Site icon IMLebanon

 عملية القلمون الكبيرة لم تبدأ بعد والموازنة… للبحث صِلة

 

إنصَبَّت المتابعات الخارجية على الأزمة اليمنية وسط نفيٍ أميركي لوجود أيّ كلام مع المملكة العربية السعودية حول مسألة إرسال قوات برّية إلى اليمن، وإعلانِ الرياض عن هدنة إنسانية لخمسة أيام مشروطة بالتزام «الحوثيين» وقفَ إطلاق النار، رحّبَ به وزير الخارجية جون كيري الذي حَطّ في العاصمة السعودية أمس والتقى خادمَ الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ووليّ العهد الأمير محمد بن نايف ووليّ وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية عادل الجبير. أمّا المتابعات الداخلية فتوزّعَت بين الأمن، في ظلّ التطوّرات العسكرية المتسارعة على جبهة السلسلة الشرقية، وبين مشروع الموازنة العامّة التي أقرَّ مجلس الوزراء الفصلَ الأوّل منها، على أن يكون للبحث صِلة في جلستَي الاثنين والأربعاء المقبلَين.

أكّدت مصادر سياسية بارزة لـ«الجمهورية» أنّ معركة القلمون ستكون حرباً مِن الصعب أن يتمكّن فريقٌ من حَسمِها سريعاً، نظراً لاستراتيجية المعركة وعلاقتِها بمصير سوريا، وهل ستتوحّد أم ستتقسّم.

وقالت إنّ معركة القلمون اليوم ليست بين القوى الموجودة على الأرض فقط، بل يدخل فيها التحالف العربي ـ الغربي ضدّ الإرهاب من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى بحكم مجاورةِ المنطقة للجولان. وتتحدّث معلومات عن تلقّي «جبهة النصرة» دعمَ أطرافٍ كانوا حتى الأمس يتّهمونها بالتكفير والإرهاب.

وبالنسبة إلى لبنان، فإنّ الخطورة تكمن في أنّ الحدود المفتوحة بين لبنان وسوريا تجعل حربَ القلمون تمتدّ حُكماً إلى الأراضي اللبنانية جوّاً وبرّاً. وفي ضوء معركة القلمون سيتقرّر مصير عرسال.

وحتى الآن، فإنّ الجيش اللبناني، وخلافاً لما تَذكر المصادر المشاركة في الحرب حاليّاً، لا يزال خارج إطار المعارك، وهو يلتزم المحافظة على الحدود اللبنانية ـ السورية، ولكنْ في حال تطوّرت الأمور سيكون حاضراً للدفاع عن السكّان وعن المناطق اللبنانية التي تتعرّض للقصف من خارج الحدود.

مواجهات عنيفة

وكانت مواجهات عنيفة دارت أمس بين الجيش السوري و«حزب الله» من جهة والمسلحين من جهة أخرى، وأسفرَت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف المسلحين وفرارِ آخرين، وانتهَت بسيطرة الحزب والجيش السوري على جرد عسال الورد بمساحة 100 كلم مربّع تتضمّن عشرات التلال والمغاور والمعسكرات والنقاط العسكرية.

وأكّدت مصادر ميدانية لـ«الجمهورية» أنّ «هذا التقدّم يختلف عن العملية العسكرية الكبرى المعَدَّة للقلمون وأنّ المعركة الكبرى لم تبدأ بعد وسيُعلن عنها في الوقت المناسب».

من جهتها، أوضحَت مصادر مطّلعة على سير المعارك لـ»الجمهورية» أنّ ما حصل في جرود القلمون كان عملية ميدانية تمهيدية تمَّت خلالها توسِعةُ المنطقة الممتدّة من جرود الطفيل حتى عرسال، بحيث إنّه تمَّ وصلُ جرود عسال الورد بجرود شرقي بريتال، وكذلك تمّ الفصل بين جرود عرسال والزبداني، وسيطرَ مقاتلو «حزب الله» على مجموعة تلال استراتيجية ستَخدم العمليات العسكرية المنتظَرة في الأيام المقبلة».

وكانت جبهة «النصرة» قالت عبر «تويتر»: «إنّنا نبشّركم بطرد ميليشات حزب الله من النقاط التي أحدثوها وبمقتلِ نحو 40 عنصراً على أيدي أبطال «جيش الفتح» في القلمون».

