ظلّ الاهتمام الخارجي منصَبّاً على ترَقّب ارتدادات الاتفاق النووي بين إيران ودوَل الغرب، فيما يُنتظر أن يتوزّع الاهتمام الداخلي اليوم بعد انتهاء عطلة عيد الفطر على خطّين: الأوّل، إنطلاق الاتصالات الجدّية على مسافة أيام من جلسة مجلس الوزراء المقرّرة الخميس المقبل والتي ستناقِش آليّة العمل الحكومي في ظلّ احتمالين: إمّا الاتفاق على العودة إلى العمل بآليّة التوافق في اتّخاذ القرارت وإمّا استمرار الدوران في دوّامة التعطيل. والثاني استئناف المساعي في اتّجاه فتحِ دورة استثنائية للمجلس النيابي. عِلماً أنّه كان قد تمَّ استجماع تواقيع أكثرية النصف زائداً واحداً مِن الوزراء، والتي يَعتبرها رئيس مجلس النواب وآخرون كافيةً لإصدار مرسوم هذه الدورة مِن دون حاجةٍ إلى البحث فيها على طاولة مجلس الوزراء.
على خطّ الاتّفاق النووي الأخير بين إيران والدوَل الغربية، تسَلّمَ الكونغرس الأميركي أمس نصّ هذا الاتفاق محالاً إليه من وزارة الخارجية الأميركية مرفَقاً بالملاحق والمواد ذات الصِلة، وسيكون أمام أعضاء الكونغرس 60 يوماً لمراجعته والموافقة عليه أو رفضِه. عِلماً أنّ فترة الستّين يوماً تبدأ
اليوم.
وقد حذّرَ وزير الخارجية الأميركية جون كيري الكونغرس من التصويت ضدّه، ورأى أنّ ذلك «سيَجعل الولايات المتحدة بلداً «قتلَ إمكانية منع طهران من الحصول على السلاح النووي». وقال إنّ الاتفاق مع إيران «مبنيّ على الحذر والمراقبة وليس على الثقة». وأكّد «أنّ الاتفاق يضمن عدمَ تمكّن طهران من الحصول على سلاح نووي».
في المقابل، حضَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعضاءَ الكونغرس «على عدم إقرار الاتفاق»، معتبِراً «أن ليس ثمَّة وسيلة يمكن
استخدامها لتعويض دولة إسرائيل في حال المصادقة على الاتفاق». وقال «إنّ إيران لا تبذل جهداً لإخفاء نيّتِها لاستغلال عشرات مليارات الدولارات التي ستتلقّاها في إطار الاتفاق النووي، بغية تسليح الإرهابيين» .
في هذا الوقت، انصرفَت الولايات المتحدة الأميركية إلى طمأنة حلفائها في الشرق الأوسط وتبديد هواجسِهم مِن الاتفاق، ولهذه الغاية أوفَدت وزيرَ دفاعها آشتون كارتر إلى المنطقة، فوصَل إلى إسرائيل أمس، المحطة الأولى في جولته التي ستشمل أيضاً المملكة العربية السعودية والأردن.
ومع عودة إيران إلى حضن المجتمع الدولي، تصدّرَ وفدٌ ألمانيّ برئاسة وزیرالطاقة والاقتصاد مساعد المستشارة الألمانیة زیغمار غابریل طلائعَ الوفود الغربية إلى طهران مساء أمس علی رأس وفد اقتصادي وتجاري.
فيما أعلن «حزب الله» بلسان نائب رئيس مجلسه التنفيذي الشيخ نبيل قاووق أنّ الحزب بعد الإتفاق النووي «وعلى رغم كلّ حروب التكفيريين هو نفسُه اليوم كما كان في الأمس وسيكون غداً وبعد كلّ يوم، حزب المقاومة ونصرة فلسطين وحماية لبنان من كلّ خطرٍ، أكان إسرائيلياً أو تكفيرياً على حدٍ سواء، وهذا هو عهدُنا، فلا نغَيّر ولا نبَدّل تبديلاً».
