Site icon IMLebanon

الحريري يُواصل لقاءاته في جدَّة وترقُّب لموقف عون اليوم

الهَمّ المشترك لمعظم القوى السياسيّة في لبنان والخارج يتمثّل بالاستقرار الذي يتجسّد اليوم بالحكومة سياسيّاً والقوى الأمنيّة والجيش اللبناني عسكريّاً. وفي وقتٍ تترقّب القوى السياسيّة المواقفَ التي ستصدر اليوم عن رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون بعدَ الاجتماع الأسبوعي للتكتّل، وتحديداً لجهةِ الخطوات التي لَوَّحَ بها «التيّار الوطني الحرّ» وسيلجَأ إليها، وفيما فُتِحَت الاتّصالات على غيرِ مستوى في محاولةٍ لتطويق الأزمة قبلَ جلسةِ ما بعد غدٍ الخميس، حذّرَت مصادر وزاريّة من خطورةِ استخدام الشارع في هذه المرحلة الحسّاسة التي تشهَد تعبئةً مذهبيّة وتشنّجات سياسيّة، وذكّرَت بأنّ الدافع الأوّل لتأجيل الانتخابات النيابيّة سببُه المخاوف الأمنيّة وما قد ينجمُ من تحريك الشارع، وقالت لـ«الجمهورية» إنّ الجيش اللبناني يسَطّر بطولاتٍ على الحدود اللبنانيّة في مواجهة الإرهابيّين، وقد نجحَ في إقفال الحدود وضبطِ الوضع الداخلي بعدَ تصفيةِ مجموعةٍ واسعة من الشبكات الإرهابيّة. وأضافت أنّ المجتمع الدولي يُشيد باستمرار بالإنجازات التي تحقّقَت على هذا المستوى، مؤكّدةً أنّ من غير المسموح إلهاء الجيش في الداخل من خلال التحرّكات الشعبيّة، فيما التحدّيات الأمنيّة خطِرة وكبيرة، وقد تُحاول القوى المتضرّرة من الاستقرار في لبنان استغلالَ هذا الوضع لضربِ الحالة التي ينعَم فيها البلد، ودعَت القوى المعنيّة إلى إبقاءِ حراكِها ضمنَ الموقف السياسي بعيداً من الشارع.

كنعان لـ«الجمهورية»: التحرّك «سيكون حضارياً وسيتّخذ أشكالاً متنوّعة ويشمل قطاعات عدّة في المجتمع إعتبَرَ الرئيس الأميركي باراك أوباما أنّ «الخسائر التي تكبَّدَها داعش في سوريا والعراق تؤكّد إمكانَ هزيمته»، مشيراً إلى أنّ «الطريق الوحيد لإنهاء الحرب الأهليّة السوريّة هي الوحدة ضدّ داعش في حكومةٍ لا تشمل بشّار الأسد».

وأردفَ أنّ «واشنطن ستفعَل المزيد لتدريب المعارضة المعتدلة في سوريا وتجهيزها»، قائلاً: «يُمكن دحرُ داعش عندما يكون لنا شريكٌ فعّال على الأرض، وسنواصل ملاحقة مصادر تمويل هذا التنظيم في العالم».

وفي غمرة الانشغال العالمي ببَلوَرة الاتّفاق النووي بينَ إيران ودوَل الغرب، والاهتمام بمتابعة يوميّات الأزمة الماليّة اليونانيّة، ينشغل لبنان بالمعارك العسكريّة في الزبداني وبالمعركة السياسيّة في المستنقع الحكومي، على مسافة يومَين من انعقاد جلسة مجلس الوزراء الخميس، وَسط ترقّبِ الحركة العونيّة التصعيديّة في الشارع، في ظلّ حِرصٍ شديد على التكتُّم على نوعيّتها وتوقيتِها ومكانها، فيما تشخص الأنظار إلى الرابية اليوم، ترَقُّباً لموقفٍ مهمّ سيُعلنه رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون بعدَ الاجتماع الأسبوعي لـ»التكتّل».

