يُنتظر أن تتفاعلَ هذا الأسبوع أكثرَ فأكثر المواقفُ الرئاسية التي أطلقَها الأمين العام لــ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله، في ظلّ التحضير لجلسة انتخابات الرئاسة في 8 شباط، فيما ستشكّل جلسة مجلس الوزراء غداً الاختبارَ الثاني لتطبيع عمل المجلس بَعد جلسة التعيينات الأخيرة التي اعتُبرت إيذاناً للاتفاق على عودة المجلس إلى الانعقاد أسبوعياً وكلّما دعَت الحاجة، من دون أيّ مقاطعة أو تعطيل. عِلماً أنّ الجلسة سيُطرَح على جدول أعمالها موضوع التعيينات في قوى الأمن الداخلي وتحَوُّل فرعِ المعلومات إلى شعبة، وذلك بناءً على طلب وزير الداخلية نهاد المشنوق، فضلاً عن طرح موضوع إحالة قضية الوزير السابق ميشال سماحة إلى المجلس العدلي بناءً على طلب وزير العدل أشرف ريفي. ويُنتظر أن تشهد هذه القضايا جدالاً ونقاشاً وزارياً طويلاً في ظلّ وجود تبايُن في الرأي حولها.
توزّعَت الحركة نهاية الأسبوع بين الرياض التي زارها الوزير ميشال فرعون وناقشَ مع الرئيس سعد الحريري الملف الرئاسي وملفّات أخرى، وبنشعي التي قصَدها وفد من «حزب الله» ومستشار الحريري النائب السابق غطاس خوري، والمختارة التي استضاف فيها رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط القائمَ بالأعمال الأميركي ريتشارد جونز إلى مائدة الغداء في حضور وفد مِن السفارة الأميركية.
فرنجية
في هذا الوقت، أعلن رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية أنّه يسحب ترشيحَه متى قرّر الحريري دعمَ رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون.
وقال إنّ الحريري لم يطرَح نفسَه رئيساً للحكومة خلال لقاء باريس»، قائلاً: «سألني الحريري عن سلاح حزب الله فقلتُ له: ما في لزوم نِحكي بهالموضوع». وأعلنَ أنّه متى قرّر الحريري دعمَ عون، فإنّه سيَعمد الى سحب ترشيحه، موضِحاً: «المهمّ أنْ لا أخسر ترشيحي من دون ربح ترشيح عون».
وقال فرنجية أمام إعلاميّين: «لن أتنازلَ للعماد ميشال عون إلّا إذا تأمّنَت إمكانية فوزِه بالرئاسة، مضيفاً أنّ عون قال له خلال زيارته الرابية: «بَعدك شاب، والله يوفّقك». وقال إنّ «عون لم يشَأ دعمي كرئيس».
وأضاف: «القوات اللبنانية» طرحَت علينا الرئاسة في السابق واشترَطت مطالبَ بينها وزارةُ الداخلية وعدم وصول العميد شامل روكز»، وتابَع: «أنا لا أشارك في جلسة نيابية لا يَحضرها «حزب الله»، وأكّدتُ لقيادة الحزب أنّها في حال رفضَت ورقة التفاهم بيني وبين الحريري فسأمزّقها، فطلبَت منّي قيادة الحزب الكلامَ مع عون». وأكّد أنّه حسَم قراره بالالتزام بموقف «حزب الله» بحضور جلسة 8 شباط أو عدمه.
وإذ اعتبر أنّ إعلانَ معراب جاء لقطعِ الطريق على ترشيحه ليس إلّا، أكّد فرنجية أنّ «عون لا يتنازل في العناوين الاستراتيجية، ولكنّ التفاهم مع معراب قد يكون كلّف الرابية حصَصاً نيابية يَقتطعها رئيس «القوات» سمير جعجع من حصّة عون في جبل لبنان.
وذكّرَ فرنجية بالتفاوض بين «المردة» و«القوات» قائلاً إنّ «القوات عبر ممثلها طوني الشدياق اقترحَت على «المردة» تبنّي ترشيح فرنجية مقابل أن يتعهّد بعَقد تفاهم مع «القوات» حول دورها في السلطة، فرفضت العرض كلّه من دون أن يؤدّي ذلك إلى خلاف».
خوري في بنشعي
وكان خوري قد نقلَ إلى فرنجية رسالة من الحريري أكّد فيها الاستمرار في التنسيق مع مختلف حلفائه الذين تبنّوا مشروع ترشيحه في كلّ ما يتصل بالاستعدادات الجارية على مستوى الاستحقاق الرئاسي، أياً كانت الظروف المحيطة به وما يمكن أن تقود إليه التحرّكات الأخيرة. وتخلّل اللقاء قراءة مشتركة لخطاب السيّد نصرالله وما يمكن أن يقود إليه من مواقف. وناقشا حصيلة زيارة نادر الحريري لوزير الخارجية جبران باسيل الجمعة الفائت.
