Site icon IMLebanon

 يوم لبناني-أرمني بامتياز وقلق أممي على الإستقرار والحوار لحماية لبنان

ترَكّزَ الاهتمام أمس على أكثر من ملف وقضية وموقف. فعاش لبنان يوماً أرمنياً بامتياز في الذكرى المئوية للإبادة، فيما واصَل الرئيس سعد الحريري لقاءاته في واشنطن، فالتقى نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، وكانت له مواقف بارزة في دلالاتها ومؤشّراتها ومؤدّياتها، أبرزُها تأكيدُه أنّ «مركز قيادة الجيش بأهمّية موقع رئاسة الجمهورية، وفي هذا الأمر ليس هناك مجالٌ للتسوية، ومصلحةُ الجيش والوطن هي الأساس، فضلاً عن تجديده التأكيدَ بأنّه سيعمل ما في وسعِه رغمّ كلّ شيء لحماية لبنان. وليس بعيداً من مناخ الحوار والاستقرار، كثّفَ ممثّلو الأمم المتحدة والهيئات الدولية في بيروت جولاتِهم على القيادات السياسية والرسمية والحزبية بُغية دعوتِهم لعدم الاستخفاف بحجم التطوّرات في المنطقة وإمكان انعكاساتها سَلباً على التطوّرات في لبنان، وحَضّهم على انتخاب رئيس جمهورية جديد واستمرار الحوار لتعزيز أجواء الاستقرار التي تعيشها البلاد. وفي موازاة ذلك، وعشيّة الذكرى العاشرة لخروج الجيش السوري من لبنان، أعلنَ عن وفاة رئيس شعبة الأمن السياسي اللواء رستم غزالة. وعلى رغم انتفاء التأثير السوري على لبنان نهائياً، إلّا أنّ خبر وفاة غزالة استأثرَ باهتمام الوسط السياسي والإعلامي والشعبي ربطاً بالدور الذي أدّاه، والأسرار التي دُفِنت معه وكان يمكن أن تكشفَ النقاب عن مرحلةٍ مفصلية من تاريخ لبنان شهدَت جريمة العصر باغتيال الشهيد رفيق الحريري.

في الوقت الذي اكتفى فيه النظام السوري بالإعلان عن وفاة غزالة على أثر وعكة صحية، أكّدت مصادر المعارضة السورية أنه توفي إثر خلاف حاد مع رئيس الأمن العسكري رفيق شحاده قبل نحو شهر أدخله في موت سريري، وطرحت بعض المواقع فرضية تصفيته من الرئيس السوري شخصياً.

ويُعدّ غزالة أحد أبرز أعمدة النظام الأمني والذي يتهمه اللبنانيون بأنه عاثَ فساداً في لبنان حين كان رئيساً للمخابرات العسكرية السورية قبل انسحاب القوات السورية عام 2005، ووُجهت إليه الأصابع في المشاركة مع غيره من رجال النظام في اغتيال الرئيس الشهيد الحريري عام 2005. ولكنّ الثابت والأكيد انه بموت غزالة طويت صفحة أليمة من تاريخ لبنان كان الأمل بأن يُصار إلى كشف فصولها في المحكمة الدولية وصولاً إلى الحقيقة التي تشكّل المدخل للمصالحة الوطنية.

الاتفاق النووي

وحملت الساعات الاخيرة تطوّراً على خط الاتفاق النووي بين ايران ودول الغرب، إذ اعلنت طهران انّ مسار صَوغ نص الاتفاق يسير ببطء ولكن بشكل جيد إجمالاً، وانّ الجانبين الاميركي والاوروبي قدّما ايضاحات جيدة بشأن إلغاء الحظر.

الحريري

وأمّا لبنانياً، فالبارز أمس المواقف التي أطلقها الحريري من العاصمة الأميركية حيث يتابع زيارته لليوم الثالث على التوالي، وذلك بتأكيده على الثوابت اللبنانية وتشديده على الاستقرار، وقال: «إننا نحارب قوى التطرّف على اختلافها سواء كان اسمها «حزب الله» او «القاعدة»، ومشروعنا يقوم على فكرة بناء الدولة ودعم الاعتدال الذي يتعارض مع سياسات الفوضى التي يمارسها الحزب، سواء من خلال إعاقة الحياة السياسية في لبنان أو من خلال مشاريع التوسّع التي يقوم بها في المنطقة، وخصوصاً في سوريا والعراق واليمن».

