IMLebanon

الحوار يُستكمَل بالزخم نفسه وبرنامــج التسليح الفرنسي للجيش انطلق

 

تركّزَت الأنظار أمس على جلسة الحوار وما ستتمخّض عنه، على رغم أنّ أحداً لم يشَكّك للحظة باحتمال توَقّف الحوار أو تعليقه، وقد جاءَ البيان الصادر عن الجلسة الثامنة، المقتضَب شكلاً والمعَبّر مضموناً، ليحسمَ كلّ نقاش ويؤكّد مجدّداً على «جدّية الحوار واستمراره، باعتباره ركيزةً أساسية للحفاظ على استقرار لبنان وحمايته ممّا يجري في المنطقة»، ولم يكتفِ المجتمعون بهذه الإشارة الحاسمة، بل تقصَّدوا التشديد على «استمرار البحث في المواضيع المقرّرة بنفس الزخم والاندفاع اللذين سادا الجلسة الأولى»، وذلك للقول إنّ السجال السياسي لم يؤثّر على اندفاعة الطرَفين في مواصلة الحوار. وفيما من المتوقّع أن يرخيَ هذا البيان تبريداً على المناخات التي تشَنّجَت أخيراً، دخلَ الاتّحاد الأوروبّي بقوّة على خط الاستحقاق الرئاسي من خلال التشديد على ضرورة انتخاب رئيس جمهورية، والتأكيد على أهمّية منصب الرئيس. وهذا الموقف ليس معزولاً عمّا يجري من أحداث في المنطقة، وفي طليعتها الملفّ النووي، حيث هناك إشارات عدّة تدَلّل إلى أنّ العَدّ العكسيّ لإنهاء الفراغ قد بدأ، وهذا ما يفسّر الحراك الداخلي على أكثر من مستوى. وعلى خط آخر أكّدَ مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ «برنامج التسليح الفرنسي للجيش قد انطلقَ أمس»، الأمرُ الذي يعزّز مناخات الاستقرار السياسي والعسكري، ويؤكّد أنّ لبنان سيبقى بمنأى عن الحروب الجارية في المنطقة.

حَطَّ الإرهاب المتنقّل في المنطقة في تونس أمس، وكانت عاصمتها على موعد مع هجوم إرهابي دموي مسلّح استهدفَ سيّاحاً في متحف باردو المحاذي لمقر البرلمان في العاصمة التونسية وأسفرَ عن 22 قتيلاً وخمسين جريحاً معظمُهم سيّاح أجانب.

وجاء الهجوم عقبَ محادثات أجراها وزير الخارجية التونسي الطيّب البكوش في بروكسل مع الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني حول مسائل عدّة، منها محاربة الإرهاب إلّا أنّ ما شهدَته تونس، على أهمّيته، لم يحجب الاهتمام عن ترقّب مآل المفاوضات الاميركية ـ الايرانية الجارية في لوزان.

وفيما قالت الناطقة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم «إننا على وشَك التوصّل الى اتّفاق نووي مع نهاية هذا الشهر، وإنّ معظمَ القضايا التقنية تمَّ التفاهم عليها ويجري البحث في رفع العقوبات، أكّدت واشنطن أنّ فوز رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يعيقَ جهود الولايات المتحدة للتوصّل إلى اتفاق مع إيران، بشأن برنامجها النووي.

بينما جَدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري القول امس إنّ الاتفاق الاميركي ـ الايراني النووي إذا ما حصل، سيكون له انعكاسات مهمّة على مستوى المنطقة، ومن بينها عودة فتح القنوات بين طهران والرياض، ما سيترك نتائج إيجابية على لبنان.

وكانت سلسلة الرتب والرواتب محورَ البحث في لقاء الأربعاء النيابي أمس، وأملَ رئيس مجلس النواب في إنجازَها لوضعِها على جدول أعمال الجلسة العامة المقبلة، لافتاً إلى أنّ وزير المال علي حسن خليل رفعَ موازنة العام ألفين وخمسة عشر إلى مجلس الوزراء في المهلة القانونية، وقال: «ننتظر إحالتَها إلى مجلس النواب لدرسِها وإقرارها».

وحَدّد برّي يوم الثلثاء المقبل في 24 الجاري موعداً لاجتماع هيئة مكتب مجلس النواب، مشدّداً على دعوة اللجان النيابية المشتركة لمتابعة درسها وإقرار جدول أعمال الجلسة التشريعية العامة المقبلة التي سيدعو إليها لاحقاً».

الحوار

وفي هذه الأجواء انعقدَت جلسة الحوار الثامنة بين «حزب الله» و»تيار المستقبل» مساء أمس في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، بحضور المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيّد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسرعن تيار «المستقبل». كما حضَر الجلسة الوزير علي حسن خليل.

وبعد الجلسة صَدر البيان التالي:

أكّد المجتمعون على جدّية الحوار واستمراره، باعتباره ركيزةً أساسية للحفاظ على استقرار لبنان وحمايته ممّا يجرى في المنطقة.

