IMLebanon

التمديد على النار والرئاسة في الانتظار ووفد أميركي في بيروت قريباً

في ظلّ العواصف الضاربة بالمنطقة والمخاطر المحدقة بالبلاد، وفي ظلّ الاعتداءات التي يتعرّض لها الجيش على يد الجماعات الإرهابية، صدرَت مواقف في عطلة نهاية الأسبوع تشدّد على مؤازرته ودعمِه، فيما سادت الأوساط السياسية أجواء متشائمة حيال مستقبل الاستحقاقات الداخلية في ضوء تصاعد التوتّر السعودي ـ الإيراني الذي يعكس عودة العلاقات بين البلدين إلى المربّع الأوّل بعد كلّ الإيجابيات التي شاعت إثر اللقاء الأخير في نيويورك بين وزيرَي خارجية البلدين، الأمير سعود الفيصل ومحمد جواد ظريف، وبعثت على التفاؤل بحصول توافق يتيح إمرارَ الاستحقاق الرئاسي، على غرار إمرار الاستحقاق الحكومي في شباط الماضي. وفي هذا السياق يُنتظَر أن تنصرف القيادات هذا الأسبوع إلى تقصّي نتائج اللقاء الذي انعقد في روما بين الرئيس سعد الحريري والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في شأن الاستحقاق الرئاسي، فضلاً عن تقصّي نتائج اللقاءات والاتصالات التي أجراها رئيس مجلس النواب نبيه برّي على هامش مشاركته في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي في جنيف، وأبرزُها لقاؤه مع نظيره الإيراني علي لاريجاني. فيما باتت الأوساط السياسية منقسمة في هذه المرحلة بين متفائل بإمكان إمرار انتخاب رئيس للجمهورية بعد إقرار تمديد ولاية المجلس النيابي المنتظر في الجلسة التشريعية التي سيدعو إليها برّي قبل نهاية الشهر الجاري، وبين متشائم يتوقّع تأخّرَ الاستحقاق الرئاسي إلى وقت غير محدّد، خصوصاً إذا طال التوتّر السعودي ـ الإيراني السائد.

فيما مسلسل الاعتداءات على الجيش مستمرّ اتّسعت دائرة تأييده وتعالت الأصوات المنادية بوجوب وقف التحريض عليه والوقوف صفّاً واحداً خلفه. وعلمت «الجمهورية» أنّ وزارة الدفاع تشهد اليوم اجتماعات أمنية كثيفة لقائد الجيش العماد جان قهوجي العائد من الولايات المتحدة الاميركية لمتابعة آخر المستجدات الأمنية في ضوء استمرار مسلسل الاعتداءات على الجيش، وتقييم نتائج زيارته الى واشنطن ولقاءاته هناك التي وُصفت بالإيجابية والناجحة.

وفي معلومات لـ«الجمهورية» أنّ العماد قهوجي عاد من واشنطن أمس بعدما التقى القادة الأميركيين الكبار في هيئة أركان الجيوش الأميركية وشاركَ في إجتماعات قادة الجيوش ورؤساء الأركان في دول التحالف ضد «داعش»، وعقد لقاءات ركّزت على دعم الجيش اللبناني وتسليحه.

تحرّك أميركي

وكشفت مصادر ديبلوماسية غربية في بيروت لـ«الجمهورية» انّ تحرّكاً اميركياً لافتاً ستشهده الأيام المقبلة، حيث يزور وفد اميركي عسكري وديبلوماسي رفيع المستوى لبنان في إطار جولة على المنطقة، لمتابعة بعض الخطوات التنفيذية التي قرّر التحالف الدولي تنفيذها بعد تكثيف ضرباته الجوّية على مواقع «داعش» ومراكزه في العراق وسوريا.

وقالت المصادر إنّ السفير الأميركي في بيروت ديفيد هيل سيكثّف إتصالاته هذا الأسبوع لمواكبة تحرّكات الوفد وترتيب المواعيد وبنود جدول الأعمال التي كُلّف البحث فيها على مستويات عدة.