جونز عند جنبلاط
في غضون ذلك، زار جونز على رأس وفد من أركان السفارة، جنبلاط في قصر المختارة، حيث عُقد اجتماع في حضور نائب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي للشؤون الخارجية المحامي دريد ياغي والمحامي شارل نجيم. وتناولَ البحث الأوضاع السياسية العامة محلّياً وعربياً ودولياً. واستبقى جنبلاط ضيوفَه إلى الغداء.
الراعي
وفي المواقف، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي: «ليس مِن مبرّر واحد، بَعد إعلان المرشّحين للرئاسة الأولى، لتعطيل الجلسات الانتخابية التي يجب عقدُها وفقاً للنظام الديموقراطي والدستور والميثاق الوطني، بعد سَنة وثمانية أشهر من الفراغ في سدّة الرئاسة، وقد نتجَ عن هذا الفراغ غير المبرّر شرعاً تعطيل عملِ المؤسسات الدستورية، وقهرُ المواطنين بالفقر والحرمان، وإجبار شبابنا الطالع وخيرةُ قِوانا الحيّة على الهجرة».
التعيينات في وزارة المال
في هذا الوقت، تفاعلَ قرار وزير المال علي حسن خليل بتعيين الموظف محمد سليمان مكان رئيسة دائرة كبار المكلفين في بيروت باسمة أنطونيوس، وأثارَ استياءً شديداً في أوساط مسيحية دينية وحزبية وشعبية.
في هذا الإطار، شهدت بكركي سلسلة اجتماعات، فترَأس الراعي في بكركي أمس الأوّل اجتماعاً لممثلي الأحزاب المسيحية اللبنانية ورئيس مؤسسة لابورا الأب طوني خضرا، بحضور النائب البطريركي العام المطران بولس صيّاح، وعرضَ المجتمعون للوضع المسيحي في الإدارات العامة وتحديداً للتعيينات الحاصلة في وزارة المال، وأصرّوا» على وقف الخَلل المتمادي، الحاصل في كلّ إدارات الدولة ومعالجته انطلاقاً مِن روح الميثاقية والدستور، ومتابعة الاتصالات مع المعنيين لعدم إصدار هذه القرارات».
وطالبوا بـ«وقف التعيينات الحاليّة في وزارة المال أو غيرها من الوزارات، وإعادة النظر بتعيينات حصَلت بنحو مبدئي أو نهائي، والطلب من جميع المعنيين، وخصوصاً الوزراء المسيحيين في الحكومة تحمّل مسؤولياتهم كاملةً». واتّفِق «على اتخاذ سلسلة من التحرّكات المواكبة لمنع استمرار نهج القضمِ واختلال التوازن».
صيّاح
وقال صيّاح لـ«الجمهوريّة»: إنّ ما جرى في وزارة المال أمرٌ مزعج جداً، وهو استكمال لمنطق «ما لنا لنا، وما لكم لنا ولكم»، معتبراً «أنّ هذا الأمر يضرب الميثاقية ويتابع قضمَ الوجود المسيحي في الدولة، ولن نرضى بهذا الأمر أبداً، وقد عبّرَ عنه البطريرك الراعي».
وأضاف: «نحن مع منطق الشراكة الحقيقية، ولا نريد أن نأخذ حقوق غيرنا، لكن في المقابل لن نرضى باستباحة حقوق المسيحيين، ونحن مع الحفاظ على روح الميثاقية التي نصّت عليها المادة 95 من الدستور اللبناني في خصوص موضوع مراعاة الوفاق الوطني والتنوّع في المواقع القيادية الأساسية وفي وظائف الدولة».
وأكّد صيّاح أنّ «اجتماع ممثّلي الأحزاب المسيحيّة في بكركي كان للقول إنّنا لن نقبلَ بأن تمرّ هذه الخطوة مرورَ الكرام، بل يجب التراجُع عنها وإعادة الموقع للمسيحيين».
وكشفَ «أنّ الأحزاب المسيحية كانت متحمّسة ومتّجهة نحو التصعيد، لكنّنا ارتأينا أن نَستكمل الاتّصالات، فنحن لا نريد فقط إعادةَ هذا الموقع، بل نعمل لاستعادة كلّ المواقع التي كانت للمسيحيين وخسرناها، والخطواتُ اللاحقة نعلِنها في حينِه إذا لم يُحترَم الدستور ويُصحَّح الخلل سريعاً».
