Site icon IMLebanon

برّي يردّ على عون… والحريري: لا للـتعطيل لنستطيع التفاهم

 

مع استمرار الشغور الرئاسي وتوَقُّع ارتفاع عدّاد جلسات انتخاب رئيس جمهورية اليوم إلى الرقم 25 بانتهاء الجلسة الرابعة والعشرين كمصير سابقاتها، خرَقَ المشهدَ اللبنانيّ عموماً والمسيحيَّ خصوصاً لقاءُ الرابية المفاجئ بين رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الذي توّجَ بإذاعة «إعلان النيّات» بين الفريقَين، في وقتٍ تَنحو الأجواء الحكومية نحو الشَلل والتعطيل، على رغم الاتّصالات الناشطة عشيّة جلسة مجلس الوزراء المقرَّرة غداً الخميس للبَتّ في ملفَّي عرسال والتعيينات العسكرية والأمنية. ولم يحجب مشهد الرابية الأنظارَ عن جدّة التي يتوِّج فيها رئيس الحكومة تمّام سلام زيارتَه بلقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بعدما كرّمَه وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن نايف بعشاء حضَره الرئيس سعد الحريري. وكذلك عن دار الفتوى التي شهدَت قمّةً روحيّة إسلامية أكّدَت «حرمة قتال المسلِم للمسلِم»، ودانَت «كلّ أشكال التطرّف وتكفير المؤمنين بالله الواحد»، وحذّرَت «من الانجرار وراء دعاة الفتنة». ودعت إلى «انتخاب الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي».

خطف الأضواءَ أمس لقاء الرابية المفاجئ بين عون وجعجع الذي جاء تتويجاً لثلاثة أشهر من التواصل بينهما. واعتبرَه عون «هدية» للشارع المسيحي، مؤكّداً التصميم على «العمل معاً مع «القوات» لتنفيذ إعلان النيّات».

وكان عون قال بعد اجتماع التكتّل وقبَيل وصول جعجع إلى الرابية: «من الآن وحتى أيلول، فليأخذوا إجازة، طالما إنّهم مصمِّمون على تعطيل عمل الحكومة وسيُقفلون «دكّانهم»، ونحن خائفون من التنقّل ونترقّب ماذا سيحصل على الجبهة، فيما «حزب الله» يسعى لأن يدبّر ملاجئه في الجنوب، فليأخذوا فرصةً حتى 15 أيلول، وعندها «وإنْ شاءَ الله كلّ شيء يحبّون أن يتحقّق يكون قد تحقّق»، فإمّا نعود نحن وإيّاهم وإمّا يعودون وحدَهم فيكونون قد استلموا كلّ شيء والله يبارك لهم».

جعجع

أمّا جعجع فتمنّى لو تمّ اللقاء بينه وبين عون منذ 30 عاماً، مشيراً إلى أنّ وجوده في الرابية لا يتعلّق بأيّ سبب من الأسباب والمواضيع المطروحة للبحث». وقال «إنّ التيّار الوطني الحرّ و«القوّات اللبنانية» يشكّلان قوّتين سياستين كبيرتين في حال التقائهما، ومِن الممكن أن يؤثّرا بشكلٍ إيجابي على مختلف الأحداث اللبنانية.

ولفتَ إلى أنّ الاجتماع «يشكّل بدايةً للحوار بينَنا، لأنّ الأشهر الثلاثة الماضية كانت عبارةً عن تمهيد وتحضير للأجواء، بعد أن أمضينا 30 عاماً سيّئاً، ومليئاً بالأجواء الملبّدة.. لذا استغرقنا كلّ الأشهر الماضية لكي نصل إلى النقطة صفر في الحوار، ولذلك، بدءاً من اليوم، سيبدأ عملنا الحقيقي».

وقال: «يمكننا أن نَعِد الجميع، بعدما تشاوَرنا مع العماد عون، أنّنا سنضَع كلّ الجهد الممكن لعدمِ إحباط هذه المحاولة مهما كان الثمن، لأنّه لا يوجَد أيّ موضوع أكثر أهمّية من هذه المحاولة. إنّ المواضيع التي سنتفّق عليها سنَسير بها تلقائياً». وقال إنّه لا يعارض مبادرة عون الرئاسيّة لجهة استطلاع الرأي شرط أن تكون تحت سقف الدستور.

الحريري

وردّ الحريري من جدّة على دعوة عون إلى إجازة حكومية حتى أيلول، فقال: «إنّ الشَلل إذا أصابَ الحكومة سيصيب كلّ لبنان، وإنّني أنصَح رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون بأن لا يسير في هذا الاتّجاه ونَستطيع التفاهم معه».

وإذ قال «إنّ حزب الله يضرب مصالح اللبنانيين في كلّ أنحاء العالم»، أكّد في المقابل «أنّ الحوار مع حزب الله مستمر، فهذا واجبُنا الوطني، ورئاسة الجمهورية هي الأولوية اليوم». وعن الوضع في عرسال، قال الحريري: «الجيش دخَل إلى عرسال وليُترَكْ ليقومَ بواجبه، والأهمّية الآن هي لانتخاب رئيس وليس لتعيين قائد للجيش».

