Site icon IMLebanon

غَزَل إنمائي بين ريفي و «الحزب» ونصرالله يستحضر القلمون في النبطية

الأنظار موجّهة إلى كمب ديفيد لقراءة أبعاد القمّة الخليجية – الأميركية وما يمكن أن تؤسّس له من تعاون استراتيجي بين الطرفين يَطوي صفحةً سادَها الالتباس والغموض، ويَفتح صفحةً جديدة من الشراكة والتعاون والتنسيق الذي يَخدم سياسة الاستقرار في المنطقة. ولكنّ هذه القمّة، على أهمّيتها، لم تحجب الاهتمام بالملفّات المحلية التي يمكن توزيعُها بين الساخنة المتّصلة بتطوّرات القلمون الميدانية، والتصعيد العوني السياسي المتدرّج ربطاً بالتعيينات العسكرية، حيث يُرتقَب اليوم أن يخرج تكتّل «التغيير والإصلاح» بموقف متشدّد من هذه القضية بعد اجتماعه الدوري الأسبوعي، والملفّات الباردة المتعلقة بغياب التشريع والجلسات الرئاسية التي لم تفلِح بعد بانتخاب رئيس جديد، وجلسات الحوار التي تؤشّر إلى رغبة «المستقبل» و«حزب الله» في إبقاء لبنان بمنأى عن أحداث المنطقة، وجلسات الحكومة المكثّفة لإنجاز مشروع الموازنة، حيث تابعَ مجلس الوزراء أمس مناقشة الموازنة العامّة نائياً بنفسِه عن أحداث القلمون، فيما شهدَت الجلسة «غزَلاً إنمائيا» بين وزراء «حزب الله» ووزير العدل أشرف ريفي.

تُهيمن الملفات الساخنة، وأبرزُها الاتفاق النووي الإيراني ورفعُ الحظر عن طهران والأزمة الأوكرانية اليمنية والعراقية والسورية، على الحراك الدولي والإقليمي الذي يتوّج بانعقاد القمّة الأميركية ـ الخليجية في كامب ديفيد بغياب العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وسلطان عمان قابوس بن سعيد، ورئيس الإمارات الشيخ خليفة.

ويَسبق هذه القمّة لقاء روسي ـ أميركي لافت اليوم بين الرئيس فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الاميركي جون كيري في مدينة سوتشي بروسيا التي سيزورها كيري للمرّة الأولى منذ عامين ويلتقي أيضاً نظيرَه سيرغي لافروف، قبل أن يسافر إلى تركيا.

وفيما تترقّب المنطقة انعكاسات ما يجري على موازين القوى وخريطة التحالفات، يبدأ الرئيس سعد الحريري زيارة رسمية الى موسكو غداً يلتقي خلالها بوتين وكبارَ المسؤولين الروس.

وتأتي هذه الزيارة في إطار حراكِه الدولي المستمر لتوفير الحماية الدولية للبنان والاستقرار النسبي القائم فيه، وفي الوقت نفسِه للدفع نحو تحقيق الاستحقاقات، وفي طليعتِها انتخاب رئيس جمهورية جديد، حسب ما أكّدَت مصادر بارزة في تيار المستقبل» لـ«الجمهورية».

وعلى وقع استمرار مواجهات القلمون بين الجيش السوري و«حزب الله» من جهة والمسلّحين من جهة أخرى، ينصرف لبنان الرسمي الى تحصين ساحته والحؤول دون امتداد حرائق المنطقة إليه، بينما تبقى ملفاته عالقة، وفي مقدّمها الملف الرئاسي الذي سيَشهد تمديداً جديداً للشغور غداً، والملف التشريعي الذي تُراوِح عقدتُه مكانها، شأنها شأن عقدة التعيينات العسكرية والأمنية، في ظلّ استمرار تراشق الاتّهامات وتبادل تحميل المسؤولية عن التعطيل.

نصر الله من النبطية

وفي هذه الأجواء، يسود الترقّب الساحة لمعرفة المواقف الجديدة التي سيعلنها الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصر الله الذي سيطلّ هذه المرّة من النبطية في مهرجان يقيمه الحزب لمناسبة «عيد المقاومة والتحرير» الأحد 24 الجاري، بعدما كان أحيَا هذه المناسبة في بنت جبيل العام الماضي.

وعلمَت «الجمهورية» أنّ الأمين العام سيُفرد حيّزاً واسعاً من كلمته للحديث عن مناسبة الانتصار في 25 أيار 2000، وعن تجربة المقاومة وتاريخها منذ العام 1982 حتى العام 2000، وسيدعو إلى استخلاص العبَر من هذه التجربة ونجاحاتها.

كما سيؤكّد على ضرورة تحرير مزارع شبعا، وتلال كفرشوبا، والجزء اللبناني من الغجَر، وسيؤكّد جهوزية هذه المقاومة للتصدّي لأيّ عدوان إسرائيلي، واستمرار العمل على تطوير قوّة الردع.

