Site icon IMLebanon

الحكومة تجاوزت قطوع اليمن بسلام وموفد أميركي في بيروت الأحد

المفاوضون في الملف النووي يَصِلون الليلَ بالنهار، ولكنّ الاتفاق المرتقَب مبدئياً ما زالت تعترضه حواجز وعقبات، أبرزُها اشتراط طهران رفعَ كلّ العقوبات وإلّا فلا اتّفاق. وفي اليمَن العمل يرتكِز على خطّين: عسكري مع مواصلة التحالف غاراته لليوم السابع على مواقع الحوثيين والحرس الجمهوري الموالي للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وسياسيّ مع التحرّك الإيراني المستجدّ الذي يتقاطع أساساً مع المبادرة الخليجية والدعوات السعودية من أجل إيجاد حلّ سِلمي للأزمة اليمنية. وأمّا في لبنان، فقد نجحَت الحكومة ورئيسُها تمّام سلام بتمرير الجلسة «ع سَلام»، بعدما عبَّر كلّ طرَف عن هواجسه ونظرته ورؤيته لموقف لبنان في القمّة العربية من الأزمة اليمنية و«عاصفة الحزم»، وذلك في تأكيد إضافيّ على أنّ الجميع محكوم بتنظيم الخلاف تحت سقف الاستقرار السياسي الذي يشكّل إجماعاً سياسياً لبنانياً وإقليمياً ودولياً. هذا في الشأن الحكومي أمس، وأمّا اليوم فهناك محطة نهارية مع جلسة جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية، ومِن أهدافها تذكير اللبنانيين بأنّ موقع الرئاسة الأولى ما زال شاغراً، وأنّ ثمّة ضرورةً قصوى لانتخاب رئيس يُعيد انتظامَ عمل المؤسسات ويُحصّن الاستقرار، ومحطة مسائية مع جلسة حوارية من أولوياتها إعادة تبريد المناخ السياسي الذي سَخّنته الأحداث اليمنية وشَنّجته.

كما توقّعَت «الجمهورية»، لم يؤدِّ الانقسام حول كلمة رئيس الحكومة تمّام سلام في القمّة العربية في شرم الشيخ إلى تفجير جلسة مجلس الوزراء، فمرّت الجلسة أمس «ع سَلام»، ولو اتّسَمت بحدّة المواقف، إلّا أنّها لم تخرج عن إطار النقاش الهادئ.

وعلمَت «الجمهورية» أنّه في بداية الجلسة، طلبَ وزيرا «حزب الله» محمد فنيش وحسين الحاج حسن الكلامَ، فاعتبَرا أنّ موقف سلام لا يُعبّر عن موافقة كلّ الأفرقاء. وقال الحاج حسن: «النقطة الجوهرية هي أنّنا في حكومة وفاقية وائتلافية، ونأخذ في الاعتبار الأمور الخلافية، ومواقف الفرقاء اللبنانيين من أحداث اليمن هي مسألة خلافية ولا يجوز أن ينفرد أحد بتعبيره عن موقف لبنان الرسمي، بينما هو موقف قِسم من اللبنانيين».

وسأل: «أيّ إجماع عربي وضَع لبنان نفسَه في خانته؟ هل الدور الباكستاني والتركي هو ضمن الإجماع العربي؟ ونحن نَعتبر أنّ الحوثيين هم يَمنيون والصراع هو يمني ـ يمني، فنحن نَعتبر أنّ اليمن تتعرّض لعدوان سعودي».

ردّ ريفي

فرَدَّ عليه الوزير أشرف ريفي بالقول: «آسَف أن أقول إنّكم تتصرّفون كالنعامة التي تضع رأسَها في الرمال وتتجاهل حقيقة الأمر، فأنتم تتجاهلون الدور الإيراني في الصراعات العربية.

