Site icon IMLebanon

تسارُع التطورات على جبهة القلمون وقادة الخليج يلتقون أوباما… والحريري بوتين

 

تسارعَت وتيرة الأحداث في المنطقة، وتنقّلت الملفات بين فيينا التي شهدَت جولة جديدة من التفاوض النووي بين الدول الغربية، وإيران التي أملت في إزالة العراقیل، والتوصّل إلى اتّفاق نهائي مطلع تمّوز المقبل، في وقتٍ جدّدت إسرائيل تحذيراتها من مغَبّة التوصّل إلى «اتفاق نووي سيّىء»، مروراً بروسيا التي شهدَت محادثات روسية ـ أميركية هي الأولى بعد تدهورِ العلاقات بين البلدين على خلفية الأزمة الأوكرانية، تناولَت قضايا دولية مشترَكة، ثمّ اليمن الذي دخلَ منذ مساء أمس في اختبار هدنةِ الأيام الخمسة، في وقتٍ حذّر البنتاغون من أنّ أيّ «لعبة خطرة» إيرانية قد تهدّدها، وصولاً إلى سوريا التي زارها وفدٌ إيراني برئاسة رئیس لجنة الأمن القومي والسیاسة الخارجیة فی مجلس الشوری الإسلامي علاء الدین بروجردي، فيما تحدّثَ المرصد السوري لحقوق الإنسان عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، بينهم أطفال ببرميلٍ متفجّر استهدفَ محطةً للحافلات العمومية في منطقة جسر الحج الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة حلب.

تخطف الأضواء اليوم قمّة كمب ديفيد التي يلتقي فيها الرئيس الاميركي باراك اوباما قادة دوَل مجلس التعاون الخليجي في غياب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في حين أكّد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير «أنّ الالتزام الأميركي بالسعودية صلبٌ كالصخر ولم يتبدّل»، مشيراً إلى أنّ القمّة الاميركية ـ الخليجية ستُركّز على ثلاثة محاور رئيسة تتناول التعاون العسكري ومكافحة الإرهاب وسُبل مواجهة تدخّلات إيران في لبنان وسوريا واليمن وأماكن أخرى من المنطقة، وأعلن أنّ الجانب الأميركي سيقدّم للجانب الخليجي شرحاً عن محادثات الملف النووي الإيراني.

الحريري في موسكو

وفي هذه الأجواء، وصلَ الرئيس سعد الحريري مساء أمس إلى موسكو في زيارة لروسيا يقابل خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف وعدداً من المسؤولين الروس، ويُجري معهم محادثات تتناول آخر التطوّرات في لبنان والمنطقة، ولا سيّما منها ما يجري في العراق وسوريا واليمن.

جلسة الانتخاب

في موازاة أحداث الخارج، تسارعَت التطورات الميدانية على جبهة القلمون، مع تسجيل الجيش السوري و»حزب الله» مزيداً من التقدّم في المنطقة، على عكس التطوّرات السياسية التي لم تحمل جديداً، في ظلّ استمرار الأزمة الرئاسية، بدليل أنّ جلسة انتخاب الرئيس المقرّرة اليوم لن تخرج عن سياق المشهد الذي باتَ مألوفاً، وقد وجّهَت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ عشيتها نداءً إلى السياسيين بأن ينتخبوا رئيساً «لأنّ الفراغ الرئاسي له آثار سلبية على لبنان، وسيؤدّي بلا شكّ إلى تعقيد المشاكل فيه».

برّي

وفي هذه الإطار، قال رئيس مجلس النواب نبيه برّي: «غداً (اليوم) ستكون الجلسة 23 لانتخاب رئيس للجمهورية، ولا جديد البَتّة على صعيد الاستحقاق الرئاسي». وأضاف: «إنّ مفتاح الحلّ لكلّ الأزمات هو انتخاب الرئيس، إنّهم يهاجمون المؤسسات الدستورية ورؤساءَها ولا يذهبون الى جلسة انتخاب الرئيس وحلّ كلّ المشكلات.