الملك سلمان وجعجع
إلى ذلك، مِن المرَجّح أنّ الاتّفاق النووي وما بعده، والتطوّرات في لبنان والمنطقة، كانت من بين المواضيع خلال استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رئيسَ حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع مساء أمس في قصر السلام في جدّة.
وحضَر اللقاء وليّ وليّ العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ووزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي، ووزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نزار بن عبيد مدني، ورئيس الاستخبارات العامة خالد بن علي الحميدان.
وأفادت وكالة الأنباء السعودية (واس) أنّه تخَلّلَ اللقاء «بحثٌ في مستجدّات الأوضاع على الساحة اللبنانية». وقالت إنّ جعجع «أعربَ عن شكره وتقديره للمملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين على ما يجده لبنان وشعبُه مِن دعمٍ وحِرص على أمنِه واستقراره في مختلف الظروف».
الوضع الحكومي
داخليّاً، يتطلع لبنان إلى تحريك ملفّات المنطقة بعد الاتفاق النووي، على رغم انتظار ما سيؤول إليه مصير هذا الاتفاق في الكونغرس الأميركي. وقد غاب الحراك السياسي الداخلي عن ساحته، فيما يرتقب أن يعود رئيس الحكومة تمّام سلام في الساعات المقبلة من إجازته العائلية في الخارج، بعدما أمضى أوّل أيام عيد الفطر في بيروت بين المهنّئين من أبناء بيروت والوزراء والنواب الذين تلقّى تهانيَهم مباشرةً أو عبر اتّصالات هاتفية قبل أن يتوجّه في ثاني أيام العيد في إجازته العائلية.
ومع عودة سلام، سيُستأنَف البحث في التحضيرات الجارية لجلسة مجلس الوزراء المقرّرة الخميس المقبل للبحث في آليّة العمل الحكومي، والتي اتّفِق عليها بعد الجلسة العاصفة الأخيرة التي تخَلّلها نقاش حادّ على وقعِ حراك محازبي «التيار الوطني الحر» في شوارع وسط بيروت ومحاولتهم الدخول إلى السراي الحكومي.
وفي وقتٍ لم تلحَظ أجندة رئيس الحكومة أيَّ مواعيد محدّدة في هذا الشأن حتى أمس، قالت مصادرُه لـ«الجمهورية» إنّ اللقاءات تعقَد في حينها على طريقة: «إتصال، فاقتراح، فلِقاء، ولا مواعيد محدّدة مسبَقاً».
وأوضحَت المصادر نفسُها أنّ الأمانة العامة لمجلس الوزراء ذكّرَت الوزراء بموعدِ الجلسة عند العاشرة من قبل ظهرِ الخميس وفقَ جدول الأعمال الموزّع عليهم بالاستناد إلى ما تبقّى من جدول أعمال جلسة 4 حزيران الماضي التي أرجِئ البَتّ بها إلى اليوم، في ظلّ الشَلل الذي أصابها، وما أضيفَ إليه مِن بنود متفرّقة لم يُبَتّ إلّا باثنين منها، الأوّل دعمُ تصدير الإنتاج الزراعي والصناعي عبر البحر، والثاني توزيع مخصّصات وزارة الصحة العامة للمستشفيات.
لا دورة بلا إجماع
وعلى مستوى الاستعدادات الجارية لعقدِ جلسة تشريعية لمجلس النوّاب، قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» إنّ السعيَ قائمٌ لدى رئيس الحكومة لجمعِ تواقيع 24 وزيراً على مرسوم الدعوة إلى هذه الدورة، في اعتبار أنّ صلاحيات رئيس الجمهورية لا يمكن تجزئتها في هذا الموضوع. وأشارت إلى أنّ الاتّصالات مستمرّة وربّما شهدَت جلسة الخميس المقبل نقاشاً في هذا الموضوع في حال انتقلَ البحث من موضوع آليّة العمل الحكومي إلى البَتّ بمضمون جدول الأعمال.
