IMLebanon

رهان على تسوية للتشريع في الساعة الأخيرة

تَكثّفَت المساعي في مختلف الاتجاهات الداخلية أمس لاحتواء التصعيد عشيّة الجلسة التشريعية التي جدّد رئيس مجلس النواب نبيه برّي تأكيدَ طابعها الميثاقي، مؤكّداً أنّها «تمثّل ميثاقية البقاء للوطن». وأعلنَ رئيس الحكومة تمام سلام تأييدَه لها، فيما أكّد رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية أنّ الميثاقية القانونية لعقدِها مؤمّنة. ورجّحت مصادر نيابية أن يحضرَها 80 إلى 90 نائباً.

في الموازاة، تتّجه الأحزاب المسيحية الثلاثة: الكتائب و»القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» إلى التصعيد، على خلفية أنّ الجلسة التشريعية «ناقصة».

وفي هذا السياق، دعا رئيس تكتّل «الإصلاح والتغيير» النائب ميشال عون إلى انتظار «إجراءات قوية وحازمة» إذا لم يُدرَج قانون الانتخاب على جدول أعمال الجلسة، في حين طلبَ رئيس حزب «القوات» الدكتور سمير جعجع من المجلس المركزي الذي اجتمعَ استثنائياً مساء أمس، الجهوزيةَ التامّة لمواكبة الحركة السياسية بتحرّكات ميدانية، فيما أملَت كتلة «الوفاء للمقاومة» في أن تؤتي مساعي الحلّ ثمارَها، داعيةً إلى «مقاربة الجلسة بمسؤولية وطنية».

نصرالله

وفي هذه الأجواء، يطلّ الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله الثالثة بعد ظهر اليوم في احتفال يقيمه الحزب في مجمّع سيّد الشهداء في الضاحية الجنوبية بـ«يوم الشهيد» ذكرى استشهاد أحمد قصير.

وعلمت «الجمهورية» أنّ نصرالله سيتطرّق في جزء من كلمته إلى معاني الشهادة ومقاومة إسرائيل وقدرات الحزب وقوّته في مواجهتها. كذلك سيعرّج على الملف السوري في ضوء التطوّرات العسكرية الميدانية ومساعي الحلّ السياسي. أمّا داخلياً فسيلاقي نصرالله موقفَ عون الذي أكّد أمس أنّ علاقته مع حزب الله «أثبتُ من قلعة بعلبك»، وسيؤكّد تفهّمه لموقف «التيار»، مشدّداً في الوقت نفسه على الحاجة إلى التشريع.

موفد في الرابية

وفي السياق، علمَت «الجمهورية» أنّ قنوات الاتّصال بين الضاحية والرابية ظلّت مفتوحة وشَملت وزيرَ الخارجية جبران باسيل الموجود في الرياض. وفي المعلومات أنّ موفداً من الحزب سيزور عون خلال الساعات القليلة المقبلة، وذلك في إطار المساعي الهادفة لإيجاد مخرج للجلسة التشريعية، علماً أنّ وفداً من الحزب ضمَّ المعاون السياسي للسيّد نصر الله حسين خليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا كانا قد زارا الرابية أخيراً. وعلمت «الجمهورية» أنّ المساعي لم تحقّق بَعد أيّ خَرق ملموس لجهةِ إقناع «التيار» بالمشاركة في الجلسة.

برّي

وسُئل برّي عمّا يقال من أنّ البعض يريد إحراجَه لدى الشارع المسيحي في ضوء إصراره على عَقد الجلسة، فأجاب: «أقبلُ باستفتاء عند المسيحيين فقط بيني وبين هذا الفريق حيال أهمّية الدعوة إلى الجلسة». وقال: «إنّهم يصَعّدون لأنّ الشارع المسيحي يؤيّد فكرتي وليس معهم».

