Site icon IMLebanon

التصعيد السياسي يستمر فصولاً

دخلَ لبنان مع الأزمة اليمنية في مرحلةٍ من التصعيد السياسي يَصعب معها التكهّن بالمدى الذي يمكن أن تصلَ إليه الأمور، على رغم تأكيد «حزب الله» و»المستقبل» تمسّكهما بالحوار، إلّا أنّ السقف السياسي الذي بلغَه التخاطب السياسي بدأ يُثير المخاوف والهواجس، خصوصاً أنّ بيان «حزب الله» الذي جاء ردّاً على خطاب وزير الداخلية نهاد المشنوق، ولكن من دون أن يسمّيه، واصلَ هجومَه المفتوح على السعودية، ومِن المتوقّع أن يصل إلى حَدّه الأقصى مع كلام أمين عام الحزب السيّد حسن نصرالله غداً. وفي موازاة التصعيد بين الحزب و»المستقبل» هناك تصعيدٌ من نوع آخر بدأ يُلقي بثِقله على الحكومة هذه المرّة وعبرَها على الحياة السياسية، ويتّصل بتلويح رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون بالانسحاب من الحكومة في حال تمَّ التمديد العسكري مجدّداً، ولا يُعرف بعد ما إذا كانت هذه الخطوة ستقتصر على وزراء عون أم ستَلقى تأييدَ «حزب الله» وفريق 8 آذار مجتمِعاً، الأمرُ الذي يُحَوّل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال، ويُدخِل البلد في أزمة حُكم.

أعلنَت مصادر بارزة في «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» أنّ كلّ احتمالات التصعيد واردة، ومنها الاستقالة من الحكومة، وتساءلت: «لماذا سنَبقى فيها إذا كانت تساهم في فرط البلد»؟

وأكّدت «أنّ التهديد بالانسحاب من الحكومة هذه المرّة جِدّي، لقد دخلنا إليها على اساس انّها تحفظ مؤسسات الدولة لكنّها لا تقوم بواجباتها، ومن أبسط واجباتها تعيين قادة عسكريين وأمنيّين، والمشكلة الاكبر أنّ هذا الموضوع لا يُطرَح في مجلس الوزراء لكي يقال إذا كنّا نختلف عليه أم لا.

ولاحظت المصادر أنّ أموراً عدّة تحصل لإضعاف فكرة الدولة، وقد بدأت بانتخاب رئيس جمهورية لا يمثّل أحداً وهو الرئيس ميشال سليمان، وتدرّجَت الى إضعاف المسيحيين عبر قوانين انتخابات تفتقد الى الشراكة، وتطوّرت عبر التمديد لمجلس النواب مرّتين متتاليتين والضغط على المجلس الدستوري كي لا ينعقد مرّةً، وليُصدِرَ قراراً «خونفشاريا» مرّة ثانية، ويتواصل مسلسل الإضعاف الآن في موضوع التعيينات الأمنية، فعندما يستطيع مجلس الوزراء ان يجري اكثر من تعيين فلا يُعقل ان لا يستطيع تعيين قادة أمنيين؟

الأمر لا يتعلق بمن إنّما يتعلق بطريقة التعاطي مع الملفات، فالملف الذي يعزّز قدرة الدولة على الوجود لا نتعاطى معه والملف الذي فيه محاصَصة يتمّ الاتفاق عليه. «التيار الوطني الحر» لا يقبل بهذا الأمر على الإطلاق نحن ضد التمديد وسنستمر ضده، علماً أنّ المأزق السياسي القائم هو بسَبب عدم إجراء الانتخابات النيابية وفقاً لقانون جديد، ولو حصلَ ذلك لكُنّا استطعنا انتخاب رئيس جمهورية.

وعن تحميل التيار مسؤولية التعطيل إذا استقال وزراؤه، قالت المصادر: «يحَمّلوننا مسؤولية الفراغ الرئاسي، وهذا ليس صحيحاً، الفراغ هو نتيجة عدم إجراء انتخابات نيابية وفقاً لقانون انتخابي جديد، فعندما قرّروا التمديد لمجلس النواب بهذه التركيبة الحاليّة قرّروا التوقيع على الفراغ الرئاسي».

الموسوي

وفي سياق تصعيديّ آخر، سألت «الجمهورية» عضوَ «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب حسين الموسوي ماذا سيقول الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله غداً، فأجاب: سنسمعه سويّةً، ولكلّ مقام مقال، وهو المقال المسؤول الحريص على لبنان والأمّة جميعاً، وإنْ عجزَ الآخرون عن فهم هذه الحقيقة فعسى أن يفهموها».

