Site icon IMLebanon

 الشبكات في مرمى الأجهزة الأمنية… والمرّ للتوافق على رئيس وإعلان حال الطوارئ

خيّمت الأجواء الإيجابية التي سادت عقبَ التفجير المزدوج في محلّة برج البراجنة على الجلسة العاشرة لهيئة الحوار الوطني التي التأمت أمس، في عين التينة برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري وإدارته. وناقشَ المتحاورون في غياب حزب «القوات» اللبنانية ومقاطعة حزب الكتائب، قضايا الساعة، بدءاً من الملف الأمني الملتهب بفعل الإرهاب المتواصل، مروراً بالملفّين الرئاسي والحكومي، وصولاً إلى الملف التشريعي من بوّابة قانون انتخاب جديد، علماً أنّ هيئة مكتب المجلس النيابي ستشكّل في اجتماعها اليوم اللجنة النيابية التي ستتولّى درسَه. كذلك لم يغِب ملف النفايات عن المناقشات في ظلّ رجَحان كفّة الترحيل إلى الخارج، فيما حضرَت بقوّة مبادرة الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصر الله التي دعا فيها إلى تسويةٍ سياسيةٍ شاملة بسلّة واحدة، ولاقت ترحيبَ الجميع وثناءَهم عليها، وأدلى كلّ منهم بدلوه حيالها. وحدّد بري الأربعاء المقبل موعداً جديداً للمتحاورين وأولمَ على شرَفهم. وفي إطار الحرب الدولية على الإرهاب، أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية أنّ مقاتلاتها ألقت 20 قنبلة على معقل تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة.

فيما عكسَت تصريحات المتحاورين أجواء ارتياح سادت جلستَهم، جاء في البيان الذي صدر في ختامها «أنّ المجتمعين جددوا استنكارهم للجريمة الإرهابية التي وقعت في برج البراجنة، وأثنوا على الالتفاف الوطني الجامع على إدانتها والتضامن الذي عبّرت عنه مختلف القوى السياسية في مواجهة الإرهاب.

وقدّروا عالياً جهود الأجهزة الأمنية التي استطاعت بسرعة قياسية كشفَ كلّ تفاصيل هذه الجريمة وتوقيف المجرمين، وشدّدوا على أهمية استمرار التنسيق في ما بينها للحفاظ على الاستقرار وضبط أيّ محاولات إرهابية. وكان إجماعٌ بعد النقاش على ضرورة تفعيل عمل المؤسسات وفي مقدّمها عمل مجلس الوزراء لمعالجة القضايا المُلِحّة».

برّي

في مستهل الجلسة كانت مداخلة لرئيس مجلس النواب نبيه بري شدّد فيها على اهمية استمرار الحوار ومواصلة المتحاورين البحثَ في جدول اعمالها توصّلاً إلى التوافق على الحلول المنشودة.

ولاحقاً قال بري لزوّاره: «إنّ مسار جلسة الحوار كان جيداً وإيجابياً، وتحدثنا في كل الامور ومن ضمنها قانون الانتخاب وكلّ شيء، وركّزنا، بالاضافة الى رئاسة الجمهورية، على تفعيل عمل الحكومة، وكان هناك إجماع على هذا التفعيل.

وأضاف بري: «بالنسبة الى قانون الانتخاب سنشكّل لجنة مصغّرة له في اجتماع هيئة مكتب المجلس غداً (اليوم) وسأحدّد معايير التمثيل في هذه اللجنة، بحيث لا تكون هناك حجّة لأحد بعدم وجوده فيها، وسأبقى على موقفي بجعلها مصغّرة قدر المستطاع، ولكن وفق معايير التمثيل المطلوبة. والمهمّ في عمل اللجنة هو التوافق أياً يكن عدد مشاريع القوانين الانتخابية المطروحة التي ستبحث فيها، وقد تُقدّم مشروعاً جديداً، لكن المهم التوافق، وإنّ هيئة الحوار ستساعد اللجنة في عملِها قدر الإمكان».

واعتبر بري «أنّ روح القانون الانتخابي هي الدوائر الانتخابية ونظام الاقتراع، وهذا دورُنا في هيئة الحوار، وبالتأكيد فإنّ اعضاء اللجنة سيكونون ممثلين في هيئة الحوار، وبالتالي فإنّ اللجنة تستطيع ان تعود الى اقطاب هيئة الحوار في أيّ موضوع في نطاق مهمّتها».