وفي ظلّ تفاقُم الأزمة السياسيّة في البلاد، وغيابِ المؤشّرات إلى حلولٍ قبلَ حلول موعد الجلسة، يبقى المشهد ضبابيّاً والأمورُ مفتوحةً على كلّ الاحتمالات. في وَقتٍ علمَت «الجمهورية» أنّ اتّصالات حثيثة تَجري بعيداً من الأضواء بين مختلف الأحزاب المسيحيّة للتنسيق في الموضوع الحكومي وفتحِ دورةٍ استثنائيّة وتشريع الضرورة.

لقاءات جدّة

في غضون ذلكَ، عقَدَ الرئيس سعد الحريري، في جدّة، فورَ وصول وفد تيّار «المستقبل» من طرابلس اجتماعاً موسّعاً خُصّص للبحث في قضايا المدينة حضَرَه وزير العدل أشرف ريفي والنائبان محمد كبارة وأحمد فتفت ومنسّق «المستقبل» في المدينة مصطفى علوش وعددٌ من قياديّي المدينة. وأعقبَ اللقاء إفطارٌ استؤنِف بعدَه النقاش في ملف طرابلس من جوانبه المختلفة، وتمَّ التفاهم على إجراءات سياسية وحزبية وإدارية سيَبدأ تطبيقها في المدينة من شأنها تغيير كثير مما يجب تغييره كما قالت مصادر لـ»الجمهورية».

وفيما عاد من جدّة أمس الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري وعددٌ مِن أعضاء الوفد الشمالي يتقدّمهم النائب أحمد فتفت وبعض المسؤولين أفيدَ أنّ الرئيس فؤاد السنيورة ومعه وزير الداخلية نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر يستعدّون لزيارة جدّة في الساعات الـ 24 المقبلة للبحث في قضايا مدرَجة على جدول أعمال لقاءات جدّة، خصوصاً على المستوى السياسي والأمني والعلاقة بين «المستقبل» والأطراف السياسية الأخرى في لبنان، لا سيّما «التيار الوطني الحر»، في ضوء سلسلة الأزمات التي انعكسَت شللاً حكومياً وعلى مستوى الوضع السياسي العام في البلاد.

وذكرَت المعلومات أنّه لا بدّ مِن أن تأخذ الأمور مجراها لحَلحلةِ العقَدِ السياسية في البلد، على أمل أنّ مثلَ هذا الحوار يجب أن ينطلق بشكلٍ مِن الأشكال من دون الدخول في أيّ تفاصيل، رغم السيناريوهات التي تتجاذب آراءَ مسؤولي التيار حول الآليّة التي ستُعتمَد من أجل مقاربة جديدة للعلاقة بين التيار وأطراف لبنانية متعدّدة قد تشَكّل مساراً سياسياً جديداً.

سلام يترقّب جلسة الخميس بصمت

ومساء أمس عاد رئيس الحكومة تمام سلام من عطلته الخارجية التي امتدّت منذ يوم الجمعة الماضي ليستأنف نشاطه اليوم في السراي الحكومي.

وقالت مصادر سلام لـ«الجمهورية» إنّها تنتظر مجرَيات يوم الخميس المقبل حيث ستُعقَد الجلسة بحضور كاملٍ بعدما أكّدَ الجميع حِرصَهم على مصير الحكومة ومنعِ إسقاطها. وأضافت أنّ سلام «يدرك هذه الأمور بدقّةِ العارف والحريص، ولن يوفّر مخرجاً يمكن أن يؤجّل تفجيرَ الحكومة، وإذا اضطرّ لرفعِ الجلسة لمنعِ الوصول إلى ما يفجّرها لن يتردّد للحظةٍ واحدة».

وقالت مصادر واسعة الاطّلاع لـ«الجمهورية» إنّ «حركة الاتّصالات لم تهدأ وأنّ وسطاءَ كثُراً تنقّلوا ما بين عين التينة والرابية والضاحية الجنوبية بعيداً مِن الأضواء تزامُناً مع اتّصالات بلغَت الذروةَ ليلَ أمس للاستفادة مِن أجواء الترَيّث التي عبّرَ عنها عددٌ مِن مسؤولي «المستقبل» الذين أبلغوا مراجع معنية أنّ الحوار مع عون ربّما يفضي إلى صيغةٍ وسَطية تشَكّل مخرجاً ما، لم يتّضح بعد شكلُها ومضمونُها لكنّها تبعِد الناسَ من الشوارع في المرحلة الأولى من دون استكشاف المرحلة التالية التي قد تأتي بوادرُها من لقاءات جدّة قبل نهاية الأسبوع».

