أفيد ليل أمس عن إصدار وزير الدفاع سمير مقبل قراراً قضى بتأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس مجلس الدفاع الأعلى اللواء محمد خير ورئيس الأركان وليد سلمان، لمدة سنة، وذلك بعد تعَذّر التوافق على التعيينات الأمنية والعسكرية في جلسة مجلس الوزراء أمس، والتي تعَذّرَ فيها أيضاً الاتفاق على حلّ لملفّ النفايات الذي تُركَ مصيرُه للمقبل من الأيام، فيما كلّ ذلك يَحصل على وقعِ التعطيل المستمرّ تشريعاً وانتخاباً في مجلس النوّاب، ما يطيل إقامةَ الشغور في سدّة رئاسة الجمهورية إلى أجلٍ غير مسَمّى، على أمل أن يحملَ الخريف المقبل تباشيرَ خَلاص للبنان تحت جِنح تثبيت الاتّفاق النووي أميركيّاً وإيرانياً، وتبَلوُر معالم حلول للأزمات الإقليمية المشتعلة من اليمن إلى العراق وسوريا.
غابَت الحلول لملفات النفايات والقرارات والتعيينات في جلسة «لزوم ما لا يلزم» التي انعقدت أمس في السراي الحكومي، وبقيَ الشلل سيّد الموقف، والأزمات راوِح مكانَك.
إذ إنّ لا أحد كان ينتظر من «وزراء الوقت الضائع» أن يخرجوا بأكثر ممّا خرجت به الجلسة، ويكفي اللبنانيين أنّ هؤلاء الوزراء لم يتراشقوا بعبارت حادّة ولم يتصادموا، ليَطمئنوا إلى أنّ الحكومة «ما طارت».
وكان رئيس الحكومة تمام سلام استهلّ جلسة مجلس الوزراء بكلمةٍ تناوَل فيها ملف النفايات، فأكّد أنّ «جهوداً حثيثة تُبذل على قدمٍ وساق لمعالجة هذه المشكلة الملِحّة»، موضحاً أنّ «أحدَ الخيارات التي تُدرس بعناية هو خيار تصدير النفايات الى الخارج، الذي نأمل ان نكون قد توصّلنا إلى قرار في شأنه خلال أيام».
وقد دامَ النقاش في ملف النفايات ساعتين ونصف ساعة، وعَد في ختامه سلام بأنّ حلولاً مرحلية لملفّ النفايات ستتبلوَر في خلال يومين أو ثلاثة، وإنّ هذه الحلول ستُعرض على اللجنة الوزارية بحيث تنتهي معها المشكلات الآنيّة المتأتّية من هذا الملف».
ثمّ كانت مقاربة سريعة لآليّة عمل الحكومة قاطعَها وزير الدفاع سمير مقبل بطرحه التعيينات الأمنية، فقدّمَ لائحةَ أسماء لثلاثة مواقع، هي قيادة الجيش ورئاسة الأركان والعضو السنّي في المجلس العسكري. ولكلّ موقع اقترَح ستّة إلى سبعة ضبّاط بحسب التراتبية والأقدمية.
وعند طرح الأسماء للعضو السنّي، سأل بعض الوزراء، من بينهم الوزير ميشال فرعون، عن سبب تغييب طرح تعيين المواقع الثلاثة الشاغرة المتبقّية في المجلس العسكري، وهي مواقع الشيعي والأرثوذكسي والماروني.
واعترَض وزراء تكتّل «التغيير والإصلاح» على طريقة طرح التعيينات واعتبَروها «رفع عتَب»، ووصفَها الوزير الياس بو صعب بأنّها «مسرحية بإخراج عاطل»، ولفتَ ما قاله وزير الخارجية جبران باسيل عن موقع رئاسة الأركان: «يلّي بوافق علَي الاشتراكي منِمشي فيه».
ففهمَ البعض أنّها رسالة يُراد منها القول إنّ الموقع الماروني في قيادة الجيش «لنا وعليكم القبول به». وبعدما تبيَّن أنّ النقاش في التعيينات لم يكن جدّياً، طلبَ باسيل إعطاء بعض الوقت لمناقشة مبادرات حَلحلة، فرفَع سلام الجلسة الى الخميس المقبل.
