Site icon IMLebanon

واشنطن لا تتدخَّل في التعيينات… والمشنوق: الحسم ضد الإعتداء على المؤسسات العامة

 

مع استمرار الشغور الرئاسي وترحيل جلسة انتخاب رئيس جمهورية جديد إلى 30 أيلول الجاري بعد انضمام جلسة الأمس إلى سابقاتها لعدم اكتمال النصاب، وفي انتظار عودة عجَلة العمل الحكومي إلى الدوران مجدّداً، تُشارف أزمة النفايات على دخول شهرها الثاني، في وقتٍ يمضي المجتمع المدني قدُماً في حراكه على الأرض وقد وسّعَ نطاقه ليشمل الشمال والجنوب بعدما ضربَ موعداً لحراك جديد في بيروت في 9 أيلول تزامُناً مع انعقاد الجلسة الأولى لهيئة الحوار الوطني في مجلس النواب، في وقتٍ حذّرَ وزير الداخلية نهاد المشنوق من أنّ أيّ اعتداء على مؤسسة عامّة سيتمّ حسمُه بالقانون وبالقوّة، وترافقَ هذا التحذير مع تعزيز الإجراءات في محيط السراي الحكومي والوزارات، ولا سيّما وزارة الداخلية، فيما يستعدّ «التيار الوطني الحر» للتظاهر عصر غدٍ الجمعة في ساحة الشهداء، تلبيةً لدعوة النائب ميشال عون، تحت شعار «وحدا الإنتخابات بتنَضِّف»، قالت مصادر بارزة في التيار لـ»الجمهورية» «أنّ «التيار» ليس في سِباق مع أحد على الأرض، وهو يَعتبر أنّ كلّ مَن يشاركه شعاراته وعناوينه ومطالبه يتكامل معه في سبيل تحقيق هذه الأهداف.

في هذه الاجواء، اتَّضحت حقيقة الموقف الاميركي، وفق معلومات متقاطعة لـ«الجمهورية»، من موضوع الترقيات في الجيش اللبناني، بعد الهمس الذي دار في بعض الكواليس منذ مدة عن تداول اقتراحات وأفكار في شأن ترقية 10 عمداء (من أصل نحو 450 عميداً) في الجيش الى رتبة لواء لأهداف سياسية، ما ولَّد استياءً عارماً لدى نحو 440 عميداً لن تشملهم الترقية، وخلَق حالة من البلبلة والتململ في صفوف المؤسسة العسكرية.

وقد سعى البعض الى الاختباء خلف قوى خارجية والإيحاء والترويج بأنّ الادارة الاميركية تُشجّع هذه الترقيات، في محاولة للدفع في اتجاه إقرار هذه الترقيات التي من شأنها أن ترتدّ سلباً على بنية مؤسسة الجيش.

غير أنّ المعلومات المتقاطعة من مصادر متعدّدة لم تُبيّن وجود تدخّل أميركي في هذا الشأن، سواء على مستوى السفارة في بيروت، أو على أيّ مستوى آخر. وأشارت المعلومات الى أنّ الولايات المتحدة تدعم بقوة مؤسّسة الجيش اللبناني، الذي تعتبره قوة الدفاع الشرعية الوحيدة في لبنان، وأنّ علاقتها مع الجيش تقوم على المؤسسات، وليس الشخصيات.

وأضافت أنّ أميركا ملتزمة بضمان أن يتمتّع الجيش بالقدرة لأن يكون المدافع الوحيد عن الأراضي اللبنانية وحدودها، بعيداً من السياسة، وأن يكون مسؤولاً أمام الدولة والشعب اللبناني من خلال الدولة.

وكشفت المعلومات أنّه بعد الهجوم الذي وقع في عرسال، سرَّعت الولايات المتحدة تسليم ذخائر وأسلحة إضافية لاستخدامها في عمليات قتالية هجومية ودفاعية من قبل الجيش اللبناني، لدعم جهوده الرامية إلى حماية الشعب اللبناني، وتأمين حدود لبنان، وصدّ تطرّف ووحشية «داعش» و«جبهة النصرة» وغيرهما من الجماعات المتطرفة الرامية إلى زعزعة استقرار لبنان.