ولفتَ بري إلى أهمّية المشاريع الماليّة المدرَجة على جدول أعمال الجلسة. وقال أمام زوّاره مساء أمس «إنّ مِن الضروري والملِحّ إقرار هذه المشاريع، فتحويلات اللبنانيين بالعملات الصعبة من الخارج تبلغ 7 مليارات ونصف مليار دولار سنوياً، فإذا لم تقَرّ هذه المشاريع سيصبح كلّ تحويل من الخارج، حتى ولو كانت قيمته مئتي دولار، خاضعاً للتحقيق».

وكان بري أمضى يوماً طويلاً من الاتصالات في شأن الجلسة، وفي هذا الإطار التقى كلّاً مِن الوزير بطرس حرب والنائبَين أحمد فتفت وعاطف مجدلاني. واقترَح بري أن يتّخذ المجلس النيابي قراراً بإلغاء توصيته التي اتخذها في وقت سابق بعد حصول الشغور الرئاسي والقاضية بعدم إقرار قانون الانتخاب إلّا بعد انتخاب رئيس جمهورية جديد، ومن ثمّ تأليف لجنة فرعية تدرس القوانين الانتخابية، فإذا توصّلت إلى اتّفاق على قانون محدّد يكون ذلك شيئاً عظيماً، وإذا لم تتوصل إلى نتيجة يُحال الموضوع إلى اللجان النيابية المشتركة، وعندها نبدأ في مناقشة قانون الانتخاب من حيث كنّا انتهينا سابقاً، وإذا اتّفقنا في اللجان فإنّني أبادر إلى عقد جلسة لإقرار ما اتّفقنا عليه في خلال 5 أيام».

وكرّر بري القول إنّ قانون الانتخاب تتوقف عليه عملية إعادة تكوين السلطة، ولا يمكن إقراره بموجب اقتراح قانون معجّل مكرّر وفي خلال نصف ساعة. فلقد ذهبنا عام 2008 إلى مؤتمر الدوحة بسبب قانون الانتخاب، ولو لم نتّفق عليه يومَها لَما كنّا اتّفقنا على انتخاب رئيس جمهورية يومذاك».

عون

في هذا الوقت شدّد عون على «أنّ قانون الانتخاب سيُطرح، وما مِن أحدٍ يستطيع منعَنا من ذلك»، وقال: «لم يبقَ أمامنا اليوم سوى سنة و7 أشهر للانتخابات، وممّا نراه، يبدو واضحاً أنّه لن يتمّ وضع قانون انتخابات خلال هذه الفترة، لذلك فإنّ الإجراءات التي سنتّخذها ستكون قوية وحاسمة. ونعلن عنها غداً (اليوم)، نحن لن نسمحَ بالتلاعب بموضوع القانون».وقال: «ليكن معلوماً أنّ المضيّ في هذه الجلسة حتى النهاية أمرٌ خطيرٌ جدّاً».

بدوره، دعا جعجع كلّ الأطراف السياسية، ولا سيّما منها بري، «لتأخذَ في الاعتبار المواضيع المطروحة كافّة حتى ننتهي منها في الجلسة التشريعية»، وأكّد أنّ «موضوع الميثاقية حسّاس جداً، وأيّ تلاعب بالميثاقية يعني التلاعب باتّفاق الطائف». وعوَّلَ «على الدور التوفيقي الكبير لتيار «المستقبل» وللرئيس سعد الحريري في إيجاد مخرج للأزمة الراهنة»، ولفتَ إلى أنّ «الاتصالات مستمرّة ومتواصلة بين الأفرقاء قبل موعد انعقاد الجلسة التشريعية».

الأحزاب المسيحية

وفي إطار التواصل بين الأحزاب المسيحية، زار فرنجية أمس رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل في بكفيا رافضاً كلّ ما يمسّ بحقوق المسيحيين، ووصَف برّي بأنّه «رجل التسويات»، وقال: «ليس من الضروري افتعال مشكلة حول إدراج قانون الانتخابات أو عدم إدراجه بينما نحن كمسيحيين لم نتّفق على قانون واحد للانتخاب». وأضاف: «أمامنا استحقاقات ماليّة يجب إقرارها قبل نهاية السنة، وإنّ وضعَ مشروع غير متّفَق عليه على جدول أعمال الجلسة لا أراه يمسّ كثيراً بحقوق الطائفة المسيحية».

