في انتظار تبلوُر نتائج الحراك الجاري في أروقة الأمم المتحدة على هامش الدورة السبعين للجمعية العامة للمنظمة الدولية والتي سترسم معالم المرحلة، يلقي رئيس الحكومة تمام سلام كلمة لبنان اليوم، وتليها كلمة أخرى له أمام مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، علماً أنّه كان التقى أمس وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، وأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح. وإذ يُنتظر أن تلقى جلسة انتخابات رئاسة الجمهورية الرقم 29 المقرّرة اليوم مصيرَ سابقاتها، أطلقَ رئيس مجلس النواب نبيه بري صرخة أمس لحسم ملف النفايات سريعاً لأنه «لم يعد يحتمل»، وأصبح «قضية وطن»، مشدّداً على إعطائه الأولوية، مبدياً استياءه من تهديد رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون بمقاطعة الحوار على خلفية قضية الترقيات، فيما اندلعَ سجال بين عون ووزير المال علي حسن خليل في ضوء ما شهدته جلسة لجنة الأشغال والطاقة أمس من نقاش في موضوع إنتاج الكهرباء، ويُنتظر أن يتردّد صدى هذا السجال في جلسات الحوار المقبلة.
لم يطرأ أيّ جديد على موضوع التسوية المتعلقة بترقية عمداء في الجيش من بينهم العميد شامل روكز. وأكدت مصادر وزارية متابعة لـ«الجمهورية»: «أنّ ما نقِل من بنود لهذه التسوية ليس صحيحاً على الإطلاق، فلم يأتِ أحد على ذكر منصب المدير العام لقوى الأمن الداخلي طوال فترة المساعي».
وأشارت الى انّ كلام رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون لا يؤثر في هذه المساعي لأنه مرتبط بموضوع محدّد. أمّا عن ربطه المشاركة في الحوار بالإجابة على أسئلته فهذا أمرٌ غير مشجّع. واستبعدت المصادر ان تُعقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع.
وبدا من التطورات الجارية أنّ قضية الترقيات العسكرية دخلت دائرة التعقيد مجدّداً ولم تحَقّق المساعي الجارية ايّ نتائج إيجابية، وقد دخل السفير السعودي علي عواض عسيري على خطّها، وفق معلومات «الجمهورية»، وذلك بعد تحرّك السفير الاميركي ديفيد هيل على خط اليرزة ـ الصيفي حيث زار الرئيس السابق ميشال سليمان وقائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل،
وبالتالي فإنّ السلة المتكاملة التي دار الحديث عنها اخيراً تبعثرت، عِلماً أنّه يستحيل أن تمرّ الترقيات في مجلس الوزراء بأكثرية عددية وإلّا سيشكّل ذلك ضرباً للحالة الميثاقية من جهة، وعدم بلوغ النتائج المتوخّاة من العملية، أي مشاركة جميع الوزراء وتفعيل العمل الحكومي من جهة ثانية، مع أنّ تمرير الترقيات بلا موافقة الجميع سيعطّل العمل الحكومي من باب قدرة الطرف الآخر أيضاً على التعطيل.
ويَعتبر معارضو التسوية انّ الوسطاء يطرحون التسوية وكأنّها مشروع سياسي، من دون تقديم ايّ عنصر مقنع مبني على الدستور والقانون والقواعد العسكرية.
وفي المعلومات انّ رئيس حزب الكتائب الذي زار قائد الجيش امس حرصَ على الوقوف على رأيه حول كلّ ما هو مطروح من ملف الترقيات مباشرةً وبلا أيّ وسيط في ظلّ الروايات المسرّبة وتلك المتداولة بين القيادات السياسية والحزبية في معزل عن المواقف منها.
وكان موقف قائد الجيش واضحاً جداً عندما لفتَ الى رفض قيادة الجيش ما هو مطروح بكلّ المعايير العسكرية والقانونية، فترقية العميد شامل روكز الى رتبة لواء غير ممكنة، فهو الرقم 21 في الترتيب المسيحي والرقم 54 في الترتيب الإجمالي المسيحي والمسلم، وإنّ ترقيةً من هذا النوع أمرٌ صعب وغير منطقي ويمسّ العدالة والمساواة اللتين هما حقّ لبقية الضبّاط في المؤسسة العسكرية.