الهبة السعودية

إلى ذلك، علمَت «الجمهورية» من مصادر متابعة لملف التسليح أنّ «الهبة السعودية لم تتوقّف، وكلّ الكلام عن عرقلتِها لا أساس له من الصحة». وأوضحَت المصادر أنّ «ما حصل هو أنّ الجيش طلب سلاحاً ثقيلاً، من مدافعَ وصواريخ وناقلات جُند وأسلحة قتالية هجوميّة ودفاعية، وهذه الأسلحة تحتاج الى وقت لتصنيعِها وتحضيرها لدى الشركة المصنّعة قبل إرسالها إلى لبنان»، مؤكّدةً أنّ «الهبة السعودية مستمرّة، وهذا ما أكّده السفير السعودي علي عواض عسيري، كما أنّ الرئيس تمام سلام سيبحث خلال زيارته السعودية في مواضيع عدّة أبرزُها تسليح الجيش».

وتزامُناً، نفى قائد الجيش العماد جان قهوجي إدلاءَه بأيّ تصريح تلفزيوني عن توقّف الهبة السعودية أو تعَثّرِها، مؤكّداً أنّ الكلام الذي نُسِب إليه في شأن هذا الموضوع لا أساس له من الصحّة.

برّي والموفد البابَوي

وإلى ذلك، شَكّل الاستحقاق الرئاسي محورَ البحث الأساسي أمس بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والموفد البابوي إلى لبنان الكاردينال دومينيك مومبرتي. وأكّد بري لمومبرتي «أنّ هناك 3 دوَل قادرة على الاضطلاع بدور أساسي في شأن إنجاز هذا الاستحقاق، وهي الفاتيكان وإيران والسعودية، وأنتَ بصفتك السابقة (وزير خارجية دولة الفاتيكان) والحاليّة، تستطيع الاضطلاع بدور». وقال: «ليس صحيحاً أنّ المشكلة مسيحية – إسلامية ولا مسيحية ـ مسيحية، بل هي مشكلة مارونية – مارونية، وهي اليوم خلافاً للعام 2008 ترتبط بالشخص.

عامَذاك كان محور مداولات مؤتمر الدوحة قانون الانتخابات النيابية وليس شخص رئيس الجمهورية، لأنّه كان متّفَقاً عليه. أمّا اليوم فالمشكلة هي في الشخص، ونحن في ضوء ظروف المنطقة أكثر ما نحتاج إلى رئيس مسيحي وماروني، وإذا كان في الماضي لدى البعض ملاحظات على ذلك فإنّ الجميع اليوم يتشبَّثون برئيس مسيحي وماروني، ولو لم يكن موجوداً علينا أن نجدَه، فكيف إذا كان موجوداً؟ وهذا الأمر يُجمِع اللبنانيون عليه.

ولاحظ برّي «أنّنا اليوم أشبَه بمنزل محاط بأشجار بعضُ أغصانها يابس والنار تشتعل حولَنا ولا نعرف متى تصِل النيران إلى داخل المنزل. لذلك يجب الإسراع والإسراع والإسراع في انتخاب رئيس»، مؤكّداً أنّ في إمكان الفاتيكان بما له من موقع مؤثّر لعبُ دورٍ فاعل في المساعدة على انتخاب رئيس جمهورية جديد.

وعندما قال برّي لمومبرتي «إنّ المجلس النيابي سيَجتمع غداً (اليوم) في جلسة جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية»، ردّ عليه مومبرتي قائلاً: «إنّها الجلسة الرابعة والعشرون».

وأشاد مومبرتي بدور برّي ورعايته الحوار الجاري بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، وقال له: «لو لم يجرِ هذا الحوار بمساعيك لمَا عرف لبنان هذا الاستقرار الأمني».

وسأل مومبرتي برّي «هل إنّ الحوار المسيحي ـ المسيحي سيؤدّي إلى نتائج إيجابية كالحوار الذي ترعاه ؟» فرَدّ قائلاً: «إنْ شاءَ الله».

وعن موقف عون الداعي إلى إجازة حتى أيلول، قال برّي: «لا أحد أكبر من وطنه، إنّهم يفعلون اليوم الشيء نفسَه الذي فعلوه بمجلس النواب، فإمّا أن يدرَج هذا المشروع القانون أو ذاك في جدول الأعمال أو لا جلسة لمجلس النواب، وكذلك يفعلون الأمر نفسَه بالحكومة، فإمّا أن يتّخَذ هذا القرار أو ذاك وإمّا يعطّلون الحكومة». وأضاف: «حتى ولو غابَ البعض عن جلسات مجلس الوزراء فإنّ الميثاقية متوافرة في الحكومة، وأنا باقٍ فيها وسأحضر، والحكومة ستستمرّ لأنّ ميثاقيتها متوافرة».

