Site icon IMLebanon

«تقدُّم بسيط» عشيَّة الجلسة 20 غداً والحوار الأسبوع المقبل

يَظهر في الأسبوع الفاصل بين محطتي 8 و14 آذار أنّ الانقسام الذي شطرَ البلد على امتداد عقدٍ من الزمن، يشهَد في هذه الأيام حراكاً لم تألفه الحياة السياسية في السنوات العشر المنصرمة، من حوارات ثنائية على أكثر من صعيد ومستوى، إلى تجاوُز العقبات التي تعترض العملَ الحكومي، كما حصل أخيراً، وصولاً إلى توفير الغطاء الكامل للجيش اللبناني والقوى الأمنية من أجل فرضِ الاستقرار وإقفال أيّ ثغرة يمكن أن ينفذ منها المتربّصون شرّاً بلبنان. وفي موازاة الإنفراجات المحليّة ، وفي تطور شكل استجابة لدعوات فاتيكانية ودولية وفي طليعتها فرنسا اعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس ان مجلس الامن سيعقد اجتماعا في السابع والعشرين من الجاري لمناقشة ما تتعرض له «الاقليات من اضطهاد»، وخصوصا مسيحيو الشرق المهددون بتجاوزات تنظيم الدولة الاسلامية، حيث دعت أوساط فاتيكانية إلى الإسراع في وضع اليد على هذه القضية الانسانية والمسيحية والثقافية التي تهدد بتفريغ الشرق من المسيحيين.

لا يمكن الحديث فقط عن تبريد سياسيّ أو إرادة بالتبريد، لأنّ المسألة تتجاوز ذلك إلى محاولات جدّية لتحقيق خروقات سياسية ضمن السقف السياسي الذي يَحكم هذه المرحلة، حيث إنّ التقاطع القائم ليس فقط على تحييد لبنان، بل على محاولة التوصّل إلى مساحات مشترَكة إذا سمحَت المعطيات بذلك، فضلاً عن أنّ أيّ حوار يولِّد ديناميةً سياسية ويُخرج البلاد من حالة الجمود المسيطرة، وبالتالي يصعب التكهّن بالاختراقات التي يمكن تحقيقها نتيجة هذه الحيوية.

وقد دلّت الأسابيع المنصرمة على تقاطع كلّ الأطراف على مواصلة الحوار وإعادة تفعيل العمل الحكومي. فالحوار بين «المستقبل» و»حزب الله» لم يتأثر بالسقوف المرتفعة التي سادت في مرحلة معيّنة، ولا حتى بالتطورات الميدانية التي حصلت بين «القنيطرة» وشبعا.

والحوار بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» لم يتأثر بدوره من محاولات التشويش من قبَل بعض الجهات المتضرّرة، والبيانُ الصادر عن «القوات» أمس أكبرُ دليل، حيث شدّدَ بوضوح على تعليقهم «أهمّية كبرى على الحوار في الملفّات كافّة، بما فيها رئاسة الجمهورية»، وأكّد أنّ «القوات» لا «تضع أيّ فيتو على أيّ أحد، وتعمل جاهدةً لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية يشكّل وصوله تجسيداً لقناعاتها ومبادئها السياسية».

وفي السياق الرئاسي، وعشيّة الجلسة رقم 20 التي كان حدّدها رئيس مجلس النواب نبيه بري في 11 الجاري كمحطة فاصلة بين 8 و 14، آملاً أن تكون جامعة، لفَتت أمس الزيارةُ التي قام بها رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون إلى عين التينة وكشفُه عن «تقدّم بسيط» في الملف الرئاسي، وعن جدول الأعمال الذي ناقشَه وبرّي وتضمَّن الآتي: «قوانين في مجلس النواب، وملفّات تتعلق بالحكومة، والانتخابات الرئاسية التي قطعَت بعض المراحل».

