Site icon IMLebanon

 حرب سفارات بين الرياض وطهران… ومجلـس وزراء الخميس المقبل

في انتظار تبلوُر مستقبل المواجهة بين الرياض وطهران والتي استمرّت فصولاً، وكان آخر تجَلّياتها منع إيران التي تشهد تظاهرات احتجاجية بعد صلاة الجمعة، دخولَ المنتجات السعودية إلى أراضيها واتّهام طيرانها بقصف سفارتها في صنعاء، أكّد وليّ وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أنّ «اندلاع حرب بين السعودية وإيران سيكون بدايةً لكارثة كبيرة في المنطقة، ولن نسمح بحدوث أيّ شيء كهذا». ولم يكن لبنان بعيداً من تجلّيات الأزمة السعودية ـ الإيرانية التي انعكسَت تعطيلاً جديداً لانتخاب رئيس الجمهورية فرُحّلت جلسة انتخابه إلى 7 شباط المقبل، فيما ظلّ الحوار الوطني بين رؤساء الكتَل النيابية صامداً وقائماً في موعده الاثنين المقبل. وكذلك الحوار الثنائي بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» في اليوم نفسه. وعلمت «الجمهورية» أنّ نادر الحريري نَقل الى وزير المالية علي حسن خليل رسالةً من الرئيس سعد الحريري يؤكّد فيها تمسّكه بالاستمرار في الحوار. وأعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق من عين التينة أنّ «الجوّ سيكون من الآن إلى الاثنين المقبل إيجابياً ويَسمح بإتمام الحوار، لأنّ رغبة الرئيس سعد الحريري أيضاً هي رغبة تهدئة وليست رغبة تصعيد في مسألة الحوار». في هذا الوقت ظلّت الاتصالات واللقاءات ناشطة لتفعيل عمل الحكومة، وعلمت «الجمهورية» مساء أمس أنّ رئيس الحكومة تمام سلام سيدعو إلى هذه الجلسة اليوم لتنعقدَ الخميس المقبل بجدول أعمال خالٍ من بنود خلافية. وفي سياق متصل بموضوع مكافحة الإرهاب، استقبلَ رئيس مؤسسة الإنتربول الياس المر الأمينَ العام للإنتربول يورغن ستوك والمديرَ العام للوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بريطانيا كيث بريستو، وجرى البحث في قضايا مكافحة الإرهاب، والتنسيق خلال العام 2016 لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة.

تَوقّفَ الحديث في الأوساط السياسية عن الاستحقاق الرئاسي الذي «بات في الثلّاجة»، كما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل ايام، لينصبّ الاهتمام على الحوار بشقّيه الوطني العام والحوار بين «المستقبل» و«الحزب»، الى درجة انّ بري وصفَ الحوار الاخير امام زوّاره امس بأنّه «الحوار الأهمّ»، لِما يَكتسب من أهمية على مستوى إبقاء لبنان في منأى عمّا يدور من فِتن مذهبية وطائفية حوله، وهي فِتن نرفضها بشدّة جملةً وتفصيلاً.

وأكّد بري أنّه سيركّز اهتمامه على هذا الحوار الى جانب اهتمامه بالحوار الآخر، لأنّ البلاد تحتاج الى تضافر جهود الجميع لإبعادها عن تداعيات كل ما يجري في المنطقة وانعكاساته.

وإذ أبدى بري ارتياحه الى التحضيرات الجارية للجولة المقبلة من الحوار بين «الحزب» و«المستقبل»، قالت مصادر معنية به لـ«الجمهورية»: «إنّ هذه الجولة الحوارية تكتسب أهمية كبيرة بعد كل ما جرى من تصعيد سياسي متبادل بين طرفي هذا الحوار خصوصاً، وبين الافرقاء السياسيين عموماً».

وأكدت «أنّ الجهود ستنصَبّ على تفعيل هذا الحوار، بما يَجعله أكثر إنتاجيةً على مستوى معالجة القضايا الواردة في جدول أعماله، الى جانب الحوار الوطني الذي سيهتمّ بتفعيل المؤسسات الدستورية وعلى رأسها الحكومة ومجلس النواب، في انتظار انفتاح كوّة جديدة في جدار الأزمة الرئاسية المسدود».