واضاف: «نحن نجري حواراً في لبنان مع «حزب الله»، البعض ينتقده ويتساءل ماذا ينتج عنه وماذا نستفيد منه؟ ما نستفيد منه انه يعالج حالة الاحتقان في البلاد، ويشكل في مكان ما صمّام أمان لكل اللبنانيين الذين يخشون من تجدد الحرب الاهلية.

نحن من المستحيل ان نوافق حزب الله على السياسات التي يتّبعها أكان ذلك داخل لبنان او خارجه، ونحن ضد ما يقوم به في سوريا والعراق واليمن، ولكن هذا لا يمنع ان نعمل ما في وسعنا لحماية لبنان. لقد شهد لبنان حرباً أهلية دامت 18 سنة، وأسفرت عن سقوط 200 الف شهيد. نحن واعون لهذا الامر ويفترض انهم كذلك ايضاً، والخلاف السياسي يجب ان يحلّ من خلال الحوار».

واكد الحريري انّ مركز قيادة الجيش هو بأهمية موقع رئاسة الجمهورية، وفي هذا الامر ليس هناك مجال للتسوية، ومصلحة الجيش والوطن هي الاساس.

قهوجي عند سلام

أمنياً، تابع رئيس الحكومة تمام سلام أمس مع قائد الجيش العماد جان قهوجي الاوضاع الامنية في البلاد وشؤون المؤسسة العسكرية.

وسياسياً – اغترابياً، زار وفد من «مجلس العمل والاستثمار اللبناني» في المملكة العربية السعودية سلام، شارحاً له «استياء الجالية اللبنانية من التطاول على المملكة العربية السعودية وقادتها».

وأبدى رئيس الحكومة تفهّمه الكامل لهواجس اللبنانيين المقيمين في دول الخليج وفي المملكة العربية السعودية. كما زار الوفد سفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي عواض عسيري، في دارة السفارة الذي رحّب بالتحرّك. واختتم جولته بزيارة رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير.

مخاوف أمميّة على الاستقرار

وفي هذه الأجواء كثّفَ ممثّلو الأمم المتحدة والهيئات الدولية في بيروت جولاتهم على القيادات السياسية والرسمية والحزبية لتعميم رسالة موجّهة الى القادة اللبنانيين تتحدّث عن الحاجة الى انتخاب رئيس جمهورية جديد لتعزيز أجواء الاستقرار التي تعيشها البلاد في خضمّ التطوّرات المأساوية في المنطقة، ولا سيّما الوضع في سوريا والعراق، وحجم الإنعكاسات السياسية والإقتصادية على الساحة اللبنانية.

وقالت مصادر مطّلعة على مضمون الرسالة إنّ المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ التي واصَلت جولاتها والتقَت رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل عبّرت عن اهتمام الأمين العام للأمم المتحدة بالوضع اللبناني ودعوته كلّ القيادات اللبنانية للتفاهم من أجل معالجة الأمور العالقة، لا سيّما موضوع انتخاب رئيس جديد وانعكاسات الحدث على الحياة الدستورية في لبنان، واستعرضَت الأسباب التي ترفع من منسوب القلق لدى المجتمع الدولي نتيجة التطوّرات الجارية في المنطقة.

وفُهِم أنّ كاغ حذّرت المسؤولين من الاستخفاف بحجم التطوّرات في المنطقة وإمكان انعكاساتها سَلباً على التطورات في لبنان وأيّ منطقة طالما إنّ الأمور بلغت هذه الحدّة من الصراعات الدموية في أكثر من دولة.

ونبّهَت إلى ضرورة أن يتمّم لبنان استحقاقاته الدستورية ليكون مهيَّأً لمواكبة التطورات المقبلة، ذلك أنّ الحروب ستنتهي في النتيجة وسيبدأ عصر الحوار والحلّ السياسي، وسيكون على لبنان ان يكون حاضراً بكامل مؤسساته الدستورية ليحفظَ مكانتَه وحقوقه في المنطقة .

«حزب الله»

أمّا «حزب الله» فأكّد بلسان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: «إنّ مَن كان ينتظر انتخابَ رئيس الجمهورية نتيجةً للتطوّرات الإقليمية، نقول له: بأنّها بعيدة جداً، لأنّ التطورات لن تكون لمصلحته، والخيار الوحيد المطروح أمام اللبنانيين أن يتّفقوا.