وأكد بري «أنّ مهمة اللجنة هي النتائج التقنية، ولا أعتقد انّ في هذه مشكلة، خصوصاً أنّ البعض يعتقد انّ الشيطان يكمن في التفاصيل». وقال: «الدوائر الانتخابية ونظام الاقتراع هما في اساس قانون الانتخاب ويساهمان في تكوين السلطة، وإنّني سأتابع عمل اللجنة بشكل دائم ويومي، وإذا اضطرّ الامر أن اكونَ معها فلن أقصّر، وستكون هناك صلة وصل بيني وبينها».

مداخلة المر

وكانت لنائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب ميشال المر مداخلةٌ لافتة على طاولة الحوار، جاءت ذات شقّين سياسي ـ أمني:

في الشقّ السياسي، أكّد المر «أنّ البند الأوّل في جدول أعمال الحوار هو رئاسة الجمهورية، وقد عَقدنا حتى الآن عشرَ جلسات ولم نتوصّل بعد إلى اتفاق على انتخاب رئيس جمهورية جديد.

والآن وفي ضوء دعوة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله إلى تسوية سياسية شاملة، على رأسها الاتفاق على رئيس جمهورية، وبَعد ردّ الرئيس سعد الحريري إيجاباً عليها، فإنني أقترح أن يبادر دولة رئيس مجلس النوّاب نبيه بري إلى التواصل مع السيّد حسن نصرالله والرئيس الحريري والاتفاق معهما على مرشّح لرئاسة الجمهورية نوافق على انتخابه جميعاً، وإذا ما تعَذّر التفاهم بينهم على هذا الرئيس، فلنبادِر عندئذٍ إلى انتخاب رئيس جمهورية لفترة سنتين فقط، تكون خلالهما قد تبلوَرت الحلول للأزمات السائدة في المنطقة والتي يتلقّى لبنان تداعياتها.

وفي الشقّ الأمني، قال المر إنّه «بعد التفجير الذي ضرب منطقة برج البراجنة، وبعد التفجيرات التي ضربت باريس ودفعَت بالإدارة الفرنسية إلى إعلان الحرب على «داعش» في المنطقة، فإنّ هذه الحرب تفرض على لبنان اتّخاذ كلّ الإجراءات لمواجهة تداعياتها عليه، لأنّ «داعش» موجودة في الداخل اللبناني وعلى كلّ حدود لبنان مع سوريا، وقد تتعرّض لهجمات فرنسية عليها، ما يفرض على لبنان أن يتحسّب لهذه الحرب التي قد تطاول أراضيه».

وتوجَّه المر إلى رئيس الحكومة تمام سلام طالباً منه أن يجتمع مجلس الوزراء ويعلن حالة الطوارئ في البلاد، لافتاً إلى ما تنصّ عليه المادة الأولى من المرسوم الاشتراعي الرقم 52 المتعلّق بإعلان حالة الطوارئ، وهو الآتي:

«عند تعرّضِ البلاد لخطرٍ مداهم ناتج عن حرب خارجية أو ثورة مسلّحة أو اضطرابات أو أعمال تهَدّد النظام العام والأمن، أو عند وقوع أحداث تأخذ طابَع الكارثة، تُعلن حالة الطوارئ في جميع الأراضي اللبنانية أو في جزء منها».

عون

ومن جهته، رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، وصَف جلسة الحوار بـ»الجيّدة»، وأكّد «أنّ المواصفات الواجب اتّباعُها لإقرار قانون جديد للانتخاب هي العدالة والتمثيل الصحيح، وتصحيح الخَلل القائم من دون أيّ مواربة».

ميقاتي

وطالبَ الرئيس نجيب ميقاتي في مداخلته بأن يتلازم درس قانون الانتخابات النيابية الجديد مع قانون اللامركزية الادارية، سواء في لجنة واحدة أو في لجنتين متلازمتين. وشدّد على ضرورة ان يكشف رئيس الحكومة عن الاسباب التي تعوق معاودة عقد جلسات مجلس الوزراء لكي يُصار الى مساعدته في هذا الإطار. وثمّنَ عالياً «وعيَ اللبنانيين الذي يتجلّى في الاوقات الصعبة، خصوصاً بعد الانفجار الاخير وعدم انجرارهم الى الفتنة».

