Site icon IMLebanon

الغموض يلفّ مصير الجلسة غداً… والمؤسسات خطّ أحمر

 

عاد الاهتمام مجدّداً إلى الملفات الداخلية بعد عطلة الفطر و»احتكار» النووي لكلّ الاهتمامات السياسية، حيث تتركّز الأنظار على جلسة مجلس الوزراء غداً، والتي يلفّها الغموض وسط غياب المناخات التفاؤلية، في ظلّ تمسّك القوى السياسية بمواقفها بين مقاربة الحكومة للقضايا الملِحّة وفي طليعتها ملفّ النفايات، وبين الإصرار على بحث الآليّة الحكومية قبل أيّ شيء آخر، حيث إنّ النفايات والآلية تسابقان جلسة الغد. وفي هذا الوقت، واستباقاً لأيّ تحرّك محتمَل في الشارع، صَدر موقف بارز عن مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» وازَنَ فيه بدقّة بين حِرص الجيش اللبناني على توفير الحماية اللازمة للتظاهرات، وبين عدمِ سماحِه بتاتاً بقطعِ الطرق والتعَدّي على أملاك الناس، واعتباره السراي الحكومي وسائر مؤسسات الدولة خطّاً أحمر. وفي سياق آخر، وفي خطوةٍ اعتبرَها المراقبون رسالةً أميركية إلى إيران بعدَ التوقيع على النووي، فرَضت الحكومة الأميركية عقوبات على 3 مسؤولين في «حزب الله» هم: مصطفى بدر الدين وإبراهيم عقيل وفؤاد شكر بسبب دورِهم في العمليات العسكرية في سوريا، وذلك وفقَ البيان الصادر عن وزارة الخزانة الأميركية.

لا مؤشّرات إيجابية حتى الآن تشي بحصول تقدّم على جبهة العقدة الحكومية أو على جبهة أزمة النفايات التي تكدّسَت في الطرقات مع ما تخَلّفه من أضرار صحية وبيئية.

ولا يزال سيناريو جلسة مجلس الوزراء الخميس غامضاً، في ظلّ عدم بلوَرة حلول لأيّ مِن الملفات المطروحة وانقطاع الاتصالات باستثناء مشاورات خجولة، حيث يُجمِع عدد كبير من الوزراء على أنّهم ذاهبون إلى الجلسة من دون معرفة مسبَقة عمّا سيحصل فيها، مؤكّدين أنّ كلّ الخيارات والاحتمالات مفتوحة، لكنّ المؤشّرات تؤكّد أنّ ملفّ النفايات طغى برائحته الكريهة على ما عداه من مواضيع يُفترَض أن تُناقَش في الجلسة.

مصدر عسكري رفيع

ومع بقاء الأنظار مشدودةً الى جلسة الغد، وسط ترَقّب خطوات «التيار الوطني الحر» على الأرض تزامُناً مع انعقادها، أكّدَ مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ «الجيش جاهز لكلّ الاحتمالات، وهو سيَحمي التظاهرات، لكنّه لن يسمحَ بتاتاً بقطعِ الطرق والتعدّي على أملاك الناس والاقتراب من السراي الحكومي». وأشار إلى أنّ «الجيش سيتّخذ تدابير مشَدّدة في محيط السراي كي لا يتمكّن المتظاهرون من افتعال صدامات معه كما حصلَ المرّة الماضية، ولإغلاق أيّ ثغرةٍ يمكن أن يستغلّوها للقيام بأعمال شغَب».

وشَدّد المصدر على أنّ «السراي الحكومي خطّ أحمر مثل بقيّة مؤسسات الدولة، والجيش سيحافظ عليها، لأنّه سيكون في داخله رئيس الحكومة و24 وزيراً يمثّلون كلّ الجهات والتركيبة اللبنانية، وبالتالي فإنّ أيّ محاولة لاقتحام السراي ممنوعة لأنّ ذلك سيَفتح مواجهة مباشرة بين اللبنانيين، وسيتحرّك شارعٌ في مواجهة شارع آخر».

عون

في غضون ذلك، أكّد رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون أنّ إسقاط الحكومة لیس مِن ضمن الأهداف التی یَعمل علیها فی هذه المرحلة وأن الأولویة لدیه الآن هی للاعتراض من داخل الحكومة ولمواصلة التحرّك فی الشارع. وجَدّد رفضَه طرحَ أيّ بندٍ فی جلسة الخمیس قبل البحث في آلیّة العمل الحكومي، واعتبَر أنّ القضایا الحیاتیة مثل قضیة النفایات سبقَ لمجلس الوزراء أن اتّخذَ قراراً بشأنها ویمكن للوزراء المختصین تطبیق هذه القرارات من دون الحاجة للعودة إلی مجلس الوزراء.

