IMLebanon

ترقّب تداعيات «النووي» واليمن.. وحِراك لتدارُك كارثة زراعية

يستمرّ الاهتمام الرسمي والسياسي منصَبّاً على التطوّرات الإقليمية المتلاحقة، من الاتّفاق النووي بين إيران والدوَل الغربية وتداعياته المنتظَرة، إلى استمرار حرب «عاصفة الحزم» في اليمن وتفاعلاتها على الساحتين العربية والإقليمية، في الوقت الذي لم يسجَّل أيّ حراك جدّي في اتّجاه إنجاز الاستحقاق الرئاسي على رغم الموقف الذي عبّر عنه الموفد الأميركي أنطوني بلينكن الذي دعا فيه إلى انتخاب رئيس للبنان من دون انتظار الخارج، وكذلك الموقف المشابِه الذي عبّر عنه الموفد الرئاسي الإيراني مرتضى سرمدي داحضاً اتّهامَ بلاده بأنّها تعَطّل هذا الانتخاب.

لا تزال أصداء الاتفاق النووي تتردد في كل مكان والمنطقة تترقّب انعكاساته، في وقت وَسّعت «عاصفة الحزم» أهدافها في اليمن، وعبّرت واشنطن عن قلقها من توسّع تنظيم «القاعدة» في هذا البلد متعهدة مواصلة ضربه، في وقت دفعت إيران بسفن حربية إلى خليج عدن ومضيق «باب المندب» مبرّرة هذه الخطوة بـ «ضمان أمن خطوط الملاحة الایرانیة والحفاظ علی مصالح ایران فی المیاه الحرّة». وحذّر وزير الدفاع الايراني حسين دهقان من أنّ تفتيش المراكز العسكرية في إيران هو من ضمن الخطوط الحمر ولن نقبل أيّ تفقّد لها.

سرمدي

وفي هذه الاجواء، أجرى سرمدي محادثات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل تمحورت حول الاتفاق النووي والأزمة اليمنية. وشجّعَ اليمنيين على البدء بالحوار، وقال: «انّ هناك خطأ استراتيجياً فادحاً حصل في شأن التدخّل في اليمن، والذريعة بأنّ الضربات هي من أجل شرعية الرئيس لا تستند الى أيّ من مقررات الشرعية الدولية».

وأكد انّ بلاده «لا تؤيّد في أيّ حال من الحالات التدخّل العسكري، بل الحل السياسي». وقال: «نعتقد انه لا بدّ من ان تكون هناك مشاركة لكافة التيارات السياسية في اليمن لتجتمع في مكان محايد وتبحث في الوصول الى حكومة شاملة». وأوضح أنّ «ايران تقوم بكل المبادرات والمساعي الحميدة التي تساعد في التوصّل الى هذا الحل السياسي، وتأمل من الدول الشقيقة والصديقة أن تتكاتف وتتضامن للتوَصّل الى مخرج مناسب سلمي وسياسي».

وفي الشأن الداخلي، اكّد سرمدي أنّ «موقف إيران يركّز على الحيلولة من دون التدخّل في شؤون أيّ بلد شقيق، ومنها لبنان»، واكّد أنّ «النُخب السياسية والأحزاب والتيارات السياسية اللبنانية في إمكانها أن تستولِد الحلول والمخارج المناسبة لكل المشكلات التي يعانيها لبنان في هذه المرحلة، ومنها مشكلة الفراغ الرئاسي».

آملا في «أن تكون آليات الحوار في لبنان خطوة للمساعدة على بلوغ هذا الحل». وقال: «اذا كان لبنان يعتقد انه صار في إمكانه، بعد إنجاز التسوية النووية، قبول الهبة العسكرية الايرانية الى الجيش اللبناني الباسل فإننا مستعدون لتقديم هذه المساعدة على طبق من ذهب».

بين بيروت والرياض

في هذا الوقت، تفاعلت مواقف الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصر الله ونَقل تلفزيون لبنان الرسمي وقائع الحوار الذي أجرته معه «الإخبارية السورية» وما تضمّنه من مواقف هاجمَ فيها السعودية، في وقت جانب مجلس الوزراء ملامسة هذا الموضوع في جلسته أمس.