هذا في الشكل، أمّا في المضمون القانوني، فإنّ المعلومات تؤكد أنّ ما هو مطروح على مستوى العودة الى القانون الصادر عام 1979 والذي استند إليه البعض في التسوية المطروحة هو قانون ملغى منذ العام 1983، واللجوء إليه مجدداً غير قانوني وغير دستوري بعدما بات نصّاً قانونياً سابقاً توقّف العمل به بعد 6 سنوات، علماً أنه لم يطبّق طوال هذه الفترة من السنوات الست.
وهو القانون الذي تحدّث يومها عن رفع عدد الضبّاط برتبة لواء من خمسة الى ثمانية، وهو أمر لم يطبّق يوماً، فمنذ أيام العماد ميشال عون عندما كان قائداً للجيش وكذلك العماد أميل لحود فالعماد ميشال سليمان لم يكن هناك ثمانية ضبّاط برتبة لواء أبداً في المؤسسة العسكرية ولم يتجاوز عدد الضبّاط بهذه الرتبة أكثر من خمسة.
وقد تأكّد في اللقاء انّ ما هو مطروح يمسّ تركيبة المجلس العسكري الطائفية، فزيادة ثلاثة ضباط برتبة لواء بعد ترقيتِهم من رتبة عميد الى المجلس كما هو مطروح، وهم سنّي وشيعي وماروني يَرفع العدد الى تسعة ضبّاط ويصبح في التركيبة أربعة ضباط مسيحيون وخمسة مسلمون، وهو ما لم يكن قائماً قبلاً في المؤسسة العسكرية.
وفي الإطار عينه، قالت مصادر مواكبة للإتصالات إنّ السفير الأميركي قصد من زيارته الجميّل جسّ نبض الكتائب ممّا هو مطروح على مستوى الترقيات العسكرية، وهو يسعى الى تسويقها، لكنّ جواب الجميّل لم يكن إيجابياً. وعلمت «الجمهورية» انّ السفير السعودي اتصل بالجميّل مطّلعاً على موقف الحزب.
حكيم
وفي المواقف، قال وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ«الجمهورية»: «إنّ حزب الكتائب يرفض مبدأ التسوية المطروحة للترقيات العسكرية وهو ضدّ أيّ عمل يمكن ان يمسّ الهيكلية العسكرية». وأكد «أنّ هذا المشروع إذا طرِح على مجلس الوزراء لن يمرّ، في اعتبار أنّ المعارضين يشكّلون قوّة ضغط كافية، وتشمل لائحة المعارضين كتلة الرئيس ميشال سليمان وحزب الكتائب والوزيرين رشيد درباس وأشرف ريفي وأطرافاً أخرى قد تعلن موقفَها في حينه».
وإذ ذكّر حكيم مجدداً بأنّ «مسلّمات الحزب التاريخية هي: رئاسة الجمهورية، القضاء، والمؤسسة العسكرية»، هالَه «أن يكون البعض يخطط لضرب الهيكلية العسكرية من أجل مصالح شخصية».
وزير الدفاع
وكان وزير الدفاع سمير مقبل الذي زار قهوجي أمس أعلن بعد مشاركته في اجتماع كتلة سليمان الوزارية، رفضَ التسوية، وإذ أشار إلى أنّ المشاورات والاجتماعات المتعلقة بالترقيات والتعيينات سارية المفعول، قال إنّه كوزير للدفاع الوطني لن يقبل أيّ تسوية سياسية على حساب الجيش، «وهذا الأمر غير وارد على الإطلاق، ونحن ككتلة سليمان ضد الطروحات التي تُبحث». وأشار إلى أنّه «إذا لم يكن هناك معيار لا تستقيم الأمور، وإذا لم تتوافر العدالة والقانونية لن نقبل أيّ طرح».
وتساءل: «هل تحصل تسويات سياسية في أيّ بلد في العالم من أجل شخص حتى لو كان زعيماً؟ هذا لم يحصل في أيّ بلد في العالم، وإذا سرنا بهذه التسوية فبعد فترة يأتي زعيم آخر بمطالب مماثلة وتسوية مماثلة، هذا غير ممكن، هناك مصلحة بلد وهناك قانون ودستور يجب أن يُحترما». ورأى مقبل أنّه» من الطبيعي ان يُطرح الموضوع على التصويت، وإذا أراد رئيس الحكومة إصدار المرسوم بمن يوقّع عليه فهذا حقّه ويستطيع ذلك».
ريفي
من جهته، قال ريفي بعد زيارته سليمان إنّه «لن يقبل مهما كلّف الأمر بأيّ حلّ غير قانوني لأيّ كان»، وقال: «لا يوجد شيء يفصَّل على قياس أشخاص معينين، مع احترامي لجميع المعنيين، وأنا خرجت في يوم استحقاقي وفخامة الرئيس خرج في يوم استحقاقه، وهناك كثُر على مثالنا رأسُهم مرفوع وجبينهم عالٍ».
