Site icon IMLebanon

 التعطيل الحكومي مستمرّ وتحذير عــوني من إستخدام السّلاح الإقتصادي

السياسة تدور في حلقةٍ مفرَغة. الشَلل سيّد الموقف. لا حلولَ في الأفق. كلّ الاتصالات واللقاءات الخارجية والداخلية لم تنجَح حتى اليوم بانتخاب رئيس جديد للجمهورية. لا مؤشّرات إلى أنّ المساعي على الخط الحكومي ستكون مختلفة. تداعيات الأزمة السياسية كارثية على الملفّات الحياتية والاقتصادية، إذا لم يتمّ تداركُها سريعاً. الجميع يمَنّي النفسَ بأنّ وضعَ لبنان أفضل بآلاف المرّات من الأوضاع المحيطة به، عِلماً أنّه كان يمكن أن يكون أفضل ممّا هو عليه بآلاف المرّات أيضاً لو تمَّ انتخاب رئيس جديد، ولو نجحَت الحكومة بتجاوز الخلافات والأزمات، وأبقَت كلّ القوى السياسية تركيزَها على الوضع الأمني من أجل تسهيل مهمّة الجيش اللبناني في حفظ الحدود والاستقرار، هذا الجيش الذي يحَقّق المعجزات في ظلّ بيئة سياسية منقسمة.

في موازاة الوضع في الداخل، التطوّرات في الجرود على حالها، وفي المقلب السوري ما زالت المبادرة العسكرية بيَد التشكيلات المعارضة على اختلافها، على رغم الكلام عن تحضيرات عسكرية من وراء الحدود السورية ترمي لتصحيح الخَلل الفاضح الذي ظهرَ على الأرض في الأسابيع الأخيرة.

وأمّا سياسياً فبَرز موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أكّد، بعد ساعات على لقائه وليّ وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تمسّكَ بلادِه بالرئيس السوري بشّار الأسد، خشيةً مِن أن تؤدّيَ الإطاحة به إلى انزلاق سوريا لمزيدٍ مِن الفوضى.

وقد جاء هذا الموقف الروسي على نقيض ما نُسِب إلى الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي لجهة الاستعداد لمواجهة تداعيات سقوط النظام السوري، على رغم أنّ القاهرة تتقاطع وموسكو في مقاربة الأزمة السورية.

الأزمة الحكومية تُراوِح

وفي حين استمرّ الملف الرئاسي معَلقاً، مع توالي المؤشّرات إلى تمديد الشغور في قصر بعبدا، راوَحت الأزمة الحكومية مكانها على رغم التعويل بأن تشَكّل أجواء شهر رمضان فرصةً لتزخيم المساعي لإعادة عجَلة العمل الحكومي إلى الدوران، بفعل تمسّك «التيار الوطني الحر» بأولوية إقرار التعيينات العسكرية والأمنية. وتترقّب الأوساط ما سيُعلنه رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون من مواقف تصعيدية اليوم وغداً.

وقد انكفَأ النشاط السياسي أمس وغابت المواقف والتحرّكات، وساد الترَقّب في انتظار خطوةِ رئيس الحكومة تمّام سلام المقبلة بعد تصاعدِ الدعوات الى ضرورة أن يمارس الصلاحيات التي يَمنحه إياها الدستور بدعوةِ مجلس الوزراء إلى الانعقاد وتحديد جدوَل أعماله.

وقالت مصادر سياسية مطّلعة إنّ الاتصالات التي جرَت في الأيام الماضية لإحياء الاجتماعات الحكومية لم تصِل إلى أيّ نتيجة إيجابية على رغم الأجواء التي أوحَت بها عين التينة والسراي الحكومي على خلفيّة إصرارهما على حماية الحكومة بالحَدّ الأدنى من تضامنها الهَشّ المهَدّد في أيّ لحظة تَخَلٍّ.

وعلمَت «الجمهورية» أنّ سلام غادرَ بيروت بعد ظهر أمس في زيارةٍ خاصة إلى الخارج، في عطلة تمتدّ أقلّه حتى مطلع الأسبوع.

وعليه، نُقِل عن أحد العاملين على خط الاتّصالات قوله «إنّ المشاورات في إجازة والدعوة إلى جلسة جديدة لمجلس الوزراء في جيبِ رئيسِها فقط» .

مصادر وزارية

في غضون ذلك، توَقّعَت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» أن لا يدعو رئيس الحكومة طوال شهر رمضان إلى جلسة لمجلس الوزراء، وأن تُستأنَف الجلسات بعد عيد الفطر. وكشفَت أنّ وزير «حزب الله» محمّد فنَيش الذي زارَ سلام مطلعَ الأسبوع طلبَ إعطاءَ مهلة شهر رمضان للاتصالات واعداً بالعمل على إيجاد مخرج للأزمة الحكومية للوصول إلى نتيجة إيجابية.

وتحدّثت المصادر في المقابل، عن رأيٍ ضاغط على رئيس الحكومة يناديه بعَقد جلسة لمجلس الوزراء بَعد استنفاد المهلة التي يَراها مناسبة لإجراء المشاورات والاتصالات وعدم الرضوخ لتعَنّت فريق سياسي، كون البلد لا يَحتمل تأجيلَ ملفات وبنود ضاغطة، في اعتبار أنّ أيّ جلسة ستُعقَد متوافرة فيها المعايير الدستورية والميثاقية وتراعي مقدّمةَ الدستور القائلة بأن لا شرعية لأيّ سلطة تناقِض ميثاقَ العيش المشترك، وفي حال غياب وزراء «التيار الوطني الحر» أو مقاطعة الطرَف أو الأطراف التي ستؤازره، فإنّ نصاب الثلثين مؤمّن بعَقد أيّ جلسة، كذلك إنّ مراعاة المكوّنات الطائفية موجود.