كنعان

وفي المواقف رفضَ أمين سرّ تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ابراهيم كنعان الكشفَ عن توقيت التحرّك، وقال لـ«الجمهورية»: «لن نعلنَ عن الموعد، لقد وضعنا خطةً، وندرس مواقفَنا وتحرّكاتنا وفقاً للمعطيات السياسية، وتوقيتُ التنفيذ لن يَعلم به أحد، هو ملكُ القيادة السياسية لـ«التيار الوطني الحر» وعلى رأسِها العماد عون.

لكنّه أكّد أنّ التحرّكَ «سيكون حضارياً ديموقراطيا، ولن يكون شعبياً فقط، بل على أكثر مِن مستوى وصعيد، وسيتّخذ أشكالاً متنوّعة»، متحدّثاً عن «تحرّكات نوعية غير متوقَّعة ستشمل قطاعات عدّة في المجتمع».

ونبَّه كنعان من خطورة الخروج عن الميثاق والدستورعبرالتنَصّل من آليّة العمل الحكومي، وقال: «على من يَفعل ذلك أن يعلمَ أنّه بفِعلتِه هذه يضرب صيغةَ العيش المشترَك ويستهدف مكوّناً أساسياً هو المكوّن المسيحي في السلطة التنفيذية»، وأشارَ إلى أنّ هذا الأمر «دفع بالمسيحيين على مختلف فئاتهم إلى التفكير مليّاً بمن يَخرج عن النظام، ومَن هو حقيقةً مع الحفاظ على الصيغة». وأكّد «أنّ ما يَحصل خطيرٌ جداً ولن يمرّ مرورَ الكرام عندنا».

وإذ دعا كنعان البعضَ إلى الكفّ عن المزايدات، قال: «يَعلم الجميع أنّ ما يحصل يطاوِل جميعَ المسيحيين، وجمهورُنا لا يقدّم امتحاناً عند أحد، ولسنا مِن هواة الشارع، واللجوء إليه ليس هدفاً عندنا، لكن عندما تقفل كلّ الأبواب ويتمّ تجاوزُنا بهذا الشكل وبالتالي تجاوز آليّة اتّخاذ القرارات في ظلّ الشغور، أي تجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية، يصبح كلّ شيء مشروعاً بالنسبة إلينا.

هنالك حقوق مسيحية دستورية وميثاقية لا يمكن التنازلُ عنها ولا يحقّ لأحد تجييرَها، لسنا في صَددِ تقديم اختبار عن مدى إمكانية حشدِنا، فهذا الأمر محسومٌ ومعروف سَلفاً، فلا يلعبوا هذه اللعبة ولا يُدخِلونا في هذا النفَق، في النهاية لدينا مسؤوليات وعندما نأخذ قراراً مِن هذا النوع ندرك جيّداً ماذا نفعل ونَعرف إلى أين نذهب».

وعن مدى فعالية هذا التحرّك وقدرتِه على تغيير ما يجري، أجاب: «سلاح الموقف، خصوصاً عندما يكون صادراً عن جهةٍ تمثّل ما تمثّل على الصعيد الوطني والمسيحي، لا يُستهان به، هذا الموقف ليس موقفاً سياسياً بل يعَبّر عن جوّ عام في المجتمع اللبناني، خصوصاً عند المسيحيين، لذلك يجب أن يدركوا جيّداً أنّ هذا الموقف لم يؤخَذ كيفما كان، وستكون له تداعيات حتماً. مِن هذا المنطلق نقول إنّ الحريص على الدولة والمؤسسات وعلى الصيغة اللبنانية يجب أن يأخذ في الاعتبار رأيَ المسيحيين».

شمعون

وسألت «الجمهورية» رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون هل إنّه سيلبّي دعوةَ عون للنزول الى الشارع بما أنّ الدعوة موجّهة إلى جميع المسيحيين؟ فأجاب: «أنا بَطّلت كون مسيحي بما أنّ الدعوة صادرة عن عون».