مكاري

ولاحظ نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري في كلام السيّد نصرالله والرئيس سعد الحريري «جوّاً إيجابياً يجب أن يتبلور في جلسات الحوار الوطني، وكذلك في الحوار الثنائي بين تيار «المستقبل» و»حزب الله». وقال للمتحاورين: «لن نتمكّن من أن نتفق على رئيس للجمهورية ما لم تتمّ حَلحة بعض الأمور الأخرى، ومن أهمّها قانون الإنتخاب».

وأضاف: «قريباً سيعيّن الرئيس بري لجنة لدرس قانون الانتخاب، وستجتمع هذه اللجنة، ولكن ما لم تضَع هيئة الحوار لهذه اللجنة المبادئ التوجيهية والمعايير التي يتّفق عليها الجميع، ستفشل في مهمتها، وستعمل شهرَين بلا نتيجة، وسيتمّ بعدها تكليف اللجان النيابية المشتركة مجدداً التصويت على المشاريع الـ17 الموجودة، ولن تحقق تالياً أيّ تقدّم نحو إقرار قانون للانتخاب». وشدّد على ضرورة تفعيل الحكومة.

ملفّ النفايات

وبعد ساعات قليلة على اجتماع هيئة الحوار الوطني، دُعيَ وزير الزراعة المكلّف ملفّ النفايات أكرم شهيب وأعضاء اللجنة الإدارية ـ المالية والتقنية المكلّفة البحث في عروض تصدير النفايات، إلى اجتماع يُعقد بعد ظهر اليوم في السراي الكبير للبحث في العروض التي تلقّاها لبنان وشروطها الإدارية والمالية والفنية والبيئية والتقنية، بهدف تكوين صورة نهائية عن الملف قبل ان يوجّه سلام أيّ دعوة الى مجلس الوزراء لبتّ مشروع متكامل من مختلف النواحي.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» إنّ اللجنة التي تضمّ الموظفين الكبار من ممثلي وزارتي البيئة والمال، ومن إدارة الجمارك ومجلس الإنماء والإعمار ومديرية النقل البحري وقانونيين في مجالات عدّة، ستبحث في أبرز العروض التي تسلّمَتها الوزارة بعدما بات ما هو مطروح محصوراً فقط بعملية الترحيل مهما قيل عن مبادرات قد تحيي البحث في المطامر في ضوء المتغيّرات السياسية والأجواء الإيجابية التي ظلّلت المواقفَ أخيراً.

وأضافت المصادر أنّ الحديث عن المطامر لا داعي له في هذه المرحلة، ولا فائدة منه بعدما عبَرت البلاد اليوم الأول من الشهر الخامس على المأساة البيئية التي تسَبَّبت بها طريقة تعاطي بعض السياسيين مع هذا الملف وأدّت الى تطييف النفايات ومذهبَتها، ما أفرزَ مجتمعاً يتحدّى فيه المواطنون القرارات الحكومية، وبعدما أثبَت السياسيون عجزاً مطلقاً لدى جمهورهم في مرحلة انتهى فيها البحث بما هو علمي ومنطقي لمصلحة مَن استفادوا لعقود من مليارات هي عائدات النفايات وتسبّبَت بوجود مجتمع كامل يتحدّث عن روائحهم الكريهة.

نصف مليار دولار للنفايات

وذكرَت المصادر أنّ أبرز العقود المطروحة على الحكومة اللبنانية وأقلّها كلفةً ستُرَتّب على لبنان صرفَ مبلغ نصف مليار دولار، هو الكلفة المقدّرة لتصدير النفايات للأشهر الـ 18 المقبلة، وهو أمرٌ يقود الى بتّ هذه الكلفة الكبيرة التي ستفاجئ اللبنانيين في المرحلة المقبلة.

وبناءً على ما تَقدّم كشفَت المصادر أنّ سلام سيدعو بعد اجتماع اليوم مجلسَ الوزراء الى جلسة تُعقد قبل نهاية الاسبوع.

وكان سلام حملَ الى اجتماع هيئة الحوار ملفَّ النفايات عارضاً لبعض العروض التي تَسَلّمها حول التصدير. وقال أمام المتحاورين: «العروض المقدّمة موجعة، ولكن ليس أمامنا سوى التصدير، فما تركَته هذه الجريمة التي ارتُكبت بحقّ اللبنانيين لا يمكن استيعابها على الإطلاق».