وكان الراعي عبّر في عظتِه عن استيائه ممّا حصل في وزارة المال، وقال إنّ «ما يُحزننا بالأكثر هو التمادي في نقضِ قاعدة الميثاقية في وظائف الوزارات والمؤسسات العامة، بعد نقضِها على مستوى رئيس الجمهورية المسيحي الماروني.
وهذه كلّها نتائج التغييب لرأسِ الدولة الذي وحدَه يقسِم اليمين على حماية الدستور والميثاق الوطني ووحدة الشعب والعيش المشترك. لذلك، نناشِد رئيسَ الحكومة تأمين هذه الحماية. فما أجملَ أن نعيش معاً بفرح التعاون والتكامل من أجل خير الجميع، وهذا ما يشكّل ميزةَ لبنان».
«الروم الكاثوليك»
من جهته، اعتبَر المجلس الأعلى لطائفة الروم الكاثوليك الذي اجتمعَ برئاسة البطريرك غريغوريوس الثالث لحّام، أنّ «ما يَحصل في المديرية العامة لأمن الدولة من حصار ماليّ وتضييق على صلاحيات المدير العام، أمرٌ لا يجوز السكوت عنه». وناشَد رئيس الحكومة تمّام سلام «التدخّل لحلّ هذا الموضوع، خصوصاً أنّه أصبح مادةً شِبه يومية لوسائل الإعلام مِن شأنه زعزعة ثقة المواطنين بأجهزتهم الأمنية».
وأبدى المجلس»قلقَه الشديد، أمام ما تشهَده وزارات عدة مِن تعيينات إدارية تؤدّي إلى تحجيم الحضور المسيحي فيها»، داعياً «إلى سَدّ الشواغر في بعض الإدارات، خصوصاً في وزارة الأشغال والضمان الاجتماعي».
خليل
من جهته، قال وزير المال لـ«الجمهورية»: «أتمنّى على أيّ مسؤول أن يدقّق جيّداً في كلامه وفي المعطيات، وإذا كان هناك أيّ شيء يطَمئن المسيحيين فأنا أبادر، من دون أن يتحرّك أحد. وأريد أن أكرّر: أنا لا أقبَل فقط بالتوازن إذا كانوا يتحدّثون عن التوازن، بل أريد توازناً زائدَ مصالِح المسيحيين، وبالتأكيد مَن يتحرّك اليوم لا يعرف حقيقةَ التوازنات داخلَ وزارة المال التي كنتُ وسأبقى حريصاً على أن تبقى لمصلحة المسيحيين».
وكان خليل استغربَ الإثارة الإعلامية، وقال عبر«تويتر»: لم أعرف لماذا ومِن أجل ماذا؟ لن أقبل ولن أسمح بأيّ خَلل يصيب المسحيين في وزارة المال».
وأضاف: «أنا ملتزم ليس بالتوازن بل بأن يكون للمسيحيين الحصّة الوازنة، وأخشى أن تكون الإثارة مصدرُها بعض المستفيدين مادّياً أو وظيفياً، مستغلّين الشعارَ الطائفي، وأتمنّى على القيادات أن تدقّق في الوقائع، وستتأكد يقيناً من أنّ الأمور على عكس ما يُثار».
سلام
مِن جهة ثانية، أبدى رئيس الحكومة تمام سلام أمام زوّاره ارتياحَه إلى استعادة مجلس الوزراء نشاطه، وقال إنّ المجلس مدعوّ في جلسته غداً إلى استكمال البحث في البنود الواردة على جدول أعمال الجلسة السابقة وتبلغ 140 بنداً.
وقال سلام «إنّ مِن حقّ رجال الدفاع المدني ومتطوّعيه الحصول على أدنى حقوقهم، وهو ما نجهَد من أجله. وكذلك فإنّ ملفّ إحالة قضيّة الوزير السابق ميشال سماحة إلى المجلس العدلي بناءً لطلب وزير العدل هو أحد بنود الجلسة، وإنّ الأمر سيكون مدارَ بحث فيها ويَبقى بتُّه رهن الإجماع الوزاري.
مؤتمر لندن
ولفتَ سلام إلى أنّ ملف لبنان إلى مؤتمر لندن للمانحين بات جاهزاً وأنّ الأيام المقبلة ستشهَد وضعَ أوراق العمل كافة بصيغتها النهائية «في انتظار المؤتمر الذي نعلّق عليه أهمّية بالغة للحصول على ما نريد». وقال «إنّ ما نَسمعه من الموفدين الأجانب والأممين يشجّع على النيّة بمساعدتنا لمواجهة النتائج السلبية المترتّبة من حجم النزوح وتداعياته على مختلف المستويات الأمنية والسياسية والاجتماعية».
