Site icon IMLebanon

التسوية في الثلاجة وعودة إلى التبريد وترقُّب الجولة المقبلة

كلّ المؤشرات والمعلومات تؤكّد أنّ التسوية الرئاسية جُمِّدت وعُلّقت، ولكن من المبكر الكلام عن أنّها انتهت وسقطت، حيث إنّ الدينامية الخارجية والداخلية التي انطلقَت ونجَحت بعضُ القوى على اختلافها في فرملة اندفاعتها، قد يكون من الصعوبة عليها إنهاء هذه الاندفاعة ووقفُها، إنّما من دون شكّ انتقل الجميع من مرحلة شدّ الأحزمة إلى مرحلة من الاسترخاء السياسي التي تفسِح في المجال أمام إعادة تقييم هادئة لكلّ ما رافقَ المبادرة الرئاسية من خطوات متسرّعة اتّكأت على عنصرَي المفاجأة وإنهاء الفراغ، ومن دون أن تحسبَ جيّداً حسابات القوى السياسية، وفي طليعتها «حزب الله» من جهة، والثلاثي الحزبي المسيحي من جهة أخرى. وفي حين تؤكد مصادر قريبة من الحزب ثباتَه بترشيح رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون في موقف سياسي وأخلاقي يميل بوضوح إلى خيار الشارع المسيحي لا الرئاسة على أهمّيتها، ومن دون الانتقاص من تقديره لرئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وكشفِه أن لا اتّفاق سعودياً-إيرانياً حول الموضوع الرئاسي في لبنان، حيث إنّ الاجتماع بين وزيرَي خارجية البلدين محمد جواد ظريف وعادل الجبير لم يتجاوز الـ 14 دقيقة واقتصر على الملف اليمني الذي انتهى على خلاف ولم يتطرّق إلى الملف اللبناني أو غيره لا من قريب ولا من بعيد، فإنّ مصادر قريبة من «القوات اللبنانية» أكدت لـ«الجمهورية» أنّ تجميد التسوية لا يتّصل حصراً بموقف الحزب، بل يتعلق أيضاً بموقف الرياض التي جدّدت تأكيدها رفضَ تجاوزِ الموقف المسيحي، وأنّ التشاور مع تيار «المستقبل» لم ينقطع، وأنّ الاهتمام الدولي هو بملء الفراغ وليس بتزكية هذا الشخص أو ذاك، مع حِرص المجتمع الدولي على التسوية التي تلتزم بالشرعية اللبنانية والقرارات الدولية، فيما التسوية الأخيرة أظهرت أنّها فاقدة للشرعية السياسية والمجلسية والميثاقية، وأكدت أنّ رئيس «القوات» لن يلبّي أيّ دعوة للاجتماع تحت عنوان الأقطاب الأربعة.

وفي وقتٍ تابَع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي زيارته الرعويّة الى سوريا، قبل عودته الى بكركي لاستكمال الاتصالات مع القيادات المارونيّة واللبنانية، وكشف أنّه دعا «الأقطاب الموارنة الأربعة إلى اجتماع في بكركي وأنّه لا يزال في انتظار الجواب»، علمت «الجمهوريّة» أنّ الراعي تفاجَأ أثناء تواجُده في اللاذقيّة، ومن خلال الأجواء التي استشفّها، من وجود تحفّظ سوري على اسم المرشّح فرنجيّة، وعدم حماسة لوصوله إلى رئاسة الجمهوريّة، خصوصاً أنّ سوريا كانت أبلغَت عدداً مِن حلفائها في لبنان أنّ ملفّ الرئاسة عند الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله وهو من يقرّر فيه، ما يزيد العقبات أمام انتخاب فرنجيّة، مع استمرار تمسّك الحزب بدعم ترشيح حليفه رئيس تكتّل «لتغيير والإصلاح» النائب ميشال عون.

«القوات»

وفي إطار الاتصالات والتواصل حول التسوية الرئاسيّة وإمكان زيارة رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الرئيس سعد الحريري في السعودية للتشاور، علمت «الجمهوريّة» أنّ «جعجع لن يقدِم على خطوة أو يزور أحداً ممّن يختلف معهم على التسوية الرئاسية ويدعمون ترشيح فرنجية من فريقَي 8 و 14 آذار، لكنّه في المقابل يؤكد أنّ أبواب معراب مفتوحة امام الجميع، وكلّ مَن يريد أن يزورنا فأهلاً وسهلاً به، لكنّنا لن نذهب عند أحد».

