Site icon IMLebanon

هولاند للراعي: مُستعدّون لمبادرات في شأن الاستحقاق الرئاسي

فيما التعطيل يقترب يوماً بعد يوم من «الشمولية» وتستمرّ المحاولات لكبحِه عبر تأمين انعقاد الجلسة التشريعية قريباً، والتي لن يقبلَ رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلّا أن تكون ميثاقية بنصابها. وفي انتظار تبَلوُر ما عاد به البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي من لقائه مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند حول الاستحقاق الرئاسي، خرَقت المشهدَ السياسي مواقفُ ناريّة لرئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون الذي «طفحَ كيله»، فجاءَت مواقفَ ـ رسائل عالية النبرة في اتّجاه الحلفاء والخصوم في آن معاً، فهو مِن جهة زهدَ في ترشيحه لمصلحة «رئيس قوي» وتمسّكَ في الوقت نفسِه بترشيح نفسِه مؤكّداً «أنّنا لسنا «عِياري». وفي الوقت الذي زهدَ أيضاً بترشّح صهرِه العميد شامل روكز لقيادة الجيش، طالبَ بـ»تعيين قائد للجيش وفقاً للدستور والقوانين»، ولمَّحَ إلى إمكان انفكاكِه عن حلفائه بقوله إنّ «من يتركني أتركه».

فاجأ عون الوسطَ السياسي بعد ظهر أمس بمواقف ساخنة من ملفّي الاستحقاق الرئاسي والتعيينات الأمنية والعسكرية، واضعاً فيها النقاط على الحروف، فاعتبَر «أنّ الدولة اللبنانية هي في حالة من الإنهيار، لا بل أصبح هناك «شكل دولة»، كالجسم الذي يموت ولا يبقى منه إلّا «هيكله العظمي».

وشدّدَ على ضرورة انتخاب رئيس قوي لديه صفة تمثيلية ويستطيع أن يكون مرجعيّة للطائفة التي يمثّلها ضمن هذا النظام الطائفيّ الذي نعيشه في لبنان». وسأل: «لماذا يقولون دائماً «العماد عون»، ولماذا يأخذون الأمور بطريقة «شخصيّة»؟!

هل تتّبعون هذه الطريقة لكي تقتلوا الصفات التي يجب أن تكون حاضرة في الرئيس..؟!» وأكّد «أنّ الأيّام التي كان يأتي فيها «خيال» رئيساً للجمهوريّة ممنوعةٌ اليوم، نحن موجودون، ونحن أسَّسنا لبنان، لسنا «عياري» في هذا البلد، ما يخصّنا نريد أن نحصل عليه لا أن يأخذه أحد غيرنا، فمراكزُنا ليست «شحادة».

واعتبَر عون «أنّ ما يحصل اليوم، هو السعي لإفراغ رئاسة الجمهوريّة من القرار، وإفراغ قيادة الجيش من الكفايات، وهذا يَحصل باشتراك الجميع في تكوين هذه اللعبة». ورأى «أنّ كلّ الهدف من عمليّة التمديد، هو لإبعاد بعض الأشخاص والإبقاء على أشخاص آخرين».

ولفتَ إلى أنّ «كلّ ما يُحكى عن موضوع التعيينات غير صحيح». وأوضَح أنّه لم يقُل يوماً إنّه يريد شامل روكز قائداً للجيش، «إنّما طالبتُ بتعيين قائد للجيش وفقاً للدستور والقوانين، بالإضافة إلى إعفاء مَن هم غير شرعيّين من مناصبهم». وقال: «هل تعلمون أنّه مِن الممكن الطّعن بكلّ تواقيع قائد الجيش، لأنّ تعيينه غير شرعي؟

هل تعلمون أنّ المجلس العسكري غير موجود لأنّه ليس هناك من نصاب؟ كيف تُتّخذ القرارات في أكبر مؤسسة لبنانية، أي الجيش الذي يضَع اللبنانيون كلَّ آمالهم عليه؟ هل تُتّخَذ بشكل غير شرعي؟ لماذا؟

هل يجوز أن يكون لدينا 500 عميد في الجيش ولا يمكن أن يكون أحدُهم قائداً للجيش؟ إنْ كان الأمر كذلك، فليحلّوا المؤسسة العسكرية». ونَبَّه إلى أنّ «الموضوع غير قابل للبَحث، والتمديد ممنوع»، وأكّد أنّ كلّ الإجراءات متاحة في مواجهة التمديد لقادة الأجهزة الأمنية من دون أن نعَدّدها».

