Site icon IMLebanon

السنيورة لـ«الجمهورية»: ما زلنا في أوّل الطــريق.. وإبراهيم: مستمرُّون رغم التعجيز

أكّد مرجع سياسي كبير أنّ هذا الأسبوع سيكون حاسماً على مستوى تبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود في شأن التسوية الرئاسية المطروحة، كاشفاً عن اتصالات ناشطة على مختلف المستويات في هذا الصَدد وفي مقدّمها الاتصالات التي يجريها حزب الله مع رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون. ويرى بعض المراقبين أنّ التسوية المطروحة لا تتحمّل كثيراً من التأجيل، إذ يُنتظر أن تتبلور حقيقة المواقف منها قريباً، ولا سيّما منها مواقف القوى المسيحية المعترضة عليها، فإذا ظلّت هذه المواقف سلبية فإنّ البلاد ستدخل عندها في مرحلة سياسية جديدة تنقلب معها التحالفات في ظلّ عهد الرئيس العتيد، أو تمضي إلى مزيد من الدوران في الفراغ في حال لم يُنتخَب الرئيس وتتعزّز فرضية القائلين بأنّ إنجاز الاستحقاق الرئاسي لم يحِن أوانه بعد.

نفَت مصادر متابعة على خط التسوية أن تكون الأمور قد جمدت، مؤكّدةً لـ«الجمهورية» انّ حركة الاتصالات ما تزال قائمة وهي بلغت مستوى التواصل المباشر ما بين فرنجية و«التيار الوطني الحر». وفي هذا السياق عقد لقاء أمس بين وزير الخارجية جبران باسيل وفرنجية. وكشفَت هذه المصادر انّه يمكن الرئيس سعد الحريري أن يبادر

الى ترشيح فرنجية علناً ورسمياً في لقاء تلفزيوني على الأرجح، وعندئذ سندخل مرحلة جديدة من العمل الجدي في إطار التسوية الشاملة، لأنّ عامل الوقت لا يَسمح بالمماطلة واستنزاف النقاش.

وفي هذا السياق استغربت مرجعيات معنية مباشرةً بالاستحقاق الرئاسي اعتراضَ «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» وحزب الكتائب على اسم رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، مع العِلم أنّ هذه الأطراف السياسية الأربعة كانت قد اجتمعت في بكركي برعاية البطريرك الماروني ما بشارة بطرس الراعي في بداية مهلة الاستحقاق الرئاسي واتّفقت على انّ رئيس الجمهورية الجديد يجب ان يكون أحد رؤساء هذه الأحزاب الاربعة المرشّحين للرئاسة، لأنّ كلّاً منهم يتمتّع بحيثية تمثيلية مسيحية، فعلامَ الاعتراض الآن على فرنجية؟.

وكانت عطلة نهاية الاسبوع شهدت اتصالاً بين الحريري وفرنجية هو الأوّل بينهما بعد لقائهما الأخير في باريس، استعرَضا خلاله آخر التطورات المتعلقة بالتسوية المطروحة ومواقف الأفرقاء السسياسيين منها. وتتجه الأنظار مساء اليوم الى الجلسة الحادية والعشرين للحوار بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» في عين التينة.

وقبل ساعات من موعد هذه الجلسة لم تَحسم مصادر «المستقبل» لـ«الجمهورية» ما إذا كان المتحاورون سيتناولون بالبحث خطوة الحريري في ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية، ذلك أنّ هذا الملف ما زال في مرحلة استكشاف النيّات ولا تعتقد انّه سيكون على جدول الاعمال اليوم. وكشفَت المصادر عن اتصالات تجري يومياً بين الرياض وبيروت، كما كشفَت عن وجود مسؤولين من «التيار الأزرق» في الرياض حيث اجتمعوا مع الحريري وسيعودون الى بيروت للبتّ ببعض العناوين المطروحة في حوار عين التينة الثنائي اليوم.

«الكتائب» وفرنجية

مع اتّساع رقعة المعارضة المارونية والمسيحيّة لتسوية انتخاب فرنجية، وانضمام حزب الكتائب اللبنانية الى صفوف المتريثين. ما تزال الأوساط السياسية تترقّب ما سيكون عليه الموقف المسيحي من ترشيح فرنجية.