مصدر عسكري

وفي إطار استكمال معركته مع الإرهابيين، واصلَ الجيش تعزيز انتشاره في مناطق البقاع والشمال واتّخاذ الإجراءات الأمنية المناسبة وملاحقة المطلوبين. وفيما واصلت عائلة الجندي الشهيد جمال جان الهاشم تقبّل التعازي في القبيات، أكّد مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ الجيش اتّخذ احتياطاته لتأمين الطرُق وحماية حركة تنقّل العسكريين من بلداتهم العكّارية الى مراكز خدمتهم لإحباط أيّ عملية استهداف جديدة للجيش».

ومع محاولات الارهابيين المتكررة التسلل في اتجاه بلدة عرسال، وكان آخرها مساء أمس، حيث أطلقت وحدات الجيش المتمركزة على تلة الحصن النار في اتجاه مجموعة مسلحة وأجبرَتها على الانكفاء إلى الجرد الشرقي، قال المصدر العسكري «إنّ رصد حركة المسلحين في جرود عرسال مستمرّ، والجيش يصدّ ايّ عملية تسلل، عملاً بقرار عزل الجرد عن البلدة، في وقتٍ يلاحق المتورّطين في أحداث عرسال الأخيرة ويوقفهم».

ومع تكرار ظاهرة الخطف في منطقة البقاع والتخوّف من تحوّلها مدخلاً الى فتنة طائفية أكّد المصدر العسكري أنّ «الجيش اتّخذ إجراءات كثيفة وهو يسيّر دوريات بين طرق زحلة وسعدنايل وبعلبك لشَلّ حركة الخاطفين، وهذه التدابير تأتي بعدما تصاعدت عمليات الخطف في البقاع، والتي تبيّن أنّها تحصل لأسباب ماديّة وليست سياسية»، وأوضحَ أنّ «الجيش يحاول تفادي أيّة عملية خطف جديدة لكي لا تكون مدخلاً إلى الفتنة.

دعم إيراني

إلى ذلك، أكّدت ايران للوفد الرسمي اللبناني الذي يزور طهران برئاسة وزير الدفاع سمير مقبل انّ دعم لبنان شعباً وجیشاً ومقاومة ما زال علی جدول اعمالها، وأعلنت استعدادها لنقل خبراتها من أجل ارتقاء الامن فی لبنان والمنطقة ومكافحة التیارات الارهابیة الی جانب استعدادها لتقدیم المساعدات التسلیحیة للجیش اللبناني.

وأعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني انّ بلاده ستواصل دعمها شعوب سوريا والعراق ولبنان. وقال: «يجب تهنئة الجيش اللبناني لصموده ومقاومته في مواجهة المعتدين والجماعات التكفيرية والارهابية».

«حزب الله»

في غضون ذلك دعا «حزب الله» الى وقف التحريض على الجيش، وأعلن بلسان عدد من نوابه وقيادييه أنّه «إذا اقتضت مصلحة لبنان في الدفاع ان نكون امام الجيش، فيجب ان نكون امامه».

ودعا نائب رئيس المجلس التنفيذي في الحزب الشيخ نبيل قاووق فريق 14 آذار الى «الإلتحاق بشرف المشاركة في مواجهة العدوان التكفيري على الجيش وعلى لبنان»، وقال: «ليس من المسؤولية الوطنية بشيء أن تتعاطى قوى 14 آذار وكأنّ غزوة عرسال وغزوة بريتال غير موجودة».

وقال: «ما كنّا في «حزب الله» ننتظر إذناً ولا رضىً من 14 آذار لنقوم بواجبنا الوطني والإنساني المقدّس في الدفاع عن أهلنا وعرضنا أمام أيّ عدوان تكفيري».

وشدّد على «أنّ المقاومة اليوم بعد ثلاث سنوات على الأزمة في سوريا إستطاعت أن تعاظم قدراتها العسكرية واستطاعت أن تصل إلى موقع القوّة والاقتدار والفعالية في معادلات لبنان والمنطقة، وهذا ما يغيظ الذين يتحاملون عليها، لأنّه لا يُحسَب لهم حساب في معادلات المنطقة، فيما يُحسَب لنا ألف حساب في هذه المعادلات».

