بعض الوزارات والمؤسسات العامة وفق القاعدة الإثنتي عشرية لفقدان الموازنة العامة. ويتصل البعض الآخر بقبول هِبات مالية وعينية مختلفة والموافقة على مشاركة لبنان في عدد من المؤتمرات العربية والدولية.
وقال احد الوزراء انّ في الجدول نحو عشرة بنود مهمة يمكن ان تحظى بنقاش مستفيض أبرزها طلب البَتّ بمباراة خاصة بالمتعاقدين في وزارة التربية، وهناك بند آخر يتصل باقتراح وزارة البيئة اعتماد مكبّ بديل من مكبّ الناعمة فور الوصول الى مرحلة وَقف العمل فيه، مقترحة اعتماد مطمر الردميات في الأوزاعي الذي استخدم في طمر ردميات الضاحية الجنوبية بعد حرب تموز 2006 مكاناً بديلاً منه كأحد المطامر البديلة.
قمّة شرم الشيخ
وفي هذه الأجواء يستعد رئيس الحكومة للمشاركة في محطتين عربيتين مهمتين هذا الشهر، أولاهما المؤتمر الإقتصادي المزمع عقده الجمعة المقبل في شرم الشيخ، على أن يشارك في القمة العربية السنوية في 28 منه.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انه سيرافق سلام الجمعة المقبل وزير الإقتصاد والتجارة آلان حكيم ووفد من رجال الأعمال والإقتصاديين الكبار في لبنان يضمّ أربعين رجلاً تقريباً يتقدمهم رئيس الهيئات الإقتصادية عدنان القصار ورؤساء غرف التجارة والصناعة وجمعيات المصارف والصناعيين والهيئات التجارية في البلاد.