وفي غمرة الاتصالات الجارية بين الصيفي ومعراب والرابية في شأن بلوَرة موقف موحّد من التسوية الرئاسية المطروحة، لبّى وزير العمل سجعان قزي دعوة النائب سليمان فرنجية الى غداء عمل السبتَ الماضي خُصّص للبحث في آخر التطورات، إذ رغبَ فرنجية التشاور في قضايا متصلة بالاستحقاق الرئاسي.

وقالت مصادر رافقَت الاجتماع لـ«الجمهورية» إنّ قزي أكد لفرنجية «أن ليس هناك أيّ مواقف شخصية منكَ، فأنت تعرف طبيعة العلاقة في ما بيننا، وجلّ ما تطالب به الكتائب الوقوف على أجواء المرحلة المقبلة والتي لم تكن حتى اليوم موضعَ نقاش مستفيض معك في زحمة التطورات المتسارعة».

وأضاف قزي قائلاً لفرنجية: «يجب ان نفهم هل هناك أيّ التزامات مسبَقة كما تردّد عن الاحتفاظ بقانون الستين الإنتخابي بدل السعي الى قانون يصحّح التمثيل ليكون عادلاً يوفّر تكافؤاً في الفرَص امام مختلف مكوّنات البلد. فقانون الانتخاب اساسيّ لبناء الدولة اللبنانية المستقلة والقوية وهو يَقود طريقة انبثاق السلطة فيها»

ولاحقاً نَقل قزي الأجواء التي سادت اللقاء الى رئيس الحزب سامي الجميّل، وقال لـ «الجمهورية»: «إنّ هذه الضمانات التي نطلبها ليست ضمانات للكتائب اللبنانية بمقدار ما هي ضمانات لبناء لبنان الذي نرغَب بقيامه، وعلى أساسها سنقول كلمتنا.

نحن لا نطالب بمواصفات للرئيس بمقدار ما نطالب بمعايير سِليمة لبناء الدولة. وكلّ ما نتمنّاه ان يكون فرنجية المتقدّم بين المرشحين الى الرئاسة قادراً على توضيح هذه القضايا والمواقف فيقدّم للبنانيين بيانَ نيّات، فهو ابن بيت عريق، ونَعتقد أنّه قادر على ذلك».

جونز في بكفيا

وإلى ذلك، يلتقي رئيس حزب الكتائب اليوم في بكفيا السفيرَ الأميركي الموَقّت في بيروت ريتشارد جونز ويَعرض معه لمختلف التطورات السياسية والأمنية في لبنان والمنطقة. وقالت مصادر ديبلوماسية لـ»الجمهورية» إنّ جونز أبدى اهتماماً خاصاً بخطوة الحريري الرئاسية وهو يواصل اتصالاته لمواكبتها من دون أن يستشفّ الذين التقوه حتى الآن أنّه عبّر عن موقف محدّد من الخطوة سلباً أو إيجاباً.

السنيورة

وعلى جبهة تيار «المستقبل» المنشغل هذه الايام بتسويق التسوية الرئاسية في اوساطه بعد بروز بعض المواقف المعترضة عليها، أكّد رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة لـ«الجمهورية» أنه «يجب أن ينظر الانسان إلى الأمور دائماً من جهة الانفتاح على التواصل، وهذا هو الأمر الأهم الذي يجب التشديد عليه، لأنها الطريقة الوحيدة لكي ننفتح بعضُنا على بعض ولكي نسمع بعضنا لبعض ونتفهّم هواجس ومطالب بعضنا لبعض»، معتبراً أنّ «أساس التواصل وسببه أنّ الفراغ الرئاسي طالَ جداً وشعَرنا ولمسنا في غياب رئيس الجمهورية كم أنّ هذا الموضوع أصبح مكلِفاً للبنان في شتّى المجالات.»