مصدر عسكري

إلى ذلك، نفى مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» «كلّ الأخبار التي تمّ تداولها نهاراً عن حدوث اشتباكات بين المسلحين والجيش اللبناني في السلسلة الشرقيّة أو داخل الأراضي البقاعيّة»، لافتاً إلى أنّ «الجيش يتّخذ تدابيرَه منذ مدّة طويلة ولا صحّة للأخبار المتداولة عن مشاركته في المعارك، لأنّها تحصل داخل الأراضي السوريّة»، مؤكّداً «أنّ أحداً من المجموعات المسلّحة لن يدخلَ البقاع».

ومِن جهة ثانية، شدّدَ المصدر على أنّ كلام «قائد الجيش العماد جان قهوجي وموقفَه كانا واضحَين في الالتزام بسياسة الحكومة وبالقرار السياسي، واستمرار الجيش في مكافحة الإرهاب وصَونِ الإستقرار الداخلي والحفاظ على السِلم الأهلي»، لافتاً إلى أنّ «كلامَه جاءَ حازماً وحاسماً بأن لا تنسيقَ بين الجيش اللبناني والجيش السوري، وأنّ جيشَنا لن يدخل في حرب استنزاف يحاول البعض جَرَّه إليها».

وكان قهوجي قد طمأنَ اللبنانيين إلى «مناعةَِ الجيش في مواجهة التحديات، إذ إنّ الإنجازات التي يحقّقها يومياً والالتفافَ الشعبي حوله والثقة الدولية خيرُ دليل على ذلك». وقال خلال الاحتفال بـ»اليوم الوطني لشهداء الجيش» الذي أقيمَ في بيت المحامي إنّ «الجيش لن يسمحَ بأن يكون هناك أيّ موطئ قدمٍ للإرهاب في لبنان».

الموقف الأميركي

وفي هذه الأجواء، زار السفير الأميركي ديفيد هيل رئيسَ الحكومة تمّام سلام وعرضَ معه التطورات العامة في لبنان والمنطقة. وعلمَت «الجمهورية» أنّ هيل جدّد دعمَ بلاده للبنان، وأشادَ بالسياسة الحكيمة التي يدير بها سلام الحكومة وبحفاظِه على الحد الأقصى من التفاهمات الداخلية.

وشدّد على حماية الحكومة من أيّ انتكاسات داخلية، لأنّ الأمور المتّصلة بالحد الأدنى من الاستقرار وإدارة شؤون البلد مرتبطة بالحفاظ على التضامن الحكومي ومدى القدرة على تفكيك الملفّات المعقّدة في انتظار التفاهم على انتخاب رئيس جمهورية جديد.

وكرّر التأكيد «أنّ الاستحقاق شأنٌ لبنانيّ ولا يشارك اللبنانيين أحدٌ في إنجازه من ضمن اللعبة البرلمانية، محَمِّلاً المسؤولية لمن يعوق هذه الخطوة الدستورية التي تقع على عاتق اللبنانيين.

ولفت هيل سلام إلى أنّ انشغال العالم بالملفّات الكبرى في المنطقة يجب أن يشكّل دافعاً إلى اللبنانييين ليخطوا هذه الخطوة الدستورية البالغة الأهمّية لتوفير الكثير من المشاكل القائمة اليوم. وأكّد استمرار حكومة بلاده في الوقوف إلى جانب المؤسسات الشرعية واستمرار دعمِها للجيش والقوى الأمنية لتقومَ بالدور المنوط بها في حفظِ الهدوء والاستقرار.

الاستحقاق الرئاسي

وفي ملف الاستحقاق الرئاسي، فقد ذكّر رئيس مجلس النواب نبيه برّي مجدّداً أمس بجلسة انتخاب الرئيس الأربعاء المقبل في 13 الجاري. وفي هذا الإطار، أوضَح البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أنّه «طلبَ من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند العملَ والضغط في اتّجاه الأسرة الدولية لوقف الحرب في المنطقة ليرتاحَ الجميع، لأنّه لطالما كانت فرنسا إلى جانب لبنان في السياسة الدولية، وهناك علاقات تاريخية تجمع بينهما. ونقلَ عن هولاند «دعم فرنسا الكامل للبنان وللوجود المسيحي فيه».

