IMLebanon

 الوضع الأمني تحت السيطرة وحِرص سياسي على استمرار الحكومة والحوار

حدثان شغَلا الوسط السياسي والإعلامي والشعبي هذا الأسبوع: المحكمة الدولية مع شهادة النائب وليد جنبلاط الذي ركّز على المسؤولية السياسية للنظام السوري في اغتيال الشهيد رفيق الحريري وحيَّدَ «حزب الله» عن هذه المسؤولية، الأمرُ الذي يؤشّر إلى حِرص جنبلاط على مواصلة سياسة التهدئة التي اتّبعَها مع الحزب. واللافت أنّ المحكمة عادت من باب الشهادات، وتحديداً مع شهادتَي الرئيس فؤاد السنيورة وجنبلاط، بقوّة إلى المشهد السياسي اللبناني. والحدَثُ الآخر يتّصل بمعركة القلمون التي أظهرَت الوقائعُ، لغاية اليوم، أنّها تتمّ بالتدرّج، ما يعني، في حال استمرارها على هذا النحو، أنّها طويلة.

وفي ظلّ المخاوف من انعكاس هذه المعركة على الداخل اللبناني برزَت إشارتان: الأولى عسكرية-أمنية، بأنّ الجهوزية تامّة لمواجهة أيّ طارئ داخلي أو على الحدود التي يضبطها الجيش اللبناني بشكل محكَم من الحدود البقاعية إلى الحدود الجنوبية، وفي هذا السياق أكّد قائد الجيش العماد جان قهوجي من الناقورة أمس أنّ «قرار الجيش الحازم هو التصَدّي لأيّ اعتداء على لبنان من أيّة جهة أتى».

والإشارة الثانية سياسية، بأنّه على رغم حِدّة الانقسام حول أهداف هذه المعركة وخلفيّاتها ونظرةِ كلّ طرَف سياسي إليها، إلّا أنّ الثابتة المتمثّلة باستمرار الحكومة والحوار ما زالت تشَكّل القاعدة الأساس لدى 8 و14 آذار.

وفي موازاة ذلك، من المتوقّع أن يواصل تكتّل «الإصلاح والتغيير» تصعيدَه من باب التعيينات الأمنية، فيما يبدو أنّ اللقاء المرتقَب بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع أصبح وشيكاً.

وغابت الحركة السياسية في البلاد أمس وغابت معها معالجة الملفات والاستحقاقات، وفي مقدّمها الاستحقاق الرئاسي، عِلماً أنّ عدّاد جلسات انتخاب رئيس جمهورية جديد سيرتفع الأربعاء المقبل إلى رقم 24، مع غياب أيّ مؤشّر يَشي بإمكان التوافق على الرئيس العتيد.

وإلى الهَمّ الرئاسي ظلّ الهَمّ التشريعي عَصيّاً على الحلّ، في ظلّ تمسّك الأطراف المسيحية بتشريع الضرورة، فيما يَسلك مشروع الموازنة العامة طريقَه إلى الإقرار، وهو على موعد مع جلستين حكوميتين الإثنين والأربعاء المقبلين. أمّا التعيينات للقادة العسكريين والأمنيين فظلّت عقدةَ العقَد، وسط رفض رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون التمديدَ، والإصرار على التعيين.

في الموازاة، طغى الوضع الحدودي على الاهتمامات السياسية والأمنية، بدءاً من الحدود البقاعية وسط ترقّب لسَير المعارك في جرود القلمون في ظلّ تنامي الحديث عن استعدادات لهجوم أكبر وأوسع يعدّه «حزب الله» وجيش النظام السوري ضدّ المسلحين، بعد تحقيق مزيد من التقدّم والسيطرة على مناطق في جرود الجبّة عقبَ معارك عنيفة مع المسلحين، مروراً بالحدود الجنوبية حيث تَفقّدَ وزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي الوحَدات العسكرية المنتشرة في منطقة الناقورة، فيما حضَر الوضع الأمني في اجتماع مجلس الأمن المركزي.

قهوجي

وأكّد قائد الجيش العماد جان قهوجي من الناقورة أنّ قرار الجيش الحازم هو التصدّي لأيّ اعتداء على لبنان من أيّة جهة أتى، وأنّ الأعباء الكبيرة الملقاة على عاتق الجيش في هذه المرحلة الصعبة التي تجتازها البلاد، لن تثنيَه عن القيام بواجبه الدفاعيّ والأمني، مهما كلّف ذلك من أثمان وتضحيات.

ودعا قهوجي العسكريين إلى تعزيز التعاون والتنسيق مع القوات الدولية للحفاظ على استقرار الجنوب، وإلى التحلّي بأقصى درجات الجهوزية والاستعداد، لمواجهة مختلف التحدّيات والأخطار المرتقبة».