نحن نعلم ويجب أن تعلم أنّ دور إيران خطير في المنطقة، وهو مَدَّ مجموعات في كلّ من لبنان وسوريا والعراق واليمن بالسلاح والمال، ويدير المعارك إمّا مباشرةً من خلال الحرس الثوري أو عبر المجموعات التابعة له كـ«حزب الله» و«أنصار الله»، فأنا أعتبر أنّ إيران نَقلت الصراع من عربي إسرائيلي أو إسلامي إسرائيلي إلى صراع عربي فارسي أو إيراني، وأنا كأشرف ريفي أرفض أن أعتبر أنّ الصراع سنّي شيعي، في اعتبار أنّ هناك عدداً كبيراً من الشيعة العرب لا يوالون الإيرانيين ولا يتبنّون نظريتكم ولاية الفقيه.

فواقعُكم ذكّرَنا بفصيلٍ فلسطيني اعتبَر أثناء الحرب اللبنانية أنّ تحرير فلسطين يمرّ عبر جونية، واليوم أنتم وإيران تعتبرون أنّ تحرير فلسطين يمرّ عبر العواصم العربية الأربعة، وسمعنا أخيراً عدداً من المسؤولين الإيرانيين يتبجّحون وكأنّهم يحكمون هذه العواصم أو أنّها تقع تحت سيطرتهم».

وهنا قاطعَ الحاج حسن ريفي معلِناً رفضَه هذا الكلام، فاحتدَّ ريفي قائلا: «سمعتُك حتى النهاية، وأطلب منك أن تسمعني حتى أنهي كلامي». وتابع ريفي كلامه مثنِياً على موقف سلام ومؤكّداً أنّه لا يحتاج الى موافقة أحد لأنّه يَعلم مصلحة لبنان، مستغرباً أنّ الحاج حسن ينادي بسياسة النأي بالنفس في وقتٍ يشارك فيه الحزب في القتال في سوريا. وفي نهاية مداخلتِه أكّد ريفي حِرص الجميع على التهدئة وحفظ أمن البلد واستقراره.

فنيش

وتدخّلَ الوزير محمد فنيش، فسأل عن الإجماع العربي، فيما الجزائر والعراق وسوريا وعمان خارج هذا الإجماع، وقال: «لماذا لم يقف العرب مع الشرعية في سوريا ولماذا السلاح العربي لا يعرف طريقَه إلّا إلى اليمن والبحرين، وأين كان عندما تعرّضَ لبنان لأبشع عدوان في تمّوز وغيرها؟ وأين السلاح العربي من قضية فلسطين»؟

درباس

وتوسّعَت المداخلات، وكان اللافت فيها ما قاله الوزير رشيد درباس، محَذّراً من الفتنة السنّية ـ الشيعية، وقال: «كنّا نَسمع بالهلال الشيعي، بِتنا نسمع بالهلال السنّي، وإذا ما اصطدم الهلالان، تضحَك نجمة داوود».

باسيل

وسأل الوزراء الوزيرَ جبران باسيل عن سبب غياب إعلان بعبدا عن خطابه في شرم الشيخ، فأوضَح لهم أنّ إعلان بعبدا لم يُعتمد في البيان الوزاري واستُعيض عنه بمقرّرات الحوار الوطني.

مصادر وزارية لـ«الجمهورية»

وكشفَت مصادر وزارية لـ»الجمهورية» أنّ التباساً حصلَ بين كلمة سلام التي تُعبّر عن موقفه من موقعِه كرئيس مجلس وزراء، أمّا موقف لبنان الرسمي فجاء على لسان وزير الخارجية، وهو تشاوَر فيه مع رئيس الحكومة وأرسَل له الخطاب، ولم يعتمِده إلّا بعدما وافقَ سلام عليه، وبالتالي فإنّ موقف لبنان بالنسبة إلى أحداث اليمن هو النأي بالنفس انطلاقاً من دعم الشرعية في كلّ بلد عربي، وعدم التدخّل في شؤون الدوَل العربية، واعتماد الحلول السياسية وليس العسكرية، ولبنان مع الإجماع العربي وإلّا النأي بالنفس، إذا لم يتحقّق، وفي وضع اليمن ليس هناك من إجماع عربي.