وأعلنَ وزير الإعلام رمزي جريج إثر الجلسة أنّ «وزراء تكتّل «التغيير والإصلاح» و«حزب الله» طلبوا مهلةً من الوقت في مسعى لإيجاد حلٍّ سياسي شامل، وقال الوزير جبران باسيل وأحد وزيرَي «حزب الله» إنّ هناك مساعي لبلوَرة حلّ في التعيينات العسكرية، ويمكن أن يؤدّي إلى توافقٍ على اعتماد الحلّ المناسب».
برّي
وفي المواقف، أبدى رئيس مجلس النواب نبيه برّي استياءَه ممّا وصلت إليه الأوضاع، قائلاً: «لا أستغرب هذا الكمَّ من المشكلات التي تتراكم على كاهل المواطنين طالما إنّ تعطيل المؤسسات سيّد الموقف حتى الآن».
وأبدى برّي خلال «لقاء الاربعاء» النيابي «انزعاجَه الشديد من استمرار تعطيل العمل التشريعي وشَلِّه»، مؤكّداً أنّه «لا يجوز أبداً التساهل حيال هذا المنحى، ويجب الإسراع في فتح أبواب المجلس النيابي للقيام بواجبه التشريعي والرقابي وإعادة تحريك عجَلة الدولة».
المطارنة الموارنة
من جهته، حذّرَ مجلس المطارنة الموارنة من استمرار الفراغ الرئاسي، داعياً الكتَل السياسيّة والنيابيّة إلى «تقديم مرشَّحيهم النّهائيّين لرئاسة الجمهوريّة، والحضور إلى المجلس النيابي، وإجراء العملية الانتخابية بالطريقة الديموقراطية والدستوريّة».
واعتبَر المجلس، بعد اجتماعه برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الديمان، «أنّ الإحتكامَ الى الميثاق والدستور هو المدخل الأساس والصريح إلى تجاوز النزاعات، والبَحث في أيّ أبعاد أخرى للأزمة»، مثمِّناً «المساعي التي يقوم بها مسؤولون إقليميّون ودوليّون من أجل الخروج من الشغور في رئاسة الدولة».
وأبدى «قلقَه الشديد من استمرار الفراغ في سُدّة رئاسة الجمهورية، الذي بلغَ مرحلةً تُنذِر بسقوط الجمهورية، كما تشير أزمة الحكم والتشنّج السياسي، وكأنّ المسألةَ تتجاوز النزاع على فهمِ صلاحيات، لتكشفَ عن تمخُّض عميق لا يعرف أحد ما سيُسفِر عنه»، معتبراً «أنّ الشلل السياسي وما يتسبّب به من أزمة إقتصاديّة خانقة، يَستدعي من الجميع أكبرَ مقدار من الحسّ الوطني، وعدم التفريط بالوحدة الوطنية، لأنّ لبنان الذي حسَم الجميعُ أمرَ الإنتماء إليه، لا يتجاوز أزماته السياسية بتعريضه لخضّات تُهدّد الوحدة التي باتت على لسان كلِّ لبناني، وفي قلبه».
الحوار
من جهة ثانية، انعقدَت جلسة الحوار السادسة عشرة بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» مساء أمس في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة، بحضور المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيّد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسرعن تيار «المستقبل». كذلك حضَر المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب الوزير علي حسن خليل.
وأفاد المجتمعون في بيان أنّهم ناقشوا «مقترحات للمخارج المتداولة للأزمة السياسية التي تمرّ بها البلاد»، وكذلك ناقشوا «عدداً من الملفات الحياتية التي تهمّ المواطنين».
أسلحة جديدة
وفي سياق آخر، كشفَ مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» عن «وصول دفعات جديدة من الأسلحة الأميركيّة الثقيلة تباعاً إلى الجيش اللبناني، إستكمالاً لبرنامج التسَلّح الذي بدأ منذ مدّة، ما يدلّ على ثقة واشنطن بقدرات المؤسسة العسكرية وأدائها، بعد نجاحها في المعارك والعمليات النوعية التي حقّقتها أخيراً»، مؤكّداً عدمَ وجود «سقف زمني لتسَلّم الأسلحة الأميركية، لكنّه قال: «إنّ هذا البرنامج مستمرّ».