التنسيق المسيحي

وكانت اللقاءات على المستوى الحزبي المسيحي بلغَت ذروتها أمس، والتقى الجميّل في بكفيا قبل الظهر رئيسَ جهاز التواصل والإعلام في «القوات» ملحم رياشي موفَداً من جعجع، وعرَض معه للمستجدّات المتعلقة بالجلسة التشريعية، واتُفِق على متابعة التنسيق بين الحزبَين، خصوصاً في المرحلة الراهنة.

وعلمَت «الجمهورية» أنّ رياشي نَقل إلى الجميّل تحيّات جعجع، وعرضَ لمواقف «القوات» الأخيرة بالتنسيق مع «التيار الوطني»، ولا سيّما منها الموقف المتجانس إزاءَ موضوع الدعوة إلى الجلسة التشريعية ورفض عقدِها ما لم يتضمّن جدول أعمالها استعادةَ الجنسية للمغتربين وقانون الانتخاب، شارحاً لبعض التفاصيل والظروف التي دفَعت إلى هذا التنسيق على خلفية «بيان النوايا» بين الحزبين. ودعا رياشي الجميّل للانضمام إلى الموقف «سعياً وراء وحدة الموقف المسيحي ممّا يجري».

وطرحَ الجميّل جملة أسئلة وأكّد «أنّ موقف الكتائب واضح، وسَبق مواقفَ الآخرين، وهو لا يَعتبر أنّ الجلسة دستورية في المطلق، بل هي إمعان في خرقِ الدستور، ولذلك لم يطالب بإدراج أيّ موضوع على جدول أعمال جلسة غير دستورية».

وأكّد الجميّل موقفَه الثابت والمعلَن من عدم المشاركة في الجلسة «لحماية ما تبَقّى من الدستور وصلاحيات رئيس الجمهورية»، لافتاً إلى «أنّ الجلسة لن تكون دستورية طالما ليس هناك من مرجَع في غياب الرئيس يَنظر في دستورية القوانين التي يمكن أن تقرّها هذه الجلسة ومدى مطابقتها لمقتضياته، فالقوانين تتساوى في المفهوم الدستوري وهي لا يمكن أن تخضع لتصنيف، خصوصاً ما هو حاصل اليوم بين القول إنّ هذا القانون أهمّ من غيره، فلكلّ قانون حيثياته وأسبابه الموجبة والأهداف منه، ولا يمكن تفضيل أيّ قانون على آخر».

وفي جانب من اللقاء أبلغَ رياشي إلى الجميّل أنّ هناك نيّةً للدعوة إلى تحرّك مشترَك بين «القوات» و«التيار» للتعبير عن رفضهما الجلسة، وأنّ الفكرة مطروحة للبحث ويأمل في أن تكون الكتائب إلى جانب هذا التحرّك.

وردّ الجميّل مرَحّباً بتوحيد المواقف وتنسيقها، لكنّه لفتَ إلى أنّ تحرّكاً من هذا النوع لا يمكن بتُّه مع رياشي، ولا بدّ من لقاء موسّع يضمّ ممثّلاً عن «التيار» للبحث في هذه المقترحات بنحو أكثر جدّية، لأنّ تحرّكاً من هذا النوع له مستلزماته السياسية والحزبية، ولا يمكن البتّ به قبل معرفة النتائج المترتّبة عليه.

وسَأل الجميّل رياشي: إذا أدرجَ برّي غداً مشروع قانون الانتخاب بعد إدراجه مشروع قانون استعادة الجنسية، هل ستمضيان في هذا التحرّك أم تنزلان إلى الجلسة؟». لافتاً إلى «أنّ التنسيق مع الكتائب ودعوتها إلى الحراك المشترك له أصول وقواعد أخرى يجب البحث فيها بجدّية أكثر وبطريقة أعمق».