وأكّد أنّ الامين العام يأخذ الموقف المسؤول بتشخيص مصلحة الأمّة العربية والاسلامية ومن ضمنها لبنان، ويرسم مستوى الخطاب ولهجته ومضمونه، والكلام عن التوتّر والانفعال وما شابَه ذلك افتراءٌ لا محلّ له، لا شيء اسمُه انفعال، فهناك أمور تحدث تدفَع الى الغضب، والتعبير عن الغضب عندما يكون لصالح الأمّة ومصير الأجيال والقضايا المقدّسة ودفاعاً عن شعب اليمن المذبوح والشعب السوري المذبوح وكذلك الشعب العراقي والفلسطيني، فالذي لا يغضب أمام هذا الذبح لا يكون شاعراً بمسؤولية، وهذا ما يجعل الخطاب في نظر البعض غيرَ مفهوم، لكن هذا أمر طبيعي.

وشدّدَ الموسوي على أنّ «الحوار ضرورة لا بدّ من الاستمرار فيها، والقناعات والمواقف السياسية عند الطرفين يبدو أنّها غير قابلة للتبدّل، وبالتالي اتّفقَا على أنّه لا بدّ من الحوار من أجل الهدوء وتخفيف الاحتقان مع الاستمرار في تعبير كلّ طرف عن موقفه بما يراه صحيحاً ومناسباً.

أضاف: «صحيح أنّ البعض يستغرب كيف يمكن الجمع بين الهجوم الذي يكون كاسحاً أحياناً بما يمكن ان يؤدي الى توتّر، وبين ان نجتمع لكي لا يكون هناك توتّر؟ إذن هذا وضع لبنان، إنّها ميزة وصيغة وحالة ربّما يعيشها لبنان فقط لأنّ الناس يستطيعون أن يتعايشوا هكذا، وإنْ دلَّ ذلك على شيء فإنّه يدلّ على واقعية ممزوجة بالحِكمة والشعور بالمسؤولية.

نحن نتمنى ان لا تكون المواقف حادّة ومنَفّرة في أيّ حال من الاحوال، هذا ما نرجوه، لكنّه أمر صعب التحقّق في ظلّ وضع يشتعل في المنطقة بالأزمات والمواجهات والحروب التي لا بدّ أن تتركَ أثرَها على لبنان».

وعن الطرف المستفيد أكثر من الحوار، وهل إنّ قواعد الطرفين مقتنعة به، أكّد الموسوي أنّ «كِلا الطرفين متمسّكان به، والقيادات تعَبّر دائماً عن لزوم هذا التمسك، فمِن أضعف الايمان ترك الامور في مستوى التعبير عبر الإعلام الحر بدل التعبير في الشارع. والقاعدة عموماً تكون اقرب الى الواقع العاطفي وردّات الفعل وعدم القدرة على تحَمّل ما يُسمَع في وسائل الاعلام، لكنّ الأحزاب والتكتّلات الشعبية والحزبية لديها القدرة والإمكانية على الضبط، معوّلةً على ثقة الجمهور بالقيادة، هذه الثقة التي تجعل الامور ممسوكة ومنضبطة.

هناك طرف أبدى استعدادَه للحوار وطرفٌ آخر وافقَه على ذلك، وهذا أمر جيّد يدلّ على إرادة وحكمةٍ، وكلا الطرفين يستفيدان منه، فيما المستفيد من الخَلل الأمني هم أعداؤنا المشتركون».

عسيري

وفي سياق الحراك السياسي الذي يقوم به وبعد خطاب وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الداعم للملكة العربية السعودية، زار السفير السعودي علي عواض عسيري أمس رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة والمشنوق.

الراعي والسفَراء

من جهة ثانية، وفي سياق الضغط المتواصل الذي تمارسه بكركي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، علمَت «الجمهورية» أنّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي دعا السفراء الى بكركي سيتلو كلمةًَ أمامهم بعيدةً من الإعلام ستُركّز على المساعدة الدولية لانتخاب رئيس وستكون عالية اللهجة، وبمثابة تقرير سيُرفَع الى دوَلهم لوضعهم في أجواء التأخّر في انتخاب رئيس، وستكون عوضَ ورقةٍ مكتوبة ستُسَلّم اليهم.

