IMLebanon

جلسة اليوم ترسم معالم المرحلة

 

تتركّز كلّ الأنظار على جلسة مجلس الوزراء اليوم، والتي وصفَتها الأوساط السياسية بالمفصلية، لأنّه في ضوئها سيتحدّد مصير جلسات مجلس الوزراء، والخيارات التي يمكن أن يلجأ إليها رئيس الحكومة تمام سلام، وقد رجّحت الأوساط نفسُها أن يتخلّل الجلسة خلافٌ يفتح الأمورَ على شتّى الاحتمالات، ولكنْ من دون أن تخرجَ الأمور عن المراوحة السياسية المعهودة. واللافت أنّ كتلة «المستقبل» انتقدَت الحكومة بشكل واضح، إنْ من خلال دعوتها إلى «اتّخاذ القرارات الشجاعة والضرورية بدلاً من الاستمرار في حال المراوحة والضياع»، أو من خلال رفضِها «اختلاقَ سوابق تؤدّي إلى ترسيخ أعراف جديدة تكون لها تداعيات وعواقب وخيمة»، في إشارةٍ واضحة إلى الآليّة، ودعوتها إلى «التزام الدستور الذي هو كتاب اللبنانيين في العمل المؤسّسي والوطني». في المقابل، وفي موقف ليِّن غير متوقّع، رأى تكتّل «التغيير والإصلاح» أنّ «أجواء التوافق عادت لتسود»، وأنّ الاختبار سيكون في جلسة اليوم، وأطلقَ إشارات إيجابية في اتّجاه رئيس مجلس النواب نبيه برّي لجهة أنّ «العماد ميشال عون لا يسعى للخصومة مع أحد، فكيف إذا كان حليفاً مرِناً يعرف كيف يُدوِّر الزوايا».

بين الانشغال العالمي والإقليمي بترتيب ملفّات المنطقة والبحث عن إيجاد حلول لها، وفي مقدّمها الملف السوري الذي تقدّمت إيران بمبادرة في شأنه كانت محورَ بحث بين مساعد وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ووزير الخارجية السوري وليد المعلّم في طهران أمس، ينشغل لبنان بأزمة نفاياته المستمرّة، وبأزمة حكومته من باب آليّة عملها، وبقضية التعيينات العسكرية والأمنية والتي ستُطرح في جلسة مجلس الوزراء قبل ظهر اليوم وفي جلسة الحوار مساءً.

ما بعد الجلسة كما قبلها

ففي جلسة اليوم يتحدّد الاتجاه العام للمرحلة المقبلة، ولو كان هذا الاتجاه معلوماً ومحسوماً، إلّا أنّه لا يمكن حسم الأمور نهائياً التي تبقى مفتوحة على شتّى المفاجآت، إلّا أنّ ما سيحصل يُقفل صفحة التعيينات العسكرية إلى أمدٍ بعيد، ويعيد تثبيت التوازنات وفرَص المرشّحين في الانتخابات الرئاسية.

وإذا كان الأكيد أنّ ما بعد جلسة اليوم سيكون كما قبلها، لأن لا قدرة لأحد على تغيير التوازنات القائمة وكسر الستاتيكو الموجود برعاية دولية وإقليمية، فإنّ السؤال: كيف سيتعامل عون مع هذا المعطى الجديد-المعلوم، خصوصاً أنّ معارضته أو اندفاعته إلى الأمام لن تقدّم ولن تؤخّر، لأنّ ما انطبَق على التمديد النيابي سينسَحب مجَدّداً على التمديد العسكري، وبالتالي هل سيعلن المواجهة أم يُعيد تدويرَ الزوايا، كما فعلَ مع الرئيس برّي بالأمس؟

برّي

وكرّر الرئيس برّي موقفَه من التعيينات فقال: «أنا مع التعيين أوّلاً وثانياً وثالثاً وعاشراً، لكن إذا لم يحصل التوافق فإنّني مع استمرار المؤسسات، أي التمديد». وأشار إلى «أنّنا في أيّ موقع إداريّ يَشغر ويتعذّر علينا مَلؤه نلجَأ إلى التمديد، وهذا الأمر ضروري لاستمرار عمل المؤسسات».

وأبدى برّي أمام زوّاره أمس أملَه «في عودة التشريع إلى مجلس النواب، سواءٌ بفَتح دورة استثنائية، وهي تنتظر استكمالَ التواقيع، أو بانتظار العقد العادي للتشريع الثاني الذي يبدأ أوّل ثلثاء بعد 15 تشرين الأوّل».

وأشار بري الذي كان التقى وزيرة الدفاع الايطالية روبرتا بينوتي إلى «أنّه مِن الطبيعي أن ننزل إلى مجلس الوزراء ومجلس النواب فنقرَّ ما نتّفق عليه ونضعَ جانباً ما نختلف عليه، إذا كنّا فعلاً حريصين على مصلحة البلد، ولا يجب أن نتمسّك بالتعطيل».

