الحدث خارجي بامتياز من النووي إلى «عاصفة الحزم»، وإذا شمل الحراك الدولي لبنان فهو لأجل وضعه في صورة التطورات الخارجية المفصلية وتأثيراتها على بيروت، وذلك على غرار زيارة نائب وزير الخارجية الأميركي انطوني بلينكن الذي جدّد الموقف الأميركي الداعم لاستقرار لبنان والجيش اللبناني الذي ثمّنَ دوره في مواجهة الإرهاب وضبط الوضع الأمني في الداخل وعلى الحدود، وانتقد قتال «حزب الله» في سوريا وحثّ اللبنانيين على انتخاب رئيس جديد للجمهورية مع دعوته، للمرة الأولى، إلى «إخضاع الذين يعرقلون تأمين النصاب البرلماني للمساءلة العامة». وفي موازاة ذلك تتجه الأنظار اليوم إلى طهران التي يزورها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، وتأتي هذه الزيارة بعد تطور عملي وموقف علني، وفي التطور انضمام تركيا إلى التحالف العربي-السني الذي كانت أولى طلائعه «عاصفة الحزم»، وفي الموقف كان أردوغان أعلن أنّ «إيران تبذل جهوداً للهيمنة على المنطقة»، وتساءل «كيف يمكن التسامح مع ذلك؟» واعتبر أنّ «ممارساتها تجاوزت حدود الصبر»، داعياً إيّاها إلى «تغيير عقليتها وسحب كافة قواتها من اليمن وسوريا والعراق».
ظلّ الاهتمام منصبّاً على أبعاد اتفاق الإطار النووي وتردداته في ظلّ سَعي الرئيس الاميركي باراك اوباما المستمر لتبديد مخاوف اسرائيل المنددة بالاتفاق، وتبديد قلق زعماء دول مجلس التعاون الخليجي، محذّراً في الوقت نفسه من أنّ الخطر الذي يتهددهم ليس التعرّض لهجوم من إيران بل مصدره سخط الشباب داخل بلادهم.
الّا انّ توقيع هكذا اتفاق، على أهميته، لم يحجب الاهتمام عن متابعة مسار «عاصفة الحزم» التي جددت السعودية تأكيدها أمس أنها «جاءت لإغاثة بلد جار وشعب مظلوم وقيادة شرعية استنجدت لوَقف العبث بأمن اليمن ومقدراته والحفاظ على شرعيته»، في وقت زار ولي ولي العهد السعودي وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف تركيا أمس عشيّة زيارة اردوغان الى ايران اليوم، ويستعدّ وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف لزيارة العاصمة الباكستانية غداً حسبما أعلن وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف، لمناقشة الوضع في اليمن.
امّا داخلياً، فغابت السياسة مع عطلة عيد الفصح المجيد لدى الطوائف التي تتّبع التقويم الغربي، وأحد الشعانين لدى الطوائف الشرقية، الّا انّ الاستحقاق الرئاسي لم يغب عن مواقف المسؤولين والقادة الروحيين، فجَدّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أسفه أمس أن يكون المجلس النيابي بسبب ما يقوم به فريق سياسي، يتنكّر لواجبه الدستوري في انتخاب رئيس للجمهورية.
بلينكن
وخرق حراك أميركي الجمود السياسي في عطلة العيد، قادَه نائب وزير الخارجية الأميركي انطوني بلينكن الذي بدأ جولته في المنطقة بزيارة لبنان، والتي تقوده الى السعودية اليوم للقاء كبار المسؤولين السعوديين، ثم الى أبو ظبي غداً، فسلطنة عمان الخميس ليحطّ أخيراً في تونس يوم الجمعة.
وعلمت «الجمهورية» أنّ بلينكن الذي التقى كلّاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل والنائب وليد جنبلاط وقائد الجيش العماد جان قهوجي، لا يحمل معه أي مبادرة وهو كان مستمعاً ومستعلماً أكثر ممّا كان متكلماً، ولم يدخل في الملف الرئاسي من باب تحديد مواصفات رئيس الجمهورية بل من باب القلق من استمرار الشغور الرئاسي والتشديد على ضرورة إنجاز هذا الاستحقاق وانتخاب الرئيس العتيد.