في هذا الوقت، يكثّف جعجع اجتماعاته مع كوادر الحزب. وعلمت «الجمهورية» أنّ جعجع يترَأس اليوم الاجتماع الدوري للمجلس المركزي للحزب، حيث سيُطلع جعجع كوادر «القوات» على آخر المستجدّات المتعلّقة بالشأن الرئاسي والمدى الذي بلغَته المبادرة الرئاسية القاضية بانتخاب فرنجية، وعلى تصَوّر «القوّات» للمواجهة السياسية في المرحلة المقبلة إذا ما تقدّم ترشيح فرنجية خطوات الى الأمام، إضافةً الى طرح مسألة العلاقة مع الحلفاء.

وكان جعجع قد أكّد أنّ 14 آذار باقية مهما حصَل، مع أنّ البعض نعاها منذ الآن، ولكن أقول لكم إنّ حركة 14 آذار هي من ثوابت تاريخنا الحديث، لأنها هي التي تُجسّد عملياً فكر لبنان الذي تؤمن به أكثريتنا الساحقة، فمشروع 14 آذار عمره ليس فقط 10 سنوات بل مئات وآلاف السنين، أي أنّ عمره من عمر لبنان، لذا تأتي أحداث وتذهب، يعيش ناس ويموت ناس ولكنّ روح 14 آذار باقية باقية».

وفي سياق تهدئة المناخات السياسية بين «القوات» و»المستقبل» أصدرت الأمانة العامة في الحزبَين تعميماً دعَتا فيه المحازبين والمناصرين إلى الالتزام بمقتضى التحالف السياسي والكفّ عن أيّ تهجّمات سياسية تطاوِل قيادات من الفريقين أو من 14 آذار.

«الكتائب»

من جهته، جدّد حزب الكتائب التأكيد أنّه يبني مواقفَه «على المشروع الذي يُعلنه المرشّحون وليس على شخص المرشح، شرط أن تكون الرؤية شاملة للمبادئ الوطنية والتوافق الذي ينسجم مع مبادىء الحزب وسياسته ونضاله». وفي سياق متصل، وبعد عودته من الخارج يزور الرئيس أمين الجميّل العماد عون في الرابية ظهراً لتقديم واجب العزاء والتشاور في آخر المستجدّات، وقد تكون بداية لجولة يقوم بها الجميّل.

شهيّب عند فرنجية

وفي الحراك السياسي المتصل بالتسوية، زار أمس وزير الزراعة أكرم شهيّب بنشعي مؤكداً أنّ زيارته كانت مقرّرة قبل «موضوع الرئاسة وجدّية التسوية».

وقال إنّ «الأمل كبير في أن تصل التسوية الرئاسية الى خواتيمها بأقرب وقت ممكن من خلال حكمة الحكماء في البلد»، وقال: «إذا كان هناك من بعض الاعتراضات هنا أو هناك، أعتقد أنّ التواصل يذلّل كلّ شيء، فالحوار هو الأساس في ظلّ تناغم عربي وإقليمي في هذه المبادرة، وإنْ شاء الله نصل لخواتيم سعيدة». وكرّر القول إنّ العقلاء كُثر في لبنان، وأملُنا أن نصل الى حلّ ويكون لدينا رئيس في أقرب وقت.

خلية الأزمة

على صعيد آخر، عاوَدت خلية الأزمة الوزارية اجتماعاتها للمرّة الاولى بعد تحرير العسكريين الـ 16 الذين خطفَتهم جبهة «النصرة»، فالتأمت عصر أمس بحضور: وزير الدفاع سمير مقبل، وزير الداخلية نهاد المشنوق، وزير الصحة وائل ابو فاعور والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، وأطلقت الضوء الأخضر للإقلاع بملف المخطوفين العسكريين لدى «داعش» بعد إجراء التحضيرات الضرورية التي تَسمح بانطلاق ورشة الاتّصالات والاستقصاءات الضرورية ليُبنى على ما تحقّقه عناوين المرحلة المقبلة.

وعلمت «الجمهورية» أنّ الخلية أجرَت جردةً لمراحل الصفقة السابقة وسجّلت إنجازاً للمؤسسات الرسمية التي قامت بعمل جبّار وأكّدت أهمّية التعاون بين السلطات العسكرية والأمنية والقضائية التي واكبَت المرحلة الماضية من دون ارتكاب أيّ هفوات او أخطاء، ما اضطرّ الخاطفون من «النصرة» الى التراجع عن مطالب تعجيزية عدة، الى ان تمَّت العملية في افضل الظروف الممكنة.

