IMLebanon

إهتمام أوروبِّي بالنازحين والإستقرار… وأجندة مزدحمة لبنانياً

أثبتت أزمة النازحين السوريين التي تحوّلت إلى الحدث الأول أوروبياً أنّ الحرص الدولي على استقرار لبنان ينبع من حرصه بشكل أساسي على استمرار لبنان بيئة حاضنة لهؤلاء النازحين، لأنّ خلاف ذلك سيؤدي إلى مفاقمة هذه الأزمة ومضاعفة التحديات الأوروبية، حيث إنّ لبنان يستوعب منفرداً أكثر ما تعتزم الدول الأوروبية مجتمعةً استيعابه، وبالتالي على رغم أنّ المسؤولية التي يتحمّلها لبنان تفوق قدرته على التحمل، إلّا أنّ الجانب الإيجابي يتمثل بالمظلة الدولية الحاضنة لهذا البلد. وفي هذا الباب تحديداً يمكن إدراج زيارة رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون للبنان أمس، كما الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ولكن من دون التقليل من الاهتمام الأوروبي بوضع لبنان عموماً ربطاً بالانتخابات الرئاسية وعمل المؤسسات الدستورية والاستقرار الأمني. وقد شكّلت زيارة كاميرون رسالة دعم للمؤسسات الشرعية وفي طليعتها رئاسة الحكومة والجيش اللبناني، كما تحوّلت إلى الحدث السياسي عشية أجندة لبنانية مزدحمة بالمحطات ستصنع بذاتها الحدث، من الموقف المرتقب لتكتّل «التغيير والإصلاح» وكتلة «المستقبل» إلى الحوار بين «حزب الله» والمستقبل» مساءً، وصولاً إلى التحضيرات المتصلة بهيئة الحوار غداً. وفي خضمّ كل ذلك تلقّت خطة وزير الزراعة أكرم شهيب امس جرعة دعم إضافية في وجه الاحتجاجات التي تواجهها منذ إعلانها، من خلال حصولها على تأييد لجنة البيئة النيابية، والدعوة الى تطبيق الخطة، قبل حلول الكارثة.

فيما لبنان يتخبط بأزماته الرئاسية والحكومية والبيئية، ومسؤولوه منشغلون بالحوار وكيفية تنفيذ خطة معالجة النفايات، قفز ملف النازحين السوريين الى واجهة الاهتمام مجدداً من البوابة الاوروبية، وخرَقت زيارة رئيس الوزراء البريطاني المفاجئة الى لبنان الاضواء، حاملاً دعماً بريطانياً لمواجهة هذه الأزمة.

فقد التقى كاميرون في زيارة دامت ساعات غادرَ بَعدها الى عمان، كلّاً مِن رئيس الحكومة تمام سلام في السراي الحكومي، وقائد الجيش العماد جان قهوجي في قاعدة رياق العسكرية، وتفقّد مخيماً للنازحين السوريين في البقاع ومدارس خاصة تستقبل تلامیذ من النازحین السوریین في بيروت.

وتزامنت زيارة الوزير البريطاني مع إعلان مكتب رئيس الحكومة البريطانية تعيين ريتشارد هارينغتون، مسؤولاً عن تنسيق الجهود لإعادة إيواء آلاف اللاجئين السوريين في المملكة المتحدة، ومتابعة المساعدة الحكومية للّاجئين السوريين في المنطقة.

مصادر حكومية وأمنية

وقالت مصادر حكومية وأمنية لـ»الجمهورية» إنّ المسؤولين البريطانيين أحاطوا زيارة كاميرون بسرية تامة بعدما أنجِزت الترتيبات بشأنها يوم الجمعة الماضي مع فريق امني بريطاني سرّي وصل الى لبنان يومها وتمركزت وحدات منه في البقاع وبيروت.

