IMLebanon

بكركي تُبادر للإنقاذ وإعتراض برِّي يخلط الأمور مجدداً

دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى إعادة النظر بمناقصات ملف النفايات «نظراً للأسعار المرتفعة وتحميلها الخزينة أعباء إضافية كبيرة أو إلغاء المناقصات بالكامل»، أعادت خَلط الأمور مجدّداً وفتحَت الأبواب على شتّى الاحتمالات، بعدما كانت اللجنة الوزارية أنجزَت فضّ عروض المناقصات، وأعلنَت أسماء الشركات الفائزة، والآلية التي ستُعتمَد لبَدء التلزيم الفعلي. وقد عكسَ موقف برّي آراءَ معظم الخبَراء بأنّ الأسعار المقترَحة كانت مرتفعة، ولم تكن أقلّ مِن الأسعار التي تتقاضاها «سوكلين» حاليّاً. وقد تكثّفَت الاتصالات ليلاً مِن أجل توحيد القراءة حيال خريطة الطريق المطلوبة تحت عنوان الإسراع بإنهاء ملف النفايات، ولكن شرط الوصول إلى أفضل نتيجة ممكنة. وفي هذا الوقت تواصَلت أمس الاتصالات لتبيان خلفية التطوّرات التي حصلت في وسط بيروت لناحية ما إذا كانت من طبيعة محلّية وتتّصل بالاشتباك الحكومي عموماً وملف النفايات خصوصاً، أو لها امتدادات إقليمية حوّلت وسط بيروت إلى صندوق بريد لرسائل متبادلة، خصوصاً أنّها تزامنَت مع التصعيد في مخيّم عين الحلوة وتوسّع الاشتباكات داخله، هذا المخيّم الذي عاش ليلاً أمنيّاً صعباً، حيث شهدَ مواجهات حادّة بين حركة «فتح» والتنظيمات المتطرّفة.

توقّفَ المراقبون أمس عند أربعة مواقف أو تطوّرات: البيان الصادر عن الحوار بين «حزب الله» و»المستقبل»، والذي أكّد أنّ التفاهم بينهما ما زال ساريَ المفعول، وبدّد كلّ المخاوف من انفراط هذا التفاهم الذي ظهَر بأنه أمتن ممّا يتصوّره البعض، وإنْ دلّ هذا البيان على شيء، فعلى أنّ الأمور تتّجه للانحسار والاحتواء.

تلويح رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميّل بالاستقالة من الحكومة في حال استمرار التعطيل، حيث أكّدَت مصادر كتائبية لـ»الجمهورية» أن «لا التعطيل مقبول ولا الخضوع للتعطيل مقبول». رسمُ قائدِ الجيش العماد جان قهوجي للخطوط الحمر بين حدَّي حماية حرّية التعبير، وحماية الاستقرار وأرواح الناس وممتلكاتهم والمؤسسات الدستورية.

توَجُّه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إلى إطلاق مبادرة إنقاذية من خلال جمعِ الزعماء الموارنة الأربعة في بكركي ووضعِهم أمام مسؤلياتهم الوطنية والتاريخية من منطلق أنّ ما يَحدث سببُه الأوّل غياب رئيس الجمهورية، واتّفاقهم على رئيس يَفتح الباب أمام انتظام عمل المؤسسات.

الحوار

وفي كلّ هذا المشهد الذي أثار المخاوف من وجود نيات لتغيير قواعد الاشتباك جاءت جلسة الحوار أمس لتبدد كل هذه المناخات، وتؤكد على استمرار الحوار والتفاهم على الثوابت المشتركة التي حكمت المرحلة منذ تأليف حكومة الرئيس تمام سلام، ما يعني أن الأمور ستبقى تحت السيطرة.

وكانت انعقدت جلسة الحوار السابعة عشرة بين «حزب الله» و «تيار المستقبل» مساء أمس في مقر الرئاسة الثانية، بحضور المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين الخليل والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن «تيار المستقبل»، كما حضر الجلسة الوزير علي حسن خليل.

وبحثَ المجتمعون تطوّرات الأوضاع الداخلية والقضايا الاجتماعية وما حصَل في الأيام الأخيرة. و أكّدوا حرصَهم على حرية التعبير و التظاهر السلمي في إطار القوانين والانظمة المرعيّة، ودعمَهم لمؤسسات الدولة في حماية الاستقرار الداخلي وحفظ الامن والمؤسسات العامة والأملاك الخاصة.