وطُرحت في نهاية اللقاء فكرة «اللقاء الثلاثي»، فغادرَ رياشي لإجراء الاتّصالات اللازمة وأبلغَ إلى الجميّل لاحقاً استعداد الحزبَين للّقاء معه، فأبلغهما استعداده لاستضافة أيّ لقاء، وكان أن التقاه والنائب ابراهيم كنعان السادسة مساءَ أمس.

وقال كنعان بعد اللقاء: «نحن ثلاثة أحزاب نمثّل الغالبية الساحقة من المسيحيّين لدينا موقف يجب أن يؤخَذ في الاعتبار مثلما نأخذ نحن في الاعتبار أيّ موقف آخر من أيّ مكوّنات أخرى». وأوضَح أنّ «التحرّكات الشعبية التي سنقوم بها سنعلِن عنها في وقتها».

وفي مؤشّر يدلّ إلى بدء تحضير الأحزاب المسيحية للتحرّكات في الشارع، أعلنَت مصلحة الطلّاب في الكتائب التجَمّعَ التاسعة صباحَ غدٍ الخميس أمام بيت الكتائب المركزي «اعتراضاً على انتهاك الدستور وتَغييب المكوّن المسيحي عن الحكم من خلال عدم انتخاب رئيس للجمهورية».

«القوات»

إلى ذلك، علمت «الجمهورية» أنّ المجلس المركزي لحزب «القوات اللبنانية» عَقد اجتماعاً طارئاً مساءَ أمس برئاسة رئيس الحزب سمير جعجع، أعلنَ خلاله التعبئة العامّة والاستنفارَ الشامل لمواكبة الجلسة التشريعية التي قد تُعقَدُ في غياب الأحزاب المسيحية الثلاثة ومِن دون وضع قانون الانتخاب على جدول أعمالها.

وعلمَت «الجمهورية» أنّ الأمانة العامة لـ»القوات» دعَت كوادر الحزب ومسؤولي المناطق والمصالح والقطاعات للاستعداد للمشاركة في إضراب محتمَل أو النزول إلى الشارع عندما تحين ساعة الصفر.

وأوضحَت مصادر «قواتية» أنّ «قيادة الحزب توجّهت إلى القياديين والكوادر قائلةً: «وجَب علينا أن نكون على جهوزية في أيّ لحظة ابتداءً من يوم غدٍ (اليوم) لمواكبة الجلسة النيابية المرتقَبة. ففي حال صَدر بيان مشترَك عن «القوات» و «الكتائب» و»التيار الوطني الحر» يدعو إلى إضراب عام يَعني أنّ باب التفاوض حولَ جدول أعمال الجلسة قد أقفِل مع الرئيس بري.

لذلك على كلّ منّا وبحسب موقعِه وإمكاناته السعي لإنجاح هذا الإضراب الاستنكاري، والاستعداد للنزول إلى الشارع لتوزيع نسخة عن البيان الداعي إلى الإضراب على كلّ التجّار والمحالّ التجارية، وربّما أمام المدارس والجامعات من دون الجنوح إلى الفوضى إطلاقاً».

ولفتَت إلى أنّ «المشاورات جارية مع الكتائب والتيار العوني لتنسيق التحرّكات وحشد المؤيّدين لهذا التحرّك». وأوضَحت أنّ «التحرّك وطنيٌ وليس طائفياً أو مذهبياً، بحيث إنّ مطلبَي استعادة الجنسية وقانون جديد للانتخابات هما لكلّ اللبنانيين».

«المستقبل»

وإلى ذلك، أكّدت كتلة «المستقبل دعمَ كلّ الجهود الآيلة إلى إيجاد حلّ لانعقاد الجلسة التشريعية، ودعَت جميعَ القوى السياسية إلى «بذلِ الجهود اللازمة بما يحفظ الأمن الاقتصادي والنقدي للمواطنين، والوحدة الوطنية في آنٍ معاً».