فيما يصبح قانون التمديد لمجلس النواب نافذاً غداً مع صدوره في «الجريدة الرسمية»، يُنتظر أن تتركّز الاهتمامات الداخلية على موضوع واحد أحد هو انتخاب رئيس جمهورية جديد، على وقعِ تطوّرات إقليمية إيجابية بدأَ المعنيون بالاستحقاق الرئاسي يتوسّمون منها أن تساعد على تأمين توافق داخليّ يُنتج انتخابَ الرئيس العتيد، في مهلةٍ أقصاها نهاية السنة. وقالت مصادر مَعنيّة بالاستحقاق الرئاسي لـ»الجمهورية» إنّ التطورات المتسارعة ستدفع الأفرقاء الإقليميين إلى مبادرات إزاء لبنان كنتيجة لتوافقات ستحصل بينهم حول أزمات المنطقة وحدود أدوارهم فيها.
تشهد المنطقة سباقاً مع الوقت قبل 24 تشرين الثاني موعد انتهاء المهلة المحددة للتوصل إلى اتفاق شامل على الملف النووي الايراني، وقد استبق الرئيس الأميركي باراك اوباما النتائج الرسمية للمحادثات الأميركية ـ الإيرانية بمشاركة اوروبية انطلقت أمس في مسقط عاصمة عُمان، بالتشكيك في إمكان نجاحها، مؤكّداً أنّ «الفجوة ما زالت كبيرة» مع إيران.
وتوجّه إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، قائلاً إنّ أميركا موجودة في العراق لقتال عدوّ مشترَك «فلا تعبثي معنا لأننا لسنا هنا للعبث معك». وفي المقابل أقرَّ وزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف بأنّ وجهات النظر ما تزال متباعدة حول حجم تخصيب اليورانيوم وسُبل إزالة العقوبات.
فيما وصفَ رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الاسلامي مواقف ايران في المفاوضات النووية بأنّها «شفافة»، مؤكّداً أنّه «إذا لم يتمّ التوصل الى اتّفاق فأميركا هي المسؤولة».
ومن المقرّر أن تُستأنف في مسقط اليوم المحادثات الاميركية ـ الايرانية، على ان تنطلق غداً الثلثاء المفاوضات النوویة بین ايران ومجموعة 5+1 فی مسقط ايضاً. فيما سيزور رئيس منظمة الطاقة الذرّية الايرانية علي اكبر صالحي موسكو غداً لتوقيع اتفاق حول بناء محطتين نوويتين في إيران.
من جهة ثانية، ووسط غموض يلفّ مصير زعيم «الدولة الإسلامية» (داعش) أبو بكر البغدادي، على رغم تأكيد التلفزيون العراقي وقناة «العالم» الإيرانية إصابته بجروح خطيرة في الغارة الجوّية على قضاء «القائم» غرب الأنبار، ونقله الى البوكمال السورية للعلاج، إعتبرَ اوباما أنّ نشرَ 1500 جندي اميركي اضافيّ في العراق يؤشّر الى «مرحلة جديدة» في الحملة ضد هذا التنظيم، قائلاً: «نحن الآن في وضعٍ يؤهّلنا للبدء ببعض الهجوم»، وأكّد «ضرورة أن تبدأ القوات البرّية العراقية في صدّ مقاتلي «التنظيم»، مشيراً إلى أنّ القوات الأميركية لن تشارك في القتال، بل ستركّز على تدريب المجنّدين العراقيين وعدد من العشائر السنّية التي تقاتل ضد «داعش».
ماراثون الشغور
في الموازاة، غابَت الأحداث السياسية عن الساحة الداخلية، واختُتم الأسبوع بحدثٍ رياضيّ تَمَثّلَ بـ»ماراثون بيروت»، وبدا أنّ «ماراثون» الشغور الرئاسي مستمرّ في ظلّ تفاؤل بأن توفّر له التطوّرات الإقليمية والدولية الجارية نهايةً سعيدة قريباً، خصوصاً أنّ الاتصالات ستنشط ابتداءً من هذا الاسبوع للاتّفاق على رئيس جمهورية جديد، خصوصاً بعدما تلافتِ البلادُ فراغاً نيابياً بتمديد ولاية المجلس النيابي الذي سيُنشَر قانونُه رسمياً غداً في «الجريدة الرسمية» وسط ترقّبِ موقف «التيار الوطني الحر» الذي ينوي الطعنَ به أمام المجلس الدستوري، في وقتٍ لم يتفاعل اللبنانيون المغتربون في الكويت وسيدني ومالبورن في استراليا أمس مع دعوة وزارة الخارجية والمغتربين الهيئات الناخبة، إذ لم يتجاوز عدد المقترعين عددَ أصابع اليد الواحدة.
وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية جبران باسيل الذي جال في البقاع الغربي أمس «إنّ هذه الانتخابات، وحتى لو حصلت صوَرياً، نريد أن نؤكّد من خلالها حلمَنا، وما يعني أن تحصل هذه الانتخابات، بينما نحرم اللبناني في الداخل من التصويت، بحجّة أنّنا سنحصل على النتيجة ذاتها؟
وحتى الأنظمة الديكتاتورية لم تفعل ذلك». وكرّر التأكيد أنّ «التمديد غير شرعيّ، ولو كان شرعياً لتركوا المجلس الدستوري يطعن به»، سائلاً: «هل هناك من يمدّد مرّتين، وفي المرّة الثانية يكون التمديد لسنتين وسبعة أشهر؟».
الراعي
في غضون ذلك، غابت اللقاءات السياسية عن بكركي، وعشية اجتماع مجلس الاساقفة الكاثوليك، دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي يغادر الأحد المقبل الى الفاتيكان، إلى تجديد الطبقة السياسية في لبنان، آسفاً «أن لا تكون الجماعة السياسية والسلطة العامة في لبنان قد بنَت شعبًا موحَّدًا بولائه للبنان ولمؤسّساته الدستوريّة.
بل شرذمَته وقسَّمته وجعلت ولاءَه لأشخاص لا للوطن». وشدّدَ على أنّه «لا يمكن لبنان أنّ يستمرّ في هذه الحال من التشرذم بسبب لعبة النافذين السياسيّين، والجميع على حساب الدولة والمؤسّسات والشعب.
وبات من الواجب أن يأخذ المجتمع المدني بزمام الأمور في ما يخصّ وحدة الشعب وترقّي المجتمع وحماية مكوّنات الوطن من طريق الثقافة والأخلاقيّة والالتزام بتكوين شعب توحّده الحقيقة والحرية والولاء للوطن، ويفرز قادةً جُددًا للبلاد يكونون حسب قلب الله، ويحكمون بالخير والعدل لجميع الناس».
الحريري في الأردن
وفي هذه الأجواء، أجرى رئيس كتلة «المستقبل» سعد الحريري محادثات في الأردن مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الذي استقبله في قصر الحسينية، تناولت التطورات السائدة في المنطقة، والعلاقات بين البلدين وسُبل تعزيزها، بالإضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك.
…والمشنوق في مصر
وإلى ذلك، بدأ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق زيارة رسمية لمصر تستمر ثلاثة أيام، على رأس وفد أمني يضمّ: المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، رئيس فرع المعلومات العميد عماد عثمان وعدداً من الضبّاط.
وعلمت «الجمهورية» أنّ زيارة المشنوق تهدف الى شراء أعتدة عسكرية مختلفة مصنّعة مصريّاً لمصلحة قوى الأمن الداخلي، من ضمن هبة المليار الرابع الذي قدّمته السعودية للأجهزة الأمنية والعسكرية لمواجهة الإرهاب.
وعن سبب زيارته القاهرة، قال المشنوق: «الأمر لا يحتاج أن يكون هناك سبب دائماً»، مضيفاً: «هناك هدف مشترك وهو محاربة الإرهاب ومنع التطرّف، نحن هنا لنحاول الاستفادة من الخبرة المصرية في هذا الموضوع، وأيضاً نحاول الاستفادة من المدرسة الدينية الرائدة والمتطوّرة في الاعتدال والتي يحمل عنوانها فضيلة شيخ الأزهر».
وأضاف: «الزيارة هي أيضاً للقاء المسؤولين الأمنيين والاستماع إليهم وتبادل المعلومات بين لبنان ومصر، خصوصاً على صعيد العلاقات الأمنية المصرية – اللبنانية بين قوى الأمن الداخلي والجيش والأمن العام القائمة منذ فترة طويلة».
وسُئل المشنوق عمّن يموّل «داعش» و«النصرة» و«أنصار بيت المقدس»، وهل لديهم اقتصاد قوي؟
فأجاب: «ليس لديهم اقتصاد، بل إمكانات، هناك قوى إقليمية ودولية تريد لهذه المجموعة أن تسبّب الخراب في العالم العربي، هناك معلومات مؤكّدة، وليس شبه مؤكّدة، عن أدوار عربية وإقليمية ودولية في دعم هذه المجموعات، سواءٌ في مصر، أو في لبنان، أو في أي دولة عربية مماثلة».