أضاف: «نحن أعلنّا بوضوح بأنّ خيارنا بالرئاسة خيار لبنانيّ، ولكنّ جماعة 14 آذار ينتظرون الأوامر السعودية من أجل أن يقرّروا في مسألة الرئاسة، وقرارُهم ليس بيَدِهم، وعلى هذا الأساس هم يعطّلون انتخابات الرئاسة، وعلى هذا الأساس الأمرُ طويل إذا كانوا سيعتمدون على رهانات خاسرة لطالما دخلت فيها السعودية في سوريا وفي المنطقة وفي كلّ المواقع».

الرئيس الإيرلندي في بيروت

على صعيد آخر، كشفَت مصادر ديبلوماسية أوروبية واسعة الاطّلاع لـ»الجمهورية» أنّ الترتيبات انتهَت في بيروت والجنوب اللبناني حيث مقرّ قيادة القوات الدولية العاملة في الجنوب لاستقبال الرئيس الإيرلندي مايكل هيغينز الذي سيصل إلى بيروت مساء غد الاحد في زيارة رسمية تستمر يومين.

ومن المقرّر أن يلتقي هيغينز رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة ويتفقّد قوات بلاده في الجنوب اللبناني حيث تعمل قوّة ايرلندية في نطاقها منذ بداية المهمّة التي تقوم بها هذه القوات في الجنوب منذ ثلاثة عقود.

وقالت المصادر إنّ الرئيس الإيرلندي يزور بيروت للمرّة الثانية منذ توَلّيه مهامَّه في بلاده قبل عامين ويسعى إلى تعزيز العلاقات بين بلاده ودوَل البحر الأبيض المتوسط وخصوصاً على المستوى التجاري والاقتصادي.

سجن رومية

في سياق آخر، ظلّت عملية سجن رومية الأمنية في صدارة المتابعة والاهتمام، وقد حظيَت بتأييد من الحريري الذي أكّد دعمَه الكامل لقرار وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق» والعمل الشجاع الذي قامت به القوى الامنية وشعبة المعلومات حيث تمّ إنهاء الحالة الشاذة وإعادة الامور الى طبيعتها». وقال الحريري: «ليس المطلوب، كما يحاول البعض، التهاون مع أيّ حالة تمرّد وإعطاء جوائز ترضية لمن يقوم بها».

ومن المقرّر أن يعقد المشنوق مطلعَ الأسبوع المقبل مؤتمراً صحافيا يتحدّث فيه عن عملية رومية، وهو كان تابعَ مسألة التحقيق بما حدث، وطالبَ بالإسراع في إنهاء التحقيق لتحديد المسؤوليات. وأمرَ بالتحقيق بالكلام عن تجاوزات تحصل أثناء سَوق الموقوفين بسجن رومية إلى القضاء. في هذا الوقت، واصَل أهالي السجناء الإسلاميين حراكهم في الشارع، فاعتصموا في طرابلس بعد صلاة الجمعة.

مدرَج لـ«الحزب» بقاعاً

على صعيد آخر، ذكرَت مجَلة «جينز» العسكرية البريطانية المتخصّصة في الشؤون الدفاعية، عن قيام «حزب الله» بإعداد مدرج للطائرات إلى الشمال من وادي البقاع، سيكون على الأرجح مخصّصاً لطائرات الإستطلاع من دون طيّار، وإنّ مدرج الطائرات هذا يقع في منطقة غير مأهولة، على بُعد 10 كيلومترات إلى الجنوب من بلدة الهرمل و18 كيلومتراً إلى الغرب من الحدود مع سوريا، وهو عبارة عن طريق غير معبَّد بطول 670 متراً وعرض 20 متراً.

سكّرية

وفي الوقت الذي بدأت فيه الدوائر المختصة استقصاءَ حقيقة ما نُشِر، خصوصاً أنّ المجَلة المذكورة تتمتّع بصدقية مهنية، فضلاً عن أنّه ليس خافياً على أحد بأنّ بحوزة الحزب طائرات استطلاع من دون طيّار، استوضَحت «الجمهورية» عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» العميد المتقاعد النائب وليد سكّرية حقيقةَ ما ورَد في المجلة، فنفى ما نُشِر مؤكّداً أن لا أساس له من الصحّة. وقال: «المنطقة التي تحَدّدت لا يوجد فيها أيّ مدرج، ولو كان هناك مدرج أو عمل ما لإنشائه لكانَ جميع سكّان سَهل بعلبك قد شاهدوه بأمّ العين».

