IMLebanon

  برّي: إشارات إيجابية لإنتخاب رئيس… وحوار «المستقبل» و«الحزب» قريب

فيما انصبَّ الاهتمام الخارجي على ترقّب نتائج المفاوضات في شأن الملف النووي الإيراني وإمكان التوصّل إلى اتّفاق في شأنه قبل 24 الجاري، وبعدما استراح الداخل اللبناني من التمديد النيابي الذي سلكَ مسارَه الدستوري بصدور قانونه في «الجريدة الرسمية»، وسط إعلان تكتّل «التغيير والإصلاح» أنّه سيطعن به، إنشغلَ اللبنانيون بكافة طوائفِهم وانتماءاتهم السياسية بقنبلةٍ من العيار الثقيل فجّرَها وزير الصحّة وائل أبو فاعور أمس على عتبة عيدَي الميلاد ورأس السنة.

فقد كشفَ أبو فاعور «أنّ لقمة المواطن اللبناني مغمّسة بالأمراض والتلوّث والميكروبات». وخرَق التقليد السائد بالتكتّم على هوية المخالفين، في انتظار كلمة القضاء، كاشفاً لائحةً طويلة بأسماء محالّ خالفَ أصحابها قواعد سلامة الغذاء، بينها أسماء كبيرة ومعروفة.

وتراوحَت المخالفات المضبوطة، نتيجة فحص العينات التي أُخِذت من 1005 مؤسسات دخل إليها مراقبو وزارة الصحة، بين عدم احترام معايير النظافة، ووجود عناكب وذباب في برادات اللحوم التي وُجدت حرارة بعضها أعلى من الدرجات الضرورية، فضلاً عن الوسخ والزيت الأسود لشدّة استهلاكه، وأوعية صدئة تُستخدم لحفظ اللحوم التي يتمّ توضيبها للمواطنين بسكاكين صدئة أيضاً، كذلك وجِدت مطابخ مفتوحة على حمّامات، وطعام موضوع فوق أكياس من النفايات، وما إلى ذلك من انعدام التزام معايير النظافة، كعملِ الموظفين بلا قفّازات وعدم تنظيف العجّانات المتّسخة.

ولفتَ أبو فاعور إلى وجود مخالفات أكبر وأكثر خطراً وتأثيراً على الصحة، وهي مقلِقة لوزارة الصحة والمواطن اللبناني، وأبرزُها أنّ بعض العيّنات التي فُحِصت تبيّن أنّها تحتوي على بقايا براز بشريّ! وهذا أمر لا يمكن التسامح معه مهما كانت الكِلفة.

وكشف أبو فاعور عن لائحة عرضَ فيها المواد الغذائية غير المطابقة لمواصفات السلامة الغذائية، والتي يحتوي بعضها على سالمونيللا وE.coli والبكتيريا الهوائية. وأكّد «أنّ هذه اللائحة أوّلية وإنّ الحملة مستمرة».

وأضاف إلى اللائحة، أنّ محلّات الناطور للّحوم تحتوي على لحوم برازيلية منتهية الصلاحية، مع غياب إجراءات النظافة. وعن معامل «التنمية» في البقاع، أتثبتَت الفحوص التي أُجريت على الدجاج أنّ المؤسسة تضع على الغلاف تاريخ المنتج على أساس أنّه اليوم، فيما يكون قد تمّ إنتاجه قبل ثلاثة أشهر.

ووعدَ أبو فاعور بإنذارات سيتمّ توجيهها إلى المؤسسات التي ترتبط مخالفاتها بالنظافة، وأكّد أنّه سيتمّ تنفيذ محاضر ضبط، لأنّ التفتيش الصحي في وزارة الصحة له صفة الضابطة العدلية. أمّا المؤسسة التي لن تُصلِح وضعَها فسيتمّ إقفالها في المستقبل. وقال إنّه سيطلب من وزارة الداخلية والمحافظين والقائمّقامين إقفالَ الأقسام التي تحتوي على الأصناف الملوّثة في كلّ المؤسسات التي تمّ الكشف عليها، إلى حين إثبات العكس.