وأضافت المصادر انّ الوزير البريطاني الأول قصد الزيارة لتأكيد دعم بلاده لرئيس الحكومة اللبنانية وخصوصاً في ظل الشغور الرئاسي، إضافةً الى دعمها المتواصل للقوى الأمنية ولا سيّما الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي ضمن البرامج الموضوعة بالتنسيق مع قيادات هذه الأجهزة التي طلبَت تجهيزات وأسلحة بريطانية محددة المواصفات وكان لها ما أرادت منذ سنوات عدة.

وأشارت المصادر الى انّ بريطانيا تقدمت مختلف القوى والأطراف الدولية في برامج الدعم التربوية للنازحين السوريين والمدارس اللبنانية المضيفة بعدما رفعت من حصصها المالية امس.

مصادر سلام

وقالت مصادر سلام لـ«الجمهورية» إنّه أسهب خلال لقائه كاميرون في الحديث عن مخاطر الشغور الرئاسي، داعياً المجتمع الدولي الى مساعدة اللبنانيين لإنجاز هذا الإستحقاق في أفضل الظروف.

وفي جانب من المحادثات شمل قراءة مشتركة للتطورات في المنطقة ولبنان، ولا سيما الأزمة السورية وتداعياتها على مختلف اوجه الحياة الإجتماعية والإقتصادية والأمنية في لبنان، رأى سلام انّ الحل السياسي هو المخرج الوحيد للأزمة السورية مهما طالت، وأنّه لا مجال لانتصار أيّ فئة على أخرى أياً كانت الظروف التي تتحكم بتعزيز أيّ قوّة في مواجهة الأخرى.

كاميرون وقهوجي

وعلمت «الجمهوريّة» أنّ «اللقاء بين كاميرون وقائد الجيش ركّز على خطر النازحين السوريين، حيث استفسر من العماد قهوجي عن الإحتياطات والإجراءات التي يتخذها الجيش لضبط النازحين، فأكد له قهوجي انّ الجيش مستعدّ لمواجهة ايّ طارئ، وهو يضبط النازحين الى أقصى درجة، ويقوم بمهمّاته عبر مداهمة المخيمات وأماكن سَكن النازحين باستمرار إذا ما اسشعر خطراً أو توافرَت معلومات عن وجود مخِلّين بالأمن أو إرهابيين».

وأشارت المعلومات الى انّ «قهوجي قدّم شرحاً للوضع الأمني في لبنان، والمواجهات التي تحصل في عرسال ورأس بعلبك والمناطق الحدودية، وكيف أنّ الجيش نجح في الحفاظ على الأمن في الداخل وعلى الحدود، على رغم الحرب السورية وتدفّق النازحين، فهنّأ كاميرون العماد قهوجي على أداء الجيش وأكد أنّ المساعدات البريطانية لتعزيز قدرات القوات المسلحة ستستمر ولن تتوقّف».

كاميرون

وكان كاميرون نقلَ دعم بلاده لاستقرار لبنان ووقوفها الى جانبه، وتحدّث مع المسؤولين اللبنانيين» في شأن التحديات التي تواجه لبنان ورؤية كيف يساعد عمل المملكة المتحدة في حمايته من خطر «داعش» على حدوده. وقال: «لا شك في أنّ الخطر هنا محدق بشكل أكبر مع «داعش» على مسافة 60 كيلومتراً مِن الحدود، ولهذا السبب إنّ المملكة المتحدة عازمة على بذل قصارى جهدها للمساعدة على تعزيز الأمن في لبنان».

ورأى أنّ لبنان بحاجة الى رئيس ليقود البلاد ويمثلها دولياً ويكون شريكاً للمملكة المتحدة، وللذين يريدون ان يساعدوا لبنان، ويعمل معكم ومع القادة السياسيين اللبنانيين لدفع التوافق السياسي قدُماً وإلى تخطي الظروف الصعبة التي تواجه لبنان».

وكرّر كاميرون التزام المملكة المتحدة الصارم استقرار لبنان، ولا سيّما الشراكة مع الجيش اللبناني عبر برنامج «التدريب والتسليح» الهادف إلى الحد من امتداد النزاع السوري ومكافحة خطر داعش على الحدود. وأعلن أنّ بريطانيا ستستمر في دعم هذا البرنامج عبر توفير 7.5 ملايين دولار هذه السنة».