وشدّد المجتمعون على أولوية الحوار والتفاهم بين مختلف الاطراف لمعالجة الأزمات، وعلى ضرورة تحَمّل الدولة لمسؤلياتها في القضايا التي تهمّ المواطنين.

قلق دولي

وأثارت حوادث الشغب في وسط بيروت، والتي أدّت الى إصابة 99 عنصراً من قوى الامن الداخلي في مواجهات مع المتظاهرين والمندسّين وخلّفَت أضراراً مادية كبيرة في الممتلكات، قلقاً أممياً ودولياً وعربياً، ما دفعَ بدوَل كالكويت والبحرين والسعودية الى تحذير رعاياها من السفر الى لبنان، ومغادرته، حِرصاً على أمنهم وسلامتهم، فيما قال السفير الاميركي دايفيد هيل إنّ الدستورَين الأميركي واللبناني يَدعمان الحقّ في الاحتجاج السِلمي، وهذا حقّ لا يتجزأ من قيَم وتاريخ كلّ مِن بلدينا، وكما قال رئيس الحكومة في تصريحه بالأمس، هذا حقّ يجب حمايته. وإذا تبيّن أنّ هناك انتهاكاً له، فلا بدّ أن يكون هناك مساءلة كما دعا الرئيس سلام».

وفيما رُفِعَت في ساحة رياض الصلح سواتر إسمنتية لمنع أيّ اعتداء على السراي الحكومي، أكّد وزير الداخلية نهاد المشنوق عدمَ السماح بالدخول إلى حرمِها وحرمِ مجلس النواب.

التحقيقات شَملت العشرات

وفي هذه الأجواء باشَر أمس مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي داني الزعني تحقيقاته مع العسكريين والمدنيين الموقوفين على ذمّة التحقيق في أحداث ساحة رياض الصلح، إنفاذاً للإستنابات القضائية التي صدرت بهذا الشأن.

وقالت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» إنّ التحقيقات شملت العشرات من العسكريين من مختلف فصائل بيروت ولا سيّما من فوج مكافحة الشغب الذين كانوا في مواجهة المتظاهرين بين جانبَي فاصل الشريط الشائك. وتزامنَ التحقيق مع استمرار العمل بالتدبير الأقصى لإستمرار جميع العسكريين محجوزين رهن المستجدّات وما يمكن أن يطرأ بين لحظة وأخرى.

ولفتَت المصادر إلى أنّ التحقيقات شَملت سبعة مدنيين ما زالوا موقوفين رهنَ التحقيق وكانت لهم أدوار في المواجهة التي جرت مع العسكريين بانتظار أن تنتهي التحقيقات للبَتّ بمصيرهم وإطلاق سراحِهم أو سَوقهم للمحاكمة بانتظار إنجاز التحقيقات التي تجري بوتيرة سريعة للغاية بغية الإنتهاء منها في أسرع وقت ممكن.

على صعيد آخر تسَلّمت المراجع المعنية تقاريرَ مفصّلة من مختلف فصائل قوى الأمن التي كانت لها مهمّات في مناطق التظاهر يومَي السبت والأحد، وقد تجاوزَت الحصيلة النهائية للإصابات بين العسكريين مئة إصابة.

قهوجي

بدَوره، أكّد قائد الجيش العماد جان قهوجي جهوزية الجيش الكاملة «للحفاظ على استقرار مدينة بيروت وحماية المؤسّسات الدستوريّة ومنعِ الإعتداء على أرواح المواطنين وممتلكاتهم تحت أيّ ظرفٍ أو شعار»، وشدّد في الوقت نفسه على «حماية التظاهرات السلميّة وحق الجميع في حريّة التعبير عن مواقفهم وآرائهم، في إطار القانون والنظام».

وأعلن قهوجي «أنّ الجيش لن يتهاون مع المخِلّين بالأمن أو المندسّين بين المتظاهرين الذين يسعون إلى حرف التظاهرات السِلميّة عن مسارها الحقيقي ومطالبِها المشروعة، بهدف النَيل من هيبة القوى الأمنيّة، تمهيداً لإثارة مناخات الفتنة والفوضى في البلاد».

وكان قهوجي تفقّدَ أمس فوجَ التدخّل الثالث في بيروت، وجالَ في مراكزه واطّلع على الإجراءات والتدابير الامنيّة التي اتّخذها في ضوء التطوّرات الأخيرة، والتقى الضبّاط والعسكريّين.