قزّي

وفي المواقف، رأى وزير العمل سجعان قزي أنّ على رئيس الحكومة «حسم الأمر ودعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد، ومن يعارض القضايا المطروحة يَعترض ويرفض ويتحفّظ، لكنّ عمل المجلس يستمرّ».

وقال قزي: «إذا كنّا سنُخضِع الحكومة ومجلس الوزراء والبلد لشروط هذا الفريق أو ذاك، فكلّ يوم هناك شروط تجاه هذه القضية أو تلك، ونتمنى على الرئيس سلام، الذي نؤيّده، وهو الذي أدارَ حتى الآن عملَ الحكومة بحكمةٍ وصبر، أن يدعوَ إلى جلسة، خصوصاً أنّ الاتصالات التي أجراها كشفَت أنّ المواقف لا تزال هي نفسها لدى جميع الأطراف، لذلك لا بدّ له أن يحسمَ الأمر» .

ولفتَ قزّي إلى أنّ القضايا المطروحة على طاولة مجلس الوزراء هي حياتية، فأوّل بندٍ هو تصريف الإنتاج الزراعي، أمّا البند الثاني فهو تأمين المخصّصات الماليّة للمستشفيات الخاصة والعامّة، والبند الثالث تحويل اعتمادات ماليّة لعدد من المشاريع الحياتية في البلد، ومشاريع إنمائية لمناطق عديدة.

بوصعب لـ«الجمهورية»

وأكّد وزير التربية الياس بوصعب أن لا جديد في الملف الحكومي، وأنّ الأمور لا تزال على حالها. وقال لـ«الجمهورية»: «لا لزومَ لحفلةِ المزايدات التي نَسمعها عن فرض جلسةٍ، فرئيس الحكومة ليس مضطرّاً لذلك. يستطيع الدعوة لانعقادها ساعة يشاء، لكن عندما يفعل فآليّة العمل التي وضَعها واضحة، وضمن هذه الآليّة سنقول إنّنا نريد الانتهاء من بندِ التعيينات قبل أن نوافقَ على مناقشة البنود الأخرى، ولكي يغيّروا هذه المعادلة عليه أن يعلنَ أنّه يريد تغييرَ آليّة العمل، وإذا شاء تغييرَها معناه أنّه يفتح نقاشاً جديداً حول صلاحية الحكومة في غياب رئيس الجمهورية، وهذا النقاش يبدأ اليوم ولا يدرك أحد متى سينتهي.

وحَذّر بوصعب «من استعمال السلاح الاقتصادي للضغط على الحكومة كي لا ينقلبَ السِحر على الساحر، وقال إنّ «هذا السلاح سيدينهم قبل أن يستعملوه وسنَفضَح المستور».

وأضاف: «نريد معرفةَ الأمور الأساسية التي تَعني المواطنين والتي سَكتنا عنها في الماضي في ما يتعلق بشؤونهم اليومية، مِن سلسلة الرتب والرواتب التي تَعني العسكريين والأساتذة والمواطنين العاديّين، إلى أيّ قرار يَعني الإنماءَ المتوازن الذي لم يكن يَحصل، هذه الأمور نريد أن تكون جزءاً من الحلّ مِن الآن وصاعداً. فالاقتصاد في نظرنا يَبدأ من المواطن العادي.

وهذا هو النفَق الجديد الذي سنَدخله نحن وإيّاهم. فأيّ حلّ للدورة الاقتصادية يبدأ بحقوق المواطن اقتصادياً قبل أيّ شيء آخر. كانوا يطلبون منّا أن نتجنّبَ الحديث عن هذه الأمور في الإعلام حفاظاً على الوحدة الوطنية، وإذا وصلنا إلى مرحلةٍ سيزايدون هم فيها سنَفضَح الأمور وسنَكشفها على حقيقتِها، مِن عرقلةِ السلسلة إلى محاولاتٍ للحديث عنها أحياناً لتمرير بعض الأمور، ثمّ التراجع، ففتحُ هذا الباب ليس لمصلحتِهم».

عسيري

من جهته، دعا السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري إلى «إنهاء المواضيع الخلافية لكي ينعمَ لبنان وأبناؤه بكلّ طوائفهم بالسَلام والاستقرار، وينتظم عمل المؤسسات بدءاً بانتخاب رئيس جديد للجمهورية لتسير البلاد نحو تعزيز الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي».

وقال بعد زيارته مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، إنّ بلاده «حريصة كلّ الحِرص على لبنان وشعبِه الشقيق، ولن توفّر أيّ جهدٍ في سبيل أن يَستعيد عافيتَه وازدهارَه، وهي تعَوّل على حكمةِ القيادات اللبنانية في التوَصّل إلى الحلول والمخارج التي تريحُ الوطن وتحَصّن ساحتَه الداخلية وتوَفّر للمواطن ما يستحقّه مِن عيشٍ رغيدٍ ورَفاه واستقرار».

موفَد الحريري في معراب

وفي هذه الأجواء، أوفدَ الرئيس سعد الحريري مستشارَه النائب السابق الدكتور غطاس خوري إلى معراب حيث التقى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، بحضور رئيس جهاز الإعلام والتواصل في الحزب ملحِم الرياشي. وعرضَ المجتمعون الأوضاع السياسية العامة في لبنان والمنطقة.