الحريري

ودان الرئيس سعد الحريري «استخدام» تلفزيون لبنان للإساءة للسعودية، وقال: «إنه لشيء مؤسف ومؤلم ان يتمّ استغلال لبنان الى هذا الحد، وان تكون بعض منابرنا شريكة لمنابر السفّاح بشار الاسد في الإساءة لدولة لم يرَ اللبنانيون منها سوى الخير ولم يسمعوا من مسؤوليها سوى الكلمة الطيبة، ولم يعرفوا عنها منذ قيام دولة الاستقلال سوى مساهمتها في إنهاء الحرب الأهلية ورفضها كل أشكال الاقتتال بين اللبنانيين، ووقوفها الى جانبهم في مواجهة الآثار المدمّرة للحروب الإسرائيلية، وآخرها حرب العام 2006». وأكد أنّ «التاريخ قد كتب وسيكتب بحروفٍ من ذهب ما قدّمته السعودية للبنان، ولن يكون في مقدور الابواق المسمومة ان تغيّر من هذه الحقيقة او ان تتمكّن من تشويهها».

«حزب الله»

من جهته، دافع «حزب الله» عن خطوة تلفزيون لبنان، وقال بلسان مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب الحاج محمد عفيف: «إنّ الإدعاء أنه نسّق مع الإخبارية السورية وأنّ هذا خلاف سياسة النأي بالنفس المدعاة ليس إلّا كذباً محضاً وتبريراً واهياً، ذلك لأنّ إدارة تلفزيون لبنان نَسّقت مع تلفزيون «المنار» الذي وَزّع الترددات مجاناً على الجميع كما تجري العادة في كل مقابلات سماحة الأمين العام وخطاباته».

حمادة لـ«الجمهورية»

وفي المواقف، قال النائب مروان حمادة لـ»الجمهورية»: انّ «حزب الله» بكلامه وشتائمه لا يعتدي على السعودية بمقدار ما يعتدي على لبنان، وهو بذلك يؤذي العلاقات التاريخية بين بيروت والرياض والتي لم تتّسم يوماً الّا بالإيجابيات المتبادلة».

واضاف: «لا أظن انّ هناك تأثيراً جذرياً على الحكومة، فأنا لا ارى حكومة فعلية قائمة، ولا أظنّ أنّ هناك تأثيراً على الحوار لأنني لم أؤمن يوماً بأنّ الحوار ينسجم مع ازدواجية المواقف واعتماد العنف من جانب الطرف المحاور، وليسمح لنا الوزراء، ولا سيما منهم الأصدقاء، بوصف اجتماعاتهم بالإيجابية في الوقت الذي لا تمون الحكومة على أصغر موظّف في تلفزيون لبنان».

الحوار

في غضون ذلك، بَدا انّ الحوار بين تيار «المستقبل» و»حزب الله» سيخضع في جلسته الثلثاء المقبل لاختبار حقيقي وجدّي. وقد عبّرت مصادر مواكبة للحوار عن تخوّفها، وللمرة الاولى، من حدّة التخاطب الكلامي بين السيّد نصر الله والحريري وارتداداته على الحوار.

وإذ اشارت الى انه لم تُرصد ردّات الفِعل بعد بيان الحريري العنيف أمس، أكدت انّ المناخ السائد لن يمر في السياق السابق نفسه، عندما كان يتمّ تجاوزه على رغم تسجيل كل طرف لموقفه. لكنّ هذه المصادر اكّدت في المقابل انه مهما كان الاثر كبيراً فهو لن يصل الى نسف الحوار.

مجلس الوزراء

وقد نجح سلام في إبعاد جلسة مجلس الوزراء عن مشاريع الجدل التي كان سيثيرها طرح بعض الملفات، وأبرزها ملف التعرّض للقيادات العربية في الدول الشقيقة، ولا سيما منها هجوم «حزب الله» على الرياض ونَقل «تلفزيون لبنان» الرسمي مقابلة نصرالله، كذلك بالنسبة الى مهمّات الموفدين الدوليين وما تركه التسويق الإيراني ـ الأميركي من ترددات على لبنان الذي انقسم بين مؤيّد ومتريّث ورافض لِما يجري.

وعلى هذه الخلفية استهلّ سلام الجلسة مكرراً التمني بانتخاب رئيس للجمهورية في وقت قريب. ولفتَ الى انعكاسات هذا التأخير على عمل سائر المؤسسات الدستورية.

وإثر مداخلته، التي دامت دقيقتين، طلب سلام البحث فوراً في جدول الأعمال متمنياً حَصر المناقشات في بنوده الـ81، لافتاً الى أهمية القضايا الإدارية والمالية التي يجب بَتّها لتسيير شؤون الدولة والناس.