وأشار السنيورة إلى «أنّنا أدركنا أيضاً من خلال هذا الغياب كم هو مهمّ الدور الذي يلعبه رئيس الجمهورية في النظام السياسي اللبناني، لذلك فالمسعى هو كيف يمكن أن نستولد فرَصاً وأن نخترع وسائل للخروج من هذا المأزق»، متابعاً: «فنحن في مأزق، والأيام الآتية ممكن أن تظهِر بعض الاختراقات، وهذا الأمر هو نتيجة مساعي كلّ فريق، وتيارُ المستقبل بدوره يملك دورَ السعي إلى الخروج من هذا المأزق.»

وعن تبنّي تيار «المستقبل» ترشيحَ فرنجية الذي كان وزيراً للداخلية يوم اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والذي يشَكّل استفزازاً لجزء كبير من حلفائهم المسيحيين، وهو الحليف الأوفى للنظام السوري بعد مرور عشر سنوات على ثورة 14 آذار والخروج السوري من لبنان، قال السنيورة: «نحن نتحدّث عن تسوية، ومن الطبيعي أن يكون للتسوية الوطنية عندما تتمّ معالمُها والقواعد التي يمكن أن تُبنى عليها».

وأضاف: «عندما تتوافر هذه القواعد من الطبيعي أن يصل الانسان إلى نقطة يحاول فيها الموازنة بين أمورٍ عدّة، لكنّه يعطي الأولوية دائماً للخروج من هذا المأزق الذي وصَلنا إليه شرط أن يكون في ذلك مكسبٌ للوطن وليس للأفراد أو للأحزاب».

وقال السنيورة: «يجب أن يَفهم الجميع كيف يمكن أن يتنازل من أجل لبنان». ورأى أنّ موضوع تبنّي ترشيح فرنجية «يتطلب متابعة، وما زلنا في أوّل الطريق». وعن نهاية الطريق، حسب رؤيته ومعلوماته، قال السنيورة: «لا أريد أن أتنبّأ ولستُ من قارئي الفنجان».

جنبلاط وجعجع

وفي هذه الأجواء التي يسودها كثير من التريّث بَعدما فرملت المواقف الأخيرة بعضَ الخطوات التي كان رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط ينوي القيامَ بها، وتحديداً لجهة الاجتماع بنوّاب «اللقاء» للإعلان عن سحب مرشّحه النائب هنري حلو وتأييد ترشيح فرنجية.

غرّد جنبلاط عبر «تويتر» أمس قائلاً إنّ «هذه المرحلة تذكّر بما جرى منذ 27 عاماً عندما كانت وساطة المبعوث الاميركي ريتشارد مورفي»، ومضيفاً: «غريب أنّ البعض لا يتعلّم… لماذا لا نتعلّم من دروس الماضي؟». وردّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع على جنبلاط من دون أن يسمّيه، في تغريدة له على «تويتر» قائلاً: «بعض الأشخاص يهتمّون كثيراً بالتاريخ، ليتهم يلتفتون قليلاً إلى الحاضر».

وما كان من جنبلاط إلّا أن عاد وردّ على جعجع، قائلاً: «يبدو أنّ كلامي عن الماضي قد خدشَ أحاسيس البعض. لذا عملاً بالحكمة القديمة أقول «ابعد عن الشر وغنّيلو».

يوم قلق

وفي ظلّ التطورات على جبهة الاستحقاق الرئاسي، قال رئيس الحكومة تمام سلام امام زوّاره أمس إنه مرتاح الى حركة الحوارات الجارية في البلد وإنّه، إلى ترحيبه بالخرق الحاصل على مستوى الاستحقاق الرئاسي، يشجّع على المضيّ في المشاورات الجارية لإتمام هذا الاستحقاق في اسرع وقت ممكن.

وإلى ذلك عاش اهالي العسكريين المخطوفين يوم قلق ولعبٍ على الاعصاب بامتياز، فيما حُبست انفاس الوطن وهو يتابع المرحلة الاخيرة من تنفيذ اتفاق تبادُل صباح الأحد الذي لم يكن كمسائه. فهو بدأ بالزغاريد وبأمل لامسَ حدود اللقاء بعدما شوهِدت قوافل المساعدات الغذائية للنازحين تجتاز حواجز عرسال، ومواكب سيارات الدفع الرباعي السوداء الداكنة التابعة للامن العام وانتشار الجيش اللبناني على طول الطرق التي كان ينتظر ان تسلكها المواكب بالإضافة الى الإجراءات الامنية المعززة في وسط بيروت.