أمّا في شأن موقف لبنان من تشكيل قوّة عربية فهذا أمرٌ منفصل ولا علاقة له بأحداث اليمن، ولبنان غير ملزَم في المشاركة فيها وقرارُه اختياري».

وفي السياق، يعقد باسيل مؤتمراً صحافياً ظهر اليوم، يشرَح خلاله هذا الالتباس وموقفَ لبنان ممّا صَدر عن القمّة العربية.

خليل

وقال الوزير علي حسن خليل لـ«الجمهورية»: «واضحٌ أنّنا مختلفون حول الملفات الخارجية، وهناك اختلاف كبير بين القوى السياسية، لكنّ الأكيد أنّ هناك ضابطاً لمسار النقاش، وهو الحِرص على استمرار الحكومة واستقرارها».

فيلفِل مكان بوجي

وكان سلام طرحَ خلال الجلسة ومن خارج جدوَل الأعمال تعيينَ فؤاد فليفل أميناً عاماً لمجلس الوزراء ومحافظاً لجبل لبنان بالوكالة، بعد إحالة الأمين العام الحالي سهيل بوجي إلى التقاعد في 26-4-2015 . وشكّلَ هذا التعيين خطوةً لافتة، كونه تعييناً من الفئة الأولى أوّلاً، وكون بوجي بقيَ صامداً على مرّ الحكومات المتعاقبة منذ العام 2000 ثانياً.

وفيما شَكّكت مصادر وزارية بتقاعد بوجي، معتبرةً أنّ طيفَه سيبقى في السراي الحكومي وسيمارس عمَله في الظل، غمَز وزير التربية الياس بوصعب من قناة قدرةِ مجلس الوزراء على إجراء التعيينات الأمنية، وذلك بالقول لدى خروجه: «أثبَتنا كمجلس وزراء أنّنا قادرون على التعيين».

لكنّ المصادر أكّدت في المقابل أنّ الأمانة العامة لمجلس الوزراء تتعلق مباشرةً بصلاحيات رئيس الحكومة وتدخل ضمن بيته الداخلي، ومن هذا المنطلق لم يعترض أحد على هذا التعيين، لكنّ نقاشاً دار حول المحافظ البديل، فأكّد سلام أنّه سيتبع آليّة التعيينات لتعيين محافظٍ خلفاً لفليفِل.

موفد أميركي

وفي هذه الأجواء، كشفَت مصادر واسعة الاطّلاع لـ»الجمهورية» عن وصول نائب وزير الخارجية الاميركي توني بلينكن الى بيروت الأحد المقبل في زيارة تستمر يومين على الأقلّ، يلتقي خلالها كبار المسؤولين اللبنانيين من سياسيين وعسكريين في مهمّة وصِفت بأنّها لإطلاع المسؤولين اللبنانيين على مواقف الإدارة الأميركية ممّا يجري في المنطقة، ولا سيّما الوضع في سوريا، وللتعبير عن الاهتمام الذي توليه الإدارة الأميركية للوضع في لبنان وقرارها بدعم المؤسسة العسكرية لمواجهة الاستحقاقات المقبلة والتهديدات الإرهابية تحديداً، وتعزيز قدرات المؤسسة العسكرية في مواجهتها.

وسيلتقي بلينكن رئيسَ مجلس النواب نبيه برّي وسَلام وحاكمَ مصرف لبنان رياض سلامة والعماد قهوجي والبطريرك الماروني ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان.

قهوجي في بكركي

على صعيد آخر، زارَ قائد الجيش العماد جان قهوجي الصرحَ البطريركي مساء أمس الأوّل، وعرضَ مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي للأوضاع الراهنة، بالإضافة إلى الأوضاع الأمنية في البلاد.