حكيم لـ«الجمهورية»

من جهته، أكّد وزير الإقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ«الجمهورية» أنّ أجهزة الرقابة في وزارة الاقتصاد تقوم بواجباتها في موضوع متابعة الأسواق، وفِرَقها المتخصصة تجول يومياً على المتاجر والمحالّ وكلّ الأمكنة التي تقع ضمن مسؤوليّاتها.

وكشفَ حكيم عن وجود أعداد كبيرة من الملفات المخالفة التي تتمّ إحالتها الى الجهات المعنية للمعالجة، «ويتمّ فرز المخالفات حسب نوعيتها وخطورتها» وقال: «هناك مخالفات تستوجب التنبيه فقط، وهناك مخالفات تستوجب تحرير محضر ضبط، في حين تتمّ إحالة بعض الملفات الخطيرة إلى القضاء المختص لكي يُصدر فيها الأحكام المناسبة».

وردّاً على سؤال قال: «مِن جهتي أفضّل العمل الصامت نسبياً، خصوصاً أنّ المخالفات ليست على المستوى نفسه من الخطورة، ومهمّتُنا ليست التشهير بل تصويب الأمور، وهذا ما نقوم به يومياً من دون ضجيج إعلاميّ. كما أنّ عرض أسماء المؤسسات المخالفة قبل صدور أحكام قضائية قد يحتمل الخطأ، وقد يؤدّي إلى ضرب قطاعات اقتصادية من دون مبرّر».

برّي

وعلى الصعيد السياسي لم يطرأ أيّ جديد على جبهة الاستحقاق الرئاسي، باستثناء «إيجابيات» تحدّثَ عنها رئيس مجلس النواب نبيه برّي من دون أن يكشف تفاصيل. ما دفعَ بعض الأوساط السياسية الى توقّع انتخاب رئيس جمهورية جديد من الآن وحتى عيد الميلاد، خصوصاً إذا حصلَت بعض التوافقات الإقليمية والدولية التي يتوسّم لبنان منها أن تشيعَ مناخات إيجابية في فضائه السياسي.

وسُئل برّي أمس عن رأيه بتوصيف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي للتمديد للمجلس بالخيانة، فأجاب: «أعتبرُ أنّ مقام البطريركية كبير، إلّا أنّني لم أقرأ هذا الموقف».

ودافعَ برّي أمام زوّاره عن التمديد للمجلس، وقال: «لعلّه التمديد الوحيد في العالم الذي له مبرّراته الضرورية، ولو أنّني لم أكن مطّلعاً على أخطار الفراغ وأن لا إمكانية لإجراء انتخابات لمَا مشيتُ فيه».

وردّاً على المشكّكين بشرعية هذا التمديد، وبالتالي بشرعية المجلس، قال برّي: «إنّهم كأولئك الجالسين على غصن شجرة ويقطعونه في الوقت نفسِه».

وعن الإشارات الإيجابية التي تحدّثَ عنها حيال الاستحقاق الرئاسي، قال برّي: «إذا أفصحتُ عنها لا تعود إيجابية. طبعاً هناك إشارات ومشاورات وتحرّكات ستصبّ في خانة انتخاب الرئيس لأنّ مجلس النواب أساساً يُدعى إلى جلسات للانتخاب، وهناك جلسة مقرّرة في 19 تشرين الجاري».

وسُئل برّي أيضاً كيف تكون الإشارات إيجابية في ضوء الذي حصل بعد التمديد وإصرار رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون على عدم البحث في مرشّح آخر للرئاسة، فأجاب: «الإشارات لا تتوقّف عليّ أو على عون فقط، بل هي تعني الآخرين أيضاً».

وعن اجتماع لجنة قانون الانتخاب في 17 الجاري برئاسته، قال برّي إنّ هذا الاجتماع سيكون لإطلاق عمل هذه اللجنة لوضعِ قانون انتخابيّ جديد، وأكّد أنّه سيزوّدها تعليماتٍ تدعوها إلى البحث حصراً في القانون المختلط بين النظامين النسبي والأكثري، على أن تنجز مهمّتها خلال شهر، «فإذا تمّ الاتفاق على هذا القانون نذهب به إلى الهيئة العامة للمجلس لدرسه وإقراره، أمّا إذا لم يحصل هذا الاتّفاق فعندئذ سأدعو إلى جلسة نيابية عامّة للبحث في كلّ مشاريع القوانين الانتخابية، بدءاً بالمشروع الذي أقرّته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي».