كلّ ذلك كان إشارات أوحت للجميع انّ تنفيذ اتفاق التبادل بات قابَ قوسين او ادنى، لكنّ المشهد تبدّل بعد الخامسة عصراً فعادت القوافل أدراجَها وسَحب المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم المواكب الامنية وغادر أوتيل شتورا حيث كان يقيم غرفة عمليات مشتركة بينه وبين الوسيط القطري في إطار عملية التفاوض.

أمّا السبب، بحسب معلومات «الجمهورية» فهو أنّ جبهة «النصرة « فرضَت شروطاً جديدة غير قابلة للتحقيق أضافتها الى مطالب بدأت منذ الصباح تمريرَها عندما اكتملت التحضيرات اللوجستية والأمنية من اجل تنفيذ الاتفاق، في محاولةٍ منها للابتزاز ولرفعِ سقف المطالب تحت عامل الضغط النفسي والزمني، فكانت عملية شدّ حبال بين ابراهيم و«النصرة» عبر الوسيط القطري استمرّت ساعات الى ان أبلغها ابراهيم عند الثانية بعد الظهر أنّه لم يعُد في استطاعته التنازل أكثر وتنفيذ شروط ومطالب إضافية لا يلحَظها الاتفاق، وانتظر جواباً مِن أمير «النصرة» أبو مالك التلّي أتاه في الرابعة والنصف من أنّه يصِرّ على المطالب، في إشارة إلى محاولة منه لإحباط الوساطة القطرية وعرقلة التنفيذ.

فعُلّق التنفيذ حتى إشعار آخر، لكنّ غرفة العمليات المشتركة اللبنانية ـ القطرية ظلّت تعمل بلا مواقيت في انتظار ان يتمكّن الوسيط القطري من الضغط على الخاطفين للتراجع عن مطالبهم الأخيرة.

وفي ضوء التطورات الجارية في شأن قضية العسكريين المخطوفين ألغى رئيس الحكومة زيارته التي كانت مقررة اليوم إلى باريس للمشاركة في قمّة المناخ العالمية، وقد تابَع أمس سيرَ المفاوضات وبقيَ على اتصال بالمدير العام للأمن العام والقيادات الأمنية مستطلعاً الإجراءات الجارية.

وتمنّى سلام نهايةً سعيدة لقضية العسكريين ونَقل زوّاره لـ»الجمهورية» عنه تفاؤله في استمرار المفاوضات لكي تصلَ الى النهايات المرجوّة، فيعود العسكريون الـ 16 إلى عائلاتهم موفوري الكرامة والصحّة.

ابراهيم لـ«الجمهورية»

وقال اللواء ابراهيم لـ«الجمهورية»: «خُضنا مفاوضات شاقّة مع الجهة الخاطفة لم تخرج عن مسار التفاوض القائم منذ عام تقريباً، وأبدَينا مرونةً في كثير من المطالب المستجدّة من «جبهة النصرة»، وأتمَمنا كلّ مستلزمات تنفيذ الاتفاقية، حتّى وصلت الأمور الى حدّ لم يعُد بإمكاننا التجاوب مع مطالب تعجيزية أدخَلها الخاطفون في رُبع الساعة الأخير»، مؤكّداً: «لن أتوقّف عن العمل والسعي، وسأستمرّ في المحاولة على رغم سياسة الابتزاز، فهؤلاء أبناؤنا وأبناء الوطن ولن أتخلّى عنهم».

وكانت المديرية العامة للأمن العام أصدرَت بياناً أمس قالت فيه «إنّ كلّ ما تمّ تداوله في وسائل الإعلام منذ الصباح (أمس) حتى الآن، من معلومات حول عملية التفاوض في ملف العسكريين المخطوفين لدى «جبهة النصرة»، هي معلومات غير صحيحة وتتنافى كلّياً مع الحقيقة، خصوصاً لجهة الحديث عن شروط التبادل». ودعَت وسائل الإعلام إلى «التعامل مع هذا الملف الإنساني والوطني بمهنية ومسؤولية، لإنجاز هذه العملية وإيصالها إلى خواتيمها السعيدة».