وقال الراعي: «نؤمن بأنّ العناية الإلهية هي التي تحمي هذا البلد، لأننا نعيش فوق قنبلة موقوتة، ومن أبرز نتائج هذه الأزمة التي تعصف بالمنطقة غياب رئيس للجمهورية اللبنانية. فالقصر الرئاسي مقفَل، والجمهورية بلا رأس، ولكنّ الشعب، مستمرّ في العيش لأنّه يحبّ العيش».

موازنة

وفي ملف الموازنة، خصَّص مجلس الوزراء جلسته أمس لاستكمال درس مشروع موازنة العام 2015. وتلا وزير المال علي حسن خليل مواد المشروع مادة فمادة. وبنتيجة مناقشة مستفيضة وافقَ المجلس على أحكام الفصل الأوّل من هذه الموازنة، وقرّرعقد جلستين تُخصّصان لاستكمال درسِها يومَي الإثنين والأربعاء المقبلين.

وأكّد وزير العمل سجعان قزي لـ«الجمهورية» أنّ النقاش في الجلسة «كان موضوعياً وعلمياً، ولم يعرقله أيّ طرَف». وأوضَح أنّ أحكام الفصل الاوّل تتضمّن حجمَ الإنفاق والإيرادات والعجز وإصدارات سندات الخزينة بالعملات المحلية والأجنبية».

وأكّد قزي أنّ ما اتّفق عليه أمس «كان بمثابة أرقام – إطار للإيرادات والنفقات، وسنناقش لاحقاً قضية دمج السلسلة بالموازنة». وأشار إلى أنّه لا يمكن الجزم في موضوع إقرار الموازنة خلال الجلستين المقبلتين. لافتاً إلى «أنّ المجلس مليء بالتناقضات، ولا ندري متى يقرّر أيّ طرَف عرقلة الموازنة. لكنّنا نرجو أن لا يحصل هذا الامر». (تفاصيل ص 11).

تشريع

وعلى جبهة التشريع، لم يطرأ أيّ جديد في المواقف، في وقتٍ بدا أنّ احتمال انقضاء العقد التشريعي العادي في 31 أيار الجاري من دون انعقاد الجلسة التشريعية مرجّحاً بقوّة، ما سيُعرّض المجلس لاحتمال الحلّ، من الوجهة الدستورية لأنّ المبرّرات التي يقدّمها البعض لمقاطعة الجلسة ليست بالأسباب القاهرة التي تفرض عدمَ التئام المجلس في جلسة تشريعية على رغم خُلوّ سدّة الرئاسة».

وشرحَ مصدر نيابيّ بارز أنّ الدستور يقضي في الظروف العادية بحلّ المجلس بناءً على اقتراح رئيس الجمهورية وموافقة أكثرية ثلثَي أعضاء مجلس الوزراء في حال عدم انعقاده في جلسة تشريعية خلال عَقد تشريعيّ عادي كامل، والحال هنا في ظلّ الشغور الرئاسي، وتوَلّي مجلس الوزراء صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة، يمكن مجلس الوزراء أن يبادر إلى التصويت على حلّ المجلس بأكثرية ثلثَي أعضائه،

لكنّ هذا الأمر مستبعَدٌ لاعتبارات كثيرة، لعلّ أبرزَها الانقسام السياسي والالتباسات القائمة حول طريقة اتّخاذ القرارات في مجلس الوزراء، ما يعني أنّ مجلس النواب إذا لم ينعقد في خلال ما تبقّى من عقده العادي، فإنّ عليه أن ينتظر بداية عقدِه التشريعي الثاني في أوّل ثلثاء بعد 15 تشرين الأوّل، لأنّ إصدار مجلس الوزراء مرسوماً بفَتحِ دورةٍ تشريعية استثنائية متعذّر أيضاً، خصوصا أنّه جرَت محاولة سابقة لهذه الغاية مطلعَ هذه السنة لكنّها فشلت. وثمَّة مَن برَّر هذا الفشلَ في أنّ إصدار مرسوم بفتح مثل هذه الدورة هو صلاحية حصرية لرئيسَي الجمهورية والحكومة.

وكان رئيس مجلس النواب نبيه برّي قال في الآونة الأخيرة إنّه في حال لم ينعقد المجلس في دورته التشريعية الحاليّة فإنّه سيقف بعد انتخاب رئيس الجمهورية ويطلب منه حلَّ هذا المجلس لأنّه لم يقُم بواجباته.