كما ستَحضر معركة القلمون بقوّة في خطابه، للحديث عن الإنجازات التي يحقّقها الحزب وسيطرتِه السريعة على مناطق واسعة في جرودها، وللتأكيد أيضاً على استمرار المعركة ضد الإرهابيين حتى هزيمتهم. وسيَتطرّق الأمين العام إلى التطوّرات الإقليمية، خصوصاً في سوريا واليمن، إضافةً إلى التطوّرات المحلية.

الحوار مستمرّ

وعلى رغم خَوض الحزب معركةَ القلمون المصحوبةَ بكلام عالي النبرة من تيار «المستقبل»، واستمرار التحذير من تداعياتها على الداخل اللبناني، يستمرّ الحوار بين «المستقبل» وبين «حزب الله» الذي تردّدَ أنّه استاءَ مِن ردّ الحريري الأخير على السيّد نصر الله وقوله إنّه يكلّف نفسَه «بمهمّة لا أخلاقية ولا وطنية ولا دينية»، الأمر الذي دفعَ البعض إلى الاعتقاد بأنّ الحزب لن يكملَ مسيرةَ هذا الحوار.

الجسر لـ«الجمهورية»

وفي هذا الإطار، أكّد ممثل «المستقبل» في الحوار النائب سمير الجسر لـ«الجمهورية»: «أنّ الحوار قائم حتى الساعة، كاشفاً أنّ الجلسة 12 ستُعقد الثلثاء المقبل في 19 الجاري». وقال: «طالما لم نتبَلّغ حتى الآن من الطرَف الآخر أنّ الحوار توقّف أو «تخربَط» فمعنى ذلك أنّه مستمرّ».

وذكّرَ الجسر «أنّ «المستقبل» سبقَ أن أثارَ موضوع القلمون في الجلسة الأخيرة، وسألَ الحزب عن الكلام حول تحضيرات المعركة، فكان الردّ أنّ السيّد نصر الله ذكر ذلك في مواقفه عندما تحدّثَ عن معركة ما بعد ذوَبان الثلوج في الربيع، وسألناهم إذا درسوا تداعياتها السياسية والعسكرية، خصوصاً أنّ الجيش وفقَ معلوماتنا غيرُ مستعدّ لأمور كهذه، وعلى الأقلّ مفروض أن يكون هناك تنسيق معه، فكان الجواب أنّ المعارك ليست على الأراضي اللبنانية بل في الأراضي السورية. على كلّ حال، بالنسبة إلينا لم يكن الأمر مقنِعاً، ولذلك نبَّهنا أنّه مِن الأفضل عدم التورّط في هذا الموضوع».

وإذ أكّد الجسر أنّ الحوار سيواصل البحثَ في تنفيس الاحتقان وطبعاً تداعيات معركة القلمون والانتخابات الرئاسية، أبدى تشاؤمَه من إمكان انتخاب رئيس جمهورية، وقال: لا شيء في الأفق، قريباً على الأقلّ، وهذا أمرٌ محزِن».

علوش لـ«الجمهورية»

من جهته، قال القيادي في تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش لـ«الجمهورية»: «بِتنا جميعاً مقتنعين بالمنطق، أنّ الحوار هو نوع من ورقة التوت التي لم تعُد قادرة على تستير شيء، لكن عملياً هناك إصرارٌ من الطرفين على الاستمرار في الحوار على أساس أنّه لجنة ارتباط أكثر ممّا هو لجنة حوار».

موازنة

إلى ذلك، تابعَ مجلس الوزراء مناقشة الموازنة العامة، وصَمَّ أذنَيه عن أصوات مَدافع القلمون وصواريخها. ودخل المجلس في جلسته الخامسة بنقاش الشقّ المتعلق بقوانين البرامج، وهي نقاشات تَفتح الباب على المزايدات المناطقية من باب الإنماء، فطالبَ كلّ وزير بمشاريع إنمائية لمنطقته. ويستأنف المجلس مناقشاته بعد غدٍ الأربعاء في الرابعة عصراً.

وقال وزير الإعلام بالوكالة سجعان قزي إنّ الجلسة كانت «استكمالاً للجلسة السابقة لدراسة مشروع قانون الموازنة. في الجلسة الماضية تمّ إقرار الفصل الأوّل، واليوم (أمس) تمَّت مناقشة بنود الفصل الثاني والذي يتضمّن المشاريع الإنمائية والإعمارية، سواءٌ أكانت مركزيةً تخصّ الدولة، أو مشاريعَ تخصّ المناطق.

واستعرَضنا مجمَل البنود على أساسَين: الأوّل اعتماد التوازن في توزيع المشاريع على المناطق، والثاني عدم إقرار مشاريع من دون تخصيص ميزانية لها، وفي هذا الإطار اتّفقنا على استكمال البحث في الجلسة المقبلة بعد غدٍ الأربعاء».

