IMLebanon

خرق في التعطيل مع «ترحيل» قانون الإنتخاب ونصرالله: لتسوية سياسية شاملة

  

التسوية تحَقّقت. المخاوف من مواجهة طائفية تبدّدت. تشريع الضرورة فرضَ اتّفاق الضرورة. المجلس النيابي يفتح أبوابه اليوم للتشريع، لا لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولكن هذا بحدّ ذاته يُعتبر إنجازاً في سياق التعطيل الذي يضرب كلّ المؤسسات الدستورية، الأمر الذي يجعل الشعب اللبناني يستبشر خيراً بأن ينسحب ما تَحقّق نيابياً على رئاسة الجمهورية والحكومة، خصوصاً مع دعوة الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصر الله إلى «تسوية سياسية شاملة على المستوى الوطني، تشمل رئاسة الجمهورية، الحكومة المستقبلية، رئيس الحكومة، تركيبة الحكومة، المجلس النيابي وعمل المجلس النيابي، قانون الانتخاب». فعلى الطريقة اللبنانية إذاً، وتحديداً وفقَ القاعدة التاريخية المعمول بها «لا غالب ولا مغلوب» خرجَ الكلّ منتصراً: رئيس مجلس النواب نبيه بري حافَظ على موعد الجلسة (بيغ بن) وجدول أعمالها، و»القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» نجَحا بتمرير استعادة الجنسية الذي كان يَصطدم بعراقيل عدة تَحول دون إقراره، مقابل ربطِ النزاع بقانون الانتخاب الذي أصبح على الطاولة، خصوصاً مع المخرج-الحلّ الذي وفّرَه الرئيس سعد الحريري بتعهّدِه «عدمَ حضور أيّ جلسة تشريعية بعد الجلسة الحاليّة لا تكون مخصّصة لمناقشة قانون جديد للانتخابات، بهدف التوصّل إلى صيغة لإقراره». وإذا كانت جلسة اليوم ستصادِق على التسوية الرباعية التي تمّ التوصّل إليها لجهة إقرار قانون استعادة الجنسية، وقانون تحرير أموال البلديات، وسلسلة القوانين الماليّة الضرورية، وتشكيل لجنة نيابية لإعداد قانون انتخاب، فإنّ الأنظار بهذا المعنى لم تعُد موجّهة إلى هذه الجلسة المعلومة النتائج، بل في أربعة اتّجاهات: التسوية الشاملة التي تحدّثَ عنها نصرالله وكيفية ترجمتِها، انسحاب مفعول التسوية على المؤسسات الأخرى أم عدمه، مصير قانون الانتخاب، مستقبل العلاقة بين مختلف المكوّنات بعد الأزمة الأخيرة. وفي سياق آخر علمت «الجمهورية» أنّ الحوار الثنائي بين «المستقبل» و»حزب الله» تأجّل من مساء اليوم إلى مساء غدٍ الجمعة بسبب الانشغال في الجلسة التشريعية. وفي المعلومات أنّه سيُصار إلى توسيع نقاط البحث للاستفادة من المناخات الإيجابية.

بمشاركة جميع الكتل، بمن فيهم «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، وبمقاطعة الكتائب، لرفضِها التشريعَ في ظل الشغور الرئاسي، تلتئم جلسة «تشريع الضرورة»، اليوم وغداً، بعد مرحلة مفاوضات طويلة ودقيقة كادت تدخِل البلد في أزمة جديدة ومن طبيعة طائفية هذه المرّة، لولا مسارعة مختلف القوى إلى استيعاب الوضع والموقف والوصول إلى مساحة مشتركة تنقِذ الجلسة التشريعية وتطلِق دينامية سياسية جديدة.

بنود التسوية

وعلى أثر مفاوضات مضنية ولقاءات مكّوكية بين كلّ القوى السياسية واتصالات بين بيروت والرياض وحبس أنفاس، نضَجت التسوية التي تضمّنت النقاط الآتية:

ـ إقرار قانون الجنسية كما أحيلَ إلى الهيئة العامة بعد تعديل في بعض بنوده.

ـ إقرار قانون تحرير أموال البلديات، الذي قدّمه عون سنة 2013 بلا حسومات ولا سوكلين. ما يؤمّن لصناديق تنميتها نحو ألفَي مليار ليرة.

ـ إقرار سلسلة القوانين المالية الضرورية، والتي تَحوز على إجماع القوى السياسية.

ـ الاتّفاق على سحب توصية سابقة للمجلس، حول عدم أولوية قانون الانتخاب. وذلك بناءً على طلب ممثّلي تكتّل التغيير والإصلاح.