ديب

وفي سياق متصل، أكّد عضو تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب حكمت ديب أنّ «ما أعلنَه عون بعد لقائه برّي عن «تقدّم بسيط» على صعيد الاستحقاق الرئاسي «عائدٌ إلى نتيجة المقاربات والإتفاقات التي حصلت في الفترة الأخيرة في الوسَطين المسيحي والوطني لجهة أهميّة مشاركة المسيحيين الفعّالة في المواقع المسيحية الأولى، ولكنّ هذا التقدّم ما زال يتطلّب أموراً كثيرة من أجل تكريسه بشكل فعليّ».

وأوضحَ ديب أن «لا اتفاقات سرّية تحصل بين «التيار الوطني الحرّ» وتيار «المستقبل» لانتخاب رئيس في وقتٍ قريب، بل إنّ هناك تفاهماً عبَّر عنه الحريري لناحية ضرورة الثمثيل الصحيح في رئاسة الجمهورية، الأمر الذي يتطلّب ترجمةً على أرض الواقع»، وأضاف: «لقد تقدَّمنا خطوات مهمّة وثابتة».

وعن الحوار مع «القوات»، أشار إلى أنّ العمل جارٍ لتكريس بعض المبادئ في وثيقة سياسية تؤكّد على حقّ المسيحيين في المشاركة الفعّالة في مؤسسات الدّولة وتكوين السلطة، إنْ لجهةِ إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية، أو لناحية تعزيز الحضور المسيحي داخل الإدارة، وما بينهما انتخاب الرئيس المناسب».

لن تختلفَ عن سابقاتها

وأكّدَت أوساط نيابية في قوى 14 آذار لـ«الجمهورية» أنّها ستشارك في جلسة الغد، على غرار الجلسات السابقة، وتوقّعَت ألّا يختلف مصير هذه الجلسة عن سابقاتها، وأسفَت لاستمرار التعطيل الرئاسي، وكرّرَت دعوتَها الكتل النيابية إلى توفير النصاب ولَبنَنة الاستحقاق.

الحكومة

وفي الوقت الذي يعمل رئيس الحكومة تمّام سلام على إعادة تفعيل العمل الحكومي وتجنيب البلاد أيّ عرقلةٍ وتعطيل، كشفَت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» أنّ سلام والقوى الأساسية التي تتواصل من خلال القنوات الحوارية اتّفقَت على تطويق أيّ محاولة ترمي إلى العرقلة، وقالت إنّ المناخات السياسية في البلاد مساعِدةٌ أكثر من أيّ وقتٍ مضى لتحقيق إنجازات على أكثر من صعيد ومستوى.

وكان رئيس الحكومة استقبلَ أمس في السراي سفيرَ المملكة العربية السعودية علي عواض عسيري وتناوَل البحث الأوضاع والتطوّرات في لبنان والمنطقة إضافةً إلى العلاقات اللبنانية السعودية.

الحريري وإيران

وقد توقّفَت أوساط سياسية في قوى 8 آذار أمام كلام رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بعد لقائه الرئيسَ المصري عبد الفتّاح السيسي عن الملفّ الإيراني لجهة قوله: «لدينا ملاحظات على إيران، ولكنّ هذا لا يعني أنّنا ضدّها. نحن نريد أن تكون علاقاتنا بإيران لمصلحة لبنان ولمصلحة إيران معاً، وليس لمصلحة إيران فقط».

وقد أكّدت الأوساط نفسُها لـ«الجمهورية» أنّ كلام الحريري يُعزّز المناخات الحوارية الجارية على قدَم وساق في البلد، وسيؤدّي إلى مزيد من التهدئة والتبريد ويَخدم الأهداف الأساسية التي قامَ من أجلها الحوار. وأمِلت الأوساط أن تشهدَ المرحلة المقبلة تقارباً إيرانيا-سعودياً يؤدّي إلى القضاء على الفتنة وحَلحلة الملفّات العالقة.

