تنطلق البلاد اليوم الى أسبوع حافل، أوّله جلسة انتخاب تتعلق باستحقاق لم يرسُ على رئيس جمهورية بعد، وآخره ذكرى جريمة لا يزال لبنان يعيش تداعياتها السلبية منذ 11 عاما ًوحتى اليوم. وبين هاتين المحطتين، إحتفال رسمي بعيد مار مارون شفيع الطائفة المارونية، في غياب الرئيس الماروني، وجلستان حكوميتان قد تشتعلان نتيجة التوجه الى فرض ضريبة خمسة آلاف ليرة على سعر صفيحة البنزين يتذرّع المعنيون بأنها ستُستخدم لتسديد نفقات تثبيت متطوعي الدفاع المدني، مع العلم انّ المطروح على جدول أعمال مجلس الوزراء هو مرسوم يتعلق بتحديد مواصفات رئيس مركز الدفاع المدني والعنصر في الدفاع المدني، وليس تثبيت المتطوعين الذين يبدو انّ هناك توجّهاً لإخضاعهم لمباراة مجلس الخدمة المدنية، وهو أمر قد يؤخر تثبيت من يفوز منهم فيها لسنتين، على حد ما كشفه أحد الوزراء لـ»الجمهورية». كذلك يتوسّط الأسبوع جلسة حوار ثنائي مساء الخميس بين «حزب الله» وتيار»المستقبل»، يليه اجتماع وزاري مسيحي في بكركي بدعوة من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، لملاحقة الخلل في توزيع المراكز في الوزارات والإدارات الرسمية.
عشيّة الجلسة الخامسة والثلاثين لانتخاب الرئيس العتيد، انسحبت برودة طقس شباط على المشهد العام في البلاد، فغابت الحماوة السياسية على رغم انّ جلسة اليوم هي الجلسة الثانية التي تنعقد بعد بروز مرشحين من فريق 8 آذار هما رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وفي غيابهما وغياب «حزب الله» الذي كان أعلن وفده من الرابية أمس الاول أنه سيكون أوّل الوافدين إلى المجلس النيابي عندما تتوافر الظروف الملائمة لانتخاب عون رئيساً للجمهورية. فيما يحضر نواب «القوات اللبنانية» وكتلة «التنمية والتحرير» و«المستقبل» و«اللقاء الديموقراطي».
ويؤشّر عدم انعقاد جلسة الإنتخاب اليوم بفِعل عدم اكتمال النصاب الى استمرار خطة تعطيل انتخاب الرئيس العتيد في المديين المنظور والمتوسط، في انتظار جلاء المشهد في المنطقة، وخصوصاً في سوريا التي تتسارع التطورات العسكرية فيها حيث يتقدّم جيش النظام في اتجاه مدينة تل رفعت القريبة من الحدود مع تركيا وإحدى أهم معاقل فصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي، في موازاة تسارع التطورات السياسية، وقد تمثّلت هذه التطورات بإعلان دولة الإمارات العربية المتحدة أمس، بعد المملكة العربية السعودية والبحرين، استعدادها لإرسال قوات بريّة إلى سوريا في إطار «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم «داعش».
في وقت اكّد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز: «من حقّنا الدفاع عن أنفسنا ولا نتدخل في شؤون الآخرين»، داعياً الآخرين إلى عدم التدخل في شؤون المملكة.
برّي
داخلياً، وعشية جلسة الانتخاب الرئاسية، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري ليل أمس امام زوّاره رداً على سؤال حول توجّه البعض الى مقاطعتها: «من حيث المبدأ، إنّ مقاطعة الجلسات النيابية الإنتخابية وغير الإنتخابية هي حق ديموقراطي ودستوري معتمد في كل مجالس النواب في كل دول العالم بما فيها الولايات المتحدة الاميركية».
لكنه اعتبر «انّ للإستحقاق الرئاسي منحى وطنياً»، مؤكداً انّ كتلة «التحرير والتنمية» ستحضر الجلسة. وجدّد دعوته المرشحين الرئاسيين الثلاثة للنزول الى مجلس النواب «وليَفز منهم من يَفز». من جهة أخرى أوضح بري «انّ ضريبة خمسة آلاف ليرة على سعر صفيحة البنزين قابلة للنقاش، لكن ينبغي أن تكون أقل من خمسة آلاف».
قاسم
ومن جهته تطرّق نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم الى الشأن الرئاسي، فأوضح «انّ البكاء على الأطلال وتضييع المزيد من الوقت ورَمي التهم على الآخرين بالتعطيل لا ينتج رئيساً بل التصرّف بواقعية».
ودعا السياسيين «للعودة إلى ضمائرهم ودرس الواقع جيداً وطمأنة الأفرقاء الآخرين في لبنان». وتطرّق قاسم الى الوضع السوري فقال ان «لا عودة الى الوراء في سوريا وانّ الإنجازات فيها ستتتالى».
بكركي
وفي ظل استمرار الشغور الرئاسي وغياب رئيس الجمهورية الماروني، وعشيّة احتفال الطائفة المارونية بعيد شفيعها مار مارون، دعا رئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري خلال ترؤسه قداس عيد مار مارون في نيقوسيا، بمشاركة رئيس جمهورية قبرص نيكوس أنستسياديس، إلى «عودة العمل إلى المؤسسات الدستورية في لبنان وعلى رأسها رئاسة الجمهورية».
من جهته، دعا البطريرك الماروني «الكتل السياسية والنيابية التي تُعطّل انتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي المؤسسات الدستورية والعامة، أن تحزم أمرها في أسرع ما يمكن، لأنّ البلاد في طريق الانهيار.
