Site icon IMLebanon

الحوار يَسحب فتيل التوتر… والحراك الرئاسي يتجدَّد

لم يعلُ أمس غير صوت الحوار بشقّيه الوطني والثنائي ليتمخّض عتاباً متبادلاً خفّف من التشنّج وفتحَ الباب، على حدّ ما أُعلِن، أمام توجّه جدّي لتفعيل الحكومة سيكون أمام الامتحان بانعقاد جلسة مجلس الوزراء المقررة بعد غد الخميس. وفيما غاب الاستحقاق الرئاسي عن طاولة المتحاورين حضَر همساً في كواليس بعضهم في ضوء لقاء جديد قيل إنّه انعقدَ أو سينعقد في باريس بين الرئيس سعد الحريري ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية الموجودين هناك، وكذلك في ضوء ما يتردد عن أنّ «القوات اللبنانية» اقتربَت من خيار تبنّي ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون. وإذ ركّز المتحاورون نهاراً على التفعيل الحكومي، فإنّ العتاب المتبادل بين ممثلي «حزب الله» وتيار «المستقبل» على خلفية التصعيد الدائر بين الرياض وطهران والذي انعكس تصعيداً سياسياً عنيفاً بينهما، انتهى بامتصاص التوتر بينهما، ما أسّس لجلسة هادئة للحوار الثنائي المسائي انتهت بتأكيد الطرفين «الحِرص على استمرار الحوار وتفعيله وتجنيب لبنان أيّ تداعيات تؤثر على استقراره الداخلي».

كان اللافت في الحوار بين قادة الكتل النيابية في معرض البحث في تفعيل عمل الحكومة تحذير رئيس مجلس النواب نبيه بري من ان «لا انتخابات بلدية إذا لم يجتمع مجلس الوزراء». مؤكداً «أنّ التمديد للمجلس النيابي كان أمراً إلزامياً للحفاظ على الوحدة الوطنية، ولكن إذا استمر تعطيل مجلس الوزراء لن نتمكّن من إجراء الانتخابات البلدية».

سلام

ونُقل عن رئيس الحكومة تمام سلام ليل امس قوله انّ الجلسة الـ13 لهيئة الحوار الوطني «كانت من انجح الجلسات وافضل من سابقاتها لما شهدته من مقاربات ايجابية تؤكد فهمَ الجميع لخطورة وضع البلد وضرورة تفعيل العمل الحكومي لمواجهة الإستحقاقات الداهمة على البلاد وتجاوز بعض الإشكالات التي لا يمكن ان تفيد احداً وتنهي بعض القضايا التي تربك اللبنانيين في كثير من المجالات الحيوية واليومية».

ونَقل زوار سلام عنه انّه بات مطمئناً الى انّ جلسة مجلس الوزراء الخميس ستعقد في حضور جميع مكوناتها وستكون جلسة منتجة، وأنّ البنود الواردة على جدول الأعمال سيبتّ بها كاملة، في اعتبار أنّها من القضايا الروتينية التي لا يمكن ان تحدِث ايّ خلاف بين مختلف مكونات الحكومة وتعني اللبنانيين في كل المناطق على المستويات الإدارية والمالية والتربوية».

الحوار الثنائي

على انّ العتاب المتبادل الذي شهده حوار النهار بين الرئيس فؤاد السنيورة ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد والذي وصَفه رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، بأنه «غسيل قلوب» انتجَ جلسة حوارية مسائية هادئة انعقدت في عين التينة بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» في حضور المعاون السياسي للامين العام لـ»حزب الله» حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار «المستقبل». كذلك حضَر الجلسة الوزير علي حسن خليل.

وبعد الجلسة صدر البيان الآتي: «جرى نقاش حول تطورات الاوضاع الراهنة وعرضٌ للمواقف من القضايا المطروحة. وأكد المجتمعون انه على الرغم من التباينات في الموقف حول عدد من القضايا الخارجية فإنّهم يجددون الحرص على استمرار الحوار وتفعيله وتجنيب لبنان أيّ تداعيات تؤثر على استقراره الداخلي. وتناوَل البحث ايضاً تكثيف الاتصالات من اجل تفعيل عمل الحكومة».

وكشفَت مصادر المتحاورين لـ«الجمهورية» انّ «اجواء الحوار كانت هادئة جداً وخلت من ايّ توتر او سجال يُذكَر، على رغم تصاعد الخلاف السعودي ـ الايراني وما يَنتج عنه من تداعيات، وتمّ التشديد على استمرارية هذا الحوار والمحافظة عليه، وتلاقت المواقف على ضرورة تفعيل العمل الحكومي وتمّ الاتفاق على ضرورة التعاون في هذا الاتجاه. ولم يتطرّق المتحاورون الى الاستحقاق الرئاسي، وبدا أنّ ايّ طرف منهم ليس في اجواء تحريك سريع لهذا الملف».