سلام

من جهته، أكد سلام أنّ لبنان يتحمل عبئاً هائلاً جرّاء أكثر من مليون لاجئ سوري على أراضيه، مشيراً الى أنّ مشكلة النزوح، هي ظاهرة لن تتوقف عن التمدّد إلّا بالتوصّل الى حلّ سياسي يوقف الحرب في سوريا، مؤكداً أنّ بريطانيا باعتبارها إحدى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وبما لها من صداقات ووزن في العالم، قادرة على لعب دور فاعل في هذا الاتجاه.

وقال سلام إنّه تمّ الاتفاق على أنّ نجاح عملية التصدي للإرهاب في المنطقة، يكمن في تقوية نهج الاعتدال والمعتدلين، وفي العمل من أجل إحلال سلام شامل.

بون يستطلع

وتزامناً مع زيارة كاميرون الى لبنان، وقبل الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الى لبنان، واصَل السفير الفرنسي الجديد ايمانويل بون جولاته على المسؤولين اللبنانيين، وزار امس الرئيس أمين الجميّل ورئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ووزير العمل سجعان قزي، لمناقشة التطورات في لبنان والمنطقة.

وقالت مصادر مطلعة إنّ البحث تناول ثلاثة ملفات اساسية، هي انتخاب رئيس للجمهورية، ومشكلة اللاجئين السوريين والوضع الاقتصادي قي لبنان والتحضيرات الجارية لزيارة هولاند في الأسابيع المقبلة.

وفي المعلومات انّ زيارة الرئيس الفرنسي الى لبنان تبقى واردة، لكنّ تقرير توقيتها يبقى رهن التطورات والمحادثات المرتقبة في نيويورك بين هولاند وسلام اللذين سيشاركان معاً في لقاء «المجموعة الدولية من اجل لبنان الذي ستعقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وكان السفير الفرنسي كشف بعد زيارته الجميّل عن عمل مشترك تقوم به باريس مع شركائها الدوليين والاقليميين من ضمن المجموعة الدولية لمساعدة لبنان التي ستجتمع نهاية الشهر في نيويورك»، وجدّد تحديد الأولويات الفرنسية، وهي: أولوية إيجاد حلّ للأزمة السياسية والدستورية من خلال انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا هو ايضاً موقف الرئيس الجميّل، وأولوية الأمن في لبنان، وأولوية مساعدة لبنان في إدارة أزمة اللاجئين». كذلك شدّد بون على أهمية ووجوب انتخاب رئيس للجمهورية فوراً بما يضمن الصالح العام للبنانيين، وقال: «هذا ما نراه مهمّاً لمواجهة التحديات القائمة».

وكاغ تلاقي الجهود الأوروبية

وتزامناً مع الاهتمام الأوروبي بملف النازحين السوريين، عُلم انّ المنسّق الخاص للأُمم المُتحدة في لبنان السيّدة سيغريد كاغ غادرت الى بروكسيل للبحث مع الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجيّة والبرلمان الأوروبي واللجنة الأوروبيّة في الوضع الحالي في لبنان والمنطِقة وموضوع اللاجئين والدعم الدولي للبنان، على ان تعود الى لبنان في 18 الجاري.

وقالت مصادر أمميّة في بيروت لـ»الجمهورية» إنّ تحرّك كاغ الى مقر الإتحاد «جاء طارئاً وبتكليف مباشر من الأمين العام للامم المتحدة ليلاقي الجهود الأوروبية المبذولة في مواجهة أزمة النازحين السوريين ولتنسيق المساعدات التي يجب ان تصل بسرعة الى النازحين والمجتمعات المضيفة في آن، فالشعب اللبناني يستحقّ الكثير من المساعدة وهو يستحق لفتةً دولية واهتماماً أكبر».

«الحزب»

حكومياً، وفيما راوحَت العقدة الحكومية مكانها وسط غياب ايّ مؤشّر إلى إمكان انعقاد جلسة لمجلس الوزراء قريباً، حدّد «حزب الله» المسار الطبيعي لمعالجة مشكلة عمل الحكومة.