وأوضَح عون أنّه لم یتّخذ حتی الآن قراراً حول توقیع أو عدم توقیع مرسوم الجلسة التشریعیة للمجلس النیابي، مبدِياً رفضَه المطلق العودة إلی ما کان علیه الأمر قبل الأزمة الحكومیة الحالیّة، واعتبَر أنّ القبول بما کان معتمَداً مِن تهمیش هو مِن رابع المستحیلات ولا یمكن العودة إلیه، وأنّ المطلوب فی هذه المرحلة تطبیق الطائف».

وقال عون في حديث لوكالة «إرنا» الإيرانية: نحن ‹لا نتكلم في هذه المرحلة عن أشیاء دراماتیكیة»، مکرّراً موقفَه بضرورة إصلاح عمل المؤسسات فی لبنان وأنّ الحلّ یبدأ من أعلی الهرَم، أي من انتخاب الرئیس القوي.

وبعدما هنَّأ عون إيران بالاتفاق النووي، طالبَ المعترضین عليه، سواءٌ داخل لبنان أو خارجه بضرورة إعادة النظر في مواقفِهم.

وكان «التكتّل» توقّفَ بعد اجتماعه الأسبوعي أمس عند «مبادرة رئيس الحكومة إلى وضعِ فيتو على الأقطاب المسيحيين الأربعة لرئاسة الجمهوريّة»، وسألَ في بيانه: «مَن منَحَ رئيس الحكومة حقَّ النقض هذا»، ولفَت إلى أنّ عنوان جلسة الخميس «مقاربة الآليّة، أي مقاربة الممارسة التي ارتضيناها عند تأليف الحكومة، وبعد دخولِها حيّز العمل، أي بعد أخذ الثقة.

ما يعني العودةَ إلى الممارسة الميثاقية والدستورية أي التوافق في مجلس الوزراء، على غرار التوافق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في حال لم تكن سُدّة الرئاسة خالية». ودعا مجلسَ الوزراء إلى وضع حدّ لتمادي المخالفة الدستورية والقانونية بموضوع تأجيل تسريح الضبّاط القادة».

قزّي

وكان رئيس الحكومة تمّام سلام التقى أمس وزير العمل سجعان قزي الذي اكتفى بالقول للصحافيين، ردّاً على سؤال عمّا إذا كانت جلسة مجلس الوزراء ستكون الأخيرة: «إنّه وقتٌ للصمود وليس للانسحاب، للمواجهة وليس للاستسلام».

وأوضَح قزي لـ«الجمهورية» أنّه تداوَل مع سلام «في الاتصالات الجارية وأطلعَنا على الاستعدادات لجلسة مجلس الوزراء، علّ الأمور تسمح بجوّ هادئ، عِلماً أنّ المشاورات الاخيرة غير مشجّعة للأسف».

وأضاف: «جَدّدنا دعمَ حزب الكتائب للحكومة وهو ما كان أبلغَه إلى سلام رئيسُ الحزب النائب سامي الجميّل في زيارته الأخيرة إلى السراي الحكومي منذ نحو عشرة أيام، وكذلك جدّدنا رفضَنا لتعطيل عمل الحكومة، المربّع الأخير للشرعية. وأبلغنا إليه أيضاً أنّ البلاد لا يمكن أن يحكمها رئيس لا لون له ولا رائحة، بل تحتاج إلى شخصيات قوية بأخلاقها ووطنيتها وشخصيتها».

إتّصالات حتى ربع الساعة الأخير

وفي سياق متصل قالت مصادر مطّلعة لـ»الجمهورية» إنّ الاتصالات التي يجريها رئيس الحكومة بعيداً عن الأنظار تواصلت وستتواصل في الساعات المقبلة حتى ربع الساعة الأخير الذي يسبق جلسة مجلس الوزراء عند العاشرة من قبل ظهر غد الخميس من دون الكشف عن المخارج المقترحة.

وأشارت المصادر إلى أنّ كلّ الأطراف ما زالت على مواقفها، فيما احتفظ «حزب الله» بالصمت المدوّي رهاناً منه على المساعي التي يجريها الرئيس نبيه برّي باتّجاه حماية الحكومة من أيّ طارئ قد يؤدّي إلى «فرطها» في مثل الظروف التي تعيشها البلاد والمنطقة.

أقصى التوقّعات السلبية: رفعُ الجلسة

ولفتَت المصادر إلى أنّ ما شهدَته الجلسة الماضية لن يتكرّر، وأنّ أقصى ما يمكن أن يؤدّي إليه إصرار «التيار الوطني الحر» متضامِنا معه «حزب الله» على البحث في الآليّة قبل أيّ شيء آخَر، هو رفعُ سلام الجلسةَ ليس أكثر، بالرغم من تعاطف وتضامن باقي الوزراء معه إلى النهاية.

بيروت ـ جدّة

وفي هذه الأجواء، نشَط الحراك على خط بيروت ـ جدة التي قصَدها أمس وزير الصحة وائل ابوفاعور، فيما عاد منها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مختتِماً زيارة رسمية التقى خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ووليّ وليّ العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، في حضور وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، ورئيس الاستخبارات العامة خالد الحميدان ورئيس جهاز العلاقات الخارجية في القوات بيار بو عاصي وفاعليات. كذلك التقى جعجع عدداً من الوزراء وكبار المسؤولين السعوديين، وبحثَ معهم في الأوضاع على الساحة اللبنانية.