إتّصالات

وكانت الاتصالات الداخلية لاحتواء الوضع تكثّفَت، فاتّصل رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والرئيس أمين الجميّل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وبرئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية وبحزب «الطاشناق»، للتشاور بالمراسيم المتعلقة بصلاحيات رئيس الجمهورية وضرورة احترام الدستور. وترَأّسَ عون اجتماعاً في الرابية مع كوادر ومنَسّقي «التيار الوطني الحر»، وذلك لدراسة تحرّك مرتقَب في الأيام المقبلة.

بدَوره، اتّصل جعجع بسلام وبالرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة، وتداولَ معهم في الأزمة المستجدة الناتجة عن التقاعس في معالجة ملفّ النفايات وما نتجَ عنها من أعمال شغَب في العاصمة بيروت بالأمس والتي لا تليق بصورة لبنان بعد أن قام بعض المندسّين بتحوير أهداف التظاهرة السلمية.

وأكّد وجوب احترام الاستقرار والانتظام العام في البلد والحفاظ على تماسُك الحكومة في ظلّ الفراغ الذي نعاني منه، خصوصاً أنّ الرئيس سلام يتحمّل في الوقت الراهن مسؤولية الإمساك بالشرعية في البلد، مجدّداً التأكيد أنّ الحلّ يبدأ بتوجُّه النواب الى المجلس النيابي، اليوم قبل الغد، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لتعود الحياة السياسية الى طبيعتها.

كذلك اتّصل الراعي بسلام مؤكّداً أنّ «المدخل الأساسي اليوم لكلّ الحلول هو انتخاب رئيس للجمهورية»، وأسفَ «لاندِساس مغرضين في التظاهرات السلمية المشروعة واجَهوا بعنفٍ القوى الأمنية لتحويل التظاهرات عن هدفها الأساسي المحِقّ». وكان توافقَ على ضرورة التروّي والسعي الدؤوب لانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع ما يمكن.

مبادرة بطريركية إنقاذية

إلى ذلك، يصل البطريرك الراعي إلى بكركي من مقرّه الصيفي في الديمان، بعدما ألغى زيارته إلى الخارج، لإطلاق مبادرة إنقاذيّة بعدما لامسَت الأوضاع في البلاد حدّ الإنفجار، وسيَحضّ الزعماءَ الموارنة على التوافق لانتخاب رئيس للجمهورية.

وتتمثّل هذه المبادرة في محاولة الراعي جمعَ الزعماء الموارنة الأربعة في بكركي ووضعَهم أمام مسؤلياتهم الوطنية والتاريخية، لأنه يَعتبر أنّ ما يَحدث في لبنان سببُه الأوّل غياب رئيس الجمهورية، وإذا اتّفق المسيحيون على رئيس سيُحَلّ جزءٌ كبير من أزمة البلد.

كذلك سيُجري الراعي سلسلة اتصالات مع القيادات اللبنانية كافّة بدأَها أمس مع سلام، لأنّ الجميع يتحمّل مسؤولية الفراغ الرئاسي وليس الزعماء الموارنة وحدهم. وفي هذا السياق، أكّد النائب البطريركي العام المطران بولس صيّاح لـ»الجمهورية» أنّ «بكركي لا تقف متفرّجة، وستفعل كلّ ما بوسعها لإنقاذ لبنان».

جلسة اليوم

ويَحضر ملف النفايات بقوّة على طاولة مجلس الوزراء في الجلسة الاستثنائية التي دعا رئيس الحكومة تمام سلام الى عقدها «للبحثِ بوضعِ النفايات الكارثيِ ومحاولة اتخاذ القراراتِ المناسبةِ بشأنِ المناقصاتِ العائدةِ لخِدماتِ النفاياتِ المنزليةِ الصلبة»، كما جاء في نصّ الدعوة.

وكانت اللجنة الوزارية وتحت وطأة الضغط، أنجزَت فضّ عروض مناقصات النفايات الصلبة بعد ظهر أمس، كما سَبق ووعدت، وأعلنَت أسماء الشركات الفائزة، والآلية التي ستُعتمَد لبَدء التلزيم الفعلي.