ـ تشكيل لجنة نيابية مصغّرة، مع مهلة شهرين لإعداد قانون انتخاب وإقراره. وإلّا فلا تشريعَ، كما تعهّد الحريري ووافقَه الجميع.

غرفة عمليات

وكانت خطوط الاتصال بين بيروت والرياض قد ظلّت مفتوحة وتحوَّل جناح رئيس الحكومة تمام سلام في فندق الريتزـ كارلتون غرفة عمليات منذ وصوله الى الرياض، وهو ترَأس مساء امس الأول اجتماعاً حضَره الوفد الوزاري المرافق وبحَث المجتمعون في سُبل إيجاد مخرج للمأزق التشريعي.

واتّصل عون بالوزير جبران باسيل مستعجلاً عودته الى بيروت تحضيراً للحراك المسيحي على الارض، كذلك استعجَل النائب وليد جنبلاط عودة الوزير وائل ابو فاعور من الرياض.

بدوره، ظلّ الوزير علي حسن خليل حتى ساعات الفجر على اتّصال مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، كذلك فعلَ باسيل مع عون.

وقال ابو فاعور: «لقد انتظرناها من بيروت فأتَت من الرياض».

الحريري

بدوره، أجرى الحريري في مقر إقامته في الرياض سلسلة اتصالات، واستقبل كلّاً من ابو فاعور وباسيل، كما عَقد خلوة مع خليل، قبل ان يستقبل سلام ويَعقد معه خلوةً ليولِم بعدها على شرفِه في حضور الوفد الوزاري .

وكان الحريري أكّد مشاركة تيار «المستقبل» في الجلسة التشريعية لإقرار المشاريع المالية التي تتعلق بمصلحة لبنان المالية والاقتصادية وعلاقته بالمجتمع الدولي في هذا المجال». وأكّد «التزام التيار بعدم حضور أيّ جلسة تشريعية بعد الجلسة المشار إليها أعلاه لا تكون مخصّصة لمناقشة قانون جديد للانتخابات، بهدف التوصّل إلى صيغة لإقراره».

وطالبَ باعتماد «مبدأ التصويت لإقرار قانون تحديد شروط استعادة الجنسية اللبنانية كما تَخلص إليه اللجنة النيابية العاكفة على وضع نصّه النهائي»، داعياً «الزملاء من الكتَل النيابية كافّة لحضور الجلسة على الأسُس المبينة أعلاه تكريساً للشراكة والعيش المشترك، وتأكيداً منّا جميعاً لضرورة التكاتف والتضامن في هذه المرحلة للعبور بالوطن الحبيب لبنان إلى برّ الأمان».

التنازلات المتبادلة

وقالت مصادر واكبَت الاتصالات السياسية لـ«الجمهورية» إنّ التنازلات المتبادلة فعلت فِعلها في الساعات الأخيرة التي تمّ التأسيس لها على وقعِ التجاذبات الكبرى التي بلغَت الذروة من خلال الحراك المسيحي واللقاء الحزبي المسيحي الثلاثي الذي شهدَه البيت المركزي لحزب الكتائب مساء الثلثاء، الأمر الذي فرضَ إعادة نظر شاملة بالبنود، فتراجَع الجميع خطوةً واحدة إلى الوراء، الى ان تمَّت التسوية.

والتنازلات هي التي أدّت إلى ولادة مشروع قانون استعادة الجنسية، فيما تنازلت «القوات» و«التيار» عن أولوية بتّ قانون الانتخاب الذي أحيلَ الى لجنة هي الثالثة التي تكلَّف هذه المهمة منذ انتخابات العام 2009 إلى اليوم ضمن مهلة الشهرين بعدما فشلَت لجان سابقة بوضعِه خلال عام بعد انتخابات 2009 وبعد التمديد الأوّل والثاني للمجلس.

وسط هذه الأجواء، يُطرَح السؤال: هل إنّ الاتفاق السياسي الحاصل سيقتصر على الجلسة التشريعية ام أنّه سينسحب على الملفات الأخرى؟ وهل ستُحَلّ الأزمة الحكومية بعد حلّ الأزمة التشريعية؟

وفي هذا الإطار تجيب مصادر وزارية بالقول لـ»الجمهورية»: «إنّ حدود هذا الوئام أقصاه يوم الاثنين المقبل، حيث يعود بعده البلد مجدّداً إلى الاشتباك السياسي».