«حزب الله»
من جهته، دعا «حزب الله» بلسان النائب نواف الموسوي إلى «التخلّي عن إطلاق شعارات لا معنى لها، من قبيل تحالف الأقلّيات، الذي كان لنا ولا زال شرف إسقاطه، وإلى التخلّي عن عبارة الإعتدال في مواجهة التطرّف»، وطلبَ من الجميع «العودة إلى البيان الوزاري الذي شكّل وثيقة تفاهم سياسي في الحد الأدنى بين القوى السياسية الأساسية»، معتبراً أنّه «ينبغي أن يكون التحالف الجامع للبنانيين، هو ما نصَّ عليه هذا البيان في فقراته جميعاً، من مواجهة الإرهاب، وفي طليعته الإرهاب التكفيري، إلى الإقرار بحقّ المقاومة. لأنّه ليس من المقبول أن يقف وزير ويطعن المقاومة في حقّها، وهو إنّما كان وزيراً على أساس هذا البيان».
مجلس الوزراء
على صعيد آخر، يعقد مجلس الوزراء جلسته الاسبوعية الخميس المقبل، وعمّمت الأمانة العامة على الوزراء جدول أعمال من 46 بنداً يتضمن بعض القضايا المهمّة، ووُزّع ربطاً به عناوين لأحد عشر مرسوماً سيتوجّب على الوزراء الحاضرين في الجلسة توقيعها بوكالته مجتمعاً عن رئيس الجمهورية.
وذكرت مصادر وزارية لـ «الجمهورية» أنّ من بين البنود المطروحة ثلاثة ملفات مهمّة شارفَت الاستعدادات لبَتّها:
ـ الأوّل: متابعة البحث في المناقصة العالمية لإدارة شبكتي الخلوي في ضوء تقرير وزير الاتصالات بطرس حرب.
ـ الثاني: متابعة البحث في عرض وزارة المال للعقود الموقّعة مع شركتي «البترول الكويتية» و«سوناتراك الجزائرية» الخاصة بكهرباء لبنان بناءً للقرار المتّخَذ في جلسة سابقة عُقدت في 23 تشرين الأوّل الماضي.
ـ الثالث: متابعة البحث في المشروع المُعَدّ للنفايات الصلبة ومصير مطمر الناعمة في ضوء التقرير الذي وضعه وزير البيئة محمد المشنوق ودفاتر الشروط المتصلة بالمناقصات التي يجب بتّها قبل انتهاء العقد المعمول به مع شركة «سوكلين» منتصف كانون الثاني 2015.
وفي جدول الأعمال بنود خاصة أعدّها مجلس الإنماء والإعمار لبعض المشاريع الإنشائية، من تنفيذ وزارة الأشغال العامة والنقل ووزارات خاصة تتّصل بالماء والكهرباء، ومنها مشروع تأهيل معمل الذوق الحراري. بالإضافة الى بتّ قضايا تتصل بمستلزمات خاصة بالجيش اللبناني على مستويات لوجستية وإدارية ومالية.
وعلى جدول الأعمال أيضاً خطّة وضعتها وزارة العمل تتّصل بـ«القضاء على أسوأ أشكال عمالة الأطفال في لبنان»، وطلب سِلفة مالية للمؤسسة الوطنية للإستخدام بقيمة عشرة مليارات ليرة لبنانية لتنفيذ أعمال برنامج «أوّل عمل للشباب».
الأمن
وفي هذه الأجواء، ظلّ الاهتمام الداخلي منصَبّاً على متابعة الوضع الامني، في ظلّ التهديدات الامنية المستمرة للبنان، فيما يواصل الجيش تدابيرَه الأمنية، وقد أوقف على أحد حواجزه في عرسال أمس رئيس المجلس العسكري في «الجيش السوري الحر» في القلمون العقيد المنشقّ عبد الله الرفاعي.
وفي هذا السياق، ذكر بيان لقيادة الجيش أنّ القوى العسكرية أوقفَت في عرسال ايضاً اللبناني خالد حيدر الحجيري الذي كان يقود سيارة «بيك أب» من نوع شيفروليه من دون أوراق قانونية، وكان يرافقه السوري عبد الله حسين الرفاعي (حسب ادّعائه) وتبيّنَ أنّ الأوّل كان يحاول تهريبَ الثاني الى جرود المنطقة، وقد ضبطت في حوزة الرفاعي هوية لبنانية مزوّرة واعترف بأنّه ينتمي إلى أحد التنظيمات السورية المسلّحة».