موضوعان استأثرا بالمتابعة السياسية، الأوّل يتّصل بموقف وزير الخارجية الأميركي جون كيري من الحوار مع الرئيس السوري بشّار الأسد والذي قرأت فيه أوساط ديبلوماسية عربية محاولةً أميركية لاستمالة طهران عن طريق دفعِها إلى الإسراع في توقيع الاتفاق النوَوي مقابل تسليفها إقليمياً، ورأت أنّ ترييحَ محور الممانعة سيؤدّي إلى تمَدّد الخطر الأصولي، خِلافاً لِما يعتقده البعض، وبالتالي اشتداد الصراع واستمرار الأزمة. والموضوع الثاني يتّصِل بالحوار الذي يعقد جلسته المحدّدة غداً، والتي سيشرح فيها تيار «المستقبل» بوضوح أنّ مَن يُطلق النار على الحوار ليس 14 آذار ولا بطبيعة الحال «المستقبل، إنّما الفريق الذي يطلق مواقفَ من قبيلِ نشوء أمبراطوريات، ويتدخّل عسكرياً وبشكل مباشَر في الصراع الدائر في دوَل عربية عدّة، في محاولة لتغيير الوقائع الميدانية. وسيؤكّد «المستقبل» أنّ تحييدَ الملفّات الخلافية عن الحوار، لا يعني سحبَها من الإعلام والنقاش والسجال، خصوصاً أنّ المواقف الأساسية أطلقت في مناسبتين وطنيتين: 14 شباط و14 آذار، وأنّ الحريص على تخفيف الاحتقان يعمل على مقاربة الأسباب الفعلية الكامنة وراء هذا الاحتقان ومعالجتها، وأنّ الحوار لا يعني التراجع عن سياسة ربط النزاع في الملفات الخلافية، وأن لا تناقض بين الحوار وربط النزاع. وفي موازاة التطورات الدولية والحوارية يبدأ العقد التشريعي لمجلس النواب اليوم، حيث تعود إلى الواجهة سلسلة الرتب والرواتب والقضايا المعيشية والحياتية، في ظل الإصرار على تشريع الضرورة.
لقاء المر – آل مكتوم
وفي هذه الأجواء، استقبل نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في مكتبه التنفيذي في أبراج الامارات ظهر أمس رئيس مؤسسة الانتربول الياس المر في حضور وليّ عهد دبي الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ونائب حاكم دبي الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم.
وجرى عرض سبل تعزيز التعاون بين الجهات المعنية في الدولة ومؤسسة الانتربول في قضايا مكافحة الجريمة المنظمة بكل أشكالها، إضافة إلى العمل على تطوير عمل مؤسسة الانتربول ودورها على مستوى العالم العربي من خلال المكتب العالمي للمؤسسة المزمع إفتتاحه في دبي، كي يكون مركزاً عالمياً لانطلاق عمل المؤسسة في المنطقة العربية وعلى مستوى العالم في مكافحة الجرائم الاقتصادية والجريمة المنظّمة.
فرحّب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بالفكرة، وأصدر أوامره بالعمل على اتخاذ الاجراءات اللازمة لافتتاح مقر للمؤسسة وتوفير الدعم اللوجستي الذي يعينها على أداء مهامها بنحو يتماشى مع احتياجات الجهات التي تطلب المساعدة في مجال مكافحة الجرائم الاقتصادية وحماية مصالحها.
وشارك في اللقاء وزير شؤون مجلس الوزراء محمد بن عبدالله القرقاوي ووكيل وزارة الداخلية الفريق سيف عبدالله الشعفار واللواء محمد أحمد القمزي.