التضامن الحكومي

على صعيد آخر، تفاعلَ كلام وزير الداخلية نهاد المشنوق في ذكرى استشهاد اللواء وسام الحسن، والذي اعلن فيه رفضَه «تحويلنا قادةَ صَحَوات متخصصين في فرض الأمن على قسمٍ من اللبنانيين، فيما القسم الآخر ينعمُ بالحصانة الحزبية»، وعزا تعثّرَ الخطة الأمنية لأسباب سياسية «وليس للنواقص التي نعرفها جميعاً» مشيراً إلى أنّ «هناك فريقاً من اللبنانيين يعتقد أنّ قدراته أكبر من لبنان، لكنّه لا يستطيع أن ينكر الآن، أنّ كلفة باهظة يتحمّلها جميع اللبنانيين، لأنّه أصغر من المنطقة وأزمتِها وكوارثها».

مصادر وزارية

وفيما تسارعت الإتصالات بين بيروت وباريس والمصيطبة و«بيت الوسط» والضاحية الجنوبية واليرزة لتطويق ما يهدّد التضامن الحكومي نتيجة بعض المواقف، لم يعلّق رئيس مجلس النواب نبيه بري على خطاب المشنوق ولكنّه ردّ على سائليه من زوّاره بدعابة قائلاً: «خطاب المشنوق… مشنوق الخطاب»

وقالت مصادر وزارية في فريق 8 آذار لـ«الجمهورية»: «إنّ الحكومة ضرورة وهي لم تولد نتيجة رغبة فريق 14 آذار، وإنّما نتيجة ضغط إقليمي ودولي عليه، لحفظ الاستقرار في لبنان، فشاركَ فيها مُتنازلاً عن كلّ سقوفه وشروطه». وأضافت: «لا نعتقد أنّ الحسابات الإقليمية والدولية قد تغيّرت في لبنان، إلّا إذا أراد أحد أن يغامر بالبلاد».

واعتبرَت هذه المصادر أنّ كلام المشنوق «لن يؤثّر على الوضع الحكومي، فالحكومة متماسكة، وكلامُه هو فقط من أجل إرضاء جمهوره، لأنّه بات مُحرَجاً بشدّة أمامه بعدما غرّر به ثمّ تركه وأراد اليوم استدراك ما يحصل».

فنَيش

من جهته، سأل وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش: «ماذا يعني الحديث عن التوازن الأمني؟ يعني أن نساوي بين المناطق التي لا تشهد مناصرة للجهات التكفيرية والارهابية ولا تشهد اعتداءً على الجيش والقوى الامنية، وبين مجموعات تمارس مثلَ هذه الاعمال الارهابية».

كذلك سأل: «أيّ مجرم أو معتدٍ في أيّ منطقة من مناطقنا حظيَ بغطاء أو منَعنا القوى الأمنية من ملاحقته؟ فليأتوا بمثال واحد. أمّا أن نقول إنّ هناك حصانات حزبية ونحن لا نستطيع ان نكون إلّا متوازنين، أنفهَمُ من هذا الكلام أنّه تبرير لإيجاد ممرّ آمن لبعض الجماعات الإرهابية التي اعتدت على الجيش وتُهدّد الأمن يومياً في عاصمة الشمال طرابلس؟ وهل هذه عودة من جديد إلى رهانات خاطئة وارتكاب خطايا؟»

جنبلاط

وردّ رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط على المشنوق، قائلاً: «نعم لا نريد صحوات، لكن آن الأوان ان تكون هناك صحوات فكرية تجمع اللبنانيين، تُخرجهم من هذا السجال العقيم الذي يمزّقنا في كل يوم، نعم نريد صحوات فكرية تؤدي بنا الى حوار، لأن الحوار وحده يستطيع ان يجنّب هذه البلاد مزيداً من التوترات المذهبية ويحصّن البلاد في مواجهة الاخطار المحدقة ويحصن الجيش، فقبل أن نحصن الجيش بالدبابات والمدافع تحصين الجيش هو في صحوات فكرية وحوار».