وتكشف المعلومات أنّ رئيس الحكومة لم يعُد مستعدّاً لقبول حكومته مشلولةً، بل إنّه مستعدّ للسير بحكومة تصريف أعمال لأنه لن يرضى بالتعطيل بعد اليوم. وتشير الى أنّ وزراء «التكتّل» مستعدّون بدورهم للمشاركة في جلسة لمجلس الوزراء تخصَّص لملف النفايات فقط. أمّا الجلسات الوزارية الأخرى فباتت تحتاج إلى سلّة تفاهم سياسي.

سلام

وكان سلام الذي التقى ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان بن عبد العزيز أكّد في احتفال أقامَه سفير لبنان في الرياض عبد الستّار عيسى وحضَره الحريري والوفد الوزاري وسفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي عواض عسيري وحشدٌ من أبناء الجالية اللبنانية في الرياض، «أنّنا سنتجاوز الأزمات وسنحلّ المشاكل وسنَنتخب رئيساً للجمهورية»، لافتاً إلى أنّه طالما هو في موقع المسؤولية لن يدّخر جهداً لا لحظة ولا دقيقة إلّا للمطالبة في انتخاب رئيس للجمهورية.

وقال: «أمامنا الجلسة التشريعية التي علينا أن نحقّق في مضمونها رزمةً من مشاريع القوانين تساعد على صيانة الوضع الداخلي في لبنان، وكان لي في هذا المجال أيضاً مواكبة حثيثة مع مسؤول كبير في لبنان يتحمّل أمانةَ الحفاظ على الوطن جنباً إلى جنب مع ما أتحمّله أنا، بل ربّما أكثر، وهو دولة الرئيس نبيه بري، فتحيّة له منّا جميعاً، وتحيّة طبعاً رغم كلّ ما سمعناه إلى كل القوى السياسية وإلى كل أطيافها وقادتها، لأنّه عندما يحزمون أمرهم يحلون المشاكل، ونحن نريد منهم ان يحزموا هذا الأمر وأن نمضي معاً سويّاً لتفعيل عمل السلطة التشريعية والحكومة وانتخاب رئيس للجمهورية لنحلّق جميعاً بلبنان عالياً نعتزّ ونفتخر به وطناً أبدياً أزلياً لكلّ اللبنانيين من دون تفرقة لا من طائفة ولا من منطقة ولا من مشهد هنا أو هناك، نعم نحن في لبنان الوحدة الوطنية في لبنان نموذج التعايش والمحبة بين جميع أبنائه.»

عسيري

وفَور عِلمه بالأجواء الإيجابية في لبنان، هنّأ السفير عسيري اللبنانيين على التفاهم الذي أمكن التوصّل إليه مؤكداً وقوفَ بلاده الدائم الى جانب لبنان الذي يستحق ان يستعيد حياته السياسية الطبيعية ويلعب دوره الإيجابي الذي لطالما عوّدنا عليه، مؤكداً دعمَ المملكة كلَّ ما من شأنه أن يجمع اللبنانيين.

سفير فرنسا

وعشية الجلسة، وجّه السفير الفرنسي ايمانويل بون من عين التينة رسالةً مهمّة الى اللبنانيين، مفادُها: أنّ «عليهم أن يساعدوا أصدقاءَهم لكي يتمكّنوا من مساعدتهم». مؤكّداً أنّه «من المهم لنا كفرنسيين أن يقرّ العديد من المشاريع المفيدة للبنان.

وما نراه مهمّاً جدّاً هو أن يتفاهم اللبنانيون على الإجراءات الواجب اتّخاذها ليتمكّن لبنان في هذه المرحلة الصعبة من العمل، وتستمر مؤسساته في اتّخاذ الإجراءات الضرورية، ويستمرّ أيضاً في الاستفادة من مساعدة المجتمع الدولي ومن دعم شركائه الأساسيين».

عون

ووصَف عون يوم أمس بأنّه «يوم سعيد»، معلِناً المشاركة في الجلسة بعد زوال كلّ الإشكالات في جدول أعمالها، وحصول اتّفاق شامل حول قوانين الجنسية، والبلديات، والانتخاب وما تبَقّى من أمور تفصيلية». وتمنّى استمرار التعاون دائماً من دون الحاجة إلى أيّ مصالحة جديدة.