سباق مع الوقت
وفيما تعيش المنطقة سباقاًَ مع الوقت قبل حلول تاريخ 31 آذار الجاري، الموعد المحتمل للوصول الى اتفاق مبدئي بين الدول الكبرى وإيران قبل الانتقال إلى مرحلة إعداد اتفاق نهائي وكامل في نهاية حزيران، أمضت الديبلوماسية الاميركية والايرانية خمس ساعات أمس من التفاوض النووي في مدينة لوزان السويسرية، في إطار جولة حاسمة ومصيرية بين وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الايراني محمد جواد ظريف الذي لفتَ الى «اننا بتنا أقرب الی الحلول فی بعض القضایا، لذلك یمكن القول إنّ الحلول في متناول الید، لكن ما زلنا نقف علی مسافة بشأن بعض القضایا»، بينما وصف مسؤول كبير في الخارجية الأميركية المحادثات بين الوفدين الأميركي والإيراني بأنها لم تكن يسيرة ولكنها كانت بنّاءة.
في موازاة ذلك ظلت تصريحات كيري تتردد صداها في أروقة المجتمع الدولي، ولم تحل تأكيدات وزارة الخارجية الاميركية على ثبات سياسة واشنطن تجاه الأزمة السورية، وعدم حصول أيّ تغيير بهذا الشأن، خصوصاً أن الاسد لن يكون «ابدا» طرفا في مفاوضات السلام بسوريا، من دون تدفّق سيل ردات الفعل الرافضة كلام كيري عن ضرورة التفاوض مع الرئيس السوري بشار الاسد لحل الأزمة السورية.
فبرز رفض فرنسي ـ بريطاني مزدوج إجراء محادثات معه، مصحوب بتأكيد ان لا مكان له في مستقبل سوريا. واعتبر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن إجراء مفاوضات مع الأسد سيكون بمثابة «هدية» تقدّم إلى «داعش». امّا منسقة السياسات الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني فكشفت عن لقاءات تجري مع ممثلين عن الاسد للبحث في التسوية.
امّا الاسد فردّ على كيري بالقول إنه ينتظر الافعال لا الأقوال، وانّ الكلام عن مستقبله هو للشعب السوري وتصريحات الخارج لا تعنيه، فيما رفضت المعارضة التراجع عن مطلب تنحّيه كشرط للموافقة على أيّ مبادرة دولية لإنهاء النزاع في سوريا.
وفي لبنان، اعلن النائب وليد جنبلاط انه لم يراهن يوماً على الأميركيين لتغيير النظام في سوريا، «فأميركا لا تكترث الى مصالح الشعوب بل الى مصالحها»، في حين قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بوجوب «عدم ضرب حصان ميت، أو جلده».
«8 آذار»
في المقابل، قلّلت مصادر قيادية بارزة في قوى 8 آذار من أهمية كلام كيري، وقالت لـ»الجمهورية»: «انّ الكلام الأهمّ يكمن في ما أعلنه مدير الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه» جون برينان منذ ايام، من أنّ الولايات المتحدة وروسيا لا تريدان انهيار الحكومة ومؤسسات الدولة في سوريا، وتأكيده أنّ «السماح للمتطرفين ببسط سيطرتهم على دمشق هو آخر ما تريده الولايات المتحدة».
وقالت المصادر انّ «واشنطن بذلت ما في وسعها لإسقاط الرئيس السوري، وهي التي ساهمت في صناعة «داعش»، الّا انها عندما ادركت انها تحوّلت خطراً عليها باتت الاولوية عندها مواجهة هذا التنظيم الارهابي».
وإذ أبدت المصادر اعتقادها بأنّ المفاوضين في الملف النووي باتوا أقرب الى الاتفاق، استبعدت وجود ايّ رابط بين تصريح كيري والحديث عن قرب الوصول الى هذا الإتفاق، مشيرة الى انّ السياسة الاميركية تتدحرج على ضوء المستجدات.
وقالت انّ صراخ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن ورسائل الكونغرس وصراخ قوى 14 آذار يوحي بأنّ الامور تسير الى الامام وبأنّ «شيئاً ما» بات قريباً، فـ 14 آذار في مكان، والعالم في مكان ثان».
ورأت المصادر «انّ 14 آذار كانت مخدوعة ومتوهمة انها تستطيع تحريك السياسة الدولية على خطاها، ولم تعلم انّ هذه السياسة تسيّرها مصالحها واعتباراتها، لذلك عليها ان تدرك هذه الحقيقة وتخرج من الوهم الذي تعيشه».