وماذا لو قاطعَ البعض كـ«حزب الله» و«التكتّل» هل تستمرّ الحكومة ولا تتحوّل حكومة تصريف أعمال؟ أجاب برّي: «هذا متوقّف على رأي الرئيس سلام، لكنّني أعتقد أنّ مَن سيغيب سيتضرّر ولا يَلبث أن يعود إلى مجلس الوزراء بعد جلستَين أو ثلاث جلسات».

وزير الداخلية

وعشيّة جلسة مجلس الوزراء التي تتابع البحثَ في ملفَّي عرسال والتعيينات، أوضَح وزير الداخلية نهاد المشنوق أنّ المجلس سيستمر في مناقشة الوضع في عرسال بلا حدود. وأوضَح أنّه يحمل الى المجلس إسماً واحداً للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، وسيَطرحه في الوقت المناسب لأن ليس هناك ما هو مستعجل.

دوفريج

وعبّرَ الوزير نبيل دوفريج عن تشاؤمه الشديد، وتخَوَّف من الأيام الآتية، وقال لـ«الجمهورية»: «إنّ كلام العماد عون أمس يذكّرني بكلامه عامَي 1988 و1989، ولكن هذه المرّة كلامه أخطر بكثير في ظلّ الأوضاع السائدة في المنطقة، لكنّ السؤال الكبير هو كيف يقبَل «حزب الله» الدخول في لعبة تعطيل البَلد نهائياً، فهل هذا معناه مؤتمر تأسيسي؟ لا نعرف».

وأضاف: «لم أفهَم أساساً لماذا نثير موضوعَ تعيين قائد للجيش منذ الآن في حين أنّ ولاية العماد جان قهوجي تنتهي في أيلول. أفهم أن نعيّن اليوم مديراً عامّاً لقوى الأمن الداخلي لأنّ ولايته تنتهي الآن، لكن لماذا نفتَح معركة قيادة الجيش؟ لا أحد يقول شيئاً عن العميد شامل روكز لكنّ الوقت ليس وقتَ فتح معركة قيادة الجيش، في حين أنّ الجيش يخوض معركة طويلة ضدّ الإرهاب، إنّنا نعتبر ذلك قلّة إدراك ومسؤولية».

المشنوق لـ«الجمهورية»

وقال الوزير محمد المشنوق لـ«الجمهورية»: «لم يعُد ملف عرسال فتيلاً متفجّراً في مجلس الوزراء، فقد لمسنا حِرصَ الجميع على دور الجيش ومعنوياته وتشديداً على وجوب استمرار دعمه. أمّا في التعيينات، فلدينا موضوع مستحقّ في جلسة الخميس وهو تعيين مدير عام لقوى الأمن الداخلي، هناك بعض الأسماء لكن إذا لم تلقَ اليوم دعماً كاملاً لدى جميع الوزراء لتحصل على أكثرية الثلثين فهذا سيؤدّي عملياً إلى التمديد.

وبالنسبة إلى موضوع قيادة الجيش، فمن المبكر إثارة الموضوع منذ اليوم، لدينا فترة حتى أيلول، فلنعطِ الفرصة، وقتَها لربما تحصل تفاهمات أو تسويات أو اتّفاق على اسم، لكنّ طرح الأمر اليوم مع صيغة التعطيل، تهديدٌ ليس في محلّه، وآمل أن لا نصل الى صيَغ تعطيلية.

ولستُ متأكّداً مَن سيكون صاحب فكرة التعطيل، يمكن أن يَحتجّ البعض أو يعارض، ونحن نحترم ذلك ونقدّره، لكن لا أعتقد أنّ عمل الحكومة يمكن أن يتعطّل، فهي الملاذ الوحيد ربّما، وما زالت المصلحة الوطنية، وهي صيغة تسوية ولو كانت بالحدّ الأدنى ولا تزال مستمرّة.

الحكومة تجتمع بأكثرية الثلثين وإذا كان التعطيل بمعنى نوع من الانسجام بين وزيرين أو أربعة أو خمسة بهذا الموضوع، فنحن نحترم الآراء الاحتجاجية عند المعارضة، ولكن ليس أن نصل الى حد نلطم فيه أنفسَنا».

إعادة محاكمة سماحة

وفي تطوّر قضائي لافت، فسَخَت محكمة التمييز العسكرية، الحكمَ الصادر في ملف الوزير والنائب السابق ميشال سماحة عن المحكمة العسكرية الدائمة، بجرائم الإرهاب والقتل ونقل متفجّرات من سوريا إلى لبنان، وحدّدت 16 تمّوز المقبل موعداً لإعادة محاكمتِه، معتبرةً أنّ «العسكرية الدائمة» أخطأت في تطبيق القانون، ورَدّت محكمة التمييز طلبَ النقض المقدّم من وكيل سماحة، فيما أبقَت على فصل ملفّي سماحة والمملوك. (التفاصيل في الصفحة 10).