وفي السياق، تخوّفَ مرجع كبير من أن يؤدّي إحراق السفارة السعودية في طهران وقصفُ الطيران السعودي للسفارة الإيرانية في صنعاء إلى مواجهة مباشرة بين البلدين، مستبعداً أن يَصدر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب غداً السبت أكثر من استنكار وإدانة لحادثة السفارة السعودية في العاصمة الإيرانية.

الجرّاح

وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب جمال الجراح لـ«الجمهورية»: «لقد عبّرنا عن موقفنا برغبتنا في استمرار الحوار، وكنّا إيجابيين وتَجاوبنا مع مساعي الرئيس بري في هذا الموضوع، وأعتقد انّ الامور ستتضح اكثر من اليوم الى الاثنين».

وأضاف: «إنّ السبب الاساس للحوار كان انتخاب رئيس جمهورية وتخفيف مستوى التوتر المذهبي القائم في البلد، وهذا التوتّر تصَعَّد مع كلام الامين العام للحزب وكلام النائب رعد، واستدعى من الرئيس سعد الحريري ومن كتلة «المستقبل» ردّاً، فحصَلت مساعٍ لاستكمال الحوار، ونحن حريصون بكلّ صدق على عدم حصول فتنة مذهبية في البلد، ويبقى الطرف الآخر، وأعتقد أنّ الصورة ستتظهّر أكثر من اليوم وحتى الاثنين المقبل.

في غضون ذلك، لفتَ امس خُلوّ بيان كتلة «الوفاء للمقاومة» بعد اجتماعها برئاسة رئيسها النائب محمد رعد من أيّ حديث عن موضوع الحوار الثنائي، حضوراً أو مقاطعةً، بل اكتفى بمواصلة الهجوم على السعودية على خلفية إعدام الشيخ نمر النمر وعلى التنويه بعملية «حزب الله» الأخيرة في مزارع شبعا المحتلة، التي وضَعها «ضمن سياق تكريس معادلة الردع مع العدوّ الاسرائيلي، والتي فرَضتها عليه المقاومة الإسلامية لحماية لبنان وأمنِه وشعبه في الوقت نفسه الذي تتصدّى فيه للإرهاب التكفيري وفصائله المختلفة التي تَدعمها أنظمة البغيِ والفساد والتبَعية للأجنبي»، حسبَ البيان.

حوار «الكتائب» – «الحزب»

وكما ذكرَت «الجمهورية» منذ أيام، أكّدت مصادر نيابية أنّ لقاءً جمعَ رئيس كتلة نواب الكتائب النائب إيلي ماروني وعضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فيّاض في إحدى قاعات المجلس النيابي أمس، على هامش مشاركة الأوّل في الجلسة التي كانت مخصّصة لانتخاب رئيس الجمهورية، والثاني الذي لم يقترب من القاعة العامّة للمجلس حيث تجمّع نوّاب قوى 14 آذار، وتداوَلا في استئناف الحوار بين الطرَفين والظروف المؤاتية لـ«يقَلّع» مجدّداً من حيث انتهى إليه في المرحلة السابقة. وعلمَت «الجمهورية» أنّ الأسبوع المقبل سيشهد أوّل جلسة للحوار بينهما.

عون وجعجع

إلى ذلك، وفيما كثرَت التكهّنات في الآونة الأخيرة حول زيارة قريبة لرئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون إلى معراب، علمَت «الجمهورية» أنّ الكلام عن هذه الزيارة شأنٌ تفصيليّ، إذ إنّ الأساس بالنسبة إلى الرابية، هو الوصول إلى تصَوّر مشترَك، وهذا ما يجري العمل على إنضاجه راهناً.