الجرّاح

وفي هذا السياق أكّد عضو كتلة «المستقبل» النيابية جمال الجرّاح لـ»الجمهورية» أنّ زيارة الرئيس الحريري للرئيس السيسي تأتي في إطار تأكيد أهمّية وعظمة الدولة المصرية بحُكم موقعِها الجغرافي وأهمّيتها العسكرية والأمنية وتاريخها الديمقراطي الطويل»، مشيراً إلى أنّ «مصر لطالما كانت دولة اعتدال تحرَص على استمرار الاعتدال في المنطقة، وهي اليوم مرشّحة لأن تلعب دوراً كبيراً في محاربة التطرّف والإرهاب، نظراً إلى أهمّية تأثيرها المعنوي والسياسي على مجمَل المنطقة، وهو ما عبَّر عنه الرئيس الحريري في تصريحه الأخير، مؤكّداً التوافقَ التامّ ودعمها في هذا المجال».

وإذ لفتَ إلى أنّ «مصر تمرّ اليوم في محنةٍ كبيرة نتيجة الأحداث الأليمة التي يتعرّض لها شعبُها، وهي على خلاف مع بعض الدول العربية إزاء مساندتهم الجماعات المسلّحة في مصر»، دعا الجرّاح قوى الاعتدال في المنطقة إلى «اعتماد استراتيجية موحّدة في مواجهة الإرهاب ودعم سياسة الاعتدال».

وردّاً على ما أثيرَ عن أنّ الزيارة تأتي في إطار التمهيد لعودة الحريري إلى رئاسة الحكومة، شَدّد الجرّاح على أنّ الحريري «لا يحتاج إلى دعم إقليميّ لتبَوُّءِ الرئاسة مجَدّداً، فهو رئيس أكبر كتلة نيابية سنّية، كما له تأثير كبير في الحياة السياسية اللبنانية»، مجَدّداً التأكيد أنّ «الهدف الرئيس كان التنسيق مع قوى الاعتدال في المنطقة والتأكيد على ذلك، إلى جانب محاولة صياغة علاقات عربية سليمة».

الجسر

وعلى مستوى الحوار بين «المستقبل» و»حزب الله»، أكّد عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر لـ»الجمهورية» أنّ «جلسة الحوار المقبلة بين الطرفين ستُعقَد مبدئياً الأسبوع المقبل»، وأشار إلى أنّ «المواضيع التي تمَّ تداولها في الحوار السابق سيُصار إلى استكمال البحث بها في الحوار المقبل، وأبرزُها تنفيس الإحتقان وملفّ انتخاب رئيس الجمهورية». وأضاف: «مِن المفترَض التعَمّق في المواضيع التي تمَّت مناقشتها، ولكن لا شيء يَمنع من تناوُل أيّ موضوع آخر، وذلك حسب الأوضاع والظروف الطارئة».

جنبلاط

وفي موقف لافت لرئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلااط وضعَ فيه على قدَم المساواة النظامين السوري والإيراني و»داعش»، قال «إنّني حزين لرؤيتي ما كان يُعرَف بمهد الحضارات تدمَّر منهجياً من قبَل مصّاصي دماء داعش وجحافل قاسم سليماني، من دون أن ننسى نيرون سوريا الرئيس بشّار الأسد».

مجلس وزراء الداخلية العرب

وعلى صعيد آخر توجَّه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أمس إلى الجزائر للمشاركة في مؤتمر وزراء الداخلية العرب الذي ينعقد في العاصمة الجزائرية على مدى يومي 11و12 آذار الجاري، يرافقه وفدٌ أمنيّ رفيع المستوى ضمَّ المديرَ العام للأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، ورئيس شعبة المعلومات العميد عماد عثمان، ورئيس هيئة الأركان في قوى الأمن الداخلي العميد جورج لطوف، ومدير الإدارة المشتركة في وزارة الداخلية العميد الياس خوري.