وانتقدَ بشدّة «طريقة تعاطي بعض السياسيين مع هذا الملف وتسخيره لأهداف سياسية وصولاً إلى ما يشبه الكارثة التي لا يمكن معالجتها»، وأوضح انّه «لن يقدم على أيّ خطوة في مجلس الوزراء أياً كان الحدث الذي ستَشهده البلاد قبل الوصول الى حلّ لهذه المعضلة، وأياً كان الثمن، علماً أنّ على مجلس الوزراء ان يتحمّل العبء الماليّ المخيف الذي سيرَتّبه ملف التصدير، وليتحمّل المسؤولية من أعاق الحلول العلمية والبيئية التي جَهدنا للوصول إليها لقاءَ أحلام بقيَت تراود البعض بتقاسُم مردود ملف النفايات مرّةً أخرى، وإصرار البعض الآخر على الاستثمار السياسي في هذا الملف، أياً كانت النتائج الكارثية التي وصلنا إليها، وكأنّ ما حصل في السنوات الماضية لم يكن كافياً».

ودعا رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية الى «الإسراع في الترحيل طالما إنّه باتَ خياراً نهائياً ووحيداً». فيما تحدّث النائب طلال ارسلان عن الظروف التي أعقبت رفض اعتماد مطمر الـ»كوستابرافا» وموقف الأهالي.

وبعد المناقشات أيّد المتحاورون طرحَ سلام ودعوه إلى الإسراع في بتّ العروض المقدّمة والتحضير لجلسة مجلس الوزراء التي تعهّدَ الجميع المشاركة فيها.

الى باريس

وفي هذه الأجواء كشفَت مصادر مطلعة أنّ سلام يستعدّ لزيارة فرنسا للمشاركة في «قمّة المناخ» المقرّرة في 30 الجاري بحضور أكثر من 40 رئيس دولة وستُشكّل هذه القمّة تظاهرة كبيرة داعمة للسلطات الفرنسية في حال عدم تأجيلها لأسباب أمنية.

الملف الأمني

أمنياً، تتابع الأجهزة الأمنية ملاحقة الشبكات الإرهابيّة، وتسجّل ضربات متتالية. فبَعد بيروت والبقاع، نفّذت شعبة المعلومات عمليّة نوعيّة في طرابلس، استطاعت خلالها القبضَ على عدد من الموقوفين، وصادرَت كمّيات كبيرة من المتفجّرات والصواعق والأحزمة الناسفة المجهّزة المعَدّة للتفجير.

وقالت مصادر أمنية واسعة الاطلاع لـ«الجمهوريّة» إنّ «هذه العملية النوعية والمفاجئة تأتي في سياق ملاحقة الشبكات الإرهابية المتّصلة بشبكة تفجير برج البراجنة، وشبكات أخرى، كذلك تأتي بَعد رصد ومتابعة لتحرّك الإرهابيين، فدَهمت شعبة المعلومات أوكارَهم في أحياء طرابلس وعَثرت على المتفجّرات التي كانت تعَدّ لتنفيذ عمليات إرهابيّة».

وأوضحت أنّ «الشبكات التي قُبِض عليها في طرابلس، تشكّلَت لتنفيذ عمليات انتحاريّة، وتشير التحقيقات الاوّلية الى أنّها مرتبطة بشبكات أخرى في سوريا وخارج الحدود، وكانت تستخدم الاماكن التي دهمَتها شعبة المعلومات في طرابلس مقرّاً لإيواء الانتحاريين المحتملين القادمين من سوريا، ومصنعاً لتحضير المتفجّرات ونقطة انطلاق لتنفيذ عملياتهم في المناطق اللبنانيّة كافّة، فأتت العملية الأمنية النوعية لتحبِط مخطّطهم التفجيري».

وأوضحَت المصادر أنّه «على رغم أهمّية عملية الأمس، إلّا أنّ هناك شبكات أخرى ورؤوساً تتمّ ملاحقتها، خصوصاً أنّها تستمدّ الدعم المالي والبشَري من تنظيمات في سوريا».

قهوجي

في مجال آخر، وفي دلالة إلى الدعم الأميركي المستمر للجيش اللبناني، زار قائد القوّات الجوّية في القيادة الوسطى الأميركية الجنرال تشارلز براون، على رأس وفد، اليرزة، والتقى قائدَ الجيش العماد جان قهوجي بحضور القائم بأعمال السفارة الأميركية في لبنان ريتشارد جونز، وجرى عرضٌ للعلاقات الثنائية بين جيشَي البلدين، خصوصاً لجهة التعاون في مجال تدريب القوّات الجوّية اللبنانية وتسليحها.