IMLebanon

 عون يَعِد بـ«تسونامي» … وردٌّ حريريّ – مسيحيّ على دعوة نصرالله للتشريع

على رغم دخول البلاد مرحلةَ الجفاف الحكومي، إلّا أنّ هذه المرحلة لن تَدوم طويلاً، إذ مِن المرتَقَب وفقَ معلومات لـ»الجمهورية» أن تجري اتّصالات داخليّة وخارجيّة لإنقاذ الوضع من الشلل والعجز اللذين تميّزَت بهما جلسات مجلس الوزراء منذ نحو ثلاثة أشهر إلى اليوم. وفي هذا السياق، تأتي زيارات عددٍ من المسؤولين العرب والأجانب إلى لبنان قريباً.

كانَ اللافت، أمس، زيارة السفير الأميركي ديفيد هيل للسراي الحكومي، غداةَ جلسة مجلس الوزراء، ليؤكّد لرئيس الحكومة تمّام سلام ضرورةَ الحفاظ على حكومته وعدم التفكير بالاعتكاف أو الاستقالة.

وهذا الموقف الأميركي يُعبّر عن موقف مجموعة الدوَل الخمس الكُبرى في مجلس الأمن الدولي.

كذلكَ، جاءت زيارة هيل لسلام بعدَ انتهاء زيارة وزير الخارجيّة الإيرانيّة محمّد جواد ظريف للبنان، بمثابة تشديدٍ على أنّ «الولايات المتّحدة الأميركيّة هنا». وقد زارَ هيل أيضاً رئيسَ حزب «القوّات اللبنانيّة « سمير جعجع في معراب.

نصر الله

وفي هذه الأجواء، أعلنَ الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله، أمس، أنّ «الحزب لا يقبَل أن يُكسَر أو يُعزَل أيٌّ مِن حلفائه، خصوصاً الذين وَقفوا معه في حرب تمّوز ووضَعوا رِقابَهم مع رقابنا ومصيرهم مع مصيرنا»، مؤكّداً أنّ رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون «ممرّ إلزاميّ في انتخابات الرئاسة، ولا يُمكن عزله».

وشَدّد على أنّه «لا يُمكن أن تستمرّ الحكومة بلا مكوّنات أساسيّة في البلد، وعون ممرّ أساسيّ للحكومة، ولا يُمكن تجاهل مكوّنات أساسيّة في البلد». وإذ رأى «أنّ الحوار هو الطريق الذي يوصِل إلى الشراكة، وأنّ إدارة الظَهر تأخذ البلد إلى الخراب»، دعا القيادات المسيحيّة في لبنان إلى «أن تُعيد النظر لمعاودة فتح المجلس النيابيّ وإعادة العمل ومعالجة قضايا اللبنانيّين».

ودعا نصر الله إلى تثبيت يوم 14 آب «يوماً للنصر الإلهي للبنان في حرب تموز ضد إسرائيل»، مؤكّداً أنّه «لن تكون هناك استراتيجية ناجحة للجيش الإسرائيلي في لبنان بعد اليوم، وكلّ حفرة ستكون حفرةَ تدمّر دبّاباته وتقتل جيشَه».

عون

ولاحقاً، لوّح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون بـ«تسونامي شعبي قريب»، مؤكداً أنّ «تيار «المستقبل» لا يُقرّ بالآخر ويرفضه وهو الذي يدفعني الى التطرّف لا العكس».

قاسم

ومِن طهران، أکّد نائب الأمین العام للحزب الشیخ نعیم قاسم أنّه «لولا «حزب الله» لكانت المنطقة الیوم مسرحاً لصولات وجولات الصهاینة». وأشار إلی «أنّ انتصارات الحزب تحقّقت بفضل الالتزام بتوجیهات قائد الثورة الإسلامیة آیة الله السیّد علي الخامنئي».

إسرائيل

وكانت إسرائيل قد حذّرَت بلسان رئيس أركان جيشها الجنرال غادي أيزنكوت من أنّها ستهاجم عشرات الآلاف من الأهداف في لبنان في حال اندلاع مواجهة عسكرية على الحدود الشمالية».