كذلك فإنّ بلينكن الذي وضع المسؤولين في أجواء مفاوضات لوزان وإطار الاتفاق النووي اكد لِمَن التقاهم أنّ ما جرى لا يعني ابداً تسليماً اميركياً بهَيمنة إيرانية او إطلاق يدها في المنطقة العربية، وجدّد دعم بلاده للشرعية اللبنانية والجيش والقوى الأمنية في مواجهة التهديدات الارهابية.
وقالت مصادر اطّلعت على مضمون بعض لقاءاته لـ«الجمهورية» إنه استهلّها بعرض شامل وسريع للمهمة التي كلّف بها، وهي مهمة استقصائية للوقوف على رأي المسؤولين اللبنانيّين ممّا يجري في المنطقة ووَضعهم في أجواء الثوابت الأميركية فيها، ولا سيما تجاه الوضع في لبنان.
وثمّنَ دور الجيش اللبناني في مواجهة الإرهاب وضبط الوضع الأمني في الداخل وعلى الحدود، مؤكداً انّ الإدارة الأميركية وحلفاءها الغربيين لن يوفّروا وسيلة لتعزيز قدراته العسكرية والأمنية والإستعلامية، ما يؤدي الى ان يقوم الجيش بدور أكبر، وهو مطلوب بإلحاح في هذه الفترة بالذات.
واكّد مَن شارك في لقاءات بلينكن لـ«الجمهورية» انه لم يتناول ملف انتخاب الرئيس العتيد إلّا من خلال عرضه للتطورات في لبنان والمنطقة، ناصحاً بأن يعود اللبنانيون الى الداخل في مشروع انتخاب الرئيس، مُجدداً القول انه لن يتدخل أحد من الخارج في هذا الإستحقاق.
وكان بلينكن دعا، بعد زيارته سلام، زعماء لبنان الى عدم انتظار الخارج بل العمل على إيجاد حلّ من الداخل، و»الأصوات المسؤولة في المجتمع الدولي ستدعمكم، ولكن ما لم يتمّ انتخاب رئيس، فإنّ هذا الوضع لن يؤدي الّا الى تعميق تآكل المؤسسات السياسية في لبنان». وجدّد الدعوة الى انتخاب رئيس في أقرب وقت ممكن، مشدداً على وجوب ان يخضع للمساءلة العامة مَن يعرقل تأمين النصاب.
وإذ شدد على ان لا مكان للرئيس السوري بشار الاسد في مستقبل سوريا، اكد انّ دعم «حزب الله» له «يخدم إطالة الأزمة السورية ويقدّم لـ»داعش» أداة لتجنيد المقاتلين، ويدفع بمزيد من اللاجئين للفرار إلى لبنان»، وقال إنّ أعمال الحزب في سوريا تضرّ بالشعبين اللبناني والسوري.
نصر الله
في الموازاة أعلن الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله أنّ الدخول في الحرب السورية كان خيارنا، ونحن أعلنّا هذا الموضوع بشكل واضح وتحدّثنا عن الأسباب. وقال في مقابلة تلفزيونية مع «الاخبارية السورية: «دخلنا الحرب «بملء ارادتنا ولتحمّل مسؤولياتنا» ونحن لم نخبر حلفاءنا في لبنان «كي لا نُحرج احداً، ونحن نتحمّل مسؤولية دخولنا الى سوريا، وقلنا لحلفائنا انه يمكنهم القول انّ حزب الله لم يسألنا بشأن دخوله القتال، وكنّا نعلم منذ البداية انّ المعركة في سوريا ليست سهلة وقاسية وهي ليست معركة بسيطة». واكد انه «في ضوء الحاجة والإمكانات نتواجد في سوريا، وحيث يجب أن نكون سنكون وليس هناك اعتبارات سياسية أو غير سياسية لذلك».