Site icon IMLebanon

إيجابيَّات في ملف العسكريِّين خلال أيام… وتعاظُم القلق الدولي من الشغور الرئاسي

 

بينَ قلقٍ دوليّ من خطورة استمرار الشغور الرئاسي الذي يَبلغ عامَه الأوّل في 25 الجاري، واستمرار الأزمات الإقليميّة مُترافِقةً مع اشتداد التوتّر على خَطّ الرياض – طهران، يُنتظَر أن يشهدَ لبنان في الأيّام القليلة المقبلة انفراجاً جزئيّاً في ملفّ العسكريّين المخطوفين لدى «جبهة النُصرة»، مِن شأنه إنهاء فصلٍ من فصول التوتّر الذي تعيشه الساحة الداخليّة.

لم تنزل موجة الحر الشديد التي تلفَح لبنان منذ يومين وتنحسر مساء اليوم، بعدما فاقت الحرارة الأربعين درجة وتسبّبَت بحرائق عدّة، برداً وسلاماً على الملفّ الرئاسي المستمر عالقاً في عنق الزجاجة، فيما انعقدَت مساء أمس جولة حوارية جديدة بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة، بحضور الوزير علي حسن خليل، صدرَ بعدها البيان التالي: «جرى البحث في التطوّرات الأمنية وعمل الحكومة، والتشجيع على متابعة الحوارات المفتوحة بين مختلف الأطراف لمعالجة القضايا كافّة».

مجموعة الدعم

في غضون ذلك، ذكّرَت مجموعة الدعم الدولية للبنان في بيان تلته المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ بعد زيارة أعضاء المجموعة رئيسَ الحكومة تمّام سلام أمس، بالبيانات الرئاسية الصادرة عن مجلس الأمن والتي أكّدَت «الحاجة إلى تقديم دعم دولي قوي ومنسَّق لمساعدة لبنان على الصمود في وجه التحديات المتعددة المتعلقة بأمنه واستقراره».

وعبّرت المجموعة عن «قلقِها من الشغور الرئاسي الذي يستمرّ في تقويض قدرةِ لبنان على التصَدّي للتحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية». وإذ أشادَت بـ«قيادة سلام في الحفاظ على وحدة الحكومة»، أبدَت «قلقَها من ازدياد صعوبة العمل الفعَّال للحكومة خلال فترة الفراغ الرئاسي».

ودعَت القيادات اللبنانية الى «التزام الدستور واتفاق الطائف والميثاق الوطني، ووضعِ استقرار لبنان والمصلحة الوطنية قبل السياسات الحزبية، وإبداء المرونة اللازمة لحلّ هذه المسألة بنحو عاجل».

وشدّدَت على وجوب «بقاء الانتخابات الرئاسية عملية لبنانية، خالية من أيّ تدخّلات أجنبية. ومن المهِمّ أن يتزامن الدعم الدولي للبنان مع أفعال جدّية للقيادات السياسية اللبنانية. وعلى أعضاء مجلس النواب أن ينفّذوا التزامَهم بالمحافظة على تقاليد لبنان الديموقراطية العريقة من أجل انتخاب رئيس دون مزيد من التأخير».

وقالت «إنّ التنفيذ الفعَّال لكافة فقرات القرار 1701 والقرارات الأخرى ذات الصلة لا يزال محورياً لضمان الاستقرار والأمن في لبنان»، وأكّدَت «أهمّية إعادة التزام كافة الأطراف اللبنانية واحترامها سياسة النأي بالنفس والرجوع عن أيّ تدخّل في الأزمة السورية، بما يتماشى مع التزامهم في البيان الوزاري».

وأكّدَت المجموعة «ضرورة مساعدة لبنان في مواجهة كلفة النازحين والحاجة إلى استجابة شاملة لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك المزيد من الدعم للقوى الأمنية اللبنانية».