«التيار الحر»

وفي هذا السياق، أكدَت مصادر في «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» أنّ الاتصالات بين «التيار» و«القوات» قائمة منذ «إعلان النوايا» بين الطرفين، وتَفعّلت خلال التنسيق الذي سَبق انعقاد الجلسة التشريعية ورافَقها وقانون استعادة الجنسية الذي أنجِز من خلال هذا التنسيق، ما فتحَ الباب واسعاً للطرفين امام محاولة توحيد مواقفِهما من القضايا الوطنية والاستراتيجية أكثر فأكثر. وعند تحريك الملف الرئاسي ظهرَت الحاجة الى استمرار التواصل، وبالتالي تستمر الاتصالات بين الرابية ومعراب للوصول الى إنضاج موقف حيال الملف الرئاسي».

«القوات»

في المقابل، لم تستغرب مصادر في «القوات» الحديثَ عن زيارة عون الى معراب، وقالت لـ«الجمهورية»: «إنّ هذه الزيارة واردة في أيّ وقت، فانطلاقاً من التنسيق الجاري بيننا وبين «التيار الوطني الحر» من الطبيعي أن تكون زيارة الجنرال إحدى نتائجه».

في هذا الوقت، قالت مصادر ديبلوماسية عربية إنّها «تستبعد أن يسير رئيس حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع بترشيح النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، بصفتِه رمزَ الخطّ الإيراني، في ظلّ بلوغ الاشتباك السعودي ـ الإيراني مستوى غيرَ مسبوق».

العمل الحكومي

وفي ظلّ استمرار أجواء التوتر في المنطقة، وتراجُع الاهتمامات الدولية والإقليمية والمحلّية بالملف الرئاسي، انصَبّت الاهتمامات على تفعيل العمل الحكومي.

وكانت مصادر وزارية قالت لـ«الجمهورية» إنّ سلام تلقّى نصيحة من بعض العاملين على خط إحياء العمل الحكومي بعَدم الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء قبل التفاهم مع أصحاب الملاحظات على آليّة العمل الحكومي، مخافة ان لا تكون جلسة منتِجة في ظلّ الخلاف القائم على تصنيف البنود الضرورية وغير الضرورية التي تعنى بشؤون الناس كما يصَنّفها هو.

وذكرَت المصادر «أنّ بري لم يتبَلّغ حتى الساعات الأخيرة بأيّ جديد إيجابي في ما خصَّ مساعيه لعَقد الجلسة الحكومية ولم يتبَلّغ لا مِن «حزب الله» ولا مِن «التيار الوطني الحر» ملاحظاتهم على مسعاه، كما أنّ النائب وليد جنبلاط رفضَ الدخول في أيّ وساطة جديدة حول هذا الموضوع بعد فشَل مساعيه السابقة والتي فُسِّرت على غير ما أراده.

إلّا أنّ المصادر أكدت «أنّ سلام سيدعو الى الجلسة الحكومية، أياً كانت الملاحظات، وهو لن يناقش أحداً في هذا الموضوع، باعتبار أنّ ما سيقوم به رهنٌ بالصلاحيات التي لديه، وهو أمرٌ لن يؤدّي إلى جلسة منتِجة، ذلك أنّ عدداً مِن الوزراء المسيحيين قد ينضمّون الى تسجيل مزيد من الملاحظات على أدائه، في ما يمكن تسميته تجاوُز حدّ السلطة الممنوح له في ترتيب جدول الأعمال أو اختصار الموقف الحكومي بموقفه، مثلما جرى في شأن «التحالف الإسلامي» في شأن مكافحة الإرهاب، والذي أدّى إلى تعطيل كلّ المساعي الخاصة بالموقف الرسمي من هذا التحالف الذي أعلنَته الرياض.

جرَيج

وقال وزير الإعلام رمزي جريج الذي زار سلام لـ«الجمهورية»: «أتوقع أن يدعو رئيس الحكومة اليوم أو غداً مجلسَ الوزراء الى الانعقاد الأسبوع المقبل وأن يَختار البنود المستعجلة من القضايا الحياتية المتراكمة لوضعِها على جدول الأعمال».

ولفتَ إلى«أنّ هذه المواضيع يجب ان يتوافق عليها الجميع». وأكد جريج أنّ سلام «حسَم أمرَه، ولن ينتظر أيّ ردّة فعل على الاتصالات التي أجراها الرئيس بري، بل سيمارس صلاحياته الدستورية بدعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد الأسبوع المقبل».