وأعلن وزير البيئة فوزَ كلّ مِن الشركات التالية: شركة «لافاجيت» عن بيروت، «شركة رياض الأسعد» في الشوف، «جهاد العرب» في البقاع و«باتكو» في الشمال وشركة «اندفكو» في المتن وكسروان وجبيل، و»شركة شريف وهبي» في الجنوب». هذه الشركات لدى بعضها أسماء مركّبة في إشارة شراكتها مع شركات أجنبية، دخلت في المناقصة الى جانب الشركات اللبنانية.

وعلى هامش فضّ العروض يمكِن تسجيل أربع ملاحظات:

الملاحظة الأولى، أنّ الأسعار المقترَحة كانت مرتفعة، ولم تكن أقلّ مِن الاسعار التي تتقاضاها «سوكلين» حالياً، الأمر الذي أثارَ علامات استفهام.

الملاحظة الثانية، أنّ فضّ العروض والتلزيم وبدءَ التنفيذ تحتاج الى مدّة طويلة لا تقلّ عن عام. وعلى الحكومة إيجاد حلّ في هذه الفترة الانتقالية.

الملاحظة الثالثة، أنّ المجتمع المدني رفضَ نتائج فضّ العروض، وقرّر مواصلة الحراك الاعتراضي في الشارع.

الملاحظة الرابعة، أنّ مجلس الوزراء الذي ينعقد اليوم مطلوبٌ منه الاتفاق على مطامر موَقّتة، أو على إعادة فتح مطمر الناعمة لفترة محدّدة بانتظار بدءِ عمل الشركات الفائزة في العقود الجديدة.

مصادر عين التينة

وقالت مصادر عين التينة لـ«الجمهورية» إنّ أهمّ الاسباب التي دفعت برئيس مجلس النواب الى اتخاذ هذا الموقف الداعي إلى إعادة النظر بالمناقصات هي:

أوّلاًـ إنّ دفتر الشروط يتضمن فجوةً أساسية، وهي عدم تأمين المطامر، ما يَعني أنّه سيكون هناك خللٌ في إدارة الشركات لمعالجة النفايات كونها ستقف امام عقبة الأمكنة التي ستطمر فيها. وقد ظلّت هذه الفجوة قائمة في إجراء المناقصات.

ثانياًـ الكلفة التي كان يدفعها لبنان لمعالجة النفايات وكنسِها وجمعِها والتي كانت تعتبَر باهظة جداً تضاعَف سعرُها مرّتين، وقفزَت من 220 مليون دولار الى أكثر من 400 مليون دولار. ثمّ إنّ هذه الاموال التي ستدفعها الدولة ستُقتطَع من أموال البلديات التي يطالب بعضُها بأن يتسلّم بنفسه إدارة نفاياته بكِلفة أدنى بكثير وبوسائل حديثة للمعالجة أهمّ بكثير، مثلما يحصل في اتّحاد بلديات صور.

ثالثاًـ عملية التجميع والكنس لم تُحسَم بدفاتر الشروط

رابعاً ـ هناك تفاوُت بالأسعار ما بين المحافظات بشكل غير واضح.

وأكّدت المصادر أنّ هذه النقاط ستُثار في جلسة مجلس الوزراء اليوم. وبُعَيد إعلان وزير البيئة محمد المشنوق نتيجة فضّ عروض المناقصات، دعَت حملة «طلعت ريحتكم» إلى التظاهر مساء السبت المقبل في مكان يحدّد لاحقاً، واعتبَرت أنّ «المناقصات التي حصلت هي عملية سَلب للمال العام، وكلّ مَن شاركَ فيها من وزراء وشركات وبلديات هو مشارك في عملية السطو»، وشدّدت على أنّ «المناقصات باطلة، كما أنّ التقاعس في المساءلة والمحاسبة واستعمال العنف يؤدي إلى استمرار تفكيك الدولة»، لافتةً إلى أنّ «المسؤوليات واضحة والمحاسبة واجبة، وكلّ مَن استعمل العنف وكلّ مَن أعطى أمراً باستعمال العنف هو مسؤول يجب محاسبته».

مصادر وزارية

مِن جهتها، قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» إنّ جلسة النفايات ستكون جلسة صاخبة جداً، كونها تأتي بعد أحداث 22 و23 آب وما رافقَها من تقاذفِ مسؤوليات وتبادل اتّهامات، وتقصير في مقاربة ما جرى ومعالجته بسرعة. كذلك فإنّ قوى سياسية عدّة تعترض على نتائج المناقصات وترفضها. وأكّدت المصادر أنّه يعود لمجلس الوزراء اتّخاذ القرار المناسب بهذا الشأن، فإمّا إعادة إجراء المناقصات آخِذاً بملاحظات المعترضين، وإمّا الذهاب إلى التصويت».

