Site icon IMLebanon

العطلة تشلّ الحراك السياسي.. وبرّي: ملامح إعادة رسم خريطة المنطقة

يودّع اللبنانيون سنة 2015 وفي قلوبهم غصّة كبيرة لبقاء كرسي الرئاسة في قصر بعبدا شاغراً بسبب عدم التوافق بعدُ على شخصية الرئيس العتيد، ويستقبلون مطلعَ عام 2016 بعاصفة ثلجية بدأت طلائعها بالوصول برداً ومطراً وعواصف، على أمل أن تجد ملفّاتهم العالقة حلولاً ناجعة، لا أن تنتظر دفعاً خارجياً بحُكمِ المتغيّرات الحاصلة في أكثر من منطقة. في هذا الوقت سُجّل لقاءٌ بين رئيس مؤسسة الإنتربول نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية والدفاع السابق الياس المر والسفير الإيراني في لبنان السيد محمد فتحعلي ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، في منزل الوزير المر في الرابية، وجرى خلاله عرضٌ للتطوّرات في لبنان والمنطقة.

قبل ساعات على إسدال الستار على عام الشغور، وسقوط آخر ورقة من روزنامة السنة الحاليّة التي تمنّى رئيس مجلس النواب نبيه بري أن «تِنذكر وما تِنعاد»، انسحبَت برودة الطقس على الحراك السياسي المعدوم أصلاً بفِعل عطلة الأعياد، فيما ظلّ الاستحقاق الرئاسي الشغلَ الشاغل وحاضراً في المواقف والتصريحات.

أمّا في ملف تفعيل العمل الحكومي فأكّدت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» أنّ الأسابيع الأولى من العام الجديد ستشهد نشاطاً سياسياً بارزاً على خط هذا التفعيل من أجل إقرار بنود ضرورية وطارئة. ولم تستبعِد أن يتمّ إقرارها وفق آليّة جديدة لا تكبّل العملَ الحكومي، وتساهم في تسيير ما أمكنَ مِن أمور الناس».

نقطة تحَوُّل

وقال مصدر قياديّ في فريق الثامن من آذار لـ»الجمهورية» «إنّ الموقف الذي أعلنَه وفد «حزب الله» من بكركي أمس الاوّل، يشكّل نقطة تحَوّل كبيرة في شأن هذا الاستحقاق، ووضَع حدّاً لأيّ تفسير أو تأويل لموقف الحزب من المبادرة التي طُرحت، وقطعَ أيّ دابر لأيّ محاولة مستقبلية لإعادة إحيائها».

وأضاف المصدر»إنّ هذا الموقف الذي يتمسّك بدعم ترشيح رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون والتحالف معه، ويَرفض وضعَ الحزب في موقف يطالب عون بالتنحّي، هو موقفٌ ثابت لا رجعةَ فيه، وقد جاءَ بعد صمتٍ طويل.

فالأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله نأى عن الاستحقاق الرئاسي في خطابَين متتاليَين، وكتلة «الوفاء للمقاومة» نأت عنه أيضاً في ثلاث بيانات أسبوعية متتالية، فضلاً عن صمتِ وزراء الحزب ونوّابه عن هذا الأمر.

لكنّ المهمّ أنّ هذا الموقف أُعلِن من منبر بكركي وفي زمنِ الميلاد بَعد اجتماع مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ما يدلّ إلى الأبعاد والمعاني الكبيرة التي ينطوي عليها، ولعلّ أبرزَها التأكيد على أنّ مبادرة الرئيس سعد الحريري لم تعُد قائمة».

وسجّلَ المصدر «تراجُعاً ملحوظاً عن هذه المبادرة لدى بعض المعنيّين بها أو المتحمّسين لها، بعدما اكتشفوا أنّها وصَلت إلى طريق مسدود، خصوصاً مع تصَلّب العماد عون وتمسّكِه بترشيحه».

وتوقّع أن تتعاظمَ التطوّرات الإقليمية وتنصَبّ الاهتمامات عليها، متوقّفاً عند ما قاله رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط أخيراً من أنّ اغتيال زعيم «جيش الإسلام» هو اغتيال للعملية السياسية في سوريا، خصوصاً أنّ هذا الرجل كان حلفاؤه يحَضّرونه للعِب دور كبير مستقبَلاً في الساحة السوريّة».