وإذ اعتبرت المصادر، من جهة اخرى، انّ إطلاق النار على «حزب الله» هو بمثابة إطلاق نار على الحوار السني ـ الشيعي، والتعمّد المستمر للهجوم على الحزب هو محاولة لإعاقة هذا الحوار، طمأنت الى انّ هذا الحوار مستمر والجلسة المقبلة ستتطرّق الى اسباب هذا الهجوم، ففَتح النار على هذا الشكل لا ينسجم مع مقتضيات التواصل والتلاقي».
السيّد
وكان رئيس المجلس السياسي في «حزب الله» السيّد إبراهيم أمين السيّد اعتبر انّ «بيان 14 آذار انتهى في 15 آذار»، وقال: «هؤلاء أسمّيهم الداعشية السياسية في لبنان، هؤلاء يجب أن يشكروا «حزب الله» لأنه يُبقيهم على قيد الحياة السياسية، فليس لديهم مشكلة إلّا «حزب الله»، يا ليتهم قدّموا لنا برنامجاً بالأمن والاستقرار والاقتصاد وحل مشاكل الوطن. هؤلاء أين هم وأين المنطقة، وفي أي زمن يعيشون؟.
مجدلاني
وأكد عضو كتلة «المستقبل» النائب عاطف مجدلاني انّ تيار «المستقبل» متمسّك بالحوار مع «حزب الله». وقال لـ»الجمهورية»: «لم نقم بأيّ فعل هجومي او استفزازي، فمن الأساس الحوار يتمحور حول نقطتين: تخفيف التشنج وإيجاد آلية لانتخاب رئيس للجمهورية.
امّا نقاط ربط النزاع، كالمحكمة الدولية وسلاح «حزب الله» ومشاركته في الحرب الدائرة في سوريا، فقد وضعناها جانباً كون المسؤولية المباشرة في هذه النقاط تقع على إيران. وما قالته 14 آذار أخيراً هو إعادة تذكير بوجود ربط نزاع، وهذا لا يعني انّ الحوار يجب ان يتأثر أو أن يتوقف، لكن من حقّنا انتقاد مواقف الحزب التي نراها خاطئة».
وشدد مجدلاني على انّ حوارنا مع «حزب الله» ليس معناه اننا تركنا 14 آذار، ومهرجان السبت أكد مجدداً وحدة هذا الفريق على رغم الحوارات الداخلية الجارية، فالحوارات لن تلغي 14 آذار».
الجسر
من جهته، تمنى عضو «المستقبل» النائب سمير الجسر «أن لا يكون النائب محمد رعد قد تسرّع وأخطأ في موقفه». وقال: «إنّ هناك أصولاً لكل شيء، نحن دخلنا الى الحوار بأصول وعبر الرئيس نبيه بري. وبالتالي، فإنّ الخروج من الحوار له أصوله ويجب أن يكون عبر البوابة نفسها، ونحن لم نبلّغ بأيّ خروج من الحوار».
الحوار سيستمر
وأكدت مصادر متابعة لـ«الجمهورية» انّ «جلسة الحوار التي تعقد غداً لن تتأثر بالجو المشحون الذي ساد المناخ السياسي بين المستقبل و»حزب الله» على خلفية خطاب الرئيس فؤاد السنيورة في ذكرى 14 آذار. وتوقعت ان يمرّ هذا الجو كما مرّ الكلام في ذكرى 14 شباط. ورأت انه ما دام القرار الاستراتيجي متخذ بالسير في الحوار مهما كانت الظروف، فإنّ هذا الحوار سيستمر على رغم المطبّات».
قهوجي
وفي وقتٍ يشهد الوضع الأمني مزيداً من الإستقرار بفعلِ تدابير الجيش، واصلَ قائد الجيش العماد جان قهوجي، زيارته الأردن وتوَّجَها بلقاء الملك عبدالله الثاني، وجرى خلال اللقاء، بحث علاقات التعاون بين البلدين الشقيقين، خصوصاً في الجوانب العسكرية، إضافةً إلى مجمَل الأوضاع بالمنطقة.