درباس لـ «الجمهورية»

وقال الوزير رشيد درباس لـ«الجمهورية»: «أشَبّه المناخ السائد في مجلس الوزراء بأنّه تواطؤ حميد بين أطراف الحكومة يقوم على أساس أنّ الحكومة لا تتحمّل هزّات، وإذا كان عند البعض كلامٌ فهو يقوله في الخارج، ولكنّ الحكومة لا يجوز أن تتضَعضع، خصوصاً في ظلّ غياب رئيس جمهورية».

وأضاف: «ما يحدث في المنطقة أمرٌ كبير جداً، والتقلّبات الحاصلة اتّجاهاتُها غير معروفة، لذا نجد توتّراً لدى بعض الأطراف بسبب التورّط في الخارج، لكنّها هي نفسُها من يحافظ على الحكومة في الوقت نفسه».

الخليط الأمني ـ الإقتصادي

ومِن خارج جدوَل الأعمال ناقشَ المجلس ما سمّاه أحدُ الوزراء الخليط الأمني ـ الإقتصادي الذي تسبّبَت به سيطرة «جبهة النصرة» و»الجيش السوري الحر» على معبَر نصيب الحدودي السوري ـ الأردني وطرد القوات النظامية التابعة للجمارك والقوى الأمنية والعسكرية السورية منه بعد الانتهاء من ملفّ السائقين المخطوفين أمس.

وتحت هذا الشعار بوجهَيه الإقتصادي والأمني، قال أحد الوزراء لـ «الجمهورية» إنّ المناقشات استهلكت أكثر من نصف الجلسة وانتهَت إلى مقاربة وزارية ـ تجارية وماليّة متكاملة قضَت بالسعي إلى توفير البدائل من المعابر البرّية السورية ـ الأردنية إلى الخليج العربي لاستخدام الباخرة «رورو» المعروفة بحاملة الشاحنات الضخمة المخصّصة للنقل الخارجي على خطّين بحريَّين، الأوّل من بيروت إلى ميناء العقبة في الأردن، أو على الخط البحري الثاني بيروت ـ الإسكندرية ـ قناة السويس ـ ميناء يُنبع في المملكة العربية السعودية.

وبعد مناقشات فنّدَت المشكلة وانعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية والقطاعات الزراعية والتجارية والصناعية، وشاركَ فيها معظمُ الوزراء كلّفَ المجلس وزيرَ الزراعة أكرم شهيّب التنسيقَ مع الوزارات المعنية في لبنان ونظرائهم في الأردن ومصر والسعودية، وذلك بهدف مواجهة هذه المعضِلة، والعودة إلى مجلس الوزراء في أقرب وقت لمواجهة أزمة تصريف الإنتاج الزراعي الذي سيتكثّف بحجمه التجاري والإقتصادي في خلال الأسابيع المقبلة ولفترة تمتدّ إلى مطلع الصيف المقبل عدا عن حركة الترانزيت المستمرّة على مدى أشهر السَنة.

وهنا اقترحَ وزير الصناعة حسين الحاج حسن أن تتدخّل مؤسسة «إيدال» لتغطية فوارق النَقل البحري عن البرّي لتسهيل المنافسة اللبنانية.

إلى ذلك، وبناءً لطلب وزراء حزب الكتائب وتكتّل «الإصلاح والتغيير» و«حزب الله» أحالَ مجلس الوزراء إلى المديرية العامة للمناقصات ملفّ تجهيز مراكز جديدة للمعاينات الميكانيكية بعد رفض بَتّها بطريقة التراضي بعد الاستعانة بالفريق التقني وبالخبراء والاختصاصيين لدى هيئة إدارة السير.

ورفض تعيين 100 مساعد قضائي بسبب الخَلل في تركيبة المقترحين على المستوى الطائفي ووجود 19 مسيحيّاً من أصل 100 شخص، وهم الفائزون بدورة خاصة تجاوزَها الزمن بفارق عامَين على صدور نتائجها، وهو أمرٌ مرفوض ولم ينفَع تدخّل وزير المال علي حسن خليل مقترحاً إحالة الملف إلى مجلس النواب لإقراره بقانون، وبَتّ مجلس الوزراء بنتائج امتحانات المراقبين الجمركيين.

الهيئة الاقتصادية الحرّة

وعيّن مجلس الوزراء مجلسَ إدارة هيئة المنطقة الاقتصادية الحرّة في طرابلس بعد 7 سنوات من الانتظار، برئاسة وزيرة المال السابقة ريّا الحسن.