وأشار المصدر إلى «أنّ بعض الذين أيّدوا المبادرة في بداياتها، بدأوا يتصرّفون اليوم بعد تعذّر نفاذها، على أساس نفضِ اليدِ منها لكي تنهارَ على يد غيرهم، مِن دون أن يتحمّلوا أيّ ملامة أو مسؤولية عن هذا الانهيار».

مصادر ديبلوماسية

وقالت مصادر ديبلوماسية أوروبّية لـ«الجمهورية» إنّ لبنان تجاوَز العام 2015 باستمرار الشغور الرئاسي نتيجة القصور اللبناني في تنفيذ أيّ مِن السيناريوهات التي رسِمت لتمرير الاستحقاق وانتخاب رئيس جديد للجمهورية بقدراتٍ لبنانية داخلية.

وأضافت: «إنّ اللبنانيين امتهَنوا تجاوُزَ المهَل الدستورية وكذلك الفرَص الذهبية التي يمكن أن تؤدّي إلى انتخاب الرئيس العتيد، وهو أمرٌ لا نَعتقد أنّ دوَلاً تعيش مثيلاً له».

ولم تشَأ المصادر وضعَ القادة اللبنانيين جميعهم في سلّة واحدة، واعتبرَت أنّ مَن يمتلكون قرارهم باتوا عاجزين عن بتّ أيّ خطوة سياسية وطنية أو دستورية وحتى حكومية، والكلمة الفصل باتت لدى من يستغلّ ما يجري في المنطقة سعياً إلى ترجمتِه في الداخل.

وعليه، فإنّ الشغور سيستمرّ، لاعتقاد البعض أنّ انتصاراً لحلفائه في سوريا والمنطقة لا بدّ أنّه آتٍ، لكي يُترجَم في الداخل ولو عن طريق فرضِ الأمر الواقع، وهو أخطرُ ما ستواجهونه في لبنان العام الجديد». وختمت المصادر بالتأكيد مجدّداً أنّ «الشغور مستمرّ إلى حين».

برّي

في غضون ذلك، نَقل نوّاب «لقاء الأربعاء» عن الرئيس بري قوله إنّ المنطقة تشهَد تطوّرات متسارعة لا يمكن التكهّن في نتائجها»، لافتاً إلى أنّ هناك ملامحَ إعادة رسم خريطة جديدة على أنقاض سايكس بيكو. واعتبَر بري أنّ هذا المخاض وهذه التحدّيات تفرض على اللبنانيين التعاطي مع مطلع العام الجديد بمسؤولية لإنجاز الاستحقاقات وتحصين المؤسسات الدستورية والاستقرار العام.

درباس

وفي المواقف، قال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«الجمهورية»: «يتبيّن جليّاً أنّ المبادرة الرئاسية قد سُدَّت السُبل في وجهها حالياً، ولكن في المقابل يجب ان تتوجّه الأنظار إلى الأوضاع في المنطقة.

فهناك قرار دولي يتحدّث عن حلّ شامل للأزمة السورية وُضِعت له إجراءات وخريطة طريق بدأ تنفيذها عبر تطبيق اتّفاق الزبداني والفوعة وكفريا، والذي لم تكن الضجّة التي أثيرَت حوله في لبنان في محلّها، بل على العكس، يجب أن نستبشر بأنّ بشائر الحلّ قد بدأت.

كذلك يجب التعويل على أنّ مناطق عدة في سوريا ستنعَم بوقف إطلاق النار، وإذا حصَل ذلك فيجب أن نحضّر أنفسَنا ونجهّز خططنا لتشجيع إخواننا النازحين على العودة إلى بلادهم».

أضاف درباس: «حلحلةُ الوضع في سوريا ستنعكس حتماً على لبنان من جوانب عدة، فعندما يتوقّف القتال هناك، سيعود قسمٌ كبير من مقاتلي «حزب الله» وينتفي مناخ الحرب ويسود مناخ الحلّ السياسي في المنطقة، فنصبح عندها مضطرّين لمواكبته. ويجب عندها التفكير بحلٍّ لمسألة الشغور الرئاسي. لكن في انتظار ذلك آملُ في أن لا تستمرّ الأطراف في إبقاء الشلل قائماً، بل أن تصبح إمكانية تحريك عمل مجلس الوزراء كبيرة».