«الكتائب» عند سلام
حكومياً، عُقد في السراي الحكومي أمس اللقاء المنتظر بين رئيس الحكومة تمام سلام ووزراء الكتائب: سجعان قزّي ورمزي جريج وآلان حكيم. وجرى البحث في عمل مجلس الوزراء. ونَقل جريج عن سلام تشديدَه على «وجوب أن يكون عمل الحكومة مُنتِجاً ويؤمّن تسييرَ أعمال الناس»، موضِحاً أنّ «الشغور الرئاسي ليس ناتجاً عن عمل الحكومة وإنّما عن عدم انتخاب المجلس النيابي رئيساً للجمهورية».
ووصفَ جريج الاجتماع بأنّه «إيجابيّ وجدّي»، مشيراً إلى أنّه «جرى في الاجتماع عرضٌ للعمل الحكومي بعد استئناف مجلس الوزراء لاجتماعاته والآليّة المتّبعة وكيفية التوفيق بين ضرورة عمل الحكومة من دون عرقلة، وبين الأخذ في الاعتبار الشغورَ الرئاسيّ وتأثيرَه على عمل كافة المؤسّسات الدستورية».
وقالت مصادر شاركَت في اللقاء الذي دامَ ساعة وتخَلّله توضيحٌ لبَعض النقاط الملتبِسة بين الطرفين إنّ الوزراء الثلاثة جدّدوا لرئيس الحكومة دعمَ رئيس الحزب أمين الجميّل له، والحِرص على العمل المشترَك لمكافحة أيّ محاولة لتعطيل عمل المجلس.
مجلس الوزراء
إلى ذلك، كشفَت مصادر وزارية أنّ مجلس الوزراء سيبتّ في جلسته بعد غد الخميس في جدول أعمال من 51 بنداً أبرزُها إحالة جريمة بتدعي على المجلس العدلي بعد تأجيل مرّتين من قَبل. وستشهد الجلسة تعيينات إدارية، أبرزُها تعيين الدكتور الياس فيليب الهاشم مديراً للمعهد العالي للعلوم التطبيقية والاقتصادية، وطلبُ وزارة الداخلية تطويع 500 مأمور متمرّن لصالح المديرية العامة للأمن العام، وطلبُ وزارة الخارجية بَتّ مصير ترشيح عدد من السفراء الجُدد لدى لبنان في غياب رئيس الجمهورية الذي لا بديل منه لتسَلّم طلبات اعتمادهم.
وعلى جدول الأعمال طلبُ نَقل اعتمادات من احتياط الموازنة العامة بالملايين لعدد من الوزارات، كالأشغال والسياحة والزراعة والعدل والدفاع والاتصالات ولصالح قوى الأمن الداخلي، وفقَ القاعدة الإثنَي عشرية المعتمَدة في غياب الموازنة العامّة، وسِلفة خزينة لهيئة إدارة السير والآليات بقيمة 37 ملياراً و648 مليون ليرة لبنانية. وقبول هبات لصالح وزارتَي الشؤون الاجتماعية والدفاع والأمن العام.
«السلسلة»
وفيما يبدأ العقد التشريعي لمجلس النواب اليوم، ظلّ الغموض يلفّ مصيرَ جلسة اللجان لمناقشة السلسلة بسبب رفض البعض أن يترأس مقرّر اللجان النائب ابراهيم كنعان الجلسة مكان نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري بداعي السفر.
وتوقّعَت مصادر نيابية في 8 آذار لـ»الجمهورية» أن لا يكتملَ النصاب نظراً لرفض قوى 14 آذار، خصوصاً تيار «المستقبل»، حضورَ جلسة اللجان لمناقشة السلسلة، والسَبب هو القديم الجديد، ربط الموازنة بموضوع السلسلة وتسوية قطع الحسابات.
ورأت المصادر أنّ التذرّع برفض ترَؤّس كنعان الجلسة ليس سوى حجّة، لأنه قانونياً، من الطبيعي أن يترأّس مقرّر اللجان الجلسةَ بغياب الرئيس. وعلمَت «الجمهورية» أنّ الاتصالات استمرّت ليلَ أمس لبذلِ جهود من أجل عدم تطيير النصاب، ولكن لم يُكتَب لها النجاح.