خليل لـ«الجمهورية»

وأكّد وزير المال علي حسن خليل لـ«الجمهورية» الاستمرارَ في نقاش الموازنة إلى حين إقرارها، حتى ولو اضطرّ الأمر اللجوء إلى التصويت. وأشار إلى أنّ النقاشات تأخذ وقتَها الطبيعي خصوصاً في بحث مشاريع القوانين، أمّا الإيرادات فتوقّع أن ينتهي بحثها سريعاً، لأنّ هناك الكثير منها متّفَق عليه في مجلس النوّاب».

ريفي

وقال وزير العدل أشرف ريفي لـ«الجمهورية» أنْ لا خوف على البلد من معارك القلمون، مشيراً إلى أنّ الجيش اللبناني ومِن خلفِه القوى الأمنية على جهوزية تامّة تحسُّباً لأيّ تطوّرات، وهو يضَع نصبَ عينيه الخيارَ الأسوأ الذي يمكن أن ينتجَ عن معركة القلمون، لكنّه لفتَ في المقابل إلى أن لا مخاوف كبيرة من الانعكاسات، فهناك قرار عربي إقليمي ودولي بعدم نقل المعارك السورية إلى لبنان.

«غزل إنمائي»

وعلى عكس التشنّج السياسي الذي رمى بثقلِه في معركة القلمون، سُجّل خلال الجلسة «غزلٌ إنمائي» بين وزَراء «حزب الله» ووزير العدل، فحين طلبَ وزير الصناعة حسين الحاج حسن تفعيلَ مشاريع إنمائية أكثر لمنطقتَي البقاع الشمالي وعكّار، كان ريفي الوزيرَ الوحيد من بين الوزراء، الذي أشادَ بطلبه ووافقَه الرأي.

لجنة النازحين

وكان رئيس الحكومة تمّام سلام ترَأّسَ قبلَ الجلسة اجتماعاً للخلية الوزارية المكلّفة متابعة أوضاع النازحين السوريين في حضور: وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس وقزّي، وتمَّ البحث في أوضاع النازحين.

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» إنّ سلام لفتَ الوزراء إلى أنّه مرَّ وقتٌ على عدم انعقاد الخلية الوزارية، وقال: كنّا في انتظار نتائج المساعي التي بُذلت لتعزيز المساعدات الخارجية للبنان لمواجهة آثار النزوح السوري والفلسطيني وحجم آثاره السلبية على معظم القطاعات الإنتاجية والأمنية والاقتصادية والمعيشية والتربوية والصحّية.

أضاف: «نحن أمام استحقاقات عدّة، أبرزُها ما تقوم به مفوّضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ومؤسسات أخرى خارج إطار المؤسسات الحكومية بعدما حصرَت الجهات المانحة مساعداتها بالمنظمات غير الحكومية التي تعمل في ظروف غامضة تثير التساؤلات أحياناً، خصوصاً عندما تصطدم بالقرارات والتوجّهات الحكومية اللبنانية المغايرة التي قضَت بوقف تسجيل نازحين جُدد يكتسبون صفات لا تمتُّ بصِلة إلى طبيعة وجودهم في لبنان. وجَدّد الدعوة إلى وزارة الخارجية للتدخّل وتنسيق الخطوات مع المنظمات الدولية.

بعد ذلك استعرضَ الوزراء إجراءات الأمن العام على المعابر الحدودية البرّية والبحرية والجوية، فرحّبوا بحسن تطبيقها والنتائج الإيجابية التي عكسَتها، خصوصاً لجهة تقلّص تدفّق النازحين وتصنيف مَن يستحق أن يكون على اللائحة الخاصة باللاجئين وبالمساعدات التي ينالونها من أيّة جهة أتت.

كما استعرضوا الإجراءات التي أعلنَت عنها وزارة العمل على مستوى إجازات العمل وفقَ التصنيف الجديد المعتمد لوضع حدّ للفلتان الحاصل في سوق العمل والمزاحمة غير المشروعة لليد العاملة اللبنانية، وتقرّرَ التشدّد فيها إلى الحدود القصوى التي تَحمي اليد العاملة اللبنانية وتنظّم سوقَ العمل في لبنان.

وفي جزء من الاجتماع جرى البحث في مصير المساعدات المالية التي أقِرَّت للحكومة اللبنانية مِن مؤتمرات دولية سابقة ولا سيّما مؤتمرَي الكويت للدوَل والهيئات المانحة والتي لم تصل الى بيروت بعد وسط غموض يكتنف حجمَ ما تقرّرَ على مستوى حصّة لبنان إلى اليوم، على رغم مرور أسابيع عدة على المؤتمرَين.

شتانماير

تَجدر الإشارة إلى أنّ لبنان سيستقبل بعد يومين وزيرَ الخارجية الألمانية فرانك شتانماير الذي يزور بيروت للقاء سلام وباسيل، للبحث في تطوّرات المنطقة ومصير المساعدات التي تقرّرت في مؤتمر برلين لدعم لبنان في مواجهة أزمة النازحين والكِلفة الباهظة التي يتحمّلها لبنان.