ورفضَت مصادر رئيس الحكومة الدخول في أيّ سيناريو متوقع في جلسة اليوم، وقالت لـ»الجمهورية»: لكلّ حادث حديث، فالرئيس سلام سيترأس الجلسة وسيتحدث في مستهلّها كالعادة مطلِقاً الصوت مرّةً أخرى من أجل العمل لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، قبل أن يقدّم مقاربة سياسية وأمنية واقتصادية وماليّة.

كما سيتناول التحضيرات الجارية لمقاربة ملف النفايات التي لم تحقّق أيّ تقدّم على مستوى البحث عن حلّ متقدّم، فيما عجزَت المستودعات الموَقّتة التابعة لسوكلين أو تلك التي استحدثت أخيراً عن استيعاب مزيد من النفايات التي فاضَت وبات استيعاب المزيد ممّا هو منتشر في الشوارع مستحيلاً، ما ينذِر بتجدّد الكارثة مرّة أخرى. وأكّدَت المصادر أنّ سلام سيتبنّى خطوات نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع، لأنّها ستكون قانونية ودستورية.

مقبِل لـ«الجمهورية»

وعشية الجلسة، أوضَح نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع سمير مقبل لـ»الجمهورية» أنّ جولته الأخيرة على القيادات السياسية «لم تكن بهدف الوقوف على آرائهم، بل للبحث في الأوضاع الراهنة، من الشأن الحكومي إلى التعيينات، إلى أزمة النفايات، فالجولة تناولت الأوضاع برُمَّتها، أين نحن وإلى أين ذاهبون ولمَ نعرض فقط قضيةَ التعيينات».

وعن احتمالات التعيين واحتمالات التمديد في جلسة مجلس الوزراء اليوم والتدبير الذي سيلجَأ إليه، أجاب مقبِل: «لنكن صريحين، اليوم هناك قوانين

أنا ملزَم باتّباعها ولديّ صلاحيات استعملها ضمن القوانين، وأيّ شيء سيُعرَض على مجلس الوزراء يتّخذ الإجراءات اللازمة في شأنه، ولكن هناك قوانين ستطبّق وقوانين سأتبعها وصلاحيات سأستعملها حسب القوانين. حتى الآن ليس هناك من أيّ إجراء سنأخذه، القوانين والصلاحيات ستنفَّذ لا أكثر ولا أقلّ. لا أستعملُ صلاحياتي إلّا وفقَ القوانين.

يقال إنك ستطرح اسماً أو اسمين أو ثلاثة أسماء، وإذا رُفِضت ستلجَأ إلى تأخير التسريح؟

– الوضع دقيق، والمشاورات مستمرّة، ولن تتبلورَ نتائجها إلى صباح الغد (اليوم).

هل هناك تقدُّم في هذه المشاورات، هل نحن أقرب إلى الاتّفاق؟

– أنا كوزير دفاع أتمنّى حصول اتّفاق بين جميع الأفرقاء، وفي حال حصَل ذلك مستعدّ للسير بهذا الاتفاق.

هل صحيح أنّ العماد عون حَمَّلك اقتراحاً مكتوباً أو اقتراحا معيّناً؟

– كلّا، بَحثت مع العماد عون في الأوضاع الراهنة، ولم يحَمّلني شيئاً ولم يوَكّلني بأيّ شيء على الإطلاق.

وفيما جلسة اليوم في دائرة الرصد، حضَر الملف الحكومي في لقاءات رئيس الحكومة تمام سلام في السراي أمس التي زارها وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير الاتصالات بطرس حرب الذي رفضَ «أن يتحوّل مجلس الوزراء إلى نادٍ للنقاش، فالمجلس مركز للقرار وليس مركزاً للسَفسطة حول طريقة عملِه».

قزّي لـ«الجمهورية»

مِن جهته، أكّد وزير العمل سجعان قزّي لـ«الجمهورية» أنّ كتلة وزراء حزب الكتائب ستشَدّد على طرح ملف النفايات في بداية الجلسة، وأنّ التعاطي مع هذا الملف الذي يَعني اللبنانيين جميعاً يَستأهل العناية أكثر ممّا خصّص له لبَتِّه نهائياً وتوفير أعبائه الصحّية والمالية على لبنان واللبنانيين.

جريج لـ«الجمهورية»

وأملَ وزير الإعلام رمزي جريج في أن تكون جلسة اليوم مجدِية ومفيدة، متمنّياً أن يستلهمَ الفريق المعطل المصلحة الوطنية ويسَهّل عمل الحكومة.