وأنا وكتلتي النيابية حضرنا 22 جلسة دعوتُ إليها لانتخاب الرئيس أمّا هم فنزلوا مرّةً واحدة، فليتّفق الموارنة على رئيس ونحن معهم ونساعدهم على إقناع مَن يعترض على هذا الرئيس مسلِماً كان أم مسيحيّاً، المهم أن ينزلوا إلى المجلس للانتخاب.

وتابعَ برّي: «يؤخَذ عليّ، وخصوصاً مِن بكركي، وقد يكون ذلك سبب التباعد معها، أنّني لا أدعو يومياً إلى جلسة انتخاب الرئيس. إنّ للمجلس كرامةً، ولا يمكن دعوته الى جلسات لا تلتئم، فليقولوا إنّهم اتفقوا على رئيس، وخلال ساعتين أدعو إلى جلسة».

وفي ردّ غير مباشَر على الوزير جبران باسيل من دون أن يسمّيه، قال برّي: «إنّني أسمع في الآونة الأخيرة كلاماً لم أسمعه خلال الحرب، وهو أن «لا حكومة ولا مجلس ولا تشريع ولا رئيس ولا لبنان من دونِنا»، إنّ هذا الكلام خطير، لأنّ لبنان أكبر من الجميع ويشاركون فيه».

وأكّد برّي، ردّاً على سؤال، «أن لا جديد في جلسة التشريع، وقد قلتُ وأكرّر أنني أنجزتُ ما عليّ، وأنّ على المقاطعين أن يُراجعوا ضمائرَهم».

جعجع

في هذا الوقت، وردّاً على إصرار وزير المال علي حسن خليل على عقد جلسة تشريعية، قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عبر «تويتر»: «أقدّر لوزير المال حِرصَه على بعض الهبات الخارجية التي تستلزم عقدَ جلسة تشريعية ولكن في الوقت نفسه أتمنّى عليه أن يأخذ في الاعتبار حرصَ عددٍ مِن الأفرقاء اللبنانيين على مواضيع مهمّة وحسّاسة جداً وتطاول صلبَ الميثاق الوطني والعيش المشترك، مثل قانون الانتخابات وقانون استعادة الجنسية».

جبهة القلمون

وعلى جبهة القلمون، وعلى وقع استمرار المواجهات العسكرية بين الجيش السوري و»حزب الله» ضد المسلحين، أعلن «جيش الفتح – القلمون» الحرب على «داعش» معدّداً في بيان حَملَ الرقم 1 بعضَ الأعمال التي قام بها عناصر هذا التنظيم والتي أوجبَت اتّخاذ القرار بقتالِهم.

إلى ذلك، تمكّنَ «حزب الله» من السيطرة على عدد من المرتفعات شَكّلت مراكزَ رئيسية للمسلّحين، ونقاطاً لإطلاق الصواريخ والاعتداء على الأراضي اللبنانية. ومِن أبرزها قرنة مشروع حقل زعيتر وجُوَر بيت عبد الحق غرب جرود رأس المعرّة وشرق جرود نحلة اللبنانية، بعد السيطرة أمس الأوّل على مرتفع قرنة عبد الحق.

ونفَت مصادر إعلامية قريبة من الحزب الأخبارَ المتناقلة عن أسرِ 10 مقاتلين لحزب الله أو سقوط مقاتلين له أمس، كما بثّت صفحة «تجمّع إعلاميّي القلمون الموحّد».

من جهته، أوضَح «جيش الفتح – القلمون» أنّ «المعركة ما زالت تدور في جرود الجبة والمعرة»، مؤكّداً أنّ «المقاتلين لم يبدأوا بعد بالهجوم المضاد، بسبب نجاح عمليات استنزافهم للحزب وجيش النظام السوري، فقد زاد عدد قتلاهم عن 35 خلال اليومين الماضيين وأسِر عدد من العناصر، وغنمنا أسلحة خفيفة ومتوسّطة وذخائر».