مكاري

بدوره، استبعد نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري أن يؤدي كلام المشنوق إلى تفجير الحكومة لأنها «حاجة للبنان ولجميع الجهات في الوضع الراهن».

مجلس وزراء

على صعيد آخر، يعقد مجلس الوزراء جلسة له الخميس المقبل، وقد عمّمت الأمانة العامة لمجلس الوزراء عصر امس الاول السبت جدول اعمال متواضع للجلسة يتضمن 38 بنداً تحوي قضايا إدارية ومالية واستثمارية متعددة، ولا سيما تلك المتعلقة بالملفات المفتوحة والتي لم تغلق بعد على خلفية عدم التوافق حولها.

او تلك التي أرجِئت في غياب الوزراء المختصين، كما جرى بالنسبة الى ملف تجديد عقدَي شبكتي الخلوي التي تنتظر عودة وزير الإتصالات بطرس حرب من كوريا الجنوبية حيث يشارك في مؤتمر دولي حول الإتصالات.

التمديد النيابي

وعلى صعيد الاستحقاقات الدستوري وفيما بدا أنّ الاستحقاق الرئاسي باقٍ على لائحة الانتظار، فإنّ استحقاق التمديد لمجلس النواب وُضع على النار وهو سيقرّ على الارجح أواخر الشهر الجاري او في النصف الاول من الشهر المقبل، أي قبل انتهاء الولاية النيابية الممددة في 20 تشرين منه.

وفي هذا الاطار أكّد بري امام زواره أمس ان لا جديد في موضوع الاستحقاق الرئاسي. وأشار الى انه سيدعو الى جلسة تشريعية قبل نهاية الشهر الجاري، ولم يستبعد أن يُطرح خلالها موضوع تمديد ولاية مجلس النواب.

وإلى ذلك كشفت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ الرئيس سعد الحريري أجرى في الساعات القليلة الماضية سلسلة اتصالات لمعالجة بعض القضايا الطارئة، وهو يستعدّ للعودة الى بيروت قريباً لمواكبة التحضيرات الجارية لخطوة التمديد لمجلس النواب وفق خريطة طريق سيطرحها شخصياً على القادة اللبنانيين وليس بالواسطة.

وكشفت انّ الحريري أنهى وضع العناوين الأساسية لهذه الخريطة التي يشكّل التمديد للمجلس النيابي اولى الخطوات والمعبر الإلزامي اليها، منعاً لأيّ شغور يمكن ان يصيب السلطة التشريعية لضمان إستمرار المؤسسات، خصوصاً على مستوى حماية التضامن الحكومي المطلوب في حدّه الأدنى.

كذلك سيتابع الحريري عن كثب التحركات الجارية على أكثر من مستوى لإطلاق حملة تزويد الجيش والقوى الأمنية الأسلحة الجديدة التي سيتسلّمها من ضمن هبة المليار السعودية الجديدة، في وقت انطلقت ورشة تنفيذ الهبة السابقة بملياراتها الثلاثة.

وضع الفلسطينيين

وسط هذا المشهد، جال رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمدلله على القيادات السياسية في لبنان، فزار برّي ورئيس الحكومة تمّام سلام، وعرض معهما وضع الفلسطينيين في لبنان، إضافة الى الأوضاع والتطورات الراهنة.

وركّز بري امام الوفد الفلسطيني على ضرورة توحيد الصف الفلسطيني، مشيراً الى انّ اجتماعاً واحداً في غزّة بين السلطة وحركة «حماس» كان يكفي لتوتير الاسرائيليين الذين يعلمون أنّ الوحدة الفلسطينية هي أقوى سلاح في مواجهتهم. واعتبر أنّ حركة «فتح» التي تشكّل التنظيم الأمّ يجب ان تدفع في اتجاه تجاوز الانقسامات الفلسطينية.

ودعا إلى إعادة تصويب البوصلة في اتجاه فلسطين «لأننا عندما أضعنا البوصلة غرقنا في صراع سنّي- شيعي وفي نزاع سوري – سوري وعراقي – عراقي ويَمني – يَمني وفلسطيني – فلسطيني».