IMLebanon

العمليات الإستباقية تتواصل والتفعيل ينتظر الترحيل والإنتخاب إنطلق مساره

الأجواء السلبية التي سبقت الجلسة التشريعية أخلت مكانها للأجواء الإيجابية التي انسحبت على الحوار والعلاقات بين القوى السياسية، فعاد البحث في ملف النفايات الذي غيّبته الأحداث السياسية والأمنية، واستجدّت مرونة نسبية في الملف الحكومي، وتألّفت سريعاً اللجنة النيابية المكلّفة البحث عن مشروع قانون الانتخاب، في رسالة إيجابية إلى القوى المسيحية وتحديداً «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، ما يشكّل استكمالاً لقانون الجنسية، وتلقّفَت كلّ القوى السياسية مبادرة «حزب الله» التي تعاملت معها بإيجابية وواقعية وتترصّد الخطوة التالية التي تنقلها من الإطار النظري إلى العملي. وفي موازاة التهدئة السياسية أو الاسترخاء السياسي، تخوض الأجهزة الأمنية أشرسَ معاركها مع الإرهاب، وهي منذ الانفجار المزدوج في برج البراجنة في حالة استنفار قصوى قد تكون الأولى من نوعها، وقد نجَحت في تجنيب لبنان كوارثَ محقّقة بهذا الجهد الاستثنائي، والتنسيق الوثيق، والعمل الاحترافي، حيث كشفَ مرجع أمني بارز لـ«الجمهورية» أنّ «ما نُفّذ من عمليات في الساعات الـ 24 الأخيرة جنّبَ البلاد هزّات كبيرة كانت متوقّعة بين يوم وآخر». وعلى رغم الانفراج السياسي الجزئي، ودقّة الوضع الأمني وحساسيته، إلّا أنّ الأنظار الفعلية تبقى منصَبّة على الأزمة السورية بشقّيها السياسي الذي وضِع للمرّة الأولى على سكّة الحل الطويلة في فيينا، والأمني الذي أعاد تحريكَ العالم بَعد الهجمات الإرهابية التي استهدفت العاصمة الفرنسية، وبالتالي يستحيل فصل التبريد الداخلي عن الوتيرة المتسارعة في الملفّ السوري، خصوصاً أنّ حسمَ هذا الملف ستكون له تردّدات واسعة تطال لبنان وغيرَه من بلدان المنطقة.

دخلت الأجهزة الأمنية منذ التفجير المزدوج في برج البراجنة في عملية سباق مع الوقت لاجتثاث الشبكات الإرهابية ومنعِها من تكرار فعلتها، ويسجّل لهذه الأجهزة قدرتها على تسديد الضربات الاستباقية التي أجهضت عمليات إرهابية بالجملة، وقد وضَعت المزيد من الخطط العملية التي تضَيِّق الخناق على ما تبَقّى من شبكات قبل الانقضاض عليها.

مرجع أمني

وفي ظلّ هذه الأجواء، كشفَ مرجع أمني بارز لـ»الجمهورية» أنّ ما نُفّذ من عمليات في الساعات الـ 24 الأخيرة جنّب البلاد هزّات كبيرة كانت متوقّعة بين يوم وآخر، فالشبكات التي تمّ توقيفها كانت في طور تنفيذ سلسلة عمليات شبيهة بتلك التي شهدَتها محلّة برج البراجنة، في أكثر من منطقة، والتحقيقات ستكشف البعض منها في وقت لاحق.

وقال المرجع الأمني: «العمليات الاستباقية التي نُفّذت لم تنتهِ بعد، وقد أدّت الى توقيف عناصر فاعلة في أكثر من شبكة، لا يَعرف بعضُهم بعضاً جميعاً، وستتكشّف وقائع مذهلة، وقد قادت التحقيقات مع الموقوفين الى استكمال فكفكتها. وما شهدناه في الساعات الماضية من توقيفات ومداهمات في أكثر من منطقة في بيروت وطرابلس كان من الحصيلة الفورية لاعترافات الموقوفين الأوائل والتي ثبتَ أنّها صحيحة ودقيقة بمجرّد أنّها انتهت جميعها إلى ما تمّت مصادرته من متفجّرات ولوازم خاصة بتصنيع الأحزمة الناسفة بطريقة مبتكرة وأكثر فاعلية من تلك التي استُخدمت في أوقات سابقة. وأكّد المرجع الأمني أنّه لا يستطيع حصر عدد المشتبه فيهم، كاشفاً أنّ مِن بينهم عدداً غير قليل من العسكريين وقد شكّلَ توقيفهم مفاجأة».

ملفّ قانون الانتخاب

وفي الملف الانتخابي، أبصرَت لجنة قانون الانتخاب النور أمس في اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب المؤلفة من: ميشال موسى، علي فياض، ألان عون، جورج عدوان، سيرج طورسركيسيان، مروان حمادة، روبير فاضل، أحمد فتفت، وممثل عن حزب الكتائب، وآخرعن كتلة النائب سليمان فرنجية.