وختمت المعلومات أنّه لا يمكن للأميركيين أن يتدخّلوا أبداً في الشؤون الداخلية للجيش اللبناني. وهم يعتبرون أنّ دورهم يرتكز على دعم الأحكام المهنية للقيادة العسكرية، والاستجابة لكلّ طلب للمساعدة يقدَّم إليهم، معتبرة أنّ الأميركيين لم يخذلوا الجيش اللبناني أبداً ولن يفعلوا ذلك في المستقبل.

زوّار السراي

وأمس كان بارزاً أنّ مِن بين زوّار السراي الحكومي وزيرَي البيئة والداخلية محمد المشنوق ونهاد المشنوق. وقد شرح الأول الظروف التي رافقت احتجازه في وزارة البيئة في اللعازارية لثماني ساعات تقريباً وما رافقها من مساعٍ لتهدئة الوضع وإخراج المعتصمين من مبنى الوزارة.

وشكرَ المشنوق سلام والوزراء الذين تضامنوا معه في ساعات «المحنة» مؤكّداً أنّ مثل هذه التصرّفات لن تثنيَه عن المهام التي يقوم بها، مؤكّداً استعداده لتحَمّل المسؤوليات في مثل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد. وأبلغَ الى سلام عودتَه الى مكتبه لمزاولة عمله كالمعتاد.

فهنّأ سلام المشنوق لقدرته على استيعاب التطورات مهما كانت قاسية وشَكر له استعداداته لتحمّل المسؤولية أياً كانت الظروف الصعبة.

أمّا اللقاء الثاني مع وزير الداخلية فتخَلّله عرض للمستجدّات الأمنية وسلّمَ المشنوق سلام نسخة من التقرير الأمني الذي وضعَته المفتشية العامة لقوى الأمن الداخلي حول أحداث 22 آب نتيجة التحقيقات التي أجرِيَت مع العسكريين وتحليلات أفلام الكاميرات المثبتة في المنطقة وبوسائل أخرى.

وقالت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» إنّ تفاهماً جرى في اللقاء على زيادة التنسيق الأمني بين الجيش والقوى الأمنية واتّخاذ الترتيبات المناسبة أمام الوزارات والمؤسسات العامة لمنع تكرار ما حصلَ في وزارة البيئة.

قطر

وعلى خط آخَر، سارَع الرئيس سعد الحريري إلى قطع الطريق على التأويلات التي ذهبَ إليها البعض في تفسيره لموقف وزير الداخلية من اتّهام دولة عربية صغيرة بتمويل التظاهرات، فأكّد أنّ «الشائعات التي تزجّ باسم دولة قطر في الأحداث اللبنانية، مجرّدة بالتأكيد من أيّ صِلة بالحقيقة»، وشدّد على أنّ «قطر دولة شقيقة يعنيها استقرار لبنان وهي لم تتأخّر عن مساعدته في كلّ الظروف». وثمّنَ الحريري« العلاقات الأخوية مع قطر وقيادتها»، وقال: «نعبّر في هذه المناسبة عن الشكر والامتنان لكلّ ما قدّمته للبنان واللبنانيين».

وبدوره قال الرئيس فؤاد السنيورة تعليقاً على كلام المشنوق: «يجب أخذ الموضوع من الناحية الإنسانية، وليس من المفيد هذا الاتّهام، وإذا واحدٌ ليس لديه إثباتات على ذلك فلا يَرمي الاتهامات من هنا وهناك». وفي هذا السياق قالت أوساط مطّلعة لـ«الجمهورية» إنّ الحريري أقفلَ الباب امام التأويلات مراعاةً لعاملين: العامل الأوّل حِرصاً لجسور التواصل بين قطر والسعودية. والعامل الثاني حِرصاً على مصلحة اللبنانيين العاملين في قطر.

المشنوق

وكان وزير الداخلية قد عرض في مؤتمر صحافي أحداثَ 22 آب الماضي، فأوضَح: «وَقعَ 146 جريحاً حتى الآن من قوى الأمن خلال 9 أيام، وهناك أكثر من 100 جريح من المتظاهرين، ومَن بَقيَ في المستشفيات عددُهم محدود، سواءٌ من العسكريين أو المدنيين، ولا يتجاوزون أصابع اليد».