وتحدّث جريج لـ«الجمهورية» عن 3 مواضيع ستطرَح اليوم: أوّلاً النفايات الصلبة، وجميعُ اللبنانيين يؤكّدون وجوبَ أن تجدَ الحكومة حلّاً لها، صحيح أنّ الحكومة الحاليّة ليست مسؤولة عن هذا الملف المتراكم منذ 20 سنة وإنّما يجب إيجاد حلّ، ولو أنّهم أخذوا ببَعض ملاحظاتنا من قبل لَما وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، قلنا إنّ على الدولة تأمين المطامر لا أن تتركَ للمتعهّدين مهمّة اختيارها، وهُم سيخضَعون لابتزاز أصحاب النفوذ في المناطق، وأملَ في أن تعطيَنا اللجنة الوزارية بعض المعلومات والحلول الفورية لهذا الملف.

أمّا الملف الثاني فهو موضوع رئيس الأركان الذي يمكن أن يُطرح، وأنا مع التعيين لأنّ تداولَ السلطة هو مبدأ في دولة القانون، وآمل أن يُطرح اسم ينال توافقاً، وإذا لم يحصل على توافق فلا نستطيع تركَ المؤسسة العسكرية في الفراغ.

والموضوع الثالث هو المقاربة، فالمقاربة التي اعتمدها الرئيس سلام هي التوافق، لكنّ التوافق لا يعني التعطيل ولا الإجماع، فلنَضع جانباً المواضيع الخلافية التي لا حلّ لها في مجلس الوزراء، أمّا القضايا المعيشية والحياتية فلا يجوز لأحد أن يكون له حق التعطيل، وآمل أن لا تطرح المقاربة من زاوية حقوق المسيحيين والمشاركة، لأنّ المشاركة في السلطة تبدأ بانتخاب رئيس الجمهورية».

جولة شاملة للسفير هيل

وفي هذه الأجواء رُصِدت حركة استثنائية للسفير الأميركي في بيروت ديفيد هيل الذي خصّص يومَه لسلسلة من اللقاءات الماراتونية، بدأها صباحاً بلقاء مع الرئيس أمين الجميّل في بكفيا، قبل أن يزور وزير العمل سجعان قزي في مكتبه في وسط بيروت لينتقلا مِن هناك إلى بيت الكتائب المركزي في الصيفي للِقاء رئيس الحزب النائب سامي الجميّل، وانتقلَ الثلاثة لاستكمال المناقشات إلى غداءٍ في أحد مطاعم بيروت.

وبَعد الظهر واصَل السفير الأميركي جولته، فشَملت وزيرَ الاتصالات بطرس حرب، فرئيس كتلة نواب المستقبل الرئيس فؤاد السنيورة، واختتم لقاءاته المعلنة بزيارة رئيس مجلس النواب نبيه برّي في عين التينة.

وفي الوقت الذي أكّد مكتب الرئيس الجميّل أنّ البحث مع هيل الذي التقاه مرّتين في غضون أربعة أيام تناولَ التطوّرات على الساحة اللبنانية وأمنَ الحدود اللبنانية – السورية، قال وزير العمل سجعان قزّي إنّ الزيارة جاءت بناءً لطلبه، للبحثِ في مختلف التطوّرات، تأكيداً منه على «حِرص الولايات المتحدة الأميركية على سلامة لبنان واستقراره، خصوصاً في هذه المرحلة بالذات».

ولفتَ قزي إلى أنّ هيل اعتبَر «أنّ استقرار لبنان يَمرّ باستقرار وضعِه الأمني وباستقرار مؤسساته، من أجل أن يكون حاضراً لانتخاب رئيس للجمهورية فورَ حصول تطوّرات تَسمح بذلك خصوصاً. وإنّ الإدارة الأميركية تنظر بشغَف إلى حصول هذه الانتخابات لتواصلَ مشاريع دعمِها المادية والاقتصادية والمدنية والعسكرية للبنان».

لحماية هرَميةِ المؤسسة ومعنوياتها

وفي مقابل الصمت الذي لفَّ هدفَ جولة هيل، أوضَحت مصادر وزارية لـ»الجمهورية» أنّ هيل أبلغَ الذين التقاهم أمس في جولته التي استكمِلت بلقاءات ليليّة غير معلَنة بموقف إدارته من حِرصها على استقرار المؤسسة العسكرية وتجنّب المس بمعنوياتها وتراتبيتها وإمرتِها العسكرية.

مشَدّداً على أنّ الدعم الدولي للجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى يشّكّل عاملَ استقرارٍ واطمئنان إلى اللبنانيين، علَّهم يسارعون إلى التفاهم على ما يؤدّي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن ووقفِ الاستماع إلى الخارج الذي تركَ لهم الخيارَ واسعاً لإتمام هذا الاستحقاق، فالعالم منشغِل بملفّات أكبر من ذلك، وعلى اللبناني استغلال هذا الواقع للنفاذ بما يكفَل استقرار المؤسسات الدستورية واكتمال عقدِها.

وقالت إنّ هيل نقلَ إلى المسؤولين رسالةً أميركية واضحة تناولَت مواقفَ بلاده من مختلف التطوّرات، وشرحاً للاستراتيجية المعتمَدة لمرحلة ما بعد اتّفاق فيينا بين إيران والعالم الغربي.