وبثّت الإذاعة العامة الإسرائيلية أمس «أنّه يُستدلّ من وثيقة رسمية نشرَها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الخميس، أنّ الجيش الإسرائيلي سيهاجم عشرات الآلاف من الأهداف في لبنان في حال اندلاع مواجهة عسكرية على الحدود الشمالية.

وفي حال اندلاع مواجهة مع «حماس» في قطاع غزّة سيهاجم الجيش آلاف الأهداف في القطاع. وأضافت أن «هذه المرّة الأولى في تاريخ الجيش الإسرائيلي ينشر فيها الجيش على المَلأ وثيقةً رسمية تفصّل استراتيجيته على الجبهات المختلفة».

الحريري

ورَدَّ الرئيس سعد الحريري على خطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، فقال في سلسلة تغريدات له عبرَ موقع «تويتر»: «كنّا نتمنّى أن ينتهي الاحتفال بذكرى حرب تمّوز عند الكلام الذي يقول إنّ جميع اللبنانيين شرَكاء في الخوف والغبن وإنّ الدولة هي الضمان والحلّ».

وأكّد أنّ «الشراكة الحقيقية لا تستوي مع الخروج على الإجماع الوطني والإصرار على زجّ لبنان في الحروب الأهلية المحيطة. والشراكة الحقيقية لا تستوي مع صَبّ الزيت على نار التحريض ضد فريق أساسي في المعادلة الوطنية». واعتبَر أنّ «هناك إصراراً على رمي الأمور في الاتّجاه الخاطئ وتحميل تيار «المستقبل» مسؤولية أزمة يشارك حزب الله في إنتاجها».

وقال: «إنّهم يخترعون مقولة إنّ هناك جهة تريد عزلَ العماد عون وكسرَه. فبرَكوا الكذبة وصدّقوها وجَعلوا منها باباً مشَرَّعاً للتحريض على «المستقبل». تيار «المستقبل» مؤتمَن على الاستقرار وعلى الوحدة الوطنية، وهو لم يكن ولن يكونَ في أيّ يوم من الأيام أداةً لكسرِ شركائه في الوطن». وختم: «تاريخنا يشهد لنا، والذين يريدون إلباسَنا أثوابَهم لن ينجحوا في هذه المهمّة».

قزّي

وفي المواقف، قال وزير حزب الكتائب سجعان قزّي لـ«الجمهورية»: «اللافت أنّ السيّد نصر الله باع العماد ميشال عون مواقفَ لا تُصرَف، لا في رئاسة الجمهورية ولا في قيادة الجيش، بينما طلبَ منه موقفاً في انعقاد المجلس النيابي للتشريع، وبمجرّد أن يقول إنّه معبَر إلزامي يَعني أنّه لم يعُد المرشّح الإلزامي. لذلك دعَونا ونجَدّد الدعوة للعماد عون إلى الحوار مع القيادات المسيحية للبحث في سُبل إنقاذ الوضع المسيحي وإخراج المجتمع المسيحي من الإحباط وبناء الدولة».

وأضاف: «نحن غير معنيّين بدعوته للنزول إلى المجلس، وكان الأحرى به أن يتوجّه حزبه إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية قبل أيّ شيء آخر، عوضَ دعوة هذا الفريق أو ذاك للنزول إلى مجلس النواب، فيما الفراغ والشغور والعشب الأخضر واليابس في قصر بعبدا».

زهرا

وتعليقاً على دعوة نصر الله المسيحيين للنزول إلى مجلس النواب، قال عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا لـ«الجمهورية»: «للقيادات المسيحية مبادرة واضحة أطلقَتها منذ زمن، وتقتضي بالموافقة على فتح عَقد استثنائي شرطَ أن يتضمّن تاريخ فتحه وتاريخ انتهائه والمواضيع المدرجة فيه كما تنصّ المادة 33 من الدستور حول العقود الاستثنائية، وفي طليعةِ المواضيع المدرَجة قانون الانتخابات النيابية وقانون استعادة الجنسية، وبهذا نذهب إلى تشريع الضرورة وإلى تسيير شؤون البلد. أمّا المناشدة العاطفية، يَعني أن إنزَلوا إلى مجلس النواب من دون مطالبكم المعروفة، فلا معنى لها ولا أفق».