وعن موقف حلفائه، قال عون: «لقد قلتُ إنّ هذا الأمر هو قراري، لذلك فلا تسألوني عن غيري. فإمّا أن يسير غيري معي أو يسيرَ ضدّي. هذا هو قرار تكتّل التغيير والإصلاح، ولم آخُذه بالتّشاور مع أحد. لقد أتّخَذتُ هذا القرار، نسبةً لموقعي في السياسة اللبنانية. وكما يمكن أن تتركني الناس، أستطيع أنا أيضاً أن أتركها، وكلّ مَن يسير معي يمكنني أن أسيرَ معه، لأنّ الأمر لم يعُد يحمل أكثرَ مِن ذلك، بلغَ السَيل الزبى، وقد طفَح الكيل».

إستعداد فرنسي

في غضون ذلك، أكّدَ الرئيس الفرنسي للبطريرك الراعي خلال لقائهما في قصر الإليزيه استعدادَ فرنسا للقيام بمبادرات في المحافل الدولية لتسريع إنجاز الاستحقاق الرئاسي». وأوضَح أنّ «فرنسا لا تتدخّل في الأمورالداخلية اللبنانية، لكنّها تعتبر أنّ انتخاب الرئيس يساعد على انتظام عمل المؤسسات الدستورية».

وكان الراعي الذي عاد من باريس مساء أمس سَلّمَ هولاند مذكّرةً تتضمن موقفَ البطريركية المارونية والكنيسة من الأوضاع في المنطقة، وتمنّى عليه «مساعدة لبنان لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت، والعمل على تأمين المساعدات اللازمة للنازحين السوريين».

وتناولَ اللقاء بين هولاند والراعي، الذي بدأ بخلوةٍ ثنائية دامت خمساً وأربعين دقيقة تلاها لقاءٌ انضمّ إليه عدد من مستشاري هولاند، الأزماتِ الإقليمية والحروبَ الدائرة وضرورة إنهائها بالطرق السلمية، وملفَّ النازحين وتداعياته على لبنان، ودورَ لبنان كعنصر استقرار، وأزمة الفراغ الرئاسي والعمل على انتخاب الرئيس في أسرع وقت مع جميع المعنيين في الداخل والخارج. كذلك تناوَل اللقاء أهمّية الحضور المسيحي في الشرق الأوسط والعلاقات بين البطريركية المارونية وفرنسا.

برّي والتشريع

مِن جهة ثانية، سُئل برّي أمس: هل مِن جديد في شأن الجلسة التشريعية المَنوي عقدُها؟ فأجاب: «إنّني أسمع مِن «التيار الوطني الحر» كلاماً جميلاً ولكنّني آمل أن يتحوّل موقفاً. وغداً (اليوم) يمكن أن يشارك وفد من التيار في لقاء الأربعاء النيابي.

وقد لاحظتُ من مواقف من نوّاب «التيار» أنّ لديهم ملاحظات على جدول أعمال الجلسة التشريعية وليس على المشاركة فيها، ومِن بين هذه الملاحظات عدم إدراج مشروع قانون استعادة الجنسية للمغتربين الذي كان فاتحَني به وزير الخارجية جبران باسيل، وقلت له إنّني أريد منه أكثرَ ممّا تريدون أنتم، لأنّ استعادة المغتربين الجنسيةَ يخفّف الطائفية والمذهبية، ونسترجعهم الى البلد ليشاركوا في نهضته.

لكنّ هذا المشروع كان لدى اللجنة النيابية المختصّة، فتأخّرت في إنجازه، ولأنّ النظام الداخلي يتيح لرئيس المجلس عند التأخير في بَتّه إحالتَه الى اللجان النيابية المشتركة، فأحَلتُه الى هذه اللجان، وإذا لم يُنجَز من الآن وحتى موعد الجلسة فيمكن إدراجه في جدول أعمال جلسة لاحقة، وليست لدى رئيس المجلس صلاحية سحب هذا المشروع من اللجان النيابية وإدراجه في جدول الأعمال ما لم تكن قد أقرَّته».