وأضاف: «الموقع المحدّد في المجلة، أي 10 كلم جنوب الهرمل و18 كلم غرب الحدود اللبنانية السورية، تقع فيه قريتي، الفاكهة، والرقعة الجغرافية الممتدّة من منطقة سهل رأس بعلبك والفاكهة والعين أرضٌ زراعية ومعظمها بساتين، أمّا الأرض غير المزروعة، فكلّ شخص يتجوّل في المنطقة يدرك أن لا صحّة لهذا الكلام نهائياً.

ولو كان هناك مدرجٌ من هذا النوع لكان الأهالي الذين يتجوّلون في منطقتهم تحدّثوا عنه، فإخفاؤه غيرُ ممكن عن عشر بلدات من رأس بعلبك الى الفاكهة الى زبّود العين ووادي فعرا، كلّ هذه البلدات تحيط بالبقعة التي حَدّدتها المجلة، والسهل يقع بين هذه القرى، وآلاف الأشخاص يتجوّلون في الارض، عدا الصيادين الذين يقصدونها من بيروت. فلا أحد شاهدَ وجودَ مدرج مطار في هذه الأرض أو لاحظَ عملاً لإقامة مدرج».

وتابَع سكّرية: «لا أعرف مغزى ما أوردَته المجلة، فهل تريد القول إنّ لدى الحزب طائرات مسيّرة قد يستخدمها، وأين؟ هل في سوريا أم ضد إسرائيل؟ حسَناً، الحزب موجود في سوريا ويقاتل ضد إسرائيل وقد يَستخدم هذه الطائرات في البلدَين في خدمة عملياته العسكرية».

وذكَّرَ سكّرية أخيراً بأنّ طائرةً مسيّرة للجيش اللبناني تحَلّق في سماء شمال منطقة بعلبك لمراقبة الإرهابيين في جرود عرسال وهذه الطائرة معطاة له من أميركا.

يوم أرمنيّ بامتياز

على صعيد آخر، عاش لبنان أمس يوماً أرمنياً بامتياز، حيث أحيا أرمن لبنان الذكرى المئوية للإبادة، فانطلقت مسيرة من كاثوليكوسية الأرمن الأرثوذكس في انطلياس باتّجاه ملعب برج حمّود، حيث أقيمَ مهرجان مركزي بحضور شخصيات حزبية وسياسية وممثّلين عن رئيس مجلس النواب والحكومة ووفد من حزب الله. سبقَ المسيرة قدّاس أقيم في الكاثوليكوسية بحضور شعبي كبير.

من ناحيته، طالبَ النائب آغوب بقرادونيان في احتفال الذكرى المئوية للإبادة الأرمنية تركيا بالاعتراف بمسؤوليتها من أجل تحقيق العدالة والتعويض المعنوي والسياسي والمادي والجغرافي. وركَّزَت المواقف والكلمات على ضرورة اعتراف تركيا بالمجزرة وإحقاق العدالة.

وفي العاصمة الأرمينية يريفان أحيا الأرمن الذكرى المئوية للمجازر وأقيمت مراسم الاحتفال الكبير في المكان الذي شُيِّد فيه نصبُ الشهداء، بحضور قادةٍ من دوَل العالم، أبرزُهم الرئيسان الفرنسي فرانسوا هولاند والروسي فلاديمير بوتين. وعدد من زعماء وممثّلي الدوَل الأجنبية.

وقال الرئيس الأرمني سيرج سركيسيان إنّه «من واجبنا الأخلاقي، ولزامٌ علينا أن نتذكّر 1,5 مليون من الأرمن الذين تعرّضوا للقتل ومئات آلاف الأشخاص الذين عانوا الأهوال»، داعياً الرئيسَ التركي رجب طيّب أردوغان إلى القيام بخطوة «أقوى».

أوباما

وأكّد الرئيس الأميركي باراك أوباما أنّ المجازر التي تعرّضَ لها الأرمن في عهد الأمبراطورية العثمانية هي أولى الفظائع الجماعية في القرن العشرين. وقال إنّ «الأرمن تعرّضوا للترحيل والقتل واقتِيدوا إلى الموت، وأزيلت ثقافتُهم وإرثُهم»، مشيراً إلى أنّه «وسط أعمال العنف المرَوّعة هذه، التي شهدَت معاناة من جميع الجوانب، هلكَ مليون ونصف مليون أرمني».

وأضاف: «في هذه الذكرى المئوية الجليلة، نقف مع الشعب الأرمني في تذكُّرِ ضحاياه، ونتعهّد بأنّنا لن ننساهم، ونحن نُلزِم أنفسَنا بالتعَلّم من هذا الإرث المؤلِم، لتفادي تكرارِه مِن قبَل الأجيال الصاعدة».