كرم لـ«الجمهورية»

من جهته، قال عضو كتلة «المرَدة» النائب سليم كرم لـ«الجمهورية»: «إنّنا سنناقش مع النائب سليمان فرنجية دعوةَ نصرالله إلى معاودة التشريع، وسنستوضِح خلفيّاتها، لأنّها أتت بعد وقتٍ طويل من مقاطعة المسيحيين التشريع، وهنا يجب أن نرى ما هي أسباب هذه الدعوة ودوافعها، وما هي معطيات السيّد نصرالله ليوجّهَها في هذا التوقيت بالذات».

وأكّد كرم أنّ «المرَدة» لن يغلقَ الباب على هذه الدعوة، لكنّنا في المقابل سنتشاور مع الأحزاب المسيحيّة الأخرى، أي «التيار الوطني الحرّ» و«القوات اللبنانية» والكتائب اللبنانية، خصوصاً أنّ إجماعاً مسيحياً كان قد حصَل على رفض التشريع في ظلّ غياب رئيس الجمهورية، والذهاب إلى تشريع الضرورة شرط وضع قانونَي الإنتخاب وإستعادة الجنسية على جدول أعمال أوّل جلسة تشريعية».

وقال كرم إنّ «الوضع يستدعي فتحَ الباب على كلّ الاحتمالات، والحوار بين جميع الأفرقاء لتسيير أمور الناس وتفعيل عمل الحكومة، لأنّها السلطة الإجرائية التي كانت تعمل، وبالتالي على الجميع السعي لوضع الحلول، ومِن هذا المنطلق قد يكون من الضروري النظر في بعض الخيارات».

حوري

وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب عمّار حوري لـ«الجمهورية»: «في الشقّ الإقليمي من خطاب السيّد نصر الله تبريرٌ للهزائم الإقليمية الحاصلة في اليمن وسوريا، وفي الشقّ المحلّي كان مضطرّاً لإعطاء معنويات لعون، لكنّه أعطاه معنويات كلامية وأنزَله من رتبة مرشّح رئاسي إلى ناخب، وهذا هو واقع الحال، فمنذ البداية كنّا نقول لعون: تحَوَّل مِن مرشّح إلى ناخب، وهذا حقّك ولا أحد يُنكر أنّك ناخب قوي في انتخابات رئاسة الجمهورية. أمّا في الشق الحكومي فإنّ نصرالله يقول: «شوفو كيف بَدكن ترضو عون».

أمّا الدعوة إلى فتح أبواب مجلس النواب فهي موجّهة أساساً إلى عون. وفي حديثه عن الشارع كان لا بدّ مِن أن يعطيَ معنويات لعون، لكنّه في الوقت نفسه مرَّر إشارات كأنّه بها يقِرّ بهزالة الشارع العوني».

«14 آذار»

وقالت أوساط بارزة في قوى 14 آذار إنّ رفض نصرالله وجود «طائفة قائدة» أو «حزب قائد» داخل الدولة «يشَكّل عين الصواب، كون لبنان لا يقوم سوى على الشراكة بين كلّ المكوّنات اللبنانية». ودعت نصرالله إلى «ترجمة كلامه بتسليم «حزب الله» سلاحَه للدولة من أجل أن تتساوى كلّ هذه المكوّنات تحت سقف الدولة اللبنانية، الأمر غير القائم اليوم بسبب إصرار الحزب على تمييز نفسه تحت عنوان المقاومة، وما يَحول دون قيام الدولة وتحقيق الشراكة.

ولمسَت الأوساط وجود تحَوّل في موقف نصرالله من الانتخابات الرئاسية، حيث انتقلَ مِن اعتبار عون هو المرشّح الوحيد إلى اعتبارِه الممرّ الإلزامي للانتخابات الرئاسية، وربَطت هذا التطوّر في الموقف بزيارة ظريف الأخيرة للبنان و«كلمة السر» التي سَلّمها للأمين العام لـ«حزب الله».

ورأت أنّ الكرة أصبحَت اليوم في ملعب عون الذي عليه أن يلتقطَ هذه الإشارة وأن يلعبَ دوره كناخب رئيسي أو ممرّ إلزامي قبل فوات الأوان، ويكون مجرّد شاهد على وصول الرئيس الجديد.