وسيغادر سلام بعد غدٍ الأربعاء إلى لندن على رأس وفد يضمّ وزيرَ التربية الياس بوصعب ومسؤولة ملف النازحين في وزارة الشؤون الاجتماعية هالة حلو وعدداً مِن المستشارين.
وعلمَت «الجمهورية» أنّ تبايناً في وجهات النظر يَسود بين أعضاء اللجنة الوزارية المكلّفة ملفّ النازحين، حيث يتخوّف بعضُهم من أنّ لبنان يلبّي منذ 2011 مطالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ولا يَصله من المساعدات كالعادة إلّا القليل القليل، في وقت تبلغ نسبة البطالة فيه حدّاً موصوفاً، أي نسبة 25 في المئة.
ويتوقّع أن يدعو سلام اللجنة إلى الانعقاد قبل سَفره إلى لندن لتوحيد الموقف ووضعِ الصيغة النهائية لورقة العمل اللبنانية.
وفي هذا الإطار، أكّد وزير العمل سجعان قزّي خلال رعايته مؤتمر «استراتيجية تطبيق قانون العمل»، مضيَّه «في سياسته بالدفاع عن اليد العاملة اللبنانية في مواجهة الاجتياح الحاصل لسوق العمل في لبنان، وإنّ المنظمات الدولية، مدفوعةً من بعض الدول، تسعى لفتح سوق العمل أمام النازحين السوريين، وإنّها ستسعى في مؤتمر لندن للمانحين أن تضغَط على الحكومة اللبنانية لقبول هذا المشروع كشرط لإرسال المساعدات، وهو أمرٌ ستتصدّى له وزارة العمل بغَضّ النظر عن أيّ اتّفاق في لندن لا يأخذ في الاعتبار مصلحة العمّال والموظفين وأرباب العمل اللبنانيين. فسياسة العمل في لبنان تَخرج من وزارة العمل في الشيّاح وليس من مؤتمر المانحين في لندن».
وقال قزي: «هذه مخطّطات مشبوهة تؤدّي إلى تثبيتِ النازحين، وربّما إلى توطينهم، في حال عدمِ عودة سوريا دولةً موحّدة. وإنّ الوزارة تدرس بعناية وانفتاح وإيجابية سبلَ الاستعانة باليد العاملة السورية في بعض القطاعات التي لا يَعمل فيها اللبنانيون وفي قطاعات جديدة إنمائية، وذلك بالتنسيق مع منظمة العمل الدولية في لبنان ورئيسة المفوّضية العليا للنازحين، خصوصاً أنّ اليد العاملة السوريّة قديمة العهد في لبنان».
مصدر عسكري
على صعيد آخر، وفي وقتٍ طغَت الاشتباكات بين «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» على المشهد العسكري في جرود عرسال، برزَت زيارة قائد الجيش العماد جان قهوجي للولايات المتحدة الأميركيّة. وأوضَح مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ «هدف الزيارة هو التنسيق في مجال مكافحة الإرهاب».
وعمّا تَردّد عن لائحة جديدة من الأسلحة سيَطلبها قهوجي من القيادة العسكريّة الأميركيّة، أكّد المصدر أنّ «المساعدات الأميركيّة للجيش اللبناني دائمة، وواشنطن تلبّي كلّ الاحتياجات التي يطلبها الجيش، وعملية التسليح هي عبارة عن استمرارية ضمن إستراتيجيّة أميركيّة واضحة في دعم الجيش وزيادة قدراته للتصدّي للإرهاب وحِفظ الأمن والاستقرار الداخلي».
نفيٌ روسي
وفي ملفّ تصدير النفايات، نفى مصدر روسي رسمي لـ«الجمهورية» أن تكون الشركة المعنية بترحيل النفايات من لبنان شركة روسيّة، مشيراً إلى أنّ الشركة مسجّلة في «لاتفيا» وليس لها علاقة بروسيا.
وفي هذا السياق، قال مصدر ديبلوماسي في موسكو لـ«الجمهورية» إنّ إمكانية نقلِ نفايات لبنانية إلى روسيا الاتّحادية غيرُ وارد إطلاقاً لسببَين: الأوّل أنّ حجم النفايات اللبنانية المتراكم غيرُ قابل لإعادة التدوير. والثاني، بُعد المسافة وكِلفة الشحن المرتفعة، حيث إنّ على تلك النفايات أن تجتاز بحاراً ومحيطات».