وإذ شدّد على أنّ «مهمة قوى الأمن هي حماية الدولة والأملاك العامة والخاصة»، توجّه إلى «جميع المعنيين والمتظاهرين والمطلبيين والغوغائيين والمشاغبين» بالقول: «أيّ احتلال أو اعتصام أو اعتداء على مؤسسة عامة سيتمّ حسمه من اللحظة الأولى تحت سقف القانون، وبالقوّة إذا لم يستجب المحتلّون أو المعتصمون».

ووجَّه المشنوق رسالة الى المتظاهرين، بأنّ «الطريقة الوحيدة للوصول الى التغيير هي انتخاب رئيس جمهورية ووَضع قانون انتخابي جديد، وأيّ كلام آخر هو تعريض للممتلكات العامة والخاصة وإثارة الفوضى».

وأوضَح في هذا السياق: «لم أقل إنّ خلف المتظاهرين جهات خارجية، بل وراء أعمال الشغب والمشاغبين دولة عربية، لم أسَمِّ قطر ولن أسمّي أيّ دولة قبل أن أكونَ متأكّداً ممّا أقوله، وأنا في صَدد البحث والتدقيق».

«بدنا نحاسب»

وردّت حملة «بَدنا نحاسب» على المشنوق، وقالت في بيان من ساحة رياض الصلح «إنّ الصوَر تُظهر عناصر أمنية تطلق النار الحيّ باتّجاه المتظاهرين، ممّا يثبت عدم صحّة ادّعاء الوزير نهاد المشنوق أنّ الرصاص الحي أطلِق في الهواء حصرا».

وأضافت «حاول الوزير الادّعاء أنّ اعتداءً طال وزارة البيئة. وأوضحت أنّ المعتصمين كانوا سلميّين ولم يلحِقوا أيّ أذى بوزارة البيئة». وأكّدت «أنّ ساحات الوطن وميادينه وشوارعه ومدنه وقراه مُلك لهذا الشعب، لن ترهبَه قوّة أو تهديد أو وعيد».

و«التيار» يتظاهر

وعلى المقلب الآخر، يستعدّ «التيار الوطني الحر» للتظاهر عصر غدٍ الجمعة في ساحة الشهداء، تلبيةً لدعوة النائب ميشال عون، تحت شعار «وحدا الإنتخابات بتنَضِّف».

ويعكف مسؤولو «التيار» على وضع اللمسات الأخيرة على برنامج التظاهرة الذي سيتضمّن كلمات عدّة بحضور وجوه ثقافية وفنّية وشخصيات مدنية.

وعشيّة التظاهرة، كثّف «التيار» تحضيراته من خلال تنظيم تحرّك في كلّ الأقضية عبر اللجان المركزية في «التيار» والهيئات المحلّية، وبمشاركة وزراء ونوّاب «التيار» عبر الاتصالات والتواصل مع الفاعليات في القرى والبلدات لتحفيز الناس على المشاركة في التظاهرة».

وقالت مصادر بارزة في التيار لـ»الجمهورية»: «لقد ثبتَ بما لا يقبل الشكّ أنّ «التيار» صادقٌ في شعاراته وحاملٌ همومَ الناس، رافضاً التسويات والمساومات التي طبَعت الحياة العامة في لبنان على مدى عقدين من الزمن».

وحرصَت المصادر على التأكيد «أنّ دعوة «التيار» الى التظاهر مفتوحة الى جميع اللبنانيين، وليست موجّهة إلى حزب معيّن أو إلى جهة سياسية معينة، فكلّ مواطن يشعر بأنّه معنيّ بالعناوين التي نطرحها هو مدعوّ إلى المشاركة في التظاهر».

ولفتت المصادر الى «أنّ «التيار» ليس في سِباق مع أحد على الأرض، وهو يَعتبر أنّ كلّ مَن يشاركه شعاراته وعناوينه ومطالبه يتكامل معه في سبيل تحقيق هذه الأهداف، عِلماً أنّ قدرة «التيار» على الحشد لا تزال إحدى العلامات الفارقة التي تميّزه عن سائر الأحزاب».