طرحُ عون

إلى ذلك، واصَل رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون تصعيدَ مواقفه، معتبراً «أنّ الحكومة تقوم بتصرّفات انقلابية»، وقال إنّه أدخلَ عنصراً جديداً في اختيار رئيس الجمهورية، وهو الشعب اللبناني، وأشار إلى «أنّ هذه الخطوة تُعيد السلطة الى الشعب من خلال استفتاء اعتبرَه «دوحة لبنانية». وقال «إنّ الحكومة تفقدُ دستوريتها لأنّها لا تلتزم القوانين والدستور لعدمِ تعيين الوظائف الأساسية، واعتبَر «أنّ وزير الدفاع «لبس طربوش» كلّ المخالفات الحاصلة في الجيش».

جولة «التكتّل»

تزامُناً، واصَل وفد «التكتّل» جولاته على القوى السياسية لشرحِ مبادرة رئيسه لانتخاب رئيس جمهورية جديد، فزارَ أمس كتلة «التنمية والتحرير» ورئيسَ تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية في بنشعي، على أن يجول اليوم على كتلة «الوفاء للمقاومة» في الحادية عشرة قبل الظهر في مبناها على طريق المطار، وعلى كتلة «المستقبل» في الثانية عشرة ظهراً في مكتب رئيسها فؤاد السنيورة في مبنى «السادات تاور».

وقالت مصار مطّلعة إنّ زيارة وفد «التكتّل» لـ»المستقبل» تشَكّل محطة مهمّة وحاسمة ومفصلية في جولاته، كونها تأتي بعد سلسلة المواقف التي أعلنَها عون لجهة ما ترَدّدَ عن مقايضة طرحَها الرئيس سعد الحريري عليه في ملفّ التعيينات العسكرية والأمنية، والإشكالية التي حصلت مع «المستقبل» في الموضوع الرئاسي».

وأضافت: «مِن المفترض أن تشكّل الزيارة منعطفاً أساسياً بين الطرفين، إذ يفترض أن يسمع «التكتّل» من السنيورة مباشرةً أجوبة نهائية على مبادرة عون وفي ملفّ التعيينات».

وعشية الزيارة، شدّدَت كتلة «المستقبل» في بيانها بعد اجتماعها الأسبوعي على «أهمّية التمسّك بالدستور واتّفاق الطائف واحترامِهما وضرورة تطبيق ما لم يطبّق من «اتّفاق الطائف»، وعلى أهمّية التمسّك بالنظام الديموقراطي البرلماني الذي نصَّ عليه الدستور، وعدم الإقدام على التورّط ببِدَع جديدة تشَرّع البلاد ونظامَها الديموقراطي البرلماني على شتّى أنواع المخاطر»، وأكّدَت «أنّ أولوية الكتلة حاسمة لجهة انتخاب رئيس للجمهورية أوّلاً، ثمّ إقرار قانون جديد للانتخاب وبَعدها إجراء انتخابات نيابية تجَدّد الحياة السياسية في لبنان».

وكان عضو «الكتلة» النائب هادي حبَيش قال بعد زيارته معراب أنْ «لا جديدَ في مبادرة عون، وإنّ ما طرحَه في مؤتمره الصحافي الأخير لجهةِ انتخاب رئيس من الشعب مباشرةً «سبقَ وسمعناه، ففي ظلّ الفراغ الرئاسي لا يجوز إجراء تعديلات دستورية، بل يجب انتخاب رئيس جديد ومن ثمّ نبحث كلّ الأمور لاحقاً».

خليّة الأزمة

وكما كشفَت «الجمهورية» أمس الأوّل، اجتمعَت خليّة الأزمة الوزارية لمتابعة ملف العسكريين المخطوفين صباح أمس برئاسة سلام في السراي الحكومي، في حضور أعضائها: وزير المال علي حسن خليل، وزير الصحّة وائل أبو فاعور، وزير العدل أشرف ريفي، المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم والأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء محمّد خير. وأكّد ابراهيم «أنّ الأجواء إيجابية جدّاً بالنسبة إلى ملف المخطوفين العسكريين».

بدوره، وصفَ وزير العدل أشرف ريفي الأجواء بأنّها «إيجابية»، مؤكّداً العملَ بجهد في هذا الملف، وقال «إنّ اللواء ابراهيم يُجري المفاوضات بنحو سليم جداً». وعن إمكانية تأثير المعارك الدائرة في القلمون على الملف، قال ريفي: «حتى الآن لم نرَ أيّ تأثير».