واتّفقوا على استمرار البحث في المواضيع المقرّرة بنفس الزخم والاندفاع اللذين سادا الجلسة الأولى.

إستمرار السِجال

وسبقَ جلسة الحوار مواقف لكلّ مِن 14 آذار و»حزب الله». وفي هذا الإطار، اتّهمت الأمانة العامة لقوى 14 آذار الحزب» بأنّه قاد «هجمةً مبرمجة» ضد مقرّرات المؤتمر الثامن لها، خصوصاً في ما يتعلق بقرار إنشاء المجلس الوطني وبالوثيقة السياسية».

وأكّدت أنّ «لبنان لا يمكن أن يتخلّى عن كونه مساحة حرّية وديموقراطية وعيشٍ مشترك، ومساحةً للعمل السياسي السِلمي». ورأت الأمانة أنّ «التجَنّي على الشخصيات التي شاركت في المؤتمر وتهديدَها بأشكال مختلفة هو تهديد لكلّ مكوّنات 14 آذار الحزبية والمستقلّة ولكلّ مواطن حرّ في لبنان».

«الحزب»

من جهته، استغربَ وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش الأصوات المتشنّجة التي صدرت من هنا وهناك، معتبراً أنّها تعطّل إمكانية الاستفادة من الحوار القائم اليوم في البلد.

بدوره، ردّ النائب علي فيّاض بعنف على وزير العدل أشرف ريفي مؤكّداً أنّ اتّهاماته الأخيرة للحزب «هي تجَنّيات رخيصة وافتراءات خالصة، وإذا كانت لدى الوزير اتّهامات جنائية بحقّ أفراد ينتمون إلى «حزب الله» أو يُحسَبون عليه، فليُخبِر القضاء عنها وتكشَف الحقائق وتأخذ العدالة مجراها».

وأكّد فيّاض أنّ الحزب «هو الأكثر التزاماً بالقوانين والأكثر استعداداً لمحاربة الفساد والأكثر ابتعاداً عن استغلال الدولة ومؤسّساتها ومواقعها الإدارية في سبيل المنافع والاستغلالات الفئوية والشخصيّة».

قلق أوروبّي

وفي هذه الأجواء، بَرز قلق أوروبي على لبنان ترافقَ مع تشديدٍ على أن لا حلّ إلّا باتّفاق القيادات اللبنانية مع بعضها البعض. وقد ناقشَت سفيرة الاتّحاد الأوروبي أنجلينا ايخهورست مع رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل، ورئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس تيار «المرَدة» النائب سليمان فرنجية، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ضرورةَ انتخاب رئيس جمهورية، وشَدّدَت على أهمّية منصب الرئيس، وأشارت الى أنّ «الاتفاق على مرشّح يمثّل مصالح لبنان الداخلية والخارجية على السواء ويدافع عنها من شأنه أن يرسل إشارةً مهمّة من الوحدة والمسؤولية والسيادة والاستقلال».

ولفتَت إيخهورست إلى أنّ «الاتحاد الأوروبي يدعم الحكومة اللبنانية، ومؤسسات الدولة، والأجهزة الأمنية، وجميعَ الشركاء في جهودهم للمحافظة على وحدة لبنان وقوّة اقتصاده، بما يسمح بتكافؤ الفرَص لجميع القاطنين فيه».

وأشارت إلى أنّ «الاتحاد الأوروبي سيستمرّ في الوقوف إلى جانب لبنان – كبَلد يمكن فيه لجميع المواطنين التمتّع بحقوقهم الكاملة، وبَلد يستقطب الاستثمارات والسياحة، وبلد يبرز على الخارطة العالمية. وهذا ما سيستمرّ الاتّحاد الأوروبي والدوَل الأعضاء على العمل من أجلِه من خلال توفير دعمٍ سياسي واقتصادي ومالي ثابت وكبير».

برنامج التسليح الفرنسي

وفي ملف هِبة الثلاثة مليارات السعودية لتسليح الجيش، استقبلَ قائد الجيش العماد جان قهوجي أمس السفيرَ الفرنسي باتريس باولي، ومسؤول شركة «اوداس» الفرنسية الأميرال إدوار غييو على رأس وفد من الشركة وعدد من ممثلي شركات فرنسية عاملة في مجال تصدير الصناعة العسكرية، بهدَف إطلاق تنفيذ برنامج الهبة السعودية من العتاد والسلاح الفرنسي ووضع الخطط والبرامج التفصيلية لتزويد الجيش بالأسلحة والأعتدة الفرنسية، بالإضافة إلى عرض أنواعها المقترَحة، وسُبل إجراء تدريبات عليها وفقاً لاحتياجات الجيش.

مصدر عسكري رفيع

وأوضَح مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ برنامج التسليح الفرنسي للجيش قد انطلقَ أمس، وأنّ زيارة باولي وغييو أتت في هذا الإطار، عِلماً أنّ الجيش سيتسلّم الأسلحة تدريجاً.