عجزٌ رسمي

من جهة ثانية، أظهرت الأيام الأخيرة عجزاً رسمياً عن توفير أيّ مخرَج لملف النفايات المنزلية. فعلى رغم المشاورات التي قادها وزير البيئة محمد المشنوق على أكثر من مستوى نيابيّ وإداري وبلدي فهو لم يتمكّن مِن استكشاف أيّ مخرج للأزمة دون دعوتِه البلديات وكلّ منها في نطاق عملِه ومهامّه إلى استحداث المطامر العشوائية التي يمكن أن تنشأ في أية بقعة مِن أيّة مدينة أو بلدة ولو لفترة مؤقّتة. لتضافَ في نتائجها السَلبية العامة على ما تَسبّبت به أكوام النفايات في الشوارع العامة.

هكذا وبالفعل فقد دخلت أزمة النفايات في حلقة مفرَغة، وبدت الحلول مستعصية، وفي أحسن الأحوال فإنّ المعالجات ستستغرق نحو ستّة أشهر في حال تمَّ التوافق على السير في خططِ المعالجة، وهو أمرٌ لم يتمّ الاتفاق عليه حتى الساعة.

وقد وصلت الأمور الى دركٍ خطير، الى حد أنّ وزير البيئة دعا الى التعاون بين البلديات والأهالي لإيجاد مطامر موقّتة ولو عشوائية لتخفيف الأضرار مرحلياً. كذلك تحدّث رئيس لجنة البيئة النيابية النائب مروان حماده عن فترة 6 أشهر للوصول إلى معالجة.

النفايات تعزّز الانقسام

وعلى المستوى السياسي، استأثرَ ملف النفايات باهتمام الكتَل النيابية. وتطرّقَ الى الموضوع كتلة «المستقبل» وتكتّل «التغيير والإصلاح»، فانقسمَت المواقف بفارقِِ كبير، إذ أكّدت «الكتلة» أنّ «معالجة موضوع النفايات مسؤولية الحكومة بكلّ مكوّناتها السياسية وليس مسؤولية مكوّن دون آخر، سيّما لجهة اعتماد المعالجات الصحيحة وفقَ خطة وطنية متكاملة». وحذّرَت من أن «تتحوّل هذه المشكلة إلى سبب لنشوء وتفاقم نزاع مناطقي.

فباطنُ الأرض الذي تتسرّب إليه هذه النفايات لا يميّز على الإطلاق بين المناطق»، فيما اعتبَر «التكتل» أنّ دور مجلس الوزراء انتهى بوضعِ دفاتر الشروط وتحديد مواعيد المناقصات، وما تبقّى من مسؤوليات تُلقى على وزير البيئة.

وفسّر موقف «التكتل» بالتنصّل من طرح الملف على جلسة مجلس الوزراء لتبقى الأولوية للبحث في آليّة العمل الحكومي قبل القيام بأيّ عمل آخر إذ يسعى فريق من الوزراء إلى إغراق الجلسة بملفات أخرى، أمنية واجتماعية وبيئية.

وعلى خطّ موازٍ، باشرَت بعض البلديات، وعملاً بنصيحة وزير البيئة ولجنة البيئة النيابية، بإزالة النفايات لطمرِها حيث أمكنَ. وقرّرت بلدية حارة حريك وبلديات الضاحية الجنوبية طمرَ النفايات في مطمر خلدة قرب ردميّات حرب تمّوز. كما بدأت بلدية عبَيه عين درافيل الفرزَ وجمعَ النفايات، وستكون الشوارع اليوم خاليةً من النفايات.

عقوبات أميركية لمسؤولين في «حزب الله»

وفي سياق آخر، وفي خطوةٍ لافتة بعد الاتفاق النووي، فرضَت الحكومة الأميركية أمس «عقوبات على ثلاثة من عناصر «حزب الله» ورجلِ أعمال في لبنان»، وقالت «إنّهم يقومون بدور بارز في العمليات العسكرية في سوريا».

وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان إنّ «مصطفى بدر الدين وإبراهيم عقيل وفؤاد شكر – وهم مسؤولون عسكريّون في حزب الله – نسَّقوا أو شارَكوا في الدعم العسكري المقَدّم لحكومة الرئيس بشّار الأسد في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا». وأضاف البيان أنّ الخزانة فرَضت عقوبات على شخص رابع هو رجل أعمال في لبنان يدعى عبد النور شعلان، لشِرائه أسلحةً لـ«حزب الله» وشحنِها إلى سوريا.

على خَطّ آخَر، أعلنَ الجيش الأميركي، ليلاً، مقتلَ العضو البارز في تنظيم «القاعدة» محسن الفضلي، في ضربةٍ جَوّية شنّتها مقاتلات التحالف الدولي على سوريا في 8 تمّوز الجاري.