وقال نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم إنّ «المسار الطبيعي لحلّ مشكلة عمل الحكومة هو معالجة سبب المشكلة وهو التعيينات العسكرية»، لافتاً الى انّ هناك مجالاً «لحلول قانونية عدة تنقلنا إلى آلية عمل الحكومة، حيث نعتقد بأنّ أمرَها سهل ويمكن التوافق مجددًا كما حصل في السابق، وعندها تنطلق الحكومة ويتمّ تفعيل عملها فتتمكن من معالجة قضايا الناس، وتكون خطوة مساعدة لتقريب وجهات النظر حول القضايا السياسية المختلفة».

خطة شهيّب

وفي ملف النفايات، تلقّت خطة وزير الزراعة اكرم شهيب امس جرعة دعم اضافية في وجه الاحتجاجات التي تواجهها منذ اعلانها، من خلال حصولها على تأييد لجنة البيئة النيابية، والدعوة الى تطبيق الخطة، قبل حلول الكارثة.

وقد اجتمعت اللجنة برئاسة مروان حماده، الذي تحدّث في مؤتمر صحافي مشترك مع شهيّب وأعلن انّ البلد «امام أسبوع مفصلي، قبل حلول فصل الشتاء وقبل الكارثة الكبرى، وهذا الأمر متوقف على نقطتين: التوافق السياسي والتشاركية من كلّ المناطق بحَمل هذه الأزمة وإيجاد الحلول الجدّية لها وتالياً تحوّل الحراك الشعبي من أجل تنفيذ الخطة بعدما كانت حركته حافزاً لاعتماد هذه الخطة.»

شهيّب

من جهته، أكد شهيّب أنّ اللجنة «لم تشكَّل لتفشل، وضمانُ نجاحها الاول الشراكة معنا كوزارة بيئية، والثاني ان نشعر جميعاً انّ المشكلة ستصبح اكبر منّا جميعاً إذا لم نستطع حلّها». وأوضح شهيّب أنّ «قرار مجلس النواب ممثّلاً بلجنة البيئة تبنّى الخطة» مشيراً الى أنّه «سيُستكمل بقرارات ومراسيم تطبيقية للبرهان، في شكل عَملي وعِلمي انّ المرحلة الانتقالية، لن تكون دائمة، لأننا وضَعنا خطة مرحلية سَنة وستّة اشهر، حتى ندعم البلديات ونعطيها حقوقها وأموالها».

إحتجاجات

في التحركات الاحتجاجية على تراكم النفايات في الشارع، قطع عدد من سكان النبعة أمس الطريق بالنفايات عند الشارع العام، وأشعلوا فيها النيران، احتجاجاً على تكدّس النفايات في شوارعهم. وكان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، عقد اجتماعاً مع وفد من مخاتير منطقة عكار، وجرى البحث في موضوع مكبّ سرار في المنطقة وإمكانية تحويله الى مطمر وفق المواصفات الفنّية والعلمية والبيئية.

من جهته، رأى الوزير بطرس حرب أنّه «إذا أرادت الحكومة أن تتّخذ القرارات من دون ممارسة صلاحياتها لتنفيذها فهذا سيؤدي الى إسقاط هيبة الدولة بصورة نهائية».

وقال بعد زيارته سلام مساء أمس: «سمعنا بعض الملاحظات عن هذه الخطة، البعض منها ملاحظات قيّمة والبعض الآخر للتعكير والتعطيل، ونحن لا يمكن أن نقبل أن تتعطل الخطة وليس هناك من بديل لها.

للمرّة الأولى يَطرح مجلس الوزراء خطة متكاملة، لذا نأمل من كلّ القوى السياسية أن تتحمل مسؤولياتها، وبدل أن نسمع الانتقادات يجب أن نرى اليد ممدودة لتنفيذ الخطة ولإزالة النفايات من الشوارع والتي باتت تهدّد صحّة الناس».