وأوضحَت مصادر وزارية أخرى أنّ جلسة اليوم لا علاقة لها بالجلسة العادية التي ستُعقد قبل ظهر الخميس المقبل للبحث في جدول أعمال من 38 بنداً بعد شطبِ بَند النفايات.

حرب

وأعلنَ الوزير بطرس حرب لـ«الجمهورية» أنّه سيشارك في جلسة مجلس الوزراء، مذكّراً بأنّه عندما قرّر الاعتكاف فبسَبب «تحَوُّل المجلس من مركز سلطة إلى نادٍ للنقاش غيرِ المجدي وانعدام اتّخاذ القرار فيه، فيما المسؤولية تفرض التقرير ومعالجة مشاكل الناس وإيجاد حلول لها، وعندما وجدتُ أنّ النقاش بلا جدوى اعتبرتُ نفسي أنّني لست جزءاً مِن سلطة لا تمارس سلطتها وأعلنت الاعتكاف لحين ان يقرّر المجلس العودة الى ممارسة صلاحياته، وبما أنّ الجلسة المقبلة ستكون منتِجة سأشارك فيها وسأكون جزءاً من المجلس».

وهل إنّ الجلسة ستكون جلسة منتِجة فعلاً ؟ أجاب: رئيس الحكومة دعا إلى الجلسة لكي نبتَّ موضوع النفايات ونجدَ حلولاً لها، وطبعاً سنتّخذ فيها قرارات، حتى لو رفضَ الطرف الآخر لئلّا تغرقَ البلاد في النفايات ونزيدَ نقمة الناس على عجزنا عن اتّخاذ قرارات». واستبعَد حرب ان يستقيل سلام «إذا ماشاه الوزراء في اتّخاذ القرارات»، مُبدِياً اعتقاده بأنّ الجلسة ستكون جدّية وعملية وسيَصدر عنها قرارات.

بوصعب

وأوضح الوزير الياس بوصعب أنّ موقف تكتّل «التغيير والإصلاح» لم يتغيّر، وقال لـ»الجمهورية»: «إذا رفضوا حصولَ تفاهمٍ معنا، فمعنى ذلك أنّهم قرّروا كسرَ فريق معيّن، وليتحمَّلوا عندئذ مسؤولية قرارهم، ولسنا نحن من نتحمّل المسؤولية إذا كانت الحكومة تعمل أم لا، بل مَن يرفض التفاهم والاتفاق معنا. وإذا شاؤوا تغييرَ آليّة العمل المتّفَق عليها معناه أنّهم يغيّرون بالتفاهم الحاصل، وليتحمّلوا هم أيضاً مسؤولية قرار التغيير.

وإذ لاحَظ بوصعب «أنّهم يُقحمون المواطنين في كلّ المواضيع التي يمارسون فيها ضغطاً سياسيا» تخوّفَ من ذهاب رونقِ الحملة التي جرَت في الشارع بعد مناقصات فضّ العروض وبهذه الكلفة العالية والتي ستَجعلنا نترحّم على أيام سوكلين، فنحن اليوم نشهد ولادةَ أطفال شركة «سوكلين» ولكن بكلفة أغلى».

ووصَف «ما جرى بـ»الفضيحة الكبيرة»، واعتبَر أنّ مطالب المتظاهرين محِقّة ومعظمُهم صادقون، إنّما هناك مَن حاولَ استغلالهم للوصول إلى هذه النتيجة». وقال إنّ ملفّ «الزبالة» في لبنان دجاجة تبيضُ ذهباً، وإذا شئتم محاربتَه تحاربون أشخاصاً مستفيدين من هذا الذهب، وهذه هي المعركة، إمّا هؤلاء يربحون وإما الشعب».

وأدرجَ بوصعب الاتصالات التي أجراها عون في إطار التنبيه إلى خطورة ما حدثَ في ما يتعلّق بإصدار مراسيم عاديّة، والتي هي حقّ حصريّ لرئيس الجمهورية، ولا أحد يستطيع التصرّفَ بها سواه، وبما أنّ صلاحيته منوطة بمجلس الوزراء مجتمعاً عند الشغور فلا يمكن تجزئتها، بل يجب أن تَحظى بتوقيع 24 وزيراً.