Site icon IMLebanon

موسكو تُحذّر من حرب عالمية ثالثة… وملف سماحة يهزّ «المستقبل»

 

الانشغال الداخلي في الملفّات، المعقّد منها كالاستحقاق الرئاسي، وغير المعقّد، لم يحجب الاهتمام بما يجري في الخارج وما يمكن أن تكون له من انعكاسات على لبنان والمنطقة، إذ اتّجهَت الأنظار إلى ميونخ أمس حيث بَدأ الأفرقاء الرئيسيون المعنيون بالملف السوري محادثات صعبة حول اقتراح روسي بوقفٍ لإطلاق النار، تزامنَت مع تحذير رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف من خطر نشوب «حرب عالمية جديدة»، في حال حصَل هجوم برّي خارجي على سوريا، في وقتٍ دعت الولايات المتحدة الأميركية دول «التحالف الدولي» ضد تنظيم «داعش»، إلى تقديم مزيد من المساعدة، وردَّت السعودية على هذه الدعوة بأنّ قرارها إرسالَ قوات برّية إلى سوريا «نهائيّ ولا رجعة عنه».

فيما حافظ المشهد الرئاسي على تعقيداته، والعمل الحكومي على إنتاجه، قفز الى الواجهة فجأة سجال من «العيار الثقيل» عشيّة إحياء ذكرى 14 شباط بين ابناء الصف الواحد: الرئيس سعد الحريري ووزير العدل اشرف ريفي الذي انسحب من جلسة مجلس الوزراء امس احتجاجاً على عدم مناقشة طلبه إحالة ملف الوزير السابق ميشال سماحة الى المجلس العدلي، معلناً عدم مشاركته في أي جلسة مقبلة للمجلس إذا لم يدرج هذا الملف بنداً أول على جدول اعمالها، فجاء رد الحريري سريعاً مُتبرّأ من موقف ريفي الذي «لا يمثّلني»، قائلاً عبر «تويتر»: «لا يزايدنّ احد علينا باغتيال وسام الحسن او محاكمة سماحة، فكل من ارتكب جريمة سينال عقابه». فردّ ريفي بنشر صورة له امام ضريح الحسن، حيث وضع إكليلاً من الزهر، وقرأ الفاتحة.

ليس ابن ساعته

وأكدت أوساط مطلعة أنّ قرار ريفي بالانسحاب من جلسة الحكومة ومقاطعة جلسات مجلس الوزراء لم يكن ابن ساعته، وقد جاء بعد تأجيل البحث في هذا القرار في جلسات ثلاث متتالية، بحيث بَدا أنّ هناك اتجاهاً للمماطلة في إحالة ملف سماحة الى المجلس العدلي، ريثما يصدر الحكم المبرم من محكمة التمييز العسكرية الذي يقطع الطريق على نقل الملف الى المجلس العدلي.

وأشارت هذه الاوساط الى انّ ريفي، بمقاطعته جلسات الحكومة، تماهى مع ما اتفق عليه في لقاء الرياض الذي جمع أركان «المستقبل» ووزرائه بالحريري، ففي هذا الاجتماع إتفق على اتخاذ وزراء «المستقبل» موقفاً موحداً في حال تمّ تعطيل قرار نقل ملف سماحة الى المجلس العدلي، واجمع المجتمعون على هذا المطلب، وكان الأبرز منهم وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي اعتبر «وجودنا في الحكومة خسّرنا كثيراً، ولا يجب ان نستمر فيها اذا لم يحل ملف سماحة الى المجلس العدلي»، واقترح المشنوق ان ينسحب هو وريفي من الحكومة، اذا تعذر انسحاب جميع الوزراء السنّة، كذلك اقترح وقف الحوار مع حزب الله، بحسب الاوساط نفسها.

حوار ثنائي

وعلى وقع هذا السجال، انعقدت مساء امس جلسة الحوار الـ 24 بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، في حضور المعاون السياسي للامين العام لـ»حزب الله» الحاج حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الحريري السيد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار «المستقبل». كذلك حضر الجلسة الوزير علي حسن خليل.

