Site icon IMLebanon

البنزين يُشعل الشارع والحكومة.. وتبايُـن وزاري حول الزيادة

فيما التعطيل يتمادى والشغور الرئاسي يتمدد وتأمين النصاب يتعثّر، وجلسة انتخاب رئيس الجمهورية تُرحّل الى الثاني من آذار المقبل، يبقى في دائرة الرصد والترقب موقفان أساسيان: الأول للرئيس سعد الحريري في مهرجان «البيال» عصر الأحد 14 شباط في ذكرى اغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما ستحمل كلمته من دلالات وترسم من معالم تحدد طبيعة المرحلة وسبل التعاطي معها، والثانية للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله مساء الثلثاء في 16 شباط في مهرجان «الوفاء للقادة الشهداء: السيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب والحاج عماد مغنية» في مجمّع سيّد الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت.

في هذه الأجواء، تتجه الانظار غداً الى جلسة مجلس الوزراء لمناقشة وضع المالية العامة للدولة والبحث في مقترح زيادة سعر صفيحة البنزين لتأمين إيرادات للخزينة.

فيما بدأت المواقف المعارضة لهذا التوجّه بالظهور علناً نتيجة الإنعكاسات السلبية لهذه الزيادة على مستويات عدة. وتنعقد الجلسة في ظلّ الضغوط التي بدأت القوى النقابية تمارسها، مهددة بالنزول الى الشارع وتنفيذ اعتصامات وإضرابات.

ومن المعروف انّ وزير المال علي حسن خليل سيبلّغ مجلس الوزراء انّ وضع الخزينة دقيق ولم يعد من الممكن الإنفاق من دون تأمين إيرادات في المقابل. وتختبئ الحكومة وراء ملف تثبيت متطوّعي الدفاع المدني في محاولة لتمرير الزيادة المقترحة على سعر صفيحة البنزين والتي تتراوح بين 3 و5 آلاف ليرة.

وفي السياق، قال خليل لـ«الجمهورية»: «عرضتُ مع السفير الأميركي التحضيرات لزيارتي المرتقبة إلى واشنطن للبحثِ في الملفات الماليّة، وسأستكمل في جلسة مجلس الوزراء الأربعاء عرضَ الوقائع الماليّة وضرورة مشاركة كلّ الأطراف والقوى السياسية بتحمُّل مسؤولياتها عند اتّخاذ أيّ قرار بالإنفاق أو ترتيب أعباء إضافية على الدولة، وهذا الأمر يتطلّب تعاطياً مسؤولاً من الجميع بعيداً عن المزايدات.

قزي

وفي هذا الإطار، قال وزير العمل سجعان قزي لـ«الجمهورية»: «نحن لسنا ضد ولا مع فَرض الضرائب المباشرة في المطلق، بل نحن ضد فرضها اعتباطياً وغبّ الطلب. فالضريبة في علمنا جزء من تصوّر شامل ومتكامل تُفرَض بناء على أسس محددة في موازاة حاجات مدروسة ومحددة سلفاً».

وأضاف: «لا يمكننا ان نوافق على ضريبة تُفرض مع كل استحقاق يتناول مطلباً شعبياً، فنفرض مقابل طرح أيّ ملف ضريبة جديدة، فهذا المنطق مرفوض». وقال: «لنواجه الناس بمشروع متكامل إنمائي واجتماعي.

فنقول اننا نبحث في سلة من المشاريع والإصلاحات يترتّب عليها إعادة نظر وزيادات على الأجور وتوسيع قاعدة الإنماء فنقدّر كلفتها ونوازن بين ما هو متوافر وما نحتاج اليه، فنقول عندها بفرض هذه الضريبة او تلك. فنكون بذلك نحاكي عقول الناس وحاجاتهم ولا بدّ لهم من ان يتفهّموا ما أردناه وما يجب القيام به. وعندها، من المؤكد انه لن تكون عندها ردات فعل سلبية».

الحناوي

بدوره، أوضح وزير الشباب والرياضة عبد المطلب الحناوي «أنّ البحث في جلسة مجلس الوزراء غداً سيتركّز على بعض القضايا الإنمائية والإقتصادية وهي موضع مراجعة لدينا».

وقال لـ«الجمهورية»: «أنا ضد منطق فَرض مزيد من الضرائب والرسوم، وهو ما سنؤكد عليه في الجلسة عندما يحين النقاش في شأنها». ولفتَ الى «أنّ التركيز على تحسين الجباية ووَقف الهدر الحاصل في المشاريع موضوع الصفقات بالتراضي يحول دون البحث في أيّ ضرائب إضافية».