وعلمت «الجمهورية» أنّ الرئيس السابق نيكولا ساركوزي اتّصلَ أمس طالباً موعداً للقاء الراعي أثناءَ زيارته باريس، عِلماً أنّ ساركوزي يلعب دوراً سياسياً في فرنسا حتى بَعد خروجه من الإليزيه.

ومن المتوقع أن يقوم الراعي وساركوزي بجولة أفق حول الوضع الاقليمي ووضعِ المسيحيّين في المنطقة عموماً ووضع مسيحيّي لبنان والفراغ الرئاسي خصوصاً، إذ إنّ ساركوزي سيشدّد على استعجال انتخاب رئيس. ويأتي طلبُ ساركوزي لقاءَ الراعي في سياق سياسة فرنسا القديمة الجديدة بتعزيز العلاقات مع الموارنة، إذ إنّها علاقات استراتيجية بصرفِ النظر ما إذا كان الرجل في الإليزيه أو خارجَه.

وفي هذا السياق يؤكّد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض لـ«الجمهورية» أنّ الاجتماع يأتي في سياق حراك بكركي الدائم لانتخاب رئيس، إذ لا شيء جديداً في الأفق، لذلك الاجتماع ضروري لتحريك الدوَل التي لم تتحرّك حتى الآن.

ولفتَ إلى أن لا علاقة بين الاجتماع وزيارة فرنسا التي سيَبحث الراعي وهولاند فيها ملف الرئاسة وشؤوناً تخصّ مسيحيّي الشرق ولبنان. ونفى في المقابل أن يطرح الراعي أسماءَ مرشحين أمام السفراء وأمام هولاند بل همُّه انتخاب رئيس فقط.

إقفال أبواب التفجير في عين الحلوة

وعلى المستوى الأمني، ولكن من باب المخيّمات الفلسطينية، أثار مشهد مخيّم اليرموك في دمشق مخاوف أمنية فلسطينية – لبنانية من ان ينسحب على مخيّمات لبنان وتحديداً مخيّم عين الحلوة القابل للاشتعال في أيّ لحظة.

من هنا ركّزَ الاجتماع بين وفد من الفصائل الفلسطينية والقوّة المشتركة في المخيم والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي عقد الاجتماع في مكتبه أمس، على اتّخاذ كلّ التدابير وإقفال كلّ الأبواب أمام احتمال أيّ تفجير في عين الحلوة.

وكشفَت مصادر فلسطينية إسلامية بارزة لـ»الجمهورية» أنّ اللواء ابراهيم أبدى حِرصه الشديد على مخيم عين الحلوة كونه عاصمة الشَتات وأكبر المخيمات الفلسطينية، ودعا القوة الفلسطينية الى المحافظة على المخيّم كي لا يتحول الى يرموك جديد في لبنان.

وقال ابراهيم لوفد الفصائل: هناك مؤامرة عليكم وعلى القضية الفلسطينية لجعلِها في المراكز الدنيا من الاهتمام، وبدأنا نسمع كلاماً عن صراع

فلسطيني – إسرائيلي وليس عربي – إسرائيلي، في محاولة لدفعِ العرب الى التخَلّي عن أدوارهم وسَلخ القضية الفلسطينية عن القضايا العربية.

وانطلاقاً من هنا، أعتبرُ أنّ أمن المخيّم هو جزء من الامن اللبناني ومن الامن العربي، فالامن العربي – الفلسطيني متداخل على مرّ السنين، حافِظوا على المخيم وكلُّ مشاكلِكم قابلة للحلّ، لكن إذا ضاع المخيم ضعتم وضاعت القضية، وتكونون بذلك قد شرّعتم الابواب لمؤامرة كبيرة عليكم واستُدرِجتم لفتنة بهدف شطب حقّكم في العودة وإفساح المجال للقوى التكفيرية بأن تصبحَ رائدةَ المخيمات الفلسطينية، وتتحوّل قضيتكم من قضية حق إلى قضية إرهاب، تماماً كما حصل في مخيم اليرموك.

وحذّرَ ابراهيم الفصائل الفلسطينية من انّ جريمة قتل مروان عيسى كان هدفها جرّ المخيم الى ردّة فعل واستدراجه للدخول في توتّرات امنية كبيرة تهيّئ لمناخ يَسمح للقوى التكفيرية بالسيطرة عليه، وتفجّر الاوضاع في محيطه.