وأوضَح نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري أن «لا علاقة للّجنة بالقوانين السابقة، فهي ستضع معايير حول قانون جديد موحّد». وأشار إلى أنّ اللجنة لن تبحث القوانين السابقة الـ 17 بل ستضع معايير يُتّفق عليها، بعدها تضَع قانون انتخاب موحّد يُرضي كلّ اللبنانيين».

عون

وقال عضو اللجنة النائب آلان عون لـ»الجمهورية»: «نحن سنشارك في أعمال اللجنة المولجة دراسة قانون الانتخاب بكلّ إيجابية، إلّا أنّنا نَعلم أنّ شروط نجاح اللجنة اليوم مقارنةً مع المحاولات السابقة مرتبط أوّلاً بمدى وصول مختلف الأفرقاء الى قناعة أنْ لا خروج من الأزمة بعد الآن من دون قانون انتخابي جديد.

وثانياً، بمدى تسليم الجميع أنّه أتت ساعة تسديد دَين اتّفاق الطائف الذي قامَ على أساس إصلاحات دستورية مقابل قانون عادل ومنصِف يكرّس المناصفة». وشدّد عون على أنّه «من دون احترام هذين الشرطين، سنبقى ندور في حلقة مفرَغة».

حمادة لـ«الجمهورية»

بدوره، قال النائب مروان حمادة لـ«الجمهورية»: «قانون الانتخاب سكّة، ورئاسة الجمهورية سكّة أخرى، إلّا أنّها تبقى هي السكّة الرئيسية. لكن هذا لا يمنع ان يَتداول اللبنانيون عبر ممثّليهم على قانون انتخاب يَحظى بموافقة الجميع أو الأكثرية ويكون ذخيرةً لإجراء الانتخابات بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتأليف حكومة جديدة».

ورفض حمادة تسمية ما جرى بالخطوة الأولى في رحلة الألف ميل، متمنياً أن تكون رحلة أقصر، وقال: «في كافة الأحوال تحدّدَت المهمة بشهرين، وقد تَوافقنا على الابتعاد عن الإعلام خلال هذه المدّة، لكي لا تغرقَ مداولات قانون الانتخاب في أتون الخلافات كما جرى في السابق».

وهل هناك جدّية هذه المرّة في عمل اللجنة؟ أجاب: «الجميع جادّون، ولكن هذه المرّة هناك التزام ومهلة ولجنة موسّعة ومجلس نيابي ينتظر أن نرفع إليه أو إلى اللجان المشتركة مشروع قانون معقول ومتوازن».

الملفّ الحكومي

وفي الملف الحكومي، سُجّلت أمس حركة وزارية لافتة في اتّجاه السراي الحكومي ومطالبة بالدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء.

وفي هذا السياق نَقل وزيرا الإعلام رمزي جريج والعمل سجعان قزي الى رئيس الحكومة تمام سلام إصرارهما على وجوب دعوة المجلس الى الانعقاد وتفعيل عمله.

وأملَ جريج في «أن نستفيد من هذا الظرف من أجل تفعيل عمل المؤسسة الدستورية الوحيدة التي في ظلّ الشغور الرئاسي يمكنها أن تعمل من أجل تسيير أمور الناس وشؤون البلد».

من جهته، تمنّى قزّي على سلام «أن يلبّي ليس دعوة حزب الكتائب أو هذا الفريق أو ذاك، لأنّ رئيس الحكومة هو مَن يتّخذ القرار بدعوة المجلس، بل رغبة الشعب اللبناني الذي يريد قبلَ القيادات أن يرى حكومتَه تجتمع برئاسة الرئيس سلام.»

والتقى سلام كذلك كلّاً من وزير السياحة ميشال فرعون ووزير الصحة وائل ابو فاعو الذي أملَ في أن «يكون موضوع النفايات فاتحةَ عمل مجلس الوزراء، على أن لا يتوقّف الأمر عند هذا الموضوع، بل أن يُستكمل عمل المجلس في كلّ القضايا الأساسية التي يحتاجها المواطن من الدولة اللبنانية».

«التكتّل»

في المقابل، طلبَ تكتّل «التغيير والإصلاح» من الحكومة، بـ»تصحيح الوضع الراهن قبل التفعيل وتمهيداً للتفعيل، من خلال إجراء التعيينات العسكرية والأمنية، عملاً بالمادّة 65 من الدستور اللبناني»، وأكد أن «لا مجال للحديث عن مهادَنة في الميثاق والدستور، لأنّهما ملكٌ للشعب»،

وأعلن «التكتل» بعد اجتماعه الأسبوعي أنّه «لن يتردّد بالمشاركة في أيّ جلسة لمجلس الوزراء» إنْ وجَدنا حلولاً جذرية جاهزة لمسائل تتعلّق بمصالح الشعب الحيوية»، إلّا أنّه أكّد أنّ المطلوب أوّلاً وأخيراً، هو التصحيح كي ينتظمَ العمل الحكومي».