فمن حق اللبنانيين أن يعيشوا في دولة تحترم حقوقهم، وتؤمّن خيرهم العام، وتتقيَّد بالدستور والميثاق الوطني والنظام الديموقراطي الذي يعتمده لبنان ويقرّه في مقدمة الدستور التي تنصّ على أنّ «لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية».
ورأى الراعي انه «لا يمكن الوصول إلى ملء الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية، من دون رجالات سياسة ودولة يدركون أنّ لبنان ـ الوطن والدولة أكبر منهم جميعاً، ولا يحقّ لأحد رهنه لحساباته».
جنبلاط
وبعدما رجّح رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط مجيء رئيس الجمهورية على سجادة إيرانية، غرّد على «تويتر» بالعربية والانكليزية، أمس، فقال: «هو ذَا قد أتى. يا ترى هل هو هنري حلو، ام سليمان فرنجية ام ميشال عون؟ قد يكون أميل رحمة.»
ولاحقاً، قال جنبلاط في تغريدة جديدة: «في انتظار الوحي لانتخاب رئيس جمهورية وفق دفتر الشروط للأعاجم والنظام السوري التابع، والفلكلور المرافق لتغطية الإخراج إلى أن يفرض الاستفتاء لشخص واحد من دون منازع، فإنّ هدم التراث أو ما تبقى على قدم وساق….».
أبو فاعور
وكان الوزير وائل ابو فاعور، العائد من زيارة للرياض، قال: «إنّ المصالحات التي شهدها البلد أخيراً عقّدت المشهد بدلاً من أن تريحه، وفرضَت تعقيدات إضافية بدلاً من أن تقدّم الحلول، لا سيّما في الشغور الرئاسي الذي بات ينسحب على غيره من المؤسسات». ولفت إلى «أنّ الفراغ الرئاسي قد يكون مديداً، وفق الشروط السياسية الموجودة حالياً».
فرنجية
من جهته، قال فرنجية في تغريدة له عبر«تويتر»: «في إيماننا الراسخ «ما بعد الصلب إلّا القيامة». وأوضح مكتبه الاعلامي في بيان وزّعه «انّ ايّ كلام صدر او سيصدر عن أوساط أو مصادر أو قريبين منه هو كلام عار من الصحة ولا صِلة له بالحقيقة». وأكد انّ «المردة» عندما يريد الإدلاء بأيّ كلام يكون التصريح مُرفقاً بإسم من أدلى به، ولا نتحمّل مسؤولية اي كلام غير ذلك».
«14 شباط»
من جهة ثانية تواصلت في الرياض التحضيرات للاحتفال بذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري التي ستقام الاحد المقبل في «البيال»، على ان يعود الى بيروت اليوم أركان قيادة تيار «المستقبل» الذين استضافهم الرئيس سعد الحريري أمس وأمس الاول للتشاور في التحضيرات النهائية للذكرى وفي مضمون كلمته بالمناسبة.
وكان الحريري عرضَ أمس مع منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد للأوضاع العامة، كذلك التقى مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعّار والشيخ خلدون عريمط والدكتور رضوان السيد. وتحدثت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» عن مسعى لعقد لقاء لممثلي 14 آذار يسبق الاحتفال.
إلى ذلك، وخلافاً لِما تمَّ تداوله في الأيام السابقة، ذكرت مصادر لـ«الجمهورية» أنْ لا الحريري سيُعلن رسمياً في ذكرى والده ترشيحَ فرنجية، ولا فرنجية سيشارك في المناسبة، وأنّ الملف الرئاسي باقٍ على حاله طوال هذه الفترة في انتظار حدوث أمرٍ ما.
آليّة ترجمة مؤتمر لندن
وعلى صعيد آخر، وبعد أيام على مؤتمر لندن للدول المانحة الذي خصّص لمساعدة دول الجوار السوري في قضية اللاجئين السوريين، كشفت مصادر الوفد اللبناني الى المؤتمر لـ»الجمهورية» أنّ لبنان ينتظر أن تترجم الوعود التي قطعت، في مهلة أقصاها نهاية الأسبوع الجاري، حيث من المتوقع أن تبدأ الدول المانحة توزيع وتقاسم المبالغ التي خصّصتها لكل دولة من دول الجوار السوري.
وأوضح أحد الخبراء الذين رافقوا الوفد الى لندن لـ»الجمهورية» انّ المؤتمر لم يشكّل أمانة عامة تدير الهبات أو تشرف على توزيعها، من قبل الدول التي تعهدت بها الى الدول المخصصة لها، وانّ آلية العمل التي تمّ التفاهم عليها تقضي بأن تُبلغ كل دولة قررت ان تساهم في تقديم المساعدات، الى الدول التي تستضيف النازحين بنحو منفرد وبالآليات المعتمدة لديها.
وأضاف: «انّ أوراق العمل التي أعدّها لبنان، والتي حددت حاجاته على المستويات التربوية والإقتصادية والإنمائية وتلك التي تتصل بإنماء المجتمعات المضيفة للنازحين ومشاريع البنى التحتية واضحة ومفصّلة، وهي في عهدة الدول المانحة التي شاركت في المؤتمر وعلى أساسها ستحدد نسبة مساهمتها فيها».
وقال: «انّ المانيا وبريطانيا أبلغتا لبنان مباشرة أنّ مساعداتها له ستصِل في اسرع وقت ممكن، ولا سيما منها ما هو مخصّص للتربية والتعليم».
تجدر الإشارة الى انّ المساعدات تمّ تجزئتها ما بين مساعدات فورية عينية ومالية للسنة الجارية، وأخرى وفق خطط مرحلية تمتد الى ثلاث سنوات والى خمس أيضاً.