IMLebanon

 سلام لـ«الجمهورية»: الجيش لن يتراجع في مواجهة خاطفي مجتمع بكامله

حقّق الجيش اللبناني أمس مزيداً من الحسم ضد المجموعات الإرهابية في طرابلس والشمال، في سياق المواجهة البطولية الوطنية الكبرى التي يخوضها دفاعاً عن لبنان وأمنه واستقراره، فيما تصاعدَت وتيرة الالتفاف حوله في هذه المعركة التي سيمضي فيها حتى الحسم النهائي مهما بلغت التضحيات، فلا مساومة لديه مع الإرهاب ولا مهادنة على حساب أمن البلاد واستقرارها، ووحدة الشعب فيها وسلامة أراضيها. وقد خاض الجيش أمس مواجهات سطّرَ فيها ملاحمَ بطولة، سقط له فيها 9 شهداء، بينهم ثلاثة ضباط اثنان منهم سقطا في مكمن مسلّح تعرّضت له قوّة من الجيش بعد ظهر أمس أثناء انتشارها في محلّة ضهور المحمّرة ـ المنية، فيما خَطفَ مسلحون المعاونَ أوّل فايز العموري في محلّة باب التبانة»، وهو العسكري الثاني الذي تخطفه مجموعات مسلّحة، بعد الجندي طنّوس نعمة الذي خطفَته في المنطقة نفسها أمس الأوّل وقد حرّرته إستخبارات الجيش أمس.

وفيما تابع قائد الجيش العماد جان قهوجي مسار المعركة، أكّد مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ «عملية الجيش في طرابلس عموماً، وفي محلة باب التبانة خصوصاً، مستمرّة حتى إنهاء الوضع الشاذ، وأنّ كلّ ما يحكى عن وساطات لوقفها هو كلام بلا مفعول، فالجيش لا يردّ على أحد، فهو يتمتّع بغطاء سياسي حكومي واسع، كذلك فإنّ الوضع الميداني هو لمصلحته، بعدما سيطر على الأسواق والدهاليز مستخدِماً تقنياته العسكرية القتالية، وضمّ مناطق واسعة في التبانة، وبالتالي فإنّ الجيش مُصرّ على حسم المعركة لكي لا تعود التبانة بؤرةً للإرهاب ويؤخذ مواطنوها رهينة».

وأكّد المصدر العسكري أنّ «المعركة باتت في المربّع الأخير لشادي المولوي وأسامة منصور، وإسقاط هذا المربّع رهن بمعطيات الميدان». ونفى «إستخدام المروحيات في المعركة الدائرة في الأحياء السكنية»، لافتاً الى أنّ خطة إجلاء المدنيين هي دليل على إستكمال المعركة».

وأوضح انّ «الوحدات والألوية المنتشرة اساساً في طرابلس هي مَن يخوض المعركة الاساسية، وقد دخل فوج المغاوير قوّة دعم». وإذ أكّد أنّ «الجيش يعمل على ملاحقة الشيخ الفار خالد بحلص وجماعته المسلّحة»، اعتبر «أنّ معركة بحنين هي ارتداد لحرب طرابلس».

قلق برّي

في غضون ذلك، عبّر رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره ليل أمس عن قلقه ممّا يجري في طرابلس، لكنّه اعتبر «انّ ما حصل لم يكن مفاجئاً، في اعتباره نتيجة طبيعية للخطاب التحريضي وتوزيع المال والسلاح».

وشدّد على «انّ الأمن لا يؤخذ إلّا بالقوّة والحزم»، مشيراً إلى «أنّ العلّة ليست في العسكريين، ولا في المدنيين، وإنما في بعض السياسيين». وأكّد أنّه «لا يجوز في هذه المرحلة التي يخوض فيها الجيش معركة ضارية ضد الإرهاب التعرّض له ولقيادته».