ومِن أبرز المواضيع التي يتضَمّنها جدول أعمال الدورة تقاريرُ عمّا نفّذته الدوَل الأعضاء من: الاستراتيجية الأمنية العربية، والاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب، وغيرها من المواضيع.

رسالة من الراعي

ومِن جهةٍ أخرى، استقبلَ نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني سمير مقبل في مكتبِه في الوزارة ظهرَ أمس أمين سِرّ البطريركية المارونية المطران سمير مظلوم موفَداً من قبَل غبطة البطريرك بشاره الراعي، ناقلاً دعمَ الراعي وتنويهَه «بقدرات الجيش اللبناني وصموده، وما يسجّله من بطولات في مواجهة الجماعات الإرهابية التكفيرية، إضافةً إلى إشادة غبطته بالدور الذي يقوم به دولته شخصياً، بالتنسيق مع القيادة العسكرية التي أثبتَت نجاحَ خططِها العسكرية المرسومة والتي يقوم بتنفيذِها أبطال من ضبّاط وعناصر الجيش على كافة المحاور».

قهوجي

وحول الملابسات التي أثيرَت في قضية فضل شاكر، أكّد قائد الجيش العماد جان قهوجي في حديث تلفزيوني أنّ «متعهّد الحفلات عماد قانصو اتّصلَ بقيادة الجيش منذ أكثر من 5 أشهر لمساعدة فضل شاكر الذي قال إنّه مستعدّ لتسليم نفسه، فكان ردّ قيادة الجيش أنّ الأمر عند القضاء العسكري فقط لا غير، ليس لدى قيادة الجيش اليوم أيّ شيء لتضيفَه في هذا الخصوص».

وحول ما يتمّ تداوله عن أنّ موضوع شاكر مرتبط بحَلّ قضيّة العسكريين المختطفين، أكّد قهوجي أنّ «التفاوض بهذه المسألة ليس عند قيادة الجيش بل عند جهات أمنية وسياسية أخرى، وبالتالي ما مِن علاقة لها بهذه النقطة بالتحديد، فيما لو كانت صحيحة». وفي هذا الإطار كشفَت المحامية مي خنسا التي تتولّى مهمّة الدفاع عن فضل شاكر أمام القضاء العسكري، أنّه سيُسلّم نفسَه خلال الأيام المقبلة.

مسيحيّو الشرق

وفي سياق آخر، وعلى أثر الأحداث المأسوية التي استهدفَت الجماعات المسيحية في العراق وسوريا، في تهديدٍ مباشَر لتعدّدية المشرق العربي وتفريغه من المسيحيّين، أعلنَ وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس أنّ مجلس الأمن سيَعقد اجتماعاً في السابع والعشرين من الجاري لمناقشة ما تتعرّض له «الأقليات من اضطهاد»، وخصوصاً مسيحيّو الشرق المهدّدون بتجاوزات تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال فابيوس في مؤتمر صحافي عَقدَه في الرباط إنّ فرنسا «قرّرَت دعوة مجلس الأمن إلى الاجتماع في السابع والعشرين من آذار لمناقشة وضعِ مسيحيّي الشرق والأقلّيات الأخرى»، مضيفاً: «نحن نقف إلى جانب هذه الأقلّيات المضطهَدة».

«النوَوي الإيراني»

وفي مجال آخر، ظلّت الأنظار شاخصةً إلى التطوّرات الحاصلة على مستوى المفاوضات النووية، ومدى انعكاسها على مستقبل المنطقة، حيث قالت أوساط ديبلوماسية عربية لـ»الجمهورية» إنّ الدوَل العربية لن تنتظر نتائجَ ما ستتمخّض عنه هذه المفاوضات، بل قرّرَت تشكيلَ أو إعادة تفعيل محور الاعتدال ومأسَسَة حركتِه من أجل مواجهةِ أيّ تداعيات محتمَلة، وتحصين الموقف العربي.