درباس لـ«الجمهورية»

من جهته، نفى وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ»الجمهورية» أن تكون جلسة الغد مخصّصة للبحث في مقترح زيادة سعر صفيحة البنزين، مؤكداً «انها مخصصة حصراً للاطلاع على أوضاع المالية العامة للدولة».

وعن رأيه في زيادة سعر صفيحة البنزين 5 آلاف ليرة، قال درباس: «سنستمع أولاً الى ما سيعرضه وزير المال في الجلسة، على أن نقرر في ضوء ما سنسمع او في ضوء المعطيات المتوافرة. فإذا ارتأينا بعد الاستماع انّ هناك حاجة ومبرراً للزيادة، سنزيد».

إضراب عام

وكانت هيئة التنسيق النقابية قد عقدت اجتماعاً طارئاً أمس، أعلنت خلاله تنفيذ الإضراب العام والشامل في كل لبنان في حال زادت الحكومة سعر البنزين 5000 ليرة.

وقالت الهيئة، في بيان، إنها «تجد نفسها مضطرّة، في حال إقدام مجلس الوزراء يوم الاربعاء المقبل (غداً) على زيادة سعر صحيفة البنزين، الى إعلان الاضراب العام والشامل يوم الخميس في 11 شباط الجاري في جميع المدارس والثانويات الرسمية والخاصة والمعاهد المهنية والادارات والمؤسسات العامة والبلديات». ودعَت «كل القطاعات النقابية الى لقاء يعقد الساعة 12 ظهر الخميس في قصر الاونيسكو للبحث في الخطوات اللاحقة».

بدوره، أعلن الاتحاد العام لنقابات السائقين وعمال النقل في لبنان «الإضراب العام وإقفال الطرق»، اذا تمّ رفع سعر البنزين.

فرعون

من جهته، قال وزير السياحة ميشال فرعون لـ«الجمهورية»: لم يبحَث معنا أحد بَعد في تعيينات أمن الدولة، ونحن لم نطرح أسماء. الرئيس سلام وعَدنا في الجلسة ما قبلَ السابقة بأن يضعَ حلولاً سريعة لملفّ أمن الدولة، والمقترَح منها تطبيق توزيع الصلاحيات بالطريقة التي كانت معتمَدة مِن قبل أو توسيع مجلس القيادة من عضوَين إلى ستة أعضاء.

وعن قضية الوزير السابق ميشال سماحة، قال فرعون: على الأرجح أن تُطرَح في جلسة الغد، مضيفاً، «سنعطي مجالاً للقضاء لكي يصحّح حكمَه، فنكون قد حَللنا جزءاً مِن المشكلة ويَبقى الجزء المتعلق بالمحكمة العسكرية.»

وعلمَت «الجمهورية» أنّ هذا الملف سيُطرح لكنّه لن يُقرّ داخل مجلس الوزراء، على رغم التصعيد، وأن ليس هناك أيّ قرار لا بانسحاب وزراء تيار «المستقبل» من الجلسة ولا الاستقالة، خلافاً لكلّ ما أشيع.

لا رئيس

رئاسياً، أخفق مجلس النواب للمرة الخامسة والثلاثين في انتخاب الرئيس العتيد، ولم يشكّل هذا الاخفاق مفاجأة لأحد على رغم أنها اول جلسة انتخابية تعقد بعد «مبادرة معراب».

فجلسة الأمس التي تميّزت بحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري وغياب المرشحَين: رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وحضور مرشح «اللقاء الديموقراطي» النائب هنري حلو، اختلفت في الشكل، حيث ارتفع عدد النواب الحاضرين قياساً على الجلسات السابقة فوصلَ الى 58 نائباً، وتشابهت في مضمونها حيث مُدّد عمر الفراغ الرئاسي.

وحمّل رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة «التيار الوطني الحر» و»حزب الله» مسؤولية التعطيل. وقال: «رأينا مَن قاطع ومن الذي كان يقاطع طوال الفترة الماضية، ومن هو المسؤول عمّا آل اليه موضوع انتخاب رئيس الجمهورية. وهذا الأمر طبيعي إنّ من يقاطع، وأقولها بالاسم، هما: «التيار الوطني الحر» وكذلك «حزب الله»، وهما مسؤولان».