وأوضحَ بري أنّه اطّلع من قائد الجيش الذي زاره أمس الاوّل على نتائج زيارته الى واشنطن والاستعدادات الاميركية لتزويد الجيش مزيداً من السلاح، من بينه طائرات قاذفة للصواريخ من بُعد. وقال «إنّ الطريق امام هبة المليار دولار السعودية للجيش سالكة وسيُشتَرى فيها سلاح، و«الأمور ماشية»، أمّا مصير هبة الثلاثة مليارات السعودية التي عُهد لفرنسا تسييلها اسلحةً للجيش فلا يزال مصيرها غامضاً».

إمساك بالوضع

ومن جهته، تحدّث رئيس الحكومة تمام سلام ليل أمس لـ«الجمهورية» مستعرضاً حصيلة الإتصالات التي أجراها مع قائد الجيش والوزراء المعنيين والقيادات الطرابلسية، فرفضَ «أن يُعتَبَر ما حصل فلتاناً خرج من يد الجميع».

وقال: «صحيح انّ الأمور «متفاقمة» لكنّ الجيش اللبناني يمسك بالوضع ويسيطر على الأرض ولو بكلفة عالية». وأضاف: «إنّ الجيش يخوض مواجهة شرسة مع خاطفي شعب ومجتمع بكامله». ونوَّه بصمود الجيش في مواجهة هذه المجموعات المسلحة، مؤكّداً أنّه «لا يمكنه ان يتراجع في هذه الأجواء». وقال: «لقد قدّم الجيش كثيراً من التضحيات في سبيل الأمن والسلام الذي تستحقّه مناطق عكّار وطرابلس وبقيّة المناطق اللبنانية».

وأضاف: «لقد قدّم الجيش من خيرة ضبّاطه ورتبائه والجنود شهداء وجرحى هم موضع تقدير لدينا ولدى القيادة العسكرية، وبالتالي فإنّ الجيش سيكمل المهمة الموكلة اليه حتى النهاية، ولن يكون امامه ايّ عائق، فثقتنا به كبيرة وهي في موضعها».

وردّاً على سؤال حول احتمال إلغاء مشاركته في المؤتمر الذي تنظّمه «مجموعة العمل الدولية من أجل لبنان» غداً في برلين في ألمانيا، أكّد سلام أنّ أيّ تعديلات لم تطرأ على سفره وأنّه سيغيب عن لبنان 24 ساعة فقط، «فالمؤتمر مهمّ جداً وننتظره منذ الإعلان عنه ونُعدّ له العدّة اللازمة، ولا تقف اهمّيته عندنا فحسب، فهو مهمّ ايضاً بالنسبة إلينا وإلى دوَل الجوار السوري، وله موقعه في اعتباره مناسبة إستثنائية في حساباتنا، والمشاركةُ فيه مهمة وطنية وأساسية تتجاوز ما يجري من حولنا من أحداث على رغم اهمّيتها. فملفّ النازحين السوريين كبير وخطير، وهو سبب مهمّ في كلّ ما يجري على ساحتنا.

فالنزوح السوري بات يلقي بأثقاله الكبيرة على اقتصادنا ومؤسساتنا بكلّ المستويات، وقد قدّم لبنان ما لم تقدّمه ايّ دولة في المنطقة، ولا بدّ للعالم من ان يشاركنا في كلفة المواجهة ويساعدنا على تجاوز هذه المحنة الكبيرة لتعويض ما لحقَ بنا من أضرار تفوق كلّ التوقعات.

ولذلك، أعدَدنا العدّة جيّداً لهذا المؤتمر، وسيكون لنا موقفٌ واضح ترجمته الحكومة بورقة عمل مدروسة بعناية تامّة، وسيكون لها الصدى الذي ننتظره على كلّ المستويات. ويجب ان لا ننسى انّ أكثر من 39 دولة تشارك في هذا المؤتمر ما عدا دوَل الجوار السوري. وعلى العالم ان يعيَ كثيراً من الحقائق التي سنُسلّط الضوء عليها في هذا المؤتمر».

وعمّا قيل عن توحيد ورقتَي لبنان والأردن الى المؤتمر، قال سلام: «إنّ ما جرى من اتصالات لم يوجب بعد توحيد هاتين الورقتين بورقة واحدة. فلكلّ من دول الجوار خصوصيات لا تتلاءَم وأوضاع الدولة الأخرى. وحيثما يجب ان نوحّد الجهود سنوحّدها وحيث نرى مصلحة لبنان سنكون. فهناك أمور كثيرة نتمسك بها وقد أجرينا الإتصالات الإستباقية الضرورية لضمان الوصول إليها، والله وليّ التوفيق».