وردّاً على سؤال، أنّه في حال طلبَت حكومة الرئيس تمّام سلام استردادَه ماذا سيكون الموقف، قال برّي: «إذا طلبَت استردادَه لها الحقّ في ذلك، ويجب أن نلبّي هذا الطلب، لكنّني أعتقد أنّها لن تفعل».

وعن المرحلة التالية للتمديد، قال برّي: «ستكون هناك جلسات تشريع، لكن استناداً إلى ما قلناه سابقاً، إلى حين انتخاب رئيس جمهورية، أي جلسات تشريع الضرورة. هناك مثلاً مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام، وقانون الإيجارات وعدد من الاتفاقات الملزمة للبنان».

حوار «المستقبل» ـ «الحزب»

في غضون ذلك، علمَت «الجمهورية» أنّ احتمال بداية الحوار بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» واردٌ وقويّ، وقد يكون قريباً جداً بعد المؤشرات الإيجابية التي أطلقَها كلّ من الرئيس سعد الحريري والأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله.

وقالت مصادر مطّلعة «إنّ هذا الجوّ الإيجابي غير منفصل عن وضع المنطقة وعن التقدّم الملموس في المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة الاميركية.

وأكّدت «أنّ تقاطع المعلومات الإيرانية – الأميركية يشير إلى أنّ الاتفاق حول الملف النووي بات وشيكاً، وذلك قبل 24 من الشهر الجاري، وإلّا فإنّ الخيار سيكون تمديد المفاوضات، وفي الحالتين سيتيح ذلك لجميع الأفرقاء التقاط أنفاسهم والشروع في ترتيب الأوراق، خصوصاً أنّ كلّاً من طهران وواشنطن تحتاجان لفترة التقاط أنفاس وإعادة ترتيب الخطط والأولويات».

وكان نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم قال أمس: «نحن مع الحوار المفتوح بلا شروط مسبَقة، ومع طرح كلّ المواضيع على بساط البحث، فخيارُنا أن نتعاون مع كلّ مكوّنات المجتمع اللبناني لمصلحة شعبنا ومستقبله، ولا يمكن أن ننجح إلّا إذا عملنا جميعاً لمصلحة لبنان».

من جهتها، ذكّرت كتلة «المستقبل» بالمبادرة التي أطلقتها قوى 14 آذار في 2 أيلول الماضي لانتخاب رئيس جمهورية جديد، وتمنَّت على الفريق الآخر «ملاقاتها توصّلاً إلى هذه التسوية الوطنية». كذلك ذكّرت بالمبادرة الأخيرة التي أطلقها الحريري «والتي تتصدّى لمعالجة جملة قضايا يعاني منها لبنان». واعتبرت «أنّ التوافق على انتخاب رئيس جمهورية جديد كفيلٌ بتطوير بيئةٍ سياسية مؤاتية للتواصل بين الأطراف الأساسية في البلاد، بما يمهّد لتجاوز هذه المرحلة بطريقة سليمة».

سلام إلى الإمارات

من جهة ثانية، يستأنف رئيس الحكومة تمّام سلام ابتداءً من الإثنين المقبل جولته على دوَل مجلس التعاون الخليجي، فيزور دولة الإمارات العربية المتحدة ويلتقي في ابو ظبي رئيسَها والهيئات الممثلة للجالية اللبنانية، ثمّ ينتقل منها إلى دبي للبحث في شؤون اقتصادية وماليّة، وفي برنامج المساعدات للبنان لمواجهة أزمة النازحين السوريين والعراقيين والفلسطينيين.