وأعلن وزير الاتصالات بطرس حرب نيّته تقديم اقتراح قانون لتعديل الدستور، ينصّ على وجوب حضور النواب كل جلسات الانتخاب، وإلّا يعتبر النائب مستقيلاً حكماً. ويتضمن الاقتراح أيضاً إمكانية استمرار قيام رئيس الجمهورية المنتهية ولايته ميشال سليمان بأعماله إلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وأكد عضو حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان «انّ هناك خطوتين تؤديان الى الانتخاب، الاولى أن يتفاهم «حزب الله» مع النائب سليمان فرنجية حتى يبقى العماد عون هو المرشّح الاساسي لـ 8 آذار.

والخطوة الثانية الضرورية تتعلّق بالتفاهم بين المرشح العماد ميشال عون وبين تيار»المستقبل» والمكوّنات التي يضمّها فريق 14 آذار ومنها حزب الكتائب، لأنّ تفاهم العماد عون مع تيار «المستقبل» هو خطوة ضرورية لإنجاح الانتخابات الرئاسية وإجرائها، فالبلد لم يعد يتحمّل تَردّي الوضع المالي».

زهرا

وقال عضو كتلة «القوات» النائب انطوان زهرا لـ«الجمهورية»: «نأسف انه على رغم المبادرات وتحريك الوضع، ما زلنا في مرحلة التعطيل، ما يؤكد بالنسبة الينا انّ «حزب الله» ما زال غير مستعجل على وجود رئيس الجمهورية».

بين «القوات» و«المستقبل»

ولفت أمس التقارب بين «القوات» والمستقبل»، حيث اجتمع عدوان مع بعض نواب تيار «المستقبل» ثم عقد خلوة مع السنيورة، في وقت أكّد النائب فادي كرم أنّ «حضور «القوات» في ذكرى 14 شباط سيكون مميّزاً كما جَرت العادة».

أبو فاعور

وكان وزير الصحة وائل أبو فاعور زار بري، واكد انّ ما حصل أمس «يوضِح انّ الامور لا تزال غير ناضجة لانتخاب رئيس. وبالتالي، يبدو انّ الشغور الرئاسي سيستمر في هذه المرحلة، لكنّ ذلك لا يعني عدم الاستمرار في المداولات والاتصالات للوصول الى تفاهم حول مسألة رئاسة الجمهورية».

باسيل عند ميقاتي

وعلى خط الاتصالات، واصلَ رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل جولاته على المسؤولين، فزار أمس الرئيس نجيب ميقاتي، من دون الإدلاء بأي تصريح، فيما اكّد ميقاتي في دردشة مع الصحافيين «انّ الفراغ الرئاسي سيطول وليس هناك من مؤشرات قريبة لانتخاب رئيس جديد».

أمن عرسال

أمنياً، وعلى وَقع تجدد الاشتباكات أمس بين «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» في جرود عرسال بعد فشل مفاوضات لإطلاق الأسرى بين الطرفين، جالَ القائم بالأعمال الاميركي السفير ريشارد جونز على رئيس الحكومة تمام سلام ووزيري الداخلية نهاد المشنوق والمال علي حسن خليل.

وإذ جَدّد جونز التزام الولايات المتحدة الاميركية تقديم المساعدة المستمرة للجيش اللبناني، أثنى «على الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني لاتخاذهما إجراءات حاسمة ضد الجماعات المتطرفة العنيفة». وقال: «نحن شركاء فخورون مع الجيش اللبناني وملتزمون تعزيز هذه الشراكة.

لهذا السبب أصبح لبنان سادس أكبر مُتلقّ للمساعدات العسكرية الاميركية في العالم. لقد قدّمنا للبنان أكثر من 1,4 مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية، أي منذ العام 2005». واضاف: «نحن سعداء جداً، خصوصاً بزيارة قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي الأخيرة لواشنطن، والتي سلّطت الضوء على أهمية علاقتنا الأمنية المستمرة.

وإننا نتطلّع إلى الزيارات التي سيقوم بها الوفد البرلماني ووزير المال إلى واشنطن، ونعتقد أنّ هذه الزيارات مهمة للمساهمة في الحوار الوطني، وستساعد الولايات المتحدة على فهم احتياجات لبنان بنحو أفضل حتى نتمكّن من الاستمرار في صَوغ المساعدة التي نقدّمها لكي تكون على أكبر مقدار من الإفادة للشعب اللبناني».