وقال الوزير درباس لـ«الجمهورية»: «أنا فخورٌ بأنّني نقلتُ قانون المنطقة الاقتصادية الخاصة من الورَق إلى الفعل». وأضاف: «قلتُ سابقاً إنّني سأحمل هذه القضية على كتفي، لكن الآن أستطيع أن أنزِلها وأضعَها على أكتاف أعضاء مجلس الإدارة».

وقالت الحسن لـ«الجمهورية»: «إنّ الخطوة الأولى التي يجب الشروع بها، ويعمل عليها حاليّاً مجلسُ الإنماء والإعمار، هي تلزيم عملية رَدم البقعة المخصّصة للمنطقة الاقتصادية الحرّة في طرابلس، وبعد ذلك، يتمّ تجهيز البُنى التحتية التي قد تستغرق نحو عامَين».

وأكّدت الحسن «أنّ الحكومة لم تخَصّص بعد أيّ تمويل للهيئة، وقد أرجَأ مجلس الوزراء أمس البحث في هذا الموضوع، على أن يتقدّم مجلس الإدارة بطلبِ اعتماد من خلال رئيس الحكومة ومنه إلى وزير المال».

أزمة التصدير

إلى ذلك، ظلّت قضية إقفال المعابر البرّية في وجه تصدير المنتَجات الزراعية والصناعية اللبنانية في واجهة الاهتمامات أمس. وقد عُقِد اجتماع وزاريّ رباعي لهذه الغاية وضمّ كلّاً مِن: وزير الزراعة أكرم شهيّب، والصناعة حسين الحاج حسن، والإقتصاد والتجارة آلان حكيم، والأشغال العامة والنقل غازي زعيتر، وذلك في مكتب وزير الزراعة وتمَّ البحث في ملف الصادرات الزراعية والصناعية اللبنانية، واتُّفقَ على طرح مبدأ دعم النقل البحري بما يُسهّل عمليات التصدير إلى الخليج العربي ودوَل شمال أفريقيا وتأمين التسهيلات اللازمة للنقل البرّي.

وكشفَ شهيّب عن سلسلة إجراءات تمّ التوافق عليها، من ضمنِها دعمُ الحكومة النقلَ البحريّ لمدّة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد، وذلك بواسطة مؤسّسة «إيدال» التي تهتمّ بالموضوع، لناحية الشِقّ الزراعي، «وسنرى ما يمكننا فعله بالنسبة إلى شِقّ المنتج الصناعي أيضاً».

من جهته، أوضَح نقيب أصحاب الصناعات الغذائية منير البساط لـ»الجمهورية» أنّ «القطاع الصناعي يصدّر إلى البلدان الممتدّة من الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي بنحو مليار دولار في السنة». وتخوّفَ من خسارة سوقَي الأردن والسعودية بسبَب الأزمة القائمة.

أمن طرابلس

على الصعيد الأمني، استكملَ الجيش توقيفَ الإرهابيّين في البقاع والشمال، حيث أعلنَت قيادته أنّ دورية تابعة لمديرية المخابرات أوقفَت في برالياس – البقاع، القياديّ في أحد التنظيمات الإرهابية السوري نبيل الصديق، واللبناني علي أيوب، المطلوبَين بموجب مذكّرات توقيف عدة.

ودهَمَ الجيش أيضاً منزلَ مصطفى معروف الحج عبيد في ضهور بحنين، وأوقف خالد ومعروف وعلي الحج عبيد للاشتباه بعلاقتهم بخالد حبلص.

وليلاً، كثّفَ الجيش إجراءاته في طرابلس، وسط انتشار شائعات عن ظهور المطلوب أسامة منصور.

وفي هذا السياق، نفى مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» «أيَّ ظهور لمنصور في التبّانة»، مشيراً إلى أنّ «الجيش يلاحقه، وهو لم يدخل مدينة طرابلس، وكلّ الكلام عن توجُّهه إلى عاصمة الشمال، تكهّنات وشائعات».

ولفتَ المصدرُ إلى أنّ «التبانة تحت سلطة الدولة، والجيش متمركزٌ في أحيائها، والأهالي يؤيّدون الشرعية، مشَدّداً على أنّ التبّانة «لا تشَكّل بيئةً حاضنة للإرهابيين، أمّا التدابير الأمنية فهي مستمرّة، ولا علاقة لها بمنصور أو شادي المولوي».