3 شهداء

في هذا الوقت، أوضَح «حزب الله» أنّ عدد شهدائه في مواجهات القلمون هو ثلاثة فقط، وأشار في بيان له إلى أنّ بعض وسائل الإعلام العربية واللبنانية «تصِرّعلى إذاعة أخبار كاذبة حول عدد شهداء «حزب الله» في مواجهات القلمون القائمة منذ أيام، وتتحدّث عن أكثر من 40 شهيداً».

وأكّد الحزب «أنّ هذه المعلومات كاذبة تماماً ولا أساس لها، وأنّ عدد شهداء المقاومة في هذه المواجهات هو ثلاثة من المجاهدين الذين نالوا شرفَ الشهادة، وقد تمَّ إبلاغ عائلاتهم الشريفة بذلك».

وشدّدَ نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: «تحرّكنا كمقاومة لمواجهة الإرهاب التكفيري من موقع الدفاع». أمّا رئيس الهيئة الشرعية في الحزب الشيخ محمد يزبك فقال «إنّنا نكمل مع المؤسسة العسكرية الدربَ لحماية أهلنا وشعبنا، ولن ننتظر من أحد تكليفاً»، وأضاف: «مهما هرجَ المهرّجون وقالوا، فإنّنا لا ننتظرهم، ولو انتظرناهم لم نكن في هذه المؤسسة وكان العدوّ الإسرائيلي ما زال باقياً».

وأضاف «إنّنا نؤدّي تكليفَنا بين يدَي الله سبحانه وتعالى، ولذلك نحن يجب أن نكون حيث ما يقتضي الواجب، ولن نتوانى ولن نبخل، ونحن نقوم بتكليفنا بأن نتعاطى بمسؤولية في مواجهة كلّ ما يُحاك، وإنّنا على موعد مع النصر الآتي مهما كانت مؤامرات الآخرين، ولن نبخل بأيّ أمر في سبيل مرضاة الله وحماية أهلنا وشعبنا».

فتفت

وسط هذا المشهد، استمرّ السِجال السياسي حول معركة القلمون والخوف من تداعياتها على لبنان، وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت لـ«الجمهورية»: «لا أحد يدرك ما هي الغايات العسكرية لـ«حزب الله»، لكن أعتقد أنّه يحاول تسجيل انتصار ولو إعلاميّ يحتاج له لرفعِ معنويات جمهوره أوّلاً، وخطاب الأمين العام السيّد حسن نصر الله كان واضحاً في هذا الاتّجاه،

ولرفعِ المعنويات أيضاً في الداخل السوري، فبالتالي يمكن أن تكون معركة شكليّة، ويمكن كذلك أن نكون مخطئين في هذا التوجّه وأن تكون لديهم أهداف أكبر بكثير، لذلك يجب التريّث لنرى ما هي الأهداف الحقيقية في هذه المرحلة».

وعن مصير الحوار مع الحزب، قال فتفت: «في الأساس فصَلنا الحوار عمّا يجري في الداخل السوري، وهناك ربطُ النزاع في ما يتعلق بتدَخّل الحزب في القتال هناك وبسلاحه وبالمحكمة الدولية، وإلّا لَما كان عُقِد من الأساس، ونُصِرّ على محاولاتنا حماية لبنان من أيّ ردّة فعل، فمِن أهداف طاولة الحوار لجمُ الوضع الداخلي من التدهوُر وجرُّهم إلى انتخاب رئيس إنْ أمكنَ، لكن يبدو ذلك مستحيلاً، فانتخابه ليس على أجندتهم، لذلك مع قليلٍ مِن تخفيف الاحتقان ولجمِ الوضع ربّما ننجح في إبعاد النار السوريّة عن لبنان».

مجلس الأمن المركزي

إلى ذلك، اجتمع مجلس الأمن المركزي برئاسة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وحضور: النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمّود، محافظ مدينة بيروت زياد شبيب، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، المدير العام للأمن العام بالوكالة العميد رولان أبو جودة، مدير المخابرات في الجيش العميد الركن ادمون فاضل،

نائب رئيس الأركان للعمليات في الجيش العميد الركن محمّد جانبيه، أمين سِرّ مجلس الأمن الداخلي المركزي العميد الياس الخوري، وشاركَ في الاجتماع مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، المدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة، رئيس الداتا الأمنية مدير مكتب المدير العام للأمن العام العميد بشارة جبور، ورئيس مكتب شؤون المعلومات العميد منح صوايا.

وذكرَت مصادر واسعة الاطّلاع لـ«الجمهورية» أنّ المشنوق استهلّ الاجتماع بتقديم تقرير أمني – سياسي عرضَ فيه لخطورة ما يجري في المحيط، مشَدّداً على ضرورة تلافي نقلِ الحرائق إلى الداخل اللبناني، والعمل بكلّ الوسائل لتجنّبِها.