ملفّ النفايات

وفي جديد ملف النفايات، عُقد عند السادسة من مساء أمس الاجتماع الوزاري – الإداري المخصّص للبحث في ملف النفايات برئاسة سلام ومشاركة الوزير أكرم شهيب ورئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر، ورئيس اللجنة الموقّتة لإدارة مرفأ بيروت حسن قريطم وممثّلين عن الجمارك ووزارتَي البيئة والمالية وقانونيّين متخصّصين في قوانين النقل.

وشهدَ الاجتماع الذي عُقد بعيداً من الإعلام، كما شاءَه رئيس الحكومة، مناقشات تفصيلية على مدى ساعة ونصف الساعة في العروض الجدّية المقدّمة لترحيل النفايات الى الخارج، من دون الإشارة الى حصيلة عملية الفرزِ بعدما سُحبت من المناقشة بعض العروض غير الجدّية والموثوقة، ومنها تلك التي قالت بنقلِها الى سوريا وتركيا.

وذكرَت معلومات شحيحة تسرّبَت لـ»الجمهورية» أنّ البحث الجدّي سينحصر بعرضَين أو ثلاثة عروض على الأقلّ، وخمسة على الأكثر، وهذه العروض هي حصيلة عملية الفرز التي أجرَتها مراجع معنية، وسيُدعى من يمثلها أو من تَقدّم بها الى لقاء آخر يُعقد عند السادسة من مساء اليوم في السراي لاستكمال البحث في الجوانب الماليّة والإدارية وما يمكن القيام به لتسريع إنجاز هذا الملف، ودعوة مجلس الوزراء للبَتّ بصيغة نهائية هي الأقرب إلى واقع الكارثة البيئية التي يعيشها البلد وإلى إمكانات الدولة اللبنانية، ولفترة تجريبية تمتد لثمانية عشر شهراً.

وحول الكلفة المقدّرة للفترة التجريبية، أكّدت مصادر المجتمعين أنّ التقديرات المالية كبيرة للغاية وأنّ الحديث عن مبلغ نصف مليار دولار ليس بعيداً عمّا هو مقدّر من كلفة، بما فيها كلفة النقل والنوعية المطلوب تصديرها، بعد إجراء عملية الفرز في لبنان والكبس والتوضيب ونَواحٍ أخرى من العقود التي ستشرف عليها شركات مراقبة للتثبُّت من التزام القوانين الدولية المعمول بها.

شهيّب

وقال شهيّب بعد الاجتماع لـ«الجمهورية»: «قمنا بجولة على الشركات التي تَقدّمت بعروض لتصدير النفايات، للاطلاع على طلباتهم وكيف نستطيع التصدير وما هي آليّة التصدير والشروط البحرية وصلاحيات المرفأ.

وناقشنا كلّ ما يتعلق بتصدير النفايات والقوانين وطلبات الشركات. لكنّنا لم نتطرّق الى التكاليف، لأنه يجب أن نفاوض الشركات ونستدرج العروض الأقلّ كلفة على عاتق الدولة اللبنانية. فنحن نتحدّث الآن بالشروط الفنّية والقانونية والشقّ المتعلق بقدرات الدولة اللبنانية.

وأوضَح شهيّب أنّ «الحكومة لن تجريَ مناقصات للشركات المقدّمة لأنّ ذلك يحتاج وقتاً، إنّما ستَدرس طلبات الشركات وتختار الأنسب لناحية توفير الشروط المطلوبة بأقلّ كلفة».

وأضاف: «بدايةً نريد معرفة وجهة الترحيل، وضمان أنّها ستذهب من بلد إلى بلد ولا تُرمى في البحر، علماً أنّ الجمارك اللبنانية لديها قوانين ومعايير وشروط لكلّ ما يخرج من لبنان، وهي تضمن آليّة التواصل مع الجمارك في البلدان الأخرى.

وهو أمر دقيق ومعقّد وتَحكمه قوانين معيّنة، وكلّ الكلام الذي قيل عن الأسعار يَفتقر الى الدقّة، والأسعار ليست باهظة الى حدّ ما صُوّر. وليتفضّل مَن عطّلَ الحل في السابق أن يدفع الفرق. وفهمتُ من رئيس الحكومة أنّ خيار الترحيل حظيَ بموافقة كلّ القوى السياسية على طاولة الحوار».

وقال: «عدنا إلى نقطة الصفر، ونقوم بعمل دقيق جداً، وينتظرنا عمل كثير ودقيق تقنيّ وقانوني، والفضل في ذلك يعود للقوى السياسية التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم بسبب تخلّفِها عن وعودها، نتيجة ترَف بعض القوى السياسية والبيئيين وبعض الأهالي، ونحن ندفع اليوم الثمن.

وأوضح أنّ هذا المخرج سيُعتمد لمدّة محدّدة، سنة و6 أشهر، إلى أن تصبح البلديات جاهزة، وهناك 4 عروض جدّية حتى الآن، وسنَعقد اجتماعات مفتوحة حتى ننتهي من إعداد تقرير شامل حول خيار الترحيل لمدّة أقلّ من أسبوعين».