وكانت مواكب سيارة لمناصري «التيار»جالت أمس في عدد من القرى والبلدات المتنية بدعوة من قطاع الشباب في «التيار».

الحوار

في هذا الوقت، جدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري تأكيده أهمّية الحوار، الذي «بات ضرورة ملِحّة على غير صعيد»، في حين واصَل موفدوه جولاتهم على رؤساء الكتل النيابية لتسليمهم الدعوة للمشاركة في الحوار، وقد شملت أمس، إضافة الى سلام، الرئيسَ سعد الحريري عبر النائب سمير الجسر، نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل، رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني الأمير طلال أرسلان.

موقف «القوات»

ويترقّب الجميع موقف القوات اللبنانية من الحوار، والذي من المقرر أن يعلنه رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع بعد غد السبت.

وعشية كلامه، أوضَح النائب جورج عدوان أنّ «القوات» ستتّخذ قرارها خلال 48 ساعة، مشيراً إلى أنّ مشاركتها «تتوقّف على أجوبة للأسئلة الكثيرة والمهمة التي نطرحها على أنفسنا».

مِن ثمّ هناك سلسلة اتصالات سنجريها مع كلّ الفرقاء وسأبدأ بلقاء مع الرئيس السنيورة لنعرفَ توجّه تيار «المستقبل»، هناك لقاءات أخرى لمعرفة كيف سيتعاطى كلّ فريق مع هذه الامور.

ونسأل الآن أنفسَنا كـ«قوات لبنانية»، وتعرفون أنّنا في الماضي لم نشارك في حوارات أجراها رئيس الجمهورية، وأوردنا الأسباب، فهل هذه الأسباب زالت أو تغيّرَت، وهل تغيّرَت عقلية الفرَقاء؟ كلّ هذه الأسئلة مهمّة لكي نكون صادقين مع الناس.

النفايات على محورين

إستمرّ الاهتمام في ملف النفايات امس انطلاقاً من محورين: النشاطات التي يقوم بها رئيس اللجنة الوزارية النائب أكرم شهيّب بحثاً عن حلّ جذري للأزمة لتحلّ بديلاً من المناقصات التي ألغيَت نتائجها، ومحور الاستمرار في التواصل مع فعاليات عكار بهدف بلوَرة حلّ لاستقبال المنطقة لقسم من النفايات، ويتولّى هذا الجانب وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق.

ومن خلال لقاءات أمس، والتصريحات التي أدلى بها رؤساء بلديات عكارية، يتّضح أنّ الاتفاق المبدئي على ان تستقبل عكار قسماً مِن النفايات قد أنجِز، وما يجري اليوم عبارة عن توزيع «الحصص» الإنمائية على بلدات وقرى المنطقة. بدوره، قال وزير الزراعة أكرم شهيّب أنْ «لا إمكان للحلّ إلّا بمسار بيئي عِلمي يؤمّن أقلّ كلفة».

ولفتَ الى أنه يُعِدّ تقريراً عن المشكلة يُنجَز إمّا الخميس مساءً وإمّا الجمعة صباحاً، على أن يعرضَه على رئيس الحكومة ومجلس الوزراء في ما بعد.

وكان رئيس الحكومة تابعَ بعيداً من الأضواء ورشة العمل التي بدأها شهيّب ومعه فريق الخبراء والتقنيين المكلّفين وضع المقترحات الخاصة بملف النفايات مشجّعاً على الإسراع في وضع المقترحات النهائية والمراحل التي يمكن أن تسلكها الحلول والمخارج أوّلاً بأوّل، مشَدّداً على الوصول الى الإجراءات الفورية التي تؤدي الى جمع النفايات من الشوارع وجمعها في مطمر موَقّت بالسرعة القصوى. وتبلّغَ سلام أنّ التقارير الأوّلية ستكون جاهزة قبل نهاية الأسبوع ولرُبّما سيضطرّ إلى عَقد جلسة لمجلس الوزراء مطلعَ الأسبوع المقبل لبَتّ ما ستقترحه اللجنة.