الحراك الرئاسي

الى ذلك تردد انّ الحريري وفرنجية عاوَدا أو سيعاودان التحرك على خط الاستحقاق الرئاسي، حيث انّهما موجودان في العاصمة الفرنسية. وعُلم انّ فرنجية توجّه الى العاصمة الفرنسية امس الاول يرافقه الوزير روني عريجي، ومِن المنتظر ان يكون حصل او سيحصل لقاء جديد بينه وبين الحريري خلال الساعات المقبلة.

وفي وقتٍ لم يصدر عن الحريري وفرنجية ايّ تأكيد للقاء جديد بينهما ترَدّدت معلومات مفادُها انّ هذا اللقاء إنعقَد في حضور عريجي والنائب السابق غطاس خوري الذي تولّى ترتيبَه، وذكرت هذه المعلومات انّ اللقاء أكّد على سلسلة من العناوين المشتركة التي تجمَع بين الرجلين في ظلّ التكتم الشديد الذي احيطَ به وخصّص لمتابعة التطورات المحيطة بمبادرة الحريري لترشيح فرنجية والمواقف التي عكسَتها اللقاءات التي اعقبَت اللقاء الأول.

وحسب المعلومات المترددة انّ الرجلين «تفاهما على المضيّ في المبادرة والسعي الى تجاوز العقبات التي تعترضها أياً كانت، ولا بأس من بعض الإنتظار لأنّ التفاهم على المرشح البديل غير متوافر وما زال أحجيةً في ظل الظروف الراهنة».

وتضيف المعلومات «أنّ اللقاء كان مناسبة لقراءة المواقف المتشنّجة التي رافقت مبادرة الحريري من كلّ الجهات الحليفة للطرفين وتلك العقلانية وفق تصنيف تطابقت وجهات النظر في شأنه بينهما على كلّ المستويات. كذلك تناولا بالبحث قراءتَهما للحراك الدولي والإقليمي والظروف التي رفعَت من نسبة التوتر في العلاقات العربية والخليجية مع ايران خصوصاً، والتي لن يكون لها ايّ تأثير على الوضع الداخلي في لبنان حسب ما يؤكد الحريري».

وكشفَت المعلومات «انّ خبر اللقاء سرّبَته جهات فرنسية ولبنانية كانت على علم بالترتيبات التي سبقَته وأنّ ما تسَرّب منه وصل الى قيادات من قوى 14 آذار فاندفعَت الى اجواء من التصعيد في صفوف حلفاء الحريري وأدّت الى صدور بعض المواقف التصعيدية ولا سيّما موقف «القوات اللبنانية» المتّجه الى ترشيح عون.

الموقف الكتائبي

في خضمّ ما تشهَده الساحة المسيحية من تطورات ومستجدات، حيث يُعتبَر موقف «القوات اللبنانية» من ملف رئاسة الجمهورية من أبرز المتغيّرات، مع الحديث المتزايد عن تبنّي جعجع ترشيحَ عون، قال النائب الثاني لرئيس حزب الكتائب الدكتور سليم الصايغ لـ«الجمهوريّة»: «إنّ «القوات» ما زالت تطرَح فكرة ترشيح العماد ميشال عون وما تَبنّته بعد، وهذا ما تبَلَّغناه، لكن في حال حصل هذا الأمر فموقفُنا واضح، إذ إنّ العملية ليست عملية أشخاص»، موضحاً: «لن نقبل بترشيح أيّ شخص على أساس أنه من «8 آذار»، بل أن يخرج من حيث ما هو، فلا بأس إذا كان منطلقه من هذا الفريق بشرط أن لا يحكم على هذا الأساس وأن يكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين وأن يكون وسطياً، فلا يجب أن يأتي لكي يُكرّس انتصارَ فريق على آخر».

وأوضَح أنّ «ترشيح عون معطّل ولا حظّ له بالوصول، وترشيح جعجع له لا يهدف إلّا لتعطيل وصول فرنجية الى سدّة الرئاسة، ونحن ضد التعطيل، إذ يجب إعطاء كل ترشيح جدّي يتمتّع بإمكانية الوصول الفرصة، وذلك على أساس ضمانات وضمن إطار واضح، وفي حال غياب هذه الشروط فنحن نذهب في اتّجاه التسرُّع الذي سيرتدّ علينا جميعاً». (التفاصيل ص8 ).

لحّام

وفي هذه الأثناء، تتوالى المواقف المسيحيّة اللبنانيّة والمشرقيّة الدينية المرحّبة بإمكان توصّل الموارنة الى إتفاق يمهّد الطريق لإتمام إنتخاب رئيس للجمهوريّة، وفي هذا السياق، رحّبَ بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحّام باللقاء المرتقب بين عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، مؤكداً لـ «الجمهورية» «انّنا لا نحتاج الى لقاءات عاديّة في زمن كثرَ فيه التباعد بين الزعماء والناس، بل نحن في أمسّ الحاجة لأن يخرج لقاء عون- جعجع بنتائج ملموسة تحلّ مشكلات البلد ويتفقان على انتخاب رئيس للجمهورية لأنّ خلاص لبنان هو بإتمام الإستحقاق الرئاسي».