وأكّدَت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» أنّ «الاجتماع كان إيجابياً، حيث نَوَّه الراعي بالجهود التي يقوم بها الجيش لحفظ الأمن على الحدود وفي الداخل»، وأثنى على دور قيادة الجيش في هذه الظروف الدقيقة التي تمرّ بها البلاد، وهذا ما أكّدته القمّة الروحيّة التي عُقِدت في بكركي والتي تمثّل جرعة دعمِِ للجيش وسائر الأجهزة الأمنية».

خليّة الأزمة

وفي ملفّ العسكريين المخطوفين، عَقدت خليّة الأزمة الوزارية اجتماعاً عصرَ أمس برئاسة سلام، وعرضَ المجتمعون تطوّرات هذا الملف.

وذكرَت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» أنّ الاجتماع روتيني، وقد تحوّلَ دورياً كلّ أسبوعين أو ثلاثة، بعدما كان أسبوعياً من قبل، وخُصّص لتقويم الوضع وتبادُل الآراء في ما هو مطروح في المفاوضات التي يُجريها الموفد القطري والمسؤولون الأتراك المكلّفون هذه المهمّة وما آلت إليه المساعي المبذولة على هذا المستوى.

واستعرضَ سلام معطياتٍ كانت توفّرَت لديه في الاتصالات التي أجراها على هامش القمّة العربية، معتبِراً أنّ الملف يشكّل بالنسبة إليه همّاً يحمله كلّ مرّةٍ يلتقي فيها بالمعنيين، خصوصاً الذين يساعدون لبنان في هذه العملية.

وقدّم وزير الداخلية نهاد المشنوق عرضاً مماثلاً لِما لديه، وكشفَ أنّه تناوَل الموضوع على هامش مؤتمر وزراء الداخلية العرب في الجزائر مع نظيره القطري، واستعرضَ الظروف السياسية التي تواكب الملف.

وأطلعَ المجتمعين على التقارير الأمنية الواردة عن الأحداث التي شهدَتها عرسال بعد ظهر أمس كما وردت إليه من المراجع المعنية في البقاع. وتوقّفَ المجتمعون أمام الخطف المتبادل بين عائلات عرسالية والسوريين، وما آلت إليه الإتصالات الجارية لتطويق ذيولها.

وقدّم المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ما لديه من معلومات هي حصيلة المفاوضات الجارية، لافتاً إلى أنّ الاتّصالات مستمرة بشكل طبيعي ويمكن القول إنّها تجري على السكّة الصحيحة، وهو ينتظر ردوداً نهائية على ما تقدّمَ به عبر الوسيط القطري على بعض المقترحات المتبادلة، لافتاً إلى أنّ لقاءً قريباً سيجمعه مع الوسيط القطري، سواءٌ في قطر أو في بيروت.

إلى ذلك، قالت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» إنّ لبنان حسَم موضوع المقايَضة من قبل تحت سقف القوانين، وإنّ أيّ عملية تبادُل يطالب بها الخاطفون خارج ما تنصّ عليه القوانين لن ترى النور، وهو أمرٌ ينطبق على موضوع اختيار مَن ستَشملهم المقايضة من السجون اللبنانية، في إشارةٍ إلى استبعاد أن تشملَ محكومين ينفّذون أحكاماًُ صدرَت بحقّهم عن القضاء اللبناني.

واعتبرَت المصادر أنّ ما نُشِر عن مبالغ ماليّة كبيرة وخيالية مقابلَ كلّ مخطوف مُبالَغٌ فيه ويَفتقر إلى الدقّة، وأنّ لبنان يريد المقايضة دفعةً واحدة من دون تجزئة، ومن دون استبعاد أيّ خيار آخر إذا اقترنَت العملية بجدولٍ زمنيّ واضح لا يحتمل وجودَ أيّ أفخاخ.