وأكّد برّي أمام زوّاره إصراره على عقد الجلسة التشريعية وتمسّكه بميثاقية انعقادها، وقال: «يريد البعض أن يجرَّني إلى مكان آخر، أي تجاوز الميثاقية، فكما طبّقتُها عندما تغَيَّبَ النواب السُنّة فسأفعل ذلك مع النواب المسيحيين إذا غابوا، لكن يجب أن يعلم الجميع أنّ النصاب القانوني للجلسة النيابية مؤمّن وحَبّة مسك.

وهناك كتلٌ وأطرافٌ ممّن يُعتقَد أنّهم سيقاطعون الجلسة أبلغوا إليّ أنّهم سيشاركون فيها. لكنّ تمسّكي بالميثاقية ومراعاتي حساسية التوازنات الداخلية في هذا الصَدد يجعلني لا أعقد أيّ جلسة يتغَيّب عنها مكوّن أساسي».

وعن جدول أعمال الجلسة التشريعية، قال برّي: «لا أحد يحدّد لي جدولَ الأعمال الذي هو من شأن هيئة مكتب المجلس، ولا أريد أن يعلّمني أحد ما هو تشريع الضرورة، كلّ ما في جدول الأعمال، سواءٌ من اقتراحات قوانين معجّلة مكرّرة أو مشاريع القوانين السبعة التي أدرجناها هي مشاريع ملِحّة ويَنطبق عليها مبدأ تشريع الضرورة.

لكنّ هناك بنوداً أساسية تتعلق بالاتّفاقات الخارجية، وقد استقبلتُ اليوم (أمس) مدير البنك الدولي الذي أبلغَ إليّ أنّ البنك قرّر مضاعفة القرض المقدّم للبنان من مليار وثلاثمئة مليون دولار إلى مليارين وستمئة مليون دولار، لكنّه قال لي إنّ تجميد تنفيذ جزء من القرض بقيمة ستمئة مليون دولار لجَرّ المياه من الجنوب إلى بيروت والضاحية الجنوبية سيؤدّي إلى تجميد القرض بكامله، ولذلك يجب عدم إهدار هذه الفرصة».

وعن الخطة الأمنية في الضاحية الجنوبية لبيروت، قال برّي: «هناك غطاء كامل لهذه الخطة، على غرار خطة البقاع الشمالي وحَبّة مِسك، لأنّ بعض المخالفات والتجاوزات تفاقمَت ويجب وضع حدّ لها».

«المستقبل»

وفي المواقف، عزَت كتلة «المستقبل»، بعد اجتماعها الأسبوعي، عدمَ انتخاب الرئيس إلى «التعطيل والاختطاف المستمرّ لهذا الانتخاب على يد «حزب الله» الذي يَحصر الترشيحَ بدعم مرشّح واحد، وإلّا فهو يستمر ومناصريه في التعطيل».

وحضّت النواب المقاطعين على المشاركة في جلسة انتخاب الرئيس والعمل مع بقيّة النواب على إتمام عملية انتخاب الرئيس التوافقي إنقاذاً للبلاد من الشرور المتزايدة والمتعاظمة محلّياً وإقليمياً».

«حزب الله»

وفي المقابل، رأى نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أنّ «تعطيل المؤسسات يجري واحدةً تِلوَ الأخرى، وهذا نذير شؤم ينعكس على الاستقرار وعلى مصالح الناس، ومن واجب الجميع أن يذهبوا إلى المجلس النيابي ليسنّوا القوانين بلا استثناء».

وسأل: «ما هذه البِدَع، تارةً يحق للمجلس النيابي تشريع الضرورة وأخرى لا يحق له أن يشرّع في غياب رئيس الجمهورية، وهذه كلّها قواعد يضعها السياسيون لحسابات خاصة، وإلّا بحسب النظام وبحسب الدستور وبحسب القانون، على المجلس النيابي أن يشرّع طالما إنّه قادر على التشريع».

مكاري في معراب

وكان موضوعا التشريع والموازنة مدارَ بحث أمس في معراب بين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مع نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري الذي أكّد أنّه «مع التشريع، ولكنّ المسألة تختلف بين التشريع الفضفاض وتشريع الضرورة، فحتى «القوات» مع تشريع الضرورة، وموقفها واضح في هذا الموضوع لجهة أن تتضمن الجلسة التشريعية قانونَ الموازنة وقانونَ الانتخاب».