وأضاف: «علينا التوقّف عن إهانة المؤسسات والقانون وتركيب تسويات على حساب القانون، حتى تأجيل التسريح هو مادة قانونية شبهتها كالطلاق عند المسلمين «أبغض الحلال» أي هي أبغض مادة قانونية موجودة، ولكن على الأقل هي مادة قانونية، إذا كان هناك اضطرار للّجوء إليها نقدِم عليها، ولكن حتى هذه المادة نحن غير مضطرّين إليها، هناك تداوُل أشخاص وسلطة. هذا موقفي المبدئي ولن أغيّر، أمّا أن نبني وطناً ضمن احترام القانون أو نكون ندمّر الوطن ونضرب معولاً في جداره».
وإذ حرص ريفي على التوضيح أنّه لا يتكلم باسم تيار «المستقبل» وإنّما يتحدث باسمه الشخصي، قال: «أنا لا أسير مهما كلّف الأمر بأيّ أمر غير قانوني، إنّني أعرف كم هي تداعياته على الوطن وعلى المؤسسات».
المشنوق
في غضون ذلك، أعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق من دار الفتوى أنّ تيار»المستقبل» يوافق على أيّ شيء يحقّق الاستقرار. مؤكداً أنّ الرئيس سعد الحريري «دائماً موقفُه داعم للاستقرار الحكومي وللحوار، وإذا كانت هذه الترقيات جزءاً من الاستقرار السياسي وجزءاً من صحة العمل الحكومي فبالتأكيد يوافق عليها».
عون
وكان رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ردّ على ما يُحكى عن تسويات في شأن الترقيات، وقال: «نحن لا نفهم بالتسويات، ولا بالرشوة الوظيفية أو جوائز الترضية. فإذا لم تتوافر حقوق أصحاب العلاقة لا نريد ترقية أو غيرها، فهل باتت مسألة الحقوق منّةً وبحاجة الى الاستعطاء والشحادة؟!».
وتعليقاً على المشروع المتداول إعلامياً من تسعة بنود أحدُها تعيين مدير عام لقوى الأمن الداخلي، وتعيين مجلس قيادة، قال عون: «إذا لم يكن هناك قائد للجيش، فلن يكون هناك مدير عام لقوى الأمن الداخلي، ومَن كتبَ هذا البند هنا، يجب أن يتذكّر أنه هو تعهّدَ بأن يُنجز هذين الأمرين معاً». وأضاف: «يبدو أنّهم انزعجوا في الحوار لطرحِنا موضوع قانون الانتخاب، وربّما من أمور أخرى أيضاً، لذلك يسعون اليوم لتطييره.
نحن لم نطرح يوماً خطّة ترقية، إنّما كلّ ما طلبناه هو أن تجري التعيينات، في المجلس العسكري، وفي قيادة الجيش وقيادة قوى الأمن الداخلي، هذا ما طلبناه، ولكنّهم عرقلوه. لا يزالون حتّى اليوم يطرحون معادلاتٍ ومبادراتٍ فيما نحن نسمع.
نحن لا نركض وراء أحد ولا نريد منّةً من أحد. والذي لا يريد احترام كلمته فهذا شأنه، وهي مشكلته وليست مشكلتنا». وهدد عون بعدم المشاركة في طاولة الحوار»إذا استمرّت الأمور على هذا النحو». سائلاً: «لماذا سأذهب؟! هل سأذهب ليطلقوا وعوداً فارغة؟».
سجال عون الخليل
ورأى عون «أنّ هناك خطة لإفلاس المعتصمين اللبنانيين»، مشيراً إلى أنّ التكتل بحث في موضوع المدّعي العام المالي، وأنّ هناك ملفّين منذ العام 2009 و2013 لم يتمّ التطرّق إليهما بعد حتى اليوم، وإلى أنّه «تمّ تكليف رئيس لجنة المال والموازنة استدعاء وزير المال لطرح الشكاوى التي تصلنا من المواطنين».
وردّ وزير المال علي حسن خليل لاحقاً على عون فقال: أفهم جيّداً توتّر الجنرال عون ورميَه الاتهامات بعدما نقلَ له نواب تكتله بالتأكيد أجواء لجنة الأشغال والطاقة اليوم (أمس) والتي كشفَت بالوثائق المشكلة الحقيقية في ملف تلزيم إنتاج الكهرباء وإصرار وزارة الطاقة ومن لزم فيها على تجاوز الأصول القانونية ومخالفة قرارات هيئات الرقابة.