ودعا لحّام الجميع إلى أن «يكونوا على مستوى المسؤولية ومِن ضمنهم الزعماء المسيحيين، لأنّ الفراغ الرئاسي يهدّد الدولة اللبنانية والكيان اللبناني».

وأشار الى أنّ لبنان حضَر في لقائه الأخير مع الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي، «حيث ناقشنا مسألة الفراغ الرئاسي من بوّابة انّ غياب الرئيس يؤثر على إستقرار لبنان، ما يزيد التوتّر والمشكلات والحروب في المنطقة، لأنّ الدول العربيّة تتأثّر ببعضها، وأبدى الرئيس السيسي حرصَه على لبنان وإنتخاب الرئيس، وطالبنا مصر بلعِب دور مساعد في هذا الشان على إعتبار أنّها أكبر دولة عربية وتقع على عاتقها مسؤوليات على امتداد العالم العربي».

وفي سياق متصل، شدّد بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر خلال ترؤسِه المجمعَ الأنطاكي للروم الأرثوذكس، على أهمّية حلّ الملف الرئاسي في لبنان، داعياً إلى «ملء الفراغ بأسرع وقت ممكن».

حكيم لـ «الجمهورية»

في ملف القانون الأميركي الجديد لفرضِ عقوبات على حزب الله، بَرز أمس موقف لافت لوزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم رفض فيه تنفيذ قرارات العقوبات الاميركية التي تطال الوزراء والنواب، واعتبَر انّ «هناك سيادة الدولة وإستقلاليتها ولا يُمكن القبول بتنفيذ هذه القرارات من دون الرجوع إلى الدولة. إذ إنّ عدم الرجوع إلى السلطات المختصة قد يُشكّل أداة ضغط على قرارات الوزراء والنواب».

لكنّ حكيم أكد لـ«الجمهورية» على ضرورة «احترام القوانين الدولية واللوائح الدولية، والعقوبات التي تفرضها الولايات المُتحدة الأميركية على أعضاء من حزب الله، وهي تأتي ضمن روحية القرارات السابقة للإدارة الأميركية والتعاون مع النظام الأمني الدولي في الالتزام بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. والقطاع المصرفي اللبناني كان ولا يزال يُطبّق القرارات الدولية في هذا الشأن، والتزام لبنان حافزٌ للإستثمار وحمايةٌ للقطاع المصرفي».

في موضوع جلسة مجلس الوزراء المقررة بعد غدٍ الخميس، قال حكيم : «موقفنا واضح من ناحية أنّنا أوّل مَن طالبنا بتفعيل العمل الحكومي، لكن ليس على حساب انتخاب رئيس للجمهورية. ونحن كوزراء كتائب مع المحافظة على الآلية الحالية في ظلّ غياب رئيس للجمهورية، وسنَعمل على تذليل العقبات وتقريب المواقف، في حال رفضَ وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله حضور الجلسات».

خلية شؤون النازحين

في سياق آخر، تُواصِل الدولة اللبنانية محاولاتها لاحتواء أزمة النزوح التي تهدّد الكيان اللبناني، وقد ترَأس سلام أمس اجتماع الخلية الوزارية لشؤون النازحين في حضور وزراء: الخارجية والمغتربين جبران باسيل، الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، العمل سجعان قزي، والتربية والتعليم العالي الياس بو صعب.

وأوضَح درباس لـ«الجمهوريّة» أنّ «الاجتماع ركّز على حضور لبنان مؤتمرَ لندن الذي سيُعقد في شباط المقبل، حيث إنّ لبنان قدّم ورقة سابقة في أهمّ المطالب التي يريدها لمواجهة هذه الأزمة خلال المؤتمرات التي عُقدت سابقاً وقد أدخل عليها تعديلات إضافية لِما يتلاءم مع المستجدّات والتطوّرات التي طرأت على هذا الملف».

وقال درباس إنّ «أزمة النازحين مستمرّة من دون حلول، واجتماع السراي يأتي في سياق تحضير لبنان أوراقَه لمِثل مؤتمرات كهذه»، لافتاً الى أنّه «على رغم عدم تلبية المجتمع الدولي لاحتياجاتنا فإننا سنبقى نحاول لأن ليس لدينا شيء لنخسره، فالتجربة ضرورية لعلّ المجتمع الدَولي يستجيب لطلباتنا المحقّة»، موضحاً أنّ «الاجتماع لم يتطرّق الى القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي والذي تحدّثَ عن العودة الطوعية».