وسأل: «هل هذا وقتُه في الظرف الذي يمرّ فيه البلد مع كلّ المصائب في الداخل وبغِياب رئيس الجمهورية وفي ظلّ حكومةٍ بالكاد تسير، نأتي اليوم ونعرّض الشعبَ اللبناني للتعطيل ولمشاكل إضافية هو بغِنىً عنها. هذا تحرّك غير مسؤول كلّياً».

وعن حقوق المسيحيين المهضومة سألَ شمعون: «مَن الذي يأكل حقوق المسيحيين، غير المسيحيّين أنفسِهم؟ هذا الماروني الذي لم يعرفوا بعد كيف ينتخبونه، فهل الحقّ على الشيعة أم على الدروز،»شو هالحكي»؟ فنحن لسوءِ الحظ «دودُنا مِن عودِنا».

وقال: «هناك قضايا حياتية تهمّ الشعب، وبمجرّد إقفال شارعٍ ما نخَسّر البلد ملايين الدولارات».

أضاف: «لا أرى أنّه خطأ مميت عدمُ تعيين مَن يريده عون، فهذا الأمر ليس حاجة ملِحّة لا يستطيع البَلد العيشَ من دونِها. والديموقراطية ليست موضوعاً نستفيق عليه عندما نشاء ونَسحبها من جَيبنا ونصبح ديموقراطيين بين ليلة وضحاها، في حين أنّ هناك قضايا حياتية ملِحّة ليست ضد الديموقراطية. الديموقراطية هي لخدمة الشعب وليست لتحضير «خازوق» له.

ورأى أنّ عون لا يريد إنجازَ الاستحقاق الرئاسي بل يريد أن يكون هو الرئيس فقط، واعتبَر أنّ الاستفتاء ليس وقته الآن، فكلّها أمور تعرقِل مصالحَ المواطنين».

سعيد

مِن جهته، قال منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد لـ«الجمهورية»: «أيّ مغامرة تذهب باتّجاه قطعِ الطرقات فنحن سنواجه عون بالطريقة نفسِها التي واجهناه فيها في 23 كانون الثاني 2007، وأيّ تعبير سِلميّ مِن دون قطعِ طرقات هو حقّ ديموقراطي.

لكنّنا نَعتبر أنّ استخدام الشارع في هذه اللحظة الحرِجة على المستوى الأمني والعسكري والتي ترتكِز على فلتان أمني متنقّل هو خطوةٌ باتّجاه المجهول، كذلك فإنّ رفعَ شعارات طائفية سيفسِح في المجال لرفعِ شعارات طائفية مقابلة». وأكّد أنّ «ما يليق بالمسيحيين اليوم هو أن يرفَعوا عنوان الدفاع عن حقوق اللبنانيين مسيحيّين ومسلمين، وما لا يليق بهم هو أن يَعتبروا أنّ لهم حقوقاً مختلفة عن حقوق المسلمين».

القرار الاتّهامي

وفي سياق آخر، وفي خطوةٍ أولى من نوعِها وتأتي بعد التعهّد الذي أطلقَه وزير الداخلية نهاد المشنوق، أصدرَ قاضي التحقيق العسكري رياض أبو غيدا القرارَ الاتّهامي في حقّ العسكريين الموقوفين الخمسة في ملفّ ضربِ السجناء في سجن رومية، استناداً إلى مواد تصِل عقوبتُها إلى السجن ثلاث سنوات.

واتّهم القرار عسكريَّين اثنين بضربِ السجَناء، وعسكريّاً ثالثاً بتصوير واقعةِ الضرب وغرَّمَ الرابعَ والخامس قبل أن يطلقَ سراحهما، وأصدر مذكّرةَ إلقاءِ قبضٍ في حقّ الموقوفين وأحالهم أمام المحكمة العسكرية الدائمة للمحاكمة. وقد تبيّنَ مِن التحقيق أنّ ضربَ السجَناء كان عملاً فردياً ولم يستند إلى أوامر عسكرية.

إطلاق الطفل ريكاردو

ومساء أمس، أطلق الطفل ريكاردو جعارة الذي كان خطف السبت الماضي، وتسلّمه والده والقوى الأمنية في وادي خالد، وقد تركت هذه الخطوة ارتياحا لبنانيا واسعا، فيما القوى الأمنية تتوسع في تحقيقاتها لمعرفة المتورطين وإنزال أشد العقوبات بحقهم منعا لتكرار هذا النوع من الحوادث.