وكشفَ سلام أنّه سيغادر لبنان اليوم ويعود غداً، وسيلتقي فور وصوله الى برلين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قبل ان يلقي كلمة لبنان في المؤتمر وكلمةً أخرى في لقاء دوَل الجوار السوري.

إستئصال الإرهاب

وإزاء التطوّرات الامنية المتسارعة شمالاً، تلاحقَت الاجتماعات والاتصالات السياسية. وفي هذا الإطار طلب سلام من قائد الجيش توفيرَ ممرّ آمن لإجلاء الجرحى والمصابين وإخراج المدنيين المحاصرين، فتجاوبَ مع هذا الطلب.

وأكّد سلام بعدما عزّى العماد قهوجي بالضبّاط والجنود الذين سقطوا في ساحة الشرف «أنّ السلطة السياسية تقدّم كلّ الدعم لقوانا المسلحة، من جيش وقوى أمنية في المعركة التي تخوضها لاستئصال الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار الى طرابلس والشمال وكلّ المناطق اللبنانية».

كذلك حيّا «أبناء طرابلس والمنية والضنّية وبقيّة مناطق الشمال، الصابرين على الضيم، المتحمّلين وِزر مشاريع سود لا علاقة لهم بها لا من قريب ولا من بعيد»، وأعلن «أنّ الحكومة لن تقصّر في واجبها تجاه المتضرّرين فور انحسار غبار هذه المعركة الوطنية القاسية التي يخوضها الجيش دفاعاً عن اللبنانيين جميعا».

الراعي

ومن أوستراليا، أكّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي «أنّ الاعتداء على الجيش في طرابلس آلمَ الجميع». وقال: «نؤكّد دعمنا الكامل للمؤسسة العسكرية وسائر القوى الأمنية في لبنان، ونُصلّي من أجل نُصرتها وحمايتها ونجاحها في حفظ الأمن والاستقرار في الوطن الحبيب».

الجميّل

وبدوره، دعا رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل الى «مواقف حاسمة لإنهاء المأساة، والعودة الى الاستقرار في طرابلس»، مشدّداً على أنّه «آن الأوان لوضع حدّ لانتهاك السيادة الوطنية والمدينة وأمنها والتعدّي على الجيش».

الحريري

من جهته، هنّأ الرئيس سعد الحريري قائد الجيش خلال اتصال هاتفي بنجاح الجيش في ضبط الخلية الإرهابية في بلدة عاصون، مكرّراً دعمَه للمؤسسة العسكرية في مهمّاتها لمكافحة الإرهاب وحفظ الأمن والاستقرار في كلّ المناطق اللبنانية.

«حزب الله»

وفيما كان الأمین العام لـ«حزب الله» السیّد حسن نصر الله يتحدّث مساء أمس الأوّل عن «مشروع فتنة خطیر وکبیر» کان یحضَّر له في طرابلس والشمال، أكّد نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أنّ «الإرهاب التكفيري يضرب في طرابلس ويحاول أن يخرّب على اللبنانيين، وهذا الخطر هو على الجميع وليس على جماعة دون أخرى»، مشدّداً على «مسؤولية جميع القوى السياسية على امتداد لبنان التماسك في ما بينها في مواجهة الخطر التكفيري».

وقال خلال إحياء الليلة الثانية من ذكرى عاشوراء في مجمع سيّد الشهداء في الضاحية الجنوبية، إنّ «التكفيريين ليس لهم صاحب ولا يهمّهم أحد، والأزمة في لبنان تُحَلّ فقط بالحوار»، مضيفاً: «نحن نؤكّد جهوزيتنا للحوار والتلاقي ورفض كلّ أشكال الفتنة، لأن لا مصلحة للّبنانيين إلّا بالتلاقي في ما بينهم»، داعياً إيّاهم إلى «أن يكونوا متماسكين بوجه هذا الإرهاب».