قزّي
وفي المواقف الوزارية مِن آليّة العمل الحكومي، قال وزير العمل سجعان قزي لـ«الجمهورية»: «موقفُنا من آليّة العمل الحكومي واضح، وهو الآليّة التوافقية، والتوافق في حَدّه الأوسع شرط أن لا يؤدّي إلى تعطيل ولا إلى استفراد أحد، ولكنّ العمل بالآليّة يبدأ حين تتمّ مناقشة المواضيع والبنود وليس بتعطيل عمل الحكومة، يَعني يُفترض بجميع القوى السياسية إذا كان لديها حسنُ نيّة أن لا تختلف على الآليّة، خصوصاً أنّ الآليّة المتّبَعة أعطَت
نتائجَ منذ تأليف الحكومة وحتى اليوم، فقد تمَّ توقيع أكثر من ألف مرسوم وأكثر من ألف مشروع قانون، وتمكّنَت الحكومة من تحقيق إنجازات مهمة.
لذلك، نتمنى أن يكون طرح الآليّة اليوم لتثبيت الآليّة المتّبَعة وليس لطرح آليّات جديدة مخالفة للتوافق والدستور». ولفتَ إلى أنّ «آليّة عمل مجلس الوزراء لا يمكن أن تكون كما لو كان رئيس الجمهورية موجوداً»، مشَدّداً على «أنّ احترام الدستور لا يبدأ بالآليّة إنّما بانتخاب الرئيس».
أبو فاعور
مِن جهته، اعتبَر وزير الصحة وائل أبو فاعور أنّ «أيّ مقاربةٍ للعمل الحكومي يجب أن تقوم على ركائز ثلاث، وهي احترام الدستور و«اتّفاق الطائف» وعدم التعطيل وتوسيع قاعدة التفاهم»، مشَدّداً على أنّ «اللقاء الديموقراطي سيتمسّك في جلسة مجلس الوزراء بهذه الأقانيم الثلاثة، ويصِرّ على عدم تسجيل أيّ سوابق غير دستورية وعدم الموافقة على أيّ آليّات مخالفة لاتّفاق الطائف، تحت عنوان مراعاة موقف هذا الطرف أو ذاك».
ودعا إلى «ضرورة عقدِ جلسةٍ لمجلس النوّاب وفتحِ باب التشريع والتوقّف عن تعطيل مجلس النواب بذرائع واهية، لا تقنِع حتى أصحابها»، وحيّا «صبرَ الرئيس نبيه برّي وحكمتَه».
ملفّ النفايات
وإلى ملفّ الدورة التشريعية، سيَحضر ملفّ النفايات مِن خارج جدول الأعمال على طاولة مجلس الوزراء، بعدما قرّر وزير البيئة محمد المشنوق إلقاءَ مسؤولية طمرِ النفايات أو تصديرها على عاتق البلديات في بيروت وجبل لبنان وتلك التي كانت تطمر في الناعمة، بعدما أقفلَ الأهالي مطمر الناعمة ورفضَ أهالي جبيل طمرَ أيّ نفايات في حبالين من خارج المنطقة والقرى المحيطة بها التي يستقبل مطمرُها نفاياتهم منذ تنظيمه قبل عامين
ونصف عام.
مفاجأة سوكلين
وفي خطوةٍ مفاجئة، قالت مصادر بلدية لـ«الجمهورية» إنّه وعلى الرغم مِن إبلاغ وزير البيئة قبل أيام أنّ شركة سوكلين ستواصِل العملَ في المناطق التي كانت تَجمع فيها النفايات وتكنسُها من بيروت وجبل لبنان بنحو معتاد ومن دون طمر بعد تكبيسها وجمعِها في شركة «سوكومي»، أبلغ رؤساء بلديات المتن الشمالي وتلك الواقعة خارج نطاق بيروت الإدارية أنّ العمل توقّفَ في أيام العيد ولن يُستأنَف مِن بعدها، الأمر الذي دفعَ إلى الإسراع في اتّخاذ التدابير المحلّية في نطاق كلّ بلدية على حِدة لمنعِ تفاقم أضرار النفايات التي بدأت تتراكم في الأحياء.
أمنياً، أوقفَت مخابرات الجيش اللبناني في بلدة اللبوة في البقاع الشمالي عشرة أشخاص يُشتبَه بانتمائهم إلى تنظيم إرهابي، بينما كانوا في طريقهم من جرود عرسال إلى داخل الأراضي اللبنانية، وأحالتهم إلى القضاء المختص.