وقالت مصادر واكبَت الاجتماع لـ«الجمهورية» إنّ سلام لفتَ في مستهلّه إلى أنّ معطيات جديدة دفعَته إلى هذا اللقاء، وسبقَ له أن اطّلعَ عليها من ابراهيم قبل أيام، مشَدّداً على «أهمّية الحفاظ على سرّيتها لضمان تنفيذ أيّ تفاهم ومنعاً للعرقلة». وقال: «جميعُنا يعرف الجهة الخاطفة ومحاولاتها الدائمة لاستغلال احتجاز العسكريين في محطات سابقة على كلّ المستويات».

وقدّمَ سلام شرحاً سريعاً للمراحل التي قطعَتها المفاوضات السابقة، مؤكّداً «أنّ ما حالَ دون تنفيذ الإتفاقات السابقة لم يكن على عاتقِنا، فما التزمَت به الدولة اللبنانية منذ اللحظة التي رسمَت فيها السقوف القانونية والقضائية لأيّ عملية تبادُل كان يمكن أن يلاقيَها الخاطفون بالمثل، لكن هذا لم يحصل». وقال: «وفّرنا أفضلَ الظروف للمفاوض اللبناني وأعطينا ثقتَنا للّواء ابراهيم الذي يبذل جهوداً مضنية لإتمام المهمّة وما زلنا عند هذه الثقة».

وتحدّث ابراهيم عن حصيلة الاتّصالات التي جرَت في الأيام الأخيرة بتفاصيلها وما كان معروضاً وموقف لبنان من كلّ بَند من بنود العملية، معتبراً «أنّ النتائج كانت مطمئنة ولكنّها لم تصِل الى الغاية المنشودة بعد»، مؤكّداً مرّة أخرى «أنّ محاولات استغلال اللحظات الأخيرة واردة قياساً على التجارب السابقة».

وقال إنّه كان وسيبقى حذراً إلى النهايات المحتومة، مبدِياً ارتياحَه إلى «حركة الوسيط القطري التي كثّفَها في الأيام الأخيرة حاملاً مقترحات جديدة وسط دعمٍ مطلق وتعليمات مشدّدة من قيادته بوضعِ كلّ الإمكانات المطلوبة لإنجاز العملية، وهو يعمل بكل قدراته ونحن على تواصل دائم حتى الأمس القريب».

وأوضَح ابراهيم أنّ الضمانات التي نالها أخيراً حول سلامة العسكريين لا تزال قائمة، وهو يأمل في أنّها مستمرّة ومطمئنة بما يدفعه الى بذل مزيد من الجهد.

من جهته، أشاد ريفي بتجاوب السلطات القضائية التي واكبَت هذه المرحلة وساهمَت في تصنيف الموقوفين الذين يمكن ان يكونوا مادّةً للتبادل من دون المسّ بهيبة السلطات القضائية، وهو أمرٌ جاءَ ترجمةً لقرار سياسيّ وحكومي. وقال «إنّ الوضع الأمني في القلمون لم يشكّل خطراً على سلامة

العسكريين حتى اليوم».

وخلال الاجتماع استُعرضَت سلسلة من التقارير الأمنية حول الوضع في منطقة القلمون، بعد العمليات العسكرية التي شهدَتها ولم تشكّل أيّ خطر على مصير العسكريين حتى الساعة».

وفي نهاية الاجتماع كرّرَ سلام الدعوة إلى مواكبة الملف على قاعدة أنّ إمكانات الدولة هي في تصرّف المفاوض اللبناني، للوصول به الى النتيجة الإيجابية المرجوّة، ودعا الأهالي مجدّداً إلى الثقة بالمفاوض اللبناني من دون أيّ تشكيك.