ودعا المشنوق الأجهزة الأمنية إلى أن تكون في أقصى الجهوزية والتنسيق التام في ما بينها من جهة، وبينها وبين القضاء من جهة أخرى، لأنّها هي التجربة الوحيدة الناجحة التي أثبتت فاعليتَها. وتحدّثَ بشكل مفصّل عن الوضع في سجن رومية وما تحقّق لإعادة ضبط الأمن في مختلف أبنيته، لافتاً إلى أنّ الإجراءات الأخيرة عزّزَت الاستقرار وقلّلت من القدرة على العبَث بالأمن فيه، كما حصلَ في مناسبات سابقة.

وبعد ذلك، استعرضَ المجتمعون سلّةً من التقارير الأمنية والاستخبارية التي أشارت إلى كمّ مِن المعلومات المتبادلة التي تدعو إلى ترقّب الأحداث ومنع القيام بأيّ عمليات تخريب متوقّعة في أيّة لحظة.

وتناولت تقاير القادة الأمنيين مختلف التطوّرات على الساحة اللبنانية، وخصوصاً ما تحقّق في الضاحية الجنوبية وحصيلة عمليات الدهم والتوقيف التي قامت بها وحدات من قوى الأمن من مختلف قطعاتها والجيش اللبناني بالتنسيق في ما بينها والقضاء اللبناني.

واستعرضَت في الاجتماع جردةً تحدّثت عن أكثر من 200 موقوف بجرائم مختلفة، ولا سيّما تجّار وموزّعي المخدّرات ومطلوبين بعشرات مذكّرات التوقيف وخلاصات الأحكام.

وتحدّث قادة القوى الأمنية عمّا لديهم من معلومات عن الوضع الأمني، فأكّدوا أنّ المراقبة وضَعت عدداً من المجموعات تحت المراقبة المشدّدة. وكان لافتاً حجم التقارير التي قدّمها ضباط الأمن العام الذين شاركوا في الاجتماع، خصوصاً على مستوى رئيس الداتا الأمنية ورئيس مكتب المعلومات اللذين يشاركان للمرّة الأولى في الاجتماع الذي غاب عنه المدير العام لانشغاله بمواعيد محدّدة سابقاً.

كذلك تناولَ البحث بالتفصيل أحداثَ البقاع الشمالي وما حقّقَته الخطة الأمنية الجاري تنفيذُها في البقاع الأوسط والشمالي وصولاً إلى عرسال ومحيطها على طول الحدود اللبنانية – السورية حيث تنتشر وحدات الجيش اللبناني في مواجهة مجموعات المسلحين.

وأكّد المجتمعون أنّ الجيش اللبناني ليس طرفاً في كلّ ما يجري، كونُ أكبرِ العمليات العسكرية تجري داخلَ الأراضي السورية وفي مناطق ليست من مهمّة الجيش اللبناني. مع الإشارة إلى الاشتباكات التي اندلعَت للمرّة الأولى مقابل البقاع الغربي وفي مناطق تمتد داخل الأراضي السورية.

وقالت المعلومات إنّ الجيش يتّخذ موقعَ الدفاع عن الأراضي اللبنانية، ولم يقُم في الأيام الأخيرة بأيّ عمليات عسكرية سوى تلك التي قام بها قبل فترةٍ لتعزيز الحصار وتضييق الخناق على المسلحين في الجرود ووقفِ استخدام المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا والتي اتّخذوا منها معبراً لنقل المؤَن والمحروقات.

وانتهى الاجتماع إلى التأكيد أنّ القوى الأمنية في جهوزية تامّة لمواجهة أيّ طارئ على الحدود أو في الداخل اللبناني.

وفي جزءٍ من المناقشات عبَّر المجتمعون عن حسن سَير تطبيق قانون السَير الجديد على مراحل، ما أثارَ ارتياحاً لدى المواطنين ظهَرَ من خلال تجاوبهم واستعداداتهم لتطبيقه، خصوصاً أنّ بعض المناطق التي كانت تشهد ألعاباً بهلوانية بالسيّارات والدرّاجات الناريّة عادت مَرتعاً لهُواة المَشي والرياضة، وقدَّمَ مُحافظ بيروت تقريراً حول ما قامت به الأجهزة التابعة للمُحافظة وبلديّة بيروت في سَبيل تطبيق بعض القرارات المُتَّخَذَة.

أوباما – سلمان

دوليّاً، يَلتقي الرئيس الأميركي باراك أوباما العاهلَ السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، الأربعاء المُقبل في البيت الأبيض، قبَيلَ قمّة مُوَسّعة مع زعَماء مجلس التعاون الخليجي في كمب ديفيد. وقالَ المُتحدِّث باسم البيت الأبيض إريك شولتز، أمس، إنَّ أوباما والملك سلمان سيَتطرّقان إلى مروَحةٍ واسعة من القضايا الإقليميّة والثنائيّة.