ونفى «إنسحابَه الى جرود عرسال»، مؤكّداً أنّ المقاتلين «ما زالوا في مراكزهم». وأوضَح أنّ «ما يعلنه إعلام الحزب عن خسائر واشتباكات واتّهامات بالتخوين بين المسلّحين لا أساس له من الصحّة».

ونفى ما قاله «حزب الله» من أنّه عطّلَ غرفة اتّصال وعمليات «جبهة النصرة» و«جيش الفتح» الإعلامية»، مؤكّداً «أنّنا ما زلنا قادرين على تشغيل إعلامنا، فحساباتُنا على «تويتر» موجودة، كما أنّ هناك نسخة من «الشيفرات» موجودة في الشمال السوري».

هيل

في غضون ذلك، أكّد السفير الأميركي ديفيد هيل «أنّنا لم نعطِ أحداً الضوء الأخضر للحرب في سوريا»، مشيراً إلى «أنّنا ندعم الجيش اللبناني ونقف إلى جانبه، كذلك ندعم سياسة النأي بالنفس التي تساهم في استقرار لبنان».

وأوضَح هيل «أنّ تنظيم «جبهة النصرة» هو إرهابي ويشكّل خطراً على لبنان والمنطقة»، معتبراً «أنّ تدخّلَ «حزب الله» في الحرب السورية جعل لبنان عرضةً للإرهاب». وقال: «داعش لم يشكّل خطراً على لبنان إلى أن تدَخّلَ «حزب الله» في سوريا».

وتخوّفَ هيل من مواصلة الجهات الخارجية التدخّلَ في سوريا، معتبراً أنّ «مِن السخيف القول إنّ الأميركيين وراء تنظيم «داعش» مؤكّداً التزامَ بلاده «محاربتَه والتغلّبَ عليه». ورأى أن لا «حلّ عسكرياً في سوريا يَلوح في الأفق، بل يجب التطلّع إلى انتقال سياسي فيها»، مؤكّداً أنّه «لا يمكن الرئيس السوري بشّار الأسد أن يكون جزءاً من الحلّ السياسي».

الحوت

وفي المواقف، قال نائب «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت لـ«الجمهورية»: «حتى هذه اللحظة لا خطرَ ملموساً مباشراً على الواقع اللبناني، لسبب بسيط هو أنّ الثوّار حتى الآن قرارُهم واضح بالدفاع عن الأرض السورية، وليس الاعتداء على الأرض اللبنانية، لكنْ إذا استمرّ اعتداء «حزب الله» على الأرض السورية من الأرض اللبنانية، فكيف أستطيعُ أن أضمنَ ردّة الفعل وأن لا يدافع الثوّار عن أنفسِهم بالرد على مصدر النيران وعلى مصدر انطلاق الهجوم على الأراضي السورية في القلمون.

لذلك فإنّ حزب الله في ما يفعل من مغامرةٍ للدفاع عن محورٍ ينتمي إليه يُدخِل لبنان في أتون أو في مخاطر كان في منأى عنها، خصوصاً أنّنا سمعنا جميعاً أنّ الثوّار السوريين أصدروا بياناً يعلنون فيه قتال «داعش»، وبالتالي هذا الوهم المصنوع واسمُه الإرهاب وتُرتكَب جريمة الدخول إلى سوريا تحت شعاره، الثوّار السوريون أنفسُهم يقاتلونه ويرفضونه، وهُم يتكفّلون بالتخلّص منه، وبالتالي فإنّ معركة حزب الله ليست معركة ضدّ التكفير، بل معركة ضدّ الثوّار في سوريا دفاعاً عن نظامٍ ومحور، ما يضعُ لبنانَ في عين العاصفة».

من جهة ثانية، أسفَ الحوت «لأنّ الدعوات إلى جلسة انتخاب الرئيس أصبحَت نوعاً من رفع العتَب أو تأدية الواجب، من دون جدّية حقيقية».