وأكّد مكاري حِرص برّي الشديد على أن لا يدعو إلى جلسة تشريعية في حال لم تُشارك الأحزاب المسيحية، لأنها ستكون جلسة غير ميثاقية، وقال: «بالنسبة إليّ شخصياً، فأنا أشارك فيها، في اعتبار أنّني أؤيّد عَقد جلسةٍ لإقرار بعض المشاريع نظراً لأهمّيتها».

وعمّا إذا كان استطاع إقناع جعجع بالمشاركة في الجلسة التشريعية، أجاب مكاري: «أنا والدكتور جعجع نبحث المواضيع دائماً بعُمق، وقد توصّلنا إلى أرضية شِبه موحّدة».

البنك الدولي… وتشريع الضرورة

وجاءَت الزيارة التي قام بها نائب رئيس مجموعة البنك الدولي حافظ غانم إلى لبنان ولقاؤه رئيسَ الحكومة تمّام سلام أمس، لتسَلّطَ الضوء على المشكلة التي سَبق وأثارَها برّي، في سياق تشديده على ضرورة عَقد جلسة تشريعية للمجلس النيابي. ومِن المعروف أنّ جدول أعمال الجلسة المقترَحة، يتضمّن قانوناً لإقرار اتّفاق القرض بين الدولة اللبنانية والبنك الدولي لتمويل مشروع سدّ بسري. وتبلغ قيمة هذا القرض 474 مليون دولار.

وكشفَ المسؤول في البنك الدولي أنّ قيمة المشاريع الحاليّة للبنك في لبنان تبلغ ملياراً ومئة مليون دولار، لم ينفّذ منها سوى نصفِها بسبب تعطيل التشريع في البرلمان. وقال غانم إنّ «المشكلة التي تواجِهنا أنّنا لم نتمكن من تنفيذ نصف هذه المشاريع وقيمتُها 550 مليون دولار، لأنّها بحاجة إلى موافقة البرلمان». وأكّد أنّه بحثَ مع سلام في سُبل إيجاد حلّ للحصول على الموافقة «لنتمكّن من تنفيذ هذه المشاريع بما يَسمح لنا بتنفيذ مشاريع جديدة».

مجلس وزراء

ومِن المنتظَر أن تشهد جلسة مجلس الوزراء بعد ظهر اليوم مناقشةَ ملف قديم جديد خلافي بامتياز هو بَند «داتا الاتصالات» حيث يصِرّ وزراء «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» على عدم تسليم كلّ «الداتا» الكاملة بما يكشف اللبنانيين ويهدّد حرّيتهم الشخصية، وهم يَعتبرون أنّه بات هناك تمادٍ في تطبيق القانون وتوسّع العمل فيه بلا ضوابط.

أمّا في شأن الموازنة، فقد علمَت «الجمهورية» أنّ وزير المال علي حسن خليل سيُعاود اليوم إصرارَه أمام مجلس الوزراء على استكمال مناقشتها وإقرارها بغَضّ النظر عن قرار مجلس الوزراء بتضمينها تكاليف سلسلة الرتب والرواتب أو عدمه.

خطة الضاحية

وكانت الخطة الأمنية في الضاحية الجنوبية انطلقت أمس وتستمرّ أياماً عدّة، وقد باشرَت بها وحدات من الجيش بالاشتراك مع وحدات من قوى الأمن الداخلي والأمن العام، وسطَ ترحيب من الأهالي. وأعلنَ الجيش في بيان أنّ الخطة مستمرة، ودعا اللبنانيين إلى التجاوب التامّ مع الإجراءات، والإبلاغ الفوري عن أيّة حالة مشبوهة، أو حادث أمني يتعرّضون له.

المشنوق عند «الحزب»

وسيَجول وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق اليوم في الضاحية الجنوبية متفقّداً الوحدات الأمنية والعسكرية التي انتشرَت في إطار الخطة الأمنية، ويجتمع ظهراً مع نواب كتلة «الوفاء للمقاومة» في مقرّ الكتلة في حارة حريك.