وبدوره عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نوّاف الموسوي، قال إنّ «وقفَ العمليات العسكرية الآن يعني إعطاءَ فرصة للمجموعات التكفيرية لأخذِ النفس والاستعداد مجدّداً للانقضاض على الجيش وعلى أهل الشمال وأهل طرابلس وعلى اللبنانيين جميعاً، وبما أنّ هذه المعركة قد فُتحت فيجب أن لا تُغلقَ قبل إزالة الورَم من جذوره مع ما يحوط به ممّا يمكن أن يتحوّل إليه في المستقبل».

جعجع

بدوره، اعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «أنّ حوادث طرابلس الأخيرة تُظهر أنّ الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى مؤهّلة ومهيّأة للدفاع عن لبنان عندما تدعو الحاجة»، لافتاً إلى «أنّ الطرابلسيين لا يُشكّلون بيئةً حاضنة للتطرّف والإرهاب، بخلاف ما كان يُشيعهُ البعض».

نوّاب طرابلس

إلى ذلك، حضرَت تطوّرات طرابلس في اجتماع طارئ عَقده نوّاب المدينة وفاعلياتها في منزل النائب محمد كبارة، وأكّد المجتمعون أنّ «طرابلس كانت ولا تزال في كنَف الدولة ومؤسساتها الشرعية، وهي ضد الإرهاب من أيّ جهة أتى»، وجدّدوا رفضَ أيّ « اعتداء يمكن أن تتعرّض له المواقع العسكرية أو أن يطاولَ العسكريّين».

وطالبوا بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في المدينة، وذلك لإخلاء الجرحى»، وشدّدوا على ضرورة «تطبيق الخطّة الأمنية في الأسلوب السلمي الذي تمّ سابقاً»، مُحذّرين من «الإفراط في استخدام القوّة في المدينة».

تهديد النصرة

إلى ذلك، هدّدت جبهة «النصرة» بتنفيذ حكم القتل في حقّ الجندي المخطوف لديها علي البزّال في الخامسة فجر اليوم الاثنين، وذلك «نظراً لعدم استجابة الجيش اللبناني لشروطنا»، بعدما كانت أرجَأت تنفيذ تهديدها أمس مرّتين.

وناشدَ أهالي العسكريين المخطوفين المجموعات المسلحة عدمَ تنفيذ تهديدها وطالبوا الجيش بـ«فكّ الحصار عن طرابلس لكي لا يكون سبب تفجير الفتنة».

الى ذلك قبضَت القوى الأمنية في البقاع مساء أمس على أحمد محمد شهاب (سوري من مواليد القصير عام 1996)، وهو من المجموعات المسلحة التي خطفَت الجنود اللبنانيين في عرسال الشهر الماضي.

وفي التفاصيل، أنّ شهاب كان في طريقه من بيروت إلى البقاع، حاملاً بطاقة هوية لبنانية مزوّرة، وهو حليقُ الذقن ويرتدي ملابسَ أنيقة، ولدى وصوله إلى حاجز ضهر البيدر، تعرّف إليه أحد عناصر الحاجز الذي كان في عداد العسكريين المخطوفين، فبادرَه قائلاً: «نزال، نزال، جيت لوحدك ما حدا جابك».

وأفيدَ أنّ شهاب اعترفَ بالمشاركة في خطف الجنود اللبنانيين، واقتِيد إلى وزارة الدفاع للتحقيق. وليلاً أفِيد أنّ الهدوء يسيطر حالياً على الأحياء، التي كانت مسرَحاً للاشتباكات بين الجيش والمسلحين في باب التبانة، في الوقت الذي ينزح المدنيّون في اتّجاه مناطق أكثر أمناً. وقد سُجّل في هذا الإطار، خروج آلاف من أبناء المنطقة في اتّجاه مناطق القبّة وأبو سمرا والزاهرية، تخوّفاً من تجدّد الاشتباكات.

ومن عرسال أفيد ليلاً أنّ الجيش صدّ محاولة تسلّل مجموعة مسلّحة من جرود عرسال بين مركزَي وادي حميد وتلّة الحصن وأطلق النار في اتّجاهها بالأسلحة المتوسّطة.