وقالت مصادر مطّلعة واكبَت الاجتماع إنّ نجاح التجربة السابقة وما سَبقها من عمليات تبادل شجّعَ على المضيّ في النهج المتّبع ووفق القواعد والمبادئ التي استندَ إليها المفاوض اللبناني بما يضمن احترامَ القوانين اللبنانية وتلك التي رَسمت السقف الذي حَكم المفاوضات التي جرت مع «النصرة» وأدّت إلى إطلاق العسكريين بأقلّ كلفة ممكنة.

وأوضَحت أنّ الاتصالات بوشرت على أكثر من جبهة توَصّلاً الى تركيب الآلية التي يمكن ان تنطلق من خلالها المفاوضات، وأولى خطواتها اختيار المفاوض الذي يمكنه ان يتواصل مع قيادة «النصرة» والمجموعات المسلّحة التابعة لها. وإنّ الخطوة الأولى المطلوبة تتوقّف على تحديد مصير العسكريين المخطوفين بما يثبِت ذلك بالدرجة الأولى.

وكان البيان الصادر بعد اجتماع الخلية ذكر أنّ المجتمعين استعرضوا الإنجاز الوطني الأخير الذي تمثّلَ بتحرير العسكريين الـ 16 الذين كانوا محتجَزين لدى أحد التنظيمات الإرهابية، وما تَركه هذا الإنجاز من ارتياح على كلّ المستويات.

واعتبَر المجتمعون أنّ هذه الخطوة التي أكّدت مرجعية الدولة في كلّ ما يمسّ شؤون لبنان واللبنانيين، ما كانت لتتمّ لولا تضافر جميع الجهود الوطنية ولولا صلابة وحنكة الجانب اللبناني في المفاوضات التي أدّت الى إطلاق سراح العسكريين، إضافةً الى التعاون الرفيع المستوى بين جميع الأجهزة الامنية. وأكّد المجتمعون متابعة الجهود في كلّ الاتجاهات للإفراج عن العسكريين التسعة الذين ما زالوا محتجَزين».

اللمسات الأخيرة

على صعيد حكومي آخر علمت «الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة تمام سلام استقبل عصر أمس شهيّب المكلف مع أعضاء اللجنة الإدارية والتقنية مصيرَ ملف النفايات ووضعَ اللمسات الأخيرة على العروض التي تقدّمت بها جهات عدّة لترحيل النفايات الى الخارج بعد تحديد المواصفات التي يجب ان تتوفّر فيها لتكون صالحة للتصدير.

وطلبَ شهيّب منحَه مزيداً من الوقت لتقديم التصَوّر النهائي قبل نهاية الأسبوع الجاري، مؤكداً أنّ الجهود منصَبّة على المواصفات وحجم وكلفة العقود المتوقّع الموافقة عليها والتثبّت ممّا يضمن إتمام عملية التصدير الى البلد الذي سيستقبل النفايات بضمانات تؤكّد إتمام العملية بكامل فصولها وفقَ القوانين الدولية المعتمدة.

وكان عرض سلام للتطورات أمس في لبنان والمنطقة مع وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش ووزير الخارجية جبران باسيل، والقائم بأعمال السفارة الأميركية السفير ريتشارد جونز، القائم بأعمال سفارة الدانمارك سفيند ويفر.

180 مرسوم جوّال

على صعيد آخر كشفَت مصادر وزارية مطّلعة لـ«الجمهورية» أنّ الأمانة العامة لمجلس الوزراء عمّمت على الوزراء مجموعة كبيرة من المراسيم الاشتراعية لتوقيعها بالإنابة عن رئيس الجمهورية قبل نشرِها في الجريدة الرسمية ووضعِها موضع التنفيذ.

وقاربَت المراسيم الـ 180 مرسوماً مختلفاً، منها ما يتناول قضايا إدارية وأمنية ومالية وعسكرية، ومنها ما يتصل بإحالة مدير المخابرات العميد إدمون فاضل الى التقاعد واستدعائه من الاحتياط لاستكمال مهمّته على رأس مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، وأخرى متّصلة بتعيينات إدارية مختلفة ومشاريع جرى تمويلها، وأخرى تتصل بشؤون المؤسسة العسكرية على المستويات كافة.