برّي

وكان رئيس مجلس النواب نبيه برّي قال أمس أمام زوّاره «إنّ هناك تقدّماً مهمّاً وإيجابياً في قضية العسكريين الأسرى لدى «جبهة النصرة» سيترجَم خلال هذا الأسبوع، وقد ناقشَت خلية الأزمة هذا التطوّر، وعلمتُ أنّ المفاوض يعمل في هذا الاتجاه وآملُ في أن ينجح هذا المسعى».

ولايتي في دمشق

وفي الحراك الإيراني، حَطّ علي أكبر ولايتي مستشار المرجَع الأعلى للجهورية الإسلامية الإيرانية الإمام الخامنئي، في دمشق أمس، والتقى الرئيس بشّار الأسد، بعدما اختتم زيارته للبنان بلقاء الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله.

وأكّد الأسد خلال اللقاء أنّ دعمَ طهران لبلاده «شكّلَ ركناً أساسياً في المعركة ضدّ الإرهاب». وقال «لم يعُد في الإمكان تجاهلُ محور المقاومة».

وكان ولايتي عرضَ مع السيّد نصر الله، بحضور السفير الإيراني محمد فتحعلي، لأوضاع المنطقة، والتطوّرات السياسية والأمنية وسُبل مواجهتها.

وذكرَت وكالة أنباء الجهورية الإسلامية الإيرانية («إرنا») الرسمية أنّ الطرفين تطرّقا خلال اللقاء إلی التطورات الراهنة علی الساحتین الإقلیمیة والدولیة، وعرَضا للأوضاع العامة فی لبنان، وأکّدا ضرورة مواجهة خطر الجماعات الإرهابیة المتطرّفة.

وباركَ ولایتي للأمين العام «الإنجازات والانتصارات التی حقّقتها المقاومة الإسلامیة، وشدَّدَ علی أهمّیة التعاون بین الدول والمجموعات التی لدیها خبرات وتجارب فی مختلف المجالات لمكافحة التیارات المتطرّفة والمجموعات التكفیریة».

واعتبَر ولايتي «أنّ الجماعات التكفیریة والمتطرّفة، وبدعمِ بعض دوَل المنطقة وحكوماتها، تسعی إلى تشویه صورة الإسلام، وتُخَطّط لتقسیم بعض الدوَل الإسلامیة وتفتیتِها». وقال: «نحن نعتقد أنّ المقاومة حقّقت انتصارات کبیرة فی مواجهة العدوّ الصهیوني، وأنّ هذه الانتصارات قطعَت عليه أحلامَه المشؤومة تجاه المنطقة وبعض الدوَل، کسوریا ولبنان والعراق».

من جهتِها، أفادَت وكالة «مهر» للأنباء الإيرانية أنّ ولايتي أكّد «أهمّية وحدة العالم الإسلامي والدوَل والجماعات التي تعاونَت في السابق في ما بينها من أجل مواجهة التيارات المتطرّفة والتكفيرية»، وقال: «إنّ الجماعات التكفيرية والمتطرّفة تَحظى بدعمِ بعض الدوَل وبعض الحكومات في المنطقة، وهي تسعى الى إظهار صورةٍ عنيفة للإسلام، وتُخطّط لتقسيم بعض الدوَل الإسلامية».

وأشارت الوكالة إلى أنّ السيّد نصر الله استعرضَ «آخِر التطوّرات الإقليمية وقضية مواجهة الجماعات التكفيرية والمتطرّفة، مشيراً إلى الانتصارات التي سُجّلت في القلمون وبقيّة المناطق، شاكراً لإيران الدعمَ الذي تقدّمه».

في هذا السياق وصفَ برّي محادثاته مع ولايتي بأنّها كانت مهمّة، وتناولت كلّ القضايا المطروحة في لبنان والمنطقة وصولاً إلى الاتّفاق النوَوي المنتظر بين إيران والدوَل الغربية. ونُقِل عنه تأكيدُه «أنّ أمنَ لبنان هو مِن أمن سوريا في الأساس، فكيف بعد هذا الكمّ مِن النزوح السوري إلى الأراضي اللبنانية». كذلك نُقِل عنه أنّ الاستحقاق الرئاسي شأنٌ لبنانيّ داخليّ ويَنبغي على اللبنانيين أن يتّفقوا على انتخاب رئيس جديد.