ووعَد ابراهيم بدرس كلّ طلبات الوفد مع المسؤولين في الدولة اللبنانية، طالباً منهم عدمَ التعاطي بسلبية مع «الاونروا»، لأنّ هناك من يَدفع لافتعال مشاكل بين الشعب الفلسطيني وبينها لإقفالها، وهي الشاهد الدولي على أحقّية قضيتكم. ودعاهم الى تسليم جميع المطلوبين والخارجين عن القانون الذين يهدّدون أمنَ المخيّم، وآخرهم مرتكبو جريمة قتل مروان عيسى، لأنّهم معروفون بالأسماء.

بدوره، أكّد وفد الفصائل أنّ القوة الأمنية ستعزّز إجراءاتها وستضاعف تدابيرَها من أجل الحفاظ على أمن المخيّم، وهي ستقوم بواجباتها تجاه الدولة اللبنانية لجهة تسليم المطلوبين، ولكن في المقابل طالبَ الوفد بحلّ ملف المطلوبين الفلسطينيين للقضاء اللبناني بجرائم إمّا سَقطت مع مرور الزمن وإمّا تجاوزَتها الظروف، وهم بحدود 90 مطلوباً، منهم مَن كان ضمن عداد الوفد الذي شاركَ في الاجتماع، بينهم أمير عصبة الأنصار الشيخ ابو طارق، وقائد القوّة الأمنية المشتركة في لبنان اللواء منير المقدح.

كما طالبَ الوفد بتسوية أوضاع نحو 50 فلسطينياً انتهت مدّة إقامتهم وباتوا مطلوبين للقضاء اللبناني لهذا السبب، وكذلك مساعدة مخيّم عين الحلوة بتحَمّل أعباء النازحين الفلسطينيين وتأمين مستلزمات حياتية لهم.

ووعدَهم اللواء ابراهيم بالمساعدة، كاشفاً لهم أنّ الأمن العام سيُصدر العام المقبل قانوناً جديداً يتيح لهم حيازة جوازات سَفر جديدة وهويات مختلفة.

وعلمَت «الجمهورية» أنّ الاجتماع تناولَ أيضاً ملف مخيّم نهر البارد وإعادة إعماره، خصوصاً أنّ هناك 10 آلاف فلسطيني في عين الحلوة ينتظرون العودة إليه. وفي المعلومات كذلك من مصادر فلسطينية نافذة في المخيم أنّ العمل يجري لتسليم المطلوب شادي المولوي في مدّة لا تتعدّى نهاية الشهر الجاري.

مجلس وزراء للموازنة

وفي العاشرة من قبل ظهر اليوم يَنعقد مجلس الوزراء في السراي الكبير، في جلسة اقتصادية وماليّة بامتياز، نتيجة حصرها بملفّ موازنة العام 2015 ومشاريع طارئة أخرى.

وقالت مصادر وزارية إنّ المجلس سيتناول من خارج جدول الأعمال مقترَحات وزير الزراعة أكرم شهيّب بشأن البدائل لقطعِ الطريق البرّية من لبنان إلى الأردن ومنه الى دوَل الخليج العربي والمملكة العربية السعودية والعراق عند الحدود السورية – الأردنية منذ أن سيطرَت مجموعات مسلّحة من «الجيش السوري الحر» و»النصرة» على معبَر نصيب بين البلدين.

وذكرَت أنّ شهيّب أعَدّ مشروعاً متكاملاً للبدائل، وهي بَحرية عبر استخدام العبّارات الحاملة للشاحنات والمستوعبات من أيّ مرفأ لبناني عبر الإسكندرية فقناة السويس ومنها إلى مرافئ ينبع وجدّة السعوديين والعقبة في الأردن، مع تقدير الكلفة المقدّرة والتي تزيد بنسبة تتراوح بين 20 و30 % من كلفة النقل البرّي، ويزيد توقيت الرحلة ضعفين على الأقلّ.

وأشارت المصادر الى أنّ مجلس الوزراء سيدرس اقتراحاً آخر باستخدام «طائرات الكارغو» الخاصة بالشحن الثقيل لنقلِ الفواكه والمواد الغذائية التي لا تحتمل العبور البحري لمدّة تزيد على تسعة أيام أو أكثر. وسيَبتُّ بالاقتراحات هذه وباقتراح مكمّل لوزير الصناعة حسين الحاج حسن الذي قال بأن تدفع المؤسسة الوطنية لتشجيع الاستثمار (إيدال) كلفةَ النقل البحري الى حين استعادة الحركة البرّية طبيعتَها، والذي أرجِئ بتُّه الى حين مناقشة اقتراح وزير الزراعة واللجنة الوزارية والإدارية والديبلوماسية التي عاونَته في إعداد التقرير عن البدائل.