خليّة الأزمة والوسيط

على صعيد آخر، علمت «الجمهورية» أنّ خليّة الأزمة المكلّفة البحثَ في المفاوضات الجارية لتحرير العسكريين المخطوفين ستجتمع مساء اليوم في السراي. ويُنتظر أن يتركّز البحث على الصيَغ المطروحة للمفاوضات مع الخاطفين والتي تعثّرَت قبل أيام، بعدما جمّد الوسيط القطري زيارته لجرود عرسال في اليومين الماضيين منتظراً بعضَ الخطوات التي لم تحصل.

وكشفَت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية» أنّ تجميد حركة الوسيط ارتبطَ بتوقيف العقيد الركن المنشقّ عن الجيش السوري النظامي عبد الله الرفاعي، وهو قائد الفرقة 11 وتجمّع القلمون الغربي في «الجيش السوري الحر» الذي أوقِف ومعه اللبناني من أهالي عرسال خالد حيدر الحجيري في سيارة «بيك آب» عندما كانا في طريقهما إلى جرود عرسال، بعدما تفقّد عائلته في أحد مخيّمات المدينة.

وقالت المصادر إنّ الاتصالات تجري لإطلاق الرفاعي في الساعات المقبلة أسوةً بالموقوفين السابقين من المنشقّين السوريين الذين لم تطاولهم أيّ تهمة. والعقيد الموقوف يخضع للتحقيق ولم يثبت أنّه تورّط في أيّ عملية عسكرية ضد الجيش اللبناني أو أيّ من القوى الأمنية والعسكرية اللبنانية.

صواريخ «الحزب»

في غضون ذلك، أعلنَت إسرائيل أنّ «حزب الله» يملك أكثر من 100 ألف صاروخ يصل مداها الى أيّ مكان في إسرائيل. وقال وزير الدفاع السابق موشيه أرنز في مقال كتبَه في صحيفة «هآرتس»: «إستمعوا إلى (الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله)، لا يوجد شيء جديد في ما قاله لنا. نحن نعرف أنّه يملك أكثر من 100 ألف صاروخ يصل مداها إلى أيّ مكان في إسرائيل، وبعضُها قادر على إصابة المطارات وأهداف أخرى بدقّة.

ومع ذلك أقول استمعوا إليه، كثيرون منّا يميلون إلى نسيانه أو خداع النفس بأنّنا استطعنا ردعَ «حزب الله» ومنعَه من مواجهتنا مرّةً أُخرى. هذه الفرَضية تحتاج الى فحص من جديد». وأضاف: «على رغم أنّ «حزب الله» غارقٌ في الحرب في سوريا، إلّا أنّه لم يستخدم حتى الآن الصواريخ، فهو يحتفظ بها لأهداف في إسرائيل.

وإذا قرّر أن يهاجمَنا فمن المتوقع أن تنضمّ «حماس» إليه. تركنا وراءنا بعض الأمور التي لم تكتمل عندما وافقنا على وقف إطلاق النار مع «حماس» فلم يفكّك سلاحها. ويمكن الافتراض أنّ «حماس» تتسلّح مجدّداً في هذه الأثناء، وقد نضطرّ إلى الدخول في حرب على جبهتين».

وصواريخ إيران

في المقابل، أعلنَت إيران أنّها تملك عدداً كبيراً من الصواريخ بمدى 2000 كيلومتر، وقال قائد القوّة الجوفضائية في الحرَس الثوري الإيراني (الباسدران) العميد أمير علي حاجي زادة، حول التطوّر الهائل الذي حقّقته إيران في مجال الصواريخ «إنّ وضعنا الآن جيّد بفضل الله تعالى، وحتى الدوَل التي ساعدتنا يوماً ما مثل سوريا اشترَت منّا صواريخ فيما بعد، حيث إنّ مصانع إنتاج الصواريخ في سوريا أنشأتها إيران ويتمّ فيها إنتاج صواريخ إيرانية التصميم».

وكشفَ «أنّنا تلقّينا التدريب منهم، لكنّنا علّمناهم الإنتاج في ما بعد، فالصناعة الصاروخية زوّدت إيران سوريا بها، ولقد وصلَ الأمر إلى أنّ جبهة المقاومة تعلّمَت صنع صواريخها من إيران». وختم: «إنّ «حزب الله» والمقاومة الفلسطينية قد أصبحا مقتدرين جداً في المجال الصاروخي».