وقال: «ما دام هناك فريق يعطّل الانتخاب تحت شعار «أنا أو لا أحد»، وفريق يعطّل الانتخاب في انتظار تداعيات المنطقة وتطوّرات الأوضاع فيها حتى يحسم مَن هو مرشّحه للرئاسة، فإنّ الرئاسة ستبقى للأسف في حالةِ فراغ، وهذا أمرٌ مُعيب».

سكّرية

وفي المقابل، قال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب الوليد سكّرية لـ«الجمهورية»: «إنّ ميزان القوّة في معارك القلمون هو لمصلحة الجيش السوري والمقاومة». وطمأنَ إلى أن «لا ارتدادات أبداً لما يجري في جرود القلمون على الداخل اللبناني، لأنّ ما يحصل يحصّن الحدود اللبنانية من خطر الجماعات الإرهابية، لكن هل تُستكمَل إزالة هذا الخطر؟

هنا السؤال، لأنّ استكمال إزالته متى حوصِر المسلّحون في جرود عرسال يستلزم تنسيقاً وعملاً مشتركاً بين الجيش السوري والجيش اللبناني والمقاومة ضمن الجبال اللبنانية، وفي تقديري أنّ المسلحين المحاصَرين في الزبداني سيهاجمون عرسال، أمّا كيف وهل مخطّطهم أن يكمِلوا، فلا أعرف نيّاتهم».

وأضاف سكّرية: «يجب استثمار الخلافات بين المسلحين لإضعافهم وإخراجهم من المنطقة، وفَرضِ شروط الدولة اللبنانية عليهم وتسليم العسكريين المخطوفين، ففي النهاية الهدفُ هو إلغاء دورهم كإرهابيين على الارض اللبنانية وتأمين ساحة لبنان مِن خَطرهم».

المرحلة 2 لخطّة الضاحية

وفي الملف الأمني، كشفَت مراجع أمنية مطّلعة لـ«الجمهورية» أنّ خطّة الضاحية الجنوبية الأمنية دخَلت مرحلةً جديدة بعدما أنهَت القوى العسكرية والأمنية خطّة الانتشار النهائية في المنطقة وتمركزَت في المواقع الاستراتيجية الثابتة، حيث يجب أن تكون وفق خطّة محكَمة، للإشراف على مختلف مفاصل المنطقة بحيث ستكون هذه القوى قادرةً على التحرّك عند أيّ طارئ والإمساك بأمن المنطقة وبوّاباتها كاملةً.

وفي المعلومات أنّ المرحلة الثانية من الخطة انطلقَت بسحبِ القوى الإضافية التي فرضَتها هذه الخطة في مرحلتها الأولى، وتخفيف انتشار الحواجز الثابتة والطيّارة ما عدا تلك القائمة في المناطق الحساسة، حيث المنشآت العامة الرسمية والمواقع الأمنية والثُكَن العسكرية، بالإضافة إلى مداخل المطار والطريق المؤدّية إليه ومداخل الضاحية والمفارق الرئيسة فيها.

وتقضي المرحلة الثانية من الخطة بالانتقال إلى العمليات الأمنية غير المرئية، وهي تتلخّص بتكثيف أعمال الرصد والتحرّي والمراقبة والمتابعة لملفّات الأشخاص والشبكات المستهدفة في الخطة، سواءٌ تلك التي تنفّذ عمليات تمسّ الأمن الوطني وأمن القوى العسكرية والمدنيين أو تلك التي يُخشى من قيامها بأعمال إرهابية والإتجار بالمخدّرات والممنوعات.

وقد جنّدت القوى الأمنية لها أجهزتَها ووحداتها المتخصّصة على المستويات البشرية والتقنية والأمنية والاستخبارية بكلّ أنواعها، وفقَ خطّة منسّقة بين مختلف القوى المشاركة في الخطة والتي تقضي بتبادل المعلومات أوّلاً بأوّل، على أن توكلَ المهمّات الأمنية إلى قوى محدّدة سَلفاً عند تنفيذ عمليةٍ ما قياساً على حجمِها ونوعِها وموقعها.