جعجع

بدوره، شدّد رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع على «أنّ الشراكة الوطنية هي فوق كل اعتبار»، وقال: «هذا شعار استهلّينا به يومنا واختتمناه عليه، فكان فيه انتصارٌ للجميع، وتحديداً للروح الوطنية اللبنانية الجامعة، هو انتصار للروح التي رافقَت ملايين اللبنانيين في 14 آذار 2005، كان انتصاراً للمبادئ التي طالما نادى بها الرئيس الشهيد رفيق الحريري والتي جسَّدها في هذا اليوم بالذات خيرَ تجسيد الرئيس سعد الحريري». واعتبَر أنّ إنقاذ الموقف «جاء من قبَل الرئيس سعد الحريري، بعدما كنّا وصَلنا بالأمس وحتى اليوم صباحاً إلى وضع شِبه مقفَل كان سيَستدعي منّا خطوات أخرى».

وأعلنَ مشاركة نواب القوات في الجلسة للتصويت على القوانين الماليّة وقانون استعادة الجنسية من أجل التحضير لقانون انتخابات نيابية جديد»، منَوّهاً بالعمل المشترَك والتعاون بين «التيار الحر»و»القوات».

نصر الله

بدوره، دعا السيّد نصرالله الى تسوية سياسية شاملة على المستوى الوطني في مواضيع رئاسة الجمهورية والحكومة المستقبلية وقانون الانتخاب وغيرها، مؤكّداً أنّه من الأفضل للبلد أن «نكون جميعاً حاضرين في الجلسة التشريعية». واعتبَر أنّ بلداً من دون مرجعية لحسمِ خلافاته ليس فيه قابلية للحياة، مشيراً إلى «أنّنا حالياً بلدٌ عالق، ونكتشف من خلال أزماتنا أنّ هناك مشكلة حقيقية».

بكركي ترحّب

ورحّبت بكركي بتقارب «التيار» و«القوات»، وتلقّى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اتصالاً من عون وآخَر من جعجع اللذين وضَعاه في أجواء نتائج الاجتماعات والمساعي والاتصالات التي قاما بها مع النواب أعضاء كتلتيهما لإدراج قانون استعادة الجنسية على جدول أعمال الجلسة التشريعية، إلى جانب عدد من المطالب المطروحة، ونوَّه الراعي بالتوافق الحاصل، آملاً في ان «تساهم هذه الاجواء الإيجابية في تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية». ومساءً استقبلَ الراعي موفدَي عون وجعجع النائب ابراهيم كنعان ورئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» ملحم الرياشي اللذين وضَعاه في أجواء نتائج المشاورات الاخيرة.

وكان كنعان أعلنَ بعد اجتماع لجنة قانون استعادة الجنسية وقبلَ توجّهِه إلى عين التينة موفدًا من عون للقاء برّي، ‎الوصولَ إلى اتفاق حول صيغة مشروع قانون استعادة الجنسية للمتحدّرين من أصل لبناني، ونوقِشَت كلّ المسائل، وكان هناك تفَهّم لضرورات هذا القانون». وأكّد الاتفاق «على 4 نقاط بما يتوافَق مع ما نطالب به».

كنعان

ورأى كنعان أنّ وحدة الموقف وصلابتَه دفعا التفاوض قدُماً باتّجاه تحقيق قانون استعادة الجنسية بعد 13 عاماً من التجاذبات أوصَلت في نهاية المطاف إلى الإجماع على الروحية التي تَقدَّم بها المشروع، وتحويل قانون الانتخاب إلى أولوية وطنية يُعاد من خلاله تصحيح التمثيل والشراكة، وقال لـ«الجمهورية» لقد حقّقنا ما كنّا نطمح لتحقيقه، والنموذج الذي قدّمناه من خلال «إعلان النيّات» لجهة التعاون والتنسيق أثبتَ بالملموس أن لا شيء مستحيل متى توافرت الإرادة، وسنعمل على تعميم هذا النموذج وتطويره مع الكتائب والمرَدة والطاشناق والقوى الأخرى التي نتشارَك معها في قضية استعادة المكوّن المسيحي تمثيلَه وحضورَه ودوره».

وأضاف: «نحن في حركة تصاعدية ولّدت دينامية جديدة، وما قمنا به هو عمل استراتيجي، ونموذج يمكن البناء عليه، وقد وظّفنا تحالفاتنا بهدف وطنيّ لتثبيت العيش المشترك ووحدة لبنان».

وجنبلاط

واعتبَر جنبلاط أنّ مشاركة معظم الكتل النيابية في الجلسة «أمرٌ إيجابي جداً، نتوقف عنده باهتمام ونعلّق عليه آمالاً كبيرة لفتحِ صفحة جديدة بين القوى السياسية اللبنانية لمعالجة كلّ مشاكلنا من خلال الحوار الجدّي والصريح».