وقالت إنّ كلام نصرالله «يُثبت أنّ إيران ما بَعد النووي هي غيرُها ما قبل هذا الاتفاق، والدليل المبادرة التي أطلقَتها حيال الأزمة السورية، ومِن الواضح أنّها أرادت أن توَجّه للغرب رسالةَ حسنِ نيّةٍ من بيروت بتحريك الملفّ الرئاسي الذي يشَكّل تحريكاً لكلّ المؤسسات الدستورية».

ووضَعت الأوساط نفسُها كلامَ نصرالله الداعم لعون والرافض كسرَه «في سياق الدعم المعنوي الذي لم يُترجَم رئاسياً ولا عسكرياً»، وقالت: إنّ أحداً لا يريد كسرَ عون، بل هو من أطلقَ هذا الشعار بغية أن يتحوّل ضحية، كما أنّه هو مَن بادرَ إلى فتح مواجهةٍ مع كلّ القوى السياسية وفي طليعتها 8 آذار تحت العنوان العسكري، وبالتالي لم يقدِّر اللحظة السياسية والفراغ الرئاسي والدور الذي يلعبه الجيش اللبناني في حفظ الاستقرار في الداخل وعلى الحدود».

مصادر عسكرية

على صعيد آخر، أكّدَت مصادر عسكرية رفيعة لـ»الجمهورية» أنّ «الغداء الذي جمعَ قائد الجيش العماد جان قهوجي مع قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز هو غداءٌ علنيّ حصَل بوجود عدد من ضبّاط الجيش، وليس غداءً منفرداً أو له طابَع سياسي، ومن الطبيعي أن يجتمع قائد الجيش مع ضبّاطه».

وقالت إنّ «الجيش مؤسسة منضبطة تحترم الهرَمية القيادية ولا تدخل في الزواريب السياسية مهما علت الأصوات المنتقدة لها». ونفَت كلَّ «الأقاويل والإشاعات عن نزاع بين الضبّاط الموارنة داخل المؤسسة العسكرية»، مؤكّدةً أنّ «الجيش جسمٌ واحد وهدفُه تحييد لبنان عن النزاعات الإقليمية ومواجهة الإرهاب وحفظ الاستقرار الداخلي».

الراعي

وعشية عيد انتقال السيّدة العذراء، شاءَ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي تذكيرَ الموارنة من وادي قنّوبين، خلال ترَؤّسِه قدّاس عيد السيّدة، بأنّ «إيمانهم ونضالهم أدّيَا إلى صمودهم التاريخي، وكان لهم ما أرادوا عام 1920 بولادة لبنان الكبير الذي يواجه حاليّاً الفراغ الرئاسيّ، بعدما دفعَ الموارنة ثمناً باهظاً لنشوء هذا الكيان، وها هو يَسقط من بين أيديهم».

ودعا الراعي «المسؤولين في لبنان إلى أن يفتحوا المجالَ ليفعل الربّ عظائمَ من خلالهم ويَنتخبوا رئيساً للجمهورية، وأن يتحاوروا بعضُهم مع بعض وينزلوا عن عروش آرائهم الشخصية ويتحرّروا من أسرى أفكارهم ومواقفهم». وأكّد أنّ «كرسيّ قنّوبين رمز كنسيتنا، والكنيسة المارونية الكنيسة الوحيدة في كلّ كنائس الأرض التي بقيَت متّحدةً في كلّ الأرض، لا يوجد فيها أيّ فريق، وحافظَت على إيمانها الكاثوليكي الواحد من دون أيّ انقسامات. وحافَظوا على الكنز الثاني الذي هو استقلاليتهم.

وهنا أرادوا الحفاظَ على استقلاليتهم ليحافظوا على إيمانهم ويحافظوا على تراب أرضهم، وبهذه المسيرة الطويلة التي بدأت من مار يوحنا مارون ككنيسة منظّمة ومن مار مارون بروحانيته وصَلوا إلى لبنان عام 1920 برئاسة البطريرك الماروني المكرّم الياس الحويك، وإلى إعلان لبنان الكبير ولبنان السيّد المستقل».