واستطراداً لما قاله عن صراخ متعهّدي وزارة الطاقة، وبما أنّه تعوّد على التحدّيات الخاسرة، أتحدّاه ان يعلن ما هي الشبهات التي لم يتكلم عنها ليُبنى على الأمر مقتضاه، في اعتبار انّنا لم نجد في ما قاله ما يستحق التعليق أكثر في الإعلان. لسنا كما غيرنا، كنّا دوماً وما زلنا نعمل تحت سقف الأصول النيابية في الإجابة عن ايّ استفسار من الزملاء في التكتّل الكريم وغيره».
بري
قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره أمس إنّ ما ذُكر امس عن تسوية في موضوع الترقيات «ليس صحيحاً». وأكد «أنّ موضوع النفايات لم يعد يحتمل على الإطلاق، فالقرارات اتّخِذت ولم تنفّذ حتى الآن، وهذا أمر غير مقبول، وليس له ايّ تفسير. وأكرر انّ الوضع لم يعُد يحتمل، خصوصاً أنّ التوجّهات والقرارات جاهزة والمطلوب التنفيذ الفوري وبكلّ حزم إذا اقتضى الامر».
وأضاف بري: «إنّ حرص الرئيس سلام يجب ان تكون له حدود، فلماذا سياسة الانتظارالتي بدأت تنعكس سلباً على كل شيء؟ فالحكومة اتّخذت وتتّخذ قرارات ولا تنفّذها، وإذا كان البعض يتخوّف من تصريف الاعمال فإنّ تصريف الاعمال افضل من الوضع القائم».
وتابع بري قائلاً: «كفى تفاوضاً في موضوع النفايات، وهل المطلوب موافقة كلّ الأفراد على الخطة لتأخذ طريقها الى التنفيذ؟ إنني اقول إنّ الاولوية اليوم هي لهذا الموضوع، فلا أحد يكلّمني بموضوع آخر، سواءٌ أكان يتعلق بالترقيات أو بغيرها «صرنا نستحي ننزل الى الحوار وعمنمرق بين الزبالة وعمنقول ماشيين بالحوار وبتمشي الامور وما في شي مستحيل».
لم أعد أقبل بأي كلام عن حلول قبل حسم ملف النفايات، الأولوية الآن هي لمسألة النفايات، فهذه القضية صارت قضية وطن، ولم تعد محمولة. فهل يُعقَل ان لا تمون الدولة على قطعة أرض تملكها لطمر النفايات فيها لمصلحة الوطن كلّه»؟.
ورأى بري «أنّ ما نشهده أمر لا يقبله العقل، يا عمّي لوين رايحين؟ ما حدا يحكي معي بموضوع آخر قبل أن ننهي موضوع النفايات».
وفي تعبير عن استيائه من الوضع القائم وحال الانتظار السائدة، قال بري: «بعد شوَي رح ننزل عالحراك». ومن جهة ثانية، أسفَ بري لأنّ كلّ الخطابات في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في دورتها الحالية لم تأتِ على ذكر فلسطين.
شهيب والبيئيون
وفي السياق، أعلن وزير الزراعة أكرم شهيب بعد لقائه الخبراء البيئيّين «أنّنا أكثر تفاؤلاً، واجتماع الليلة هو نقطة مضيئة، إذ توصّلنا إلى توافق على معظم النقاط التي كانت عالقة أو موضع خلاف، وحُصِر النقاش في الشقّ التقني».
وأكد أنّ «الخيارات الأساسية التي أسهمَ في التوصل اليها خبراء مستقلون وخبراء جمعية «لا فساد» قد حُسِمت»، لافتاً إلى أهمّية «أن ننطلق خلال 24 ساعة في الخطوات العملية، فالخطة هدفنا جميعاً، والهدف أن ننطلق من خطة طارئة الى خطة مستدامة علمية وبيئية».
من جهته، أوضح المتحدث باسم الخبراء البيئيّين «أنّنا فاوَضنا في الجانب البيئي للخطة، وتمّ عرض كلّ بنود الخطة وساد جوّ النقاش الجدية والإيجابية».
وشدّد على «أنّ الحراك الشعبي حريص على إنهاء هذه الأزمة، ومن حق الناس أن يروا بصيص حلّ لأزمة النفايات»، مشيراً إلى أنّ «الحركة البيئية» ستعود إلى الحراك لأخذ الموافقة النهائية منه».