وقد تحَفّظ المصدر عن ذكر توقيت التسليم لاعتبارات أمنية، فضلاً عن مندرجات لائحة الأسلحة، لكنّه أكّد في المقابل بأنّها مطابقة للّائحة التي كانت قيادة الجيش قدّمَتها الى السلطات الفرنسية، وأوضَح أنّ البرنامج يتخلّله تدريب طويل الأمد للضبّاط والعناصر، في اعتبار أنّ الأسلحة في معظمها حديثة، على أن يتوزّع هذا التدريب بين فرنسا ولبنان حسب الحاجة.

وفي سياق عسكري آخر، أكّدَ المصدر أنّ الصليب الأحمر اللبناني نقلَ جثثَ ستّة إرهابيين أمس من مستشفى الهراوي في زحلة الى عرسال لدفنِها فيها، موضحاً أنّ هؤلاء كانوا قد سقطوا في المعارك الاخيرة بين الجيش والمسلّحين في رأس بعلبك، لافتاً إلى أنّ أيّ مقايضة بين هذه الجثث والجنود المختطفين لدى «داعش» و«جبهة النصرة»، تقرّرها الحكومة اللبنانية، خصوصاً أنّ هؤلاء يُدفَنون في أرض لبنانية ويمكن نقل جثثهم في أيّ وقت».

بوصعب

وعلى الصعيد المطلبي، وفي إطار متابعة موضوع السلسلة، عُقِد أمس اجتماع بين وزير التربية الياس بوصعب وعضو كتلة «المستقبل» النائب جمال الجرّاح.

وكشفَ بوصعب لـ«الجمهورية» أنّ اجتماعات أخرى ستُعقَد، لأنّ الزخم الذي بدأنا به لم يتبدّل، والكلام الذي صَدر في الإعلام عن عرقلةٍ ليس دقيقاً، صحيحٌ أنّ إشكاليةً رافقَت جلسة اللجان المشترَكة الثلثاء، ربّما لاعتراض على مَن يترَأسُها، إنّما لم نتبلّغ رسمياً بعد مِن أحد بأنّ الرئيس فؤاد السنيورة يطلب ربط الموازنة بقطع حساب السنوات الثماني التي مرّت، وأؤكّد أنّ هذا الأمر لم يحصل، والبحث مستمرّ في سُبل تعجيل الأمور للمساهمة في إقرار السلسلة.

فبالنسبة إليّ، الإيجابية التي كانت سائدة لم تتبدّل، بل لا تزال موجودة، والحوار قائم على هذا الأساس. وأضاف: «العمل مستمرّ اليوم كما كان منذ أسبوع، وجلسة اللجان المشتركة الأخيرة لم تؤثّر سلباً على الجهود المبذولة من أجل السلسلة».

لجنة النازحين

وفي هذه الأجواء، تقدّم ملف اللاجئين السوريين وحضَر في سلسلة من الاجتماعات أبرزُها اجتماع الخلية الوزارية لشؤون النازحين الذي انعقدَ في السراي الحكومي عصر أمس برئاسة رئيس الحكومة تمّام سلام وحضرَه وزراء: الخارجية والمغتربين جبران باسيل، الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس ووزير العمل سجعان قزي، وخُصّص للبحث في التطوّرات الخاصة بهذا الملف.

وقال أحد أعضاء اللجنة لـ«الجمهورية» إنّ البحث تركّزَ على ما تحقّق من الإستراتيجية السابقة التي وضعَتها اللجنة وأقرّتها الحكومة وما يمكن القيام به لمواجهة الإنعكاسات السلبية على مختلف المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والصحّية وسُبل توفير المساعدات الدولية لمواجهة الكلفة القاسية التي يتكبّدها لبنان.

وعلمَت «الجمهورية» أنّ جانباً من اللقاء خُصّص لوضع ورقة لبنان إلى مؤتمر المانحين المقرّر عقدُه في 31 أيار الجاري في الكويت والتي سيحملها رئيس الحكومة والوفد الوزاري المقرّر الى المؤتمر.

وتبَلّغ المجتمعون بوصول وزير التعاون والتنمية الاقتصادية الألماني غيرهالد مولير الى بيروت مساء أمس، مترئساً وفداً آتياً من ألمانيا في زيارة للبنان تستمرّ حتى مساء اليوم الخميس يلتقي خلالها عدداً من المسؤولين للبحث معهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية وتوطيد آفاق التعاون بين لبنان وألمانيا.

وعُلم أنّ الوزير الألماني سيلتقي في التاسعة من صباح اليوم وزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس والفريق المكلّف متابعة ملف النازحين واللاجئين السوريين وممثّلي الهيئات والمنظمات الدولية للبحث في تقرير أعدّته وزارة الشؤون حول حاجات لبنان لمواجهة كلفة النازحين.