الملف الرئاسي

ومع انسحاب الشغور الرئاسي على السَنة الجديدة التي لم تحمل بدايتُها أيّ بشائر إيجابية، إذ لم يتأمّن النصاب الدستوري للجلسة الانتخابية الرقم 34 أمس، تابَع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مساعيَه لإبقاء ملف رئاسة الجمهورية ضمنَ الأولويات وعدم دخوله مجدّداً مرحلةَ النسيان، وترَأسَ اجتماعَ مجلس المطارنة الموارنة، الذي أكّد في بيانه الشهري أنّ «لبنان يحتاج إلى حوار عميق، بسبب الأزمة السياسية التي تُفكّك الدولة، والتي لم يعُد ينطلي على أحد ما يَعتمل فيها من عناصر هي امتداد للصراع القائم في المنطقة».

وشدّد المجلس على أنّ «المدخل الى هذا الحوار يكون بالتقيّد بأحكام الدستور والميثاق الوطني في انتخاب رأس للدولة، ما يحَصّنها في وجه الانهيار الذي يهدّدها»، لافتاً الى أنّ «استمرار الإبطاء في إتمام هذا الواجب الدستوري، يفسِح في المجال لتفسيرات لا تقف عند حدّ التأزّم السياسي والنزاع بين فريقين، بل تصل إلى حدود التساؤل عن مرامي هذه الأزمة، في ما يتعلّق بمستقبل الجمهورية ومصيرها»، معتبراً أنْ «لا مصلحة لأحد في اللعب بمصير الجمهورية، في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ المنطقة والعالم. ولذلك لا بدّ من التعامل بجدّية مع أيّ مبادرة في هذا الشأن».

وإلى ذلك، شدّد رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة على أنّ «انتخاب رئيس للجمهورية من شأنه أن يعيد الحيوية لكلّ المؤسسات».

وقال من مجلس النوّاب بعد إرجاء جلسة انتخاب الرئيس «إنّنا لا زلنا معلّقين بسبب أنّ هناك من يستمرّ في أخذ البلاد رهينة»، ولفتَ الى أنّ «الأمر برَسم جميع اللبنانيين ليَعرفوا من يقف دون إجراء الانتخابات».

عودة كاغ بـ«غَلّة مهمّة»

في مجال آخر، عاد المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان السيّدة سيغريد كاغ أمس الأوّل من زيارتها الرسمية الى الرياض بعدما التقَت وزير الخارجية السعودية عادل الجبير وبعضَ المسؤولين السعوديين الكبار، ولا سيّما منهم المعنيين بملف المساعدات الخارجية والمؤسسات المانحة لوكالات الأمم المتّحدة المتخصّصة بشؤون الإغاثة واللاجئين.

وفي وقتٍ تَكتّمَت مصادر أمميّة على نتائج لقائها مع الجبَير، فإنّ كاغ نَقلت حصيلة زيارتها التي وُصِفت بأنّها «غلّة مهمّة وإيجابية» الى رئيس الحكومة ووزير الخارجية جبران باسيل، خصوصاً على مستوى القضايا المتصلة بـ«الأمن وترسيخ الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في لبنان والإطار الاقليمي»، إضافةً إلى التحضيرات الجارية لمؤتمر المانحين المقبل والخاص بالأزمة السوريّة وتداعياتها على لبنان وتحديداً على مستوى حجم اللاجئين والكِلفة الباهظة المترتّبة على لبنان والتي تفوق قدراته الداخلية.

وإذ تحدّثَ البيان الرسمي الصادر عن مكتب كاغ عن لقاءٍ جَمعَها بالحريري في السعودية، عُلم أنّه تخَلل هذا اللقاء بحثٌ في مختلف القضايا اللبنانية الداخلية، ولا سيّما منها مساعيه لحلّ الأزمة الرئاسية، ومصير مبادرته والظروف التي أدّت إلى تجميدها، واستمعَت كاغ إلى تفاصيل جديدة تتّصل بها.