وأشار إلى أنّ «الجيش استطاع في الآونة الأخيرة ضبط الأمن وملاحقة المجموعات الإرهابية وشلَّ حركتها بنسبة عالية جداً»، ملاحِظاً «أنّنا لم نعُد نَسمع بتحرّكات لمجموعات إرهابية أو أعمال مخِلّة بالأمن الوطني، في وقتٍ تُدرَج الجرائم التي وقعَت أخيراً في خانة الجرائم الفرديّة».
ملفّ المخطوفين التشيك
يلفّ الغموض مصيرَ ملف التشيكيّين المخطوفين، إذ أشارت المصادر الأمنية لـ«الجمهورية» إلى «عدم وجود أيّ معلومة حتّى الساعة عن مكان وجودهم وما إذا كان خاطفوهم قد هرَّبوهم إلى خارج لبنان، في حين لا صحّة لكلّ الروايات التي تنشَر عنهم».
وفي هذا السياق، أكّدَت مصادر ديبلوماسية مطَّلعة على ملفّ الموقوف في تشيكيا مستشار وزير الدفاع الأوكراني علي فيّاض، لـ«الجمهورية»، أنّ «القنصلية اللبنانية راجعَت مرّات عدّة في قضية فيّاض الذي ارتبط اسمُه باسم المخطوفين التشيك، لكنّ الجواب كان دائماً أنّه دخلَ إلى الأراضي التشيكيّة بجواز سفر أوكراني لا لبناني، في حين أنّ القنصلية كانت تُنَظمّ زيارات دورية إلى السجن للاطّلاع على وضعه»، لافتةً إلى «وجود موقوفَين لبنانيَّين آخرَين في تشيكيا، لكن لا علاقة لهما بقضية فيّاض».
الرواتب
أقفلَ وزير المال علي حسن خليل الطريق على التكهّنات في شأن أزمة دفع الرواتب في أيلول المقبل لموظفي القطاع العام، من خلال تأكيده أنّه لن يخالفَ القوانين في الإنفاق بلا تشريع قانوني أو ما يحتاج إلى قرار في مجلس الوزراء، ما يوحي أنّ الأزمة إلى تصعيد.
ولفتَ خليل إلى أنّ «تأمين الأموال يكون إمّا وفقَ الآليات العادية، أو من خلال الخيارات الأخرى بالتعاون مع البنك المركزي، ولن نتخلّف عن تسديد أيّ مستحقات».
واستغربَ «كيف أنّ تكتّلاً عريقاً سألَ أمس عن تبرير التشريع لناحية المطالبة بإقرار مشروع القانون لفتح اعتماد إضافي لتغطية الرواتب، إذ أنّ مشروع القانون قد نوقِشَ في مجلس الوزراء، ووزراء تكتّل «التغيير والإصلاح» شاركوا في هذا النقاش ووافقوا عليه، وأحيلَ إلى المجلس النيابي بإجماع مجلس الوزراء، فإمّا أنّ وزراء التيار لم يَعرفوا ماذا ناقشوا خلال هذه الجلسة، أو أنّهم لم يعرفوا خلال اجتماع «التكتّل» أنّنا نناقش هذه المسألة».
ودعا إلى مناقشة أيّ خلاف في الموقف السياسي، «فوزارةُ المال من خلال ممارسة مهمّاتها ليست طرَفاً سياسياً، ونرفض أن يُستغَلّ منبر الوزارة لأيّ حساب سياسي داخلي».
إلى قناة السويس
على صعيد آخر يشارك لبنان الرسمي اليوم في افتتاح مراسم احتفالية «قناة السويس الجديدة» ممثَّلاً برئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ورئيس الحكومة تمّام سلام ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبِل، في ظلّ مشاركة بارزة لعددٍ مِن رؤساء دوَل العالم، منهم الرئيسان الفرنسي فرنسوا هولاند والروسي فلاديمير بوتين.