قزّي

وكان وزير العمل سجعان قزي أكّد أنّه «لا يوجد تسوية رئاسية، لأنّ التسوية يجب أن تكون بين فريقين، وهذا أمرٌ لم يحصل»، مشيراً إلى أنّه «كان هناك مبادرة مباركة حاولَ دولة الرئيس سعد الحريري القيامَ بها، وهذه المبادرة اليوم «عَم تعَيِّد مِتلنا». وجدّد تمسّك حزب الكتائب بالرئيس أمين الجميّل مرشّحاً للرئاسة.

واعتبَر «أنّ الموعد السياسي لانتخاب رئيس جمهورية لم يأتِ بعد لأنّ هناك أطرافاً يريدون تأخير انتخابات رئاسة الجمهورية لارتباطات بالمنطقة، وإبقاء لبنان والرئاسة بالذات ورقة مفاوضة ومقايَضة مع ما يحدث من مشاريع تسوية، سواءٌ في سوريا أو العراق أو اليمن أو المنطقة بشكل عام».

الرفاعي

وجَدّد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب كامل الرفاعي القول لـ«الجمهورية»: «إنّ مواقف «حزب الله» واضحة وتنسجم مع أخلاقه ووفائه لحلفائه، وأصدقُ تعبير عن هذه المواقف عبّرَ عنه السيّد حسن نصر الله أكثر من مرّة».

ورفضَ الرفاعي مقولة إنّ «كلمة السرّ تأتي من إيران، بل هي لدى الأقطاب الموارنة الأربعة مع سيّدنا البطريرك، وعلى هؤلاء الأقطاب الخروج من الأنانيّات، والبحث عن مصلحة لبنان، فلبنان خُلِق من أجل الموارنة، ونتمنّى أن يحافظوا عليه».

وتمنّى الرفاعي أن يكون العام الجديد عامَ خير على لبنان ويَحمل رئيساً جديداً». وشدّد على أنّ الحوار بين الحزب وتيار «المستقبل» استطاع إلى حدّ ما نزعَ فتيلِ الفتنة المذهبية.

أمّا الحوار الذي يرعاه الرئيس برّي فهو انطلاقاً من حِرصه على المؤسسات وعلى قيام حدّ أدنى من التفاهم بين كلّ الأطراف، ويجب استمرار هذه الحوارات».

واعتبَر الرفاعي أنّ عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان «شأن يتعلّق به» مؤكّداً «استمرار السعي للَملمةِ صفوف 8 آذار» ولاحَظ أنّ فريق 14 آذار «لم يستطِع بَعد تخطّي الهزّة التي لحقَت به».

تدابير ليلة العيد

وفي غمرة الاستعدادات لانطلاقة العام الجديد، أعلنَت قوى الأمن الداخلي جهوزيتَها الكاملة من أجل تنفيذ التدابير الأمنية الاستثائية السَنوية التي ترافِق ليلة رأس السَنة والتي ستشارك فيها مختلف قطعات قوى الأمن الداخلي والدرك ووحدات من القوى السيارة وشرطة بيروت ووحدات التدخّل التي أعلنَت حالَ الاستنفار القصوى للساعات المقبلة لمواكبة اللبنانيين في أماكن السهر والمطاعم وعلى الطرُق العامّة، إلى جانب وحدات من الدفاع المدني وإطفاءِ بيروت ومختلف الأجهزة العسكرية.

وشملَت التدابير الأمنية الطرقَ الجبَلية، وسط توقّعات بأن تَقطع الثلوج الطرقَ ليلة رأس السَنة، ولا سيّما في المناطق التي تعلو عن 850 متراً. ونصَحت القوى الأمنية المواطنين بعدمِ تركِ الجبال ليلاً وفجرَ الجمعة للعودة إلى بيروت والسواحل بسبب تراكمِ الثلوج أو تكوُّنِ الجليد.