وبعد الجلسة صدر البيان الآتي: «جرى البحث في التطورات الجارية على مستوى المنطقة والانعكاسات المحتملة على لبنان، والحاجة اكثر من اي وقت مضى للحفاظ على الاستقرار الداخلي وحمايته. وناقش المجتمعون الاوضاع الاقتصادية والمالية والحاجة الى اجراءات اصلاحية جدية، وضرورة انتظام عمل الحكومة وانتاجيتها».

ترحيل النفايات

وكان مجلس الوزراء استكمل في جلسته العادية امس مناقشة البنود المتبقية من جلسة الاسبوع الفائت ووافق على إعطاء سلفة بقيمة 130 مليار ليرة لهيئة «أوجيرو» لدفع الرواتب، وعلى صرف تعويضات التعاقد للاساتذة. كذلك وافق على اعطاء سلفة مالية بقيمة 50 مليون دولار لمجلس الانماء والاعمار لتمويل ترحيل النفايات.

وفيما اشار رئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسر الى أنّ توقيع عقود ترحيل النفايات سيتم خلال يومين وأنّ سلفة الـ 50 مليون دولار هي دفعة اولى لستة أشهر وأنّ الوجهة هي روسيا، كرّرت مصادر ديبلوماسية روسية رفيعة نَفيها لـ«الجمهورية» أن تكون الشركة المعنية بترحيل النفايات من لبنان هي شركة روسيّة، واشارت الى «انّ وجهة الترحيل قد تكون الى احدى دول الاتحاد السوفياتي السابق، وانّ اسم روسيا يزجّ في هذه العملية».

فنيش

وعن غزارة العمل الحكومي بعد فترة من التعطيل قال الوزير محمد فنيش لـ«الجمهورية»: «منذ البداية دعونا الى وجوب معالجة الاسباب التي أدّت الى تعطيل الحكومة وإيجاد مخارج للمواضيع المطروحة لكي تستأنف الحكومة عملها مجدداً، امّا وقد تمّت المعالجة في شأن التعيينات فهذا أمر ايجابي وجيّد، والحكومة لديها تراكم كبير في الملفات بدأت تقاربها بسرعة وبنشاط حيث اننا شهدنا جلستين في الاسبوع، وكان يمكن الاسبوع المقبل ان يشهد جلستين لولا بعض المواعيد عند الوزراء، فالحكومة في اختصار تعمل وهناك روحية جديدة إن شاء الله عند الوزراء ونتمنى ان نستمر في العمل على هذا المنوال».

ولدى سؤاله: هل انّ تفعيل العمل الحكومي سيؤدي الى الاعتياد على غياب رئيس الجمهورية؟ أجاب فنيش: «نتمنى ان لا يستنتج احد استنتاجات خاطئة، فنحن بالتأكيد نحبّذ ونفضّل ونتمنى الوصول الى وفاق لملء الشغور في الموقع الرئاسي ولا شيء يمكن ان يكون بديلاً من وجود الرئيس، حتى انّ عمل الحكومة يبقى ناقصاً، وآلية عملها يشوبها نوع من التعقيد، والحكومة تعمل تقريباً حسب ضرورات المصلحة وليس بكل طاقتها الانتاجية، لأنه في ظل آلية العمل وحلول مجلس الوزراء مكان رئيس الجمهورية، هذا يترك تأثيرات ليست سهلة على نشاط الحكومة.

فلذلك الجميع يتمنى الوصول الى حلول لمسألة الشغور، لكن علينا ان نكون واقعيين. ليس واضحاً انّ هناك في الافق مؤشرات الى وفاق حول مسألة انتخاب الرئيس، فهل اذا عطّلنا الحكومة ندفع في اتجاه انتخاب الرئيس ام نزيد المشكلة تعقيداً فيكون الضرر اكبر على لبنان واللبنانيين؟ فالاتفاق كان لتجنّب مزيد من الاضرار وتقليص مساحتها والسعي في الوقت نفسه لحل معضلة انتخاب الرئيس».

عريجي

وبدوره، وصف الوزير روني عريجي الجلسة بأنها «مقبولة في مرحلة الروداج لعودة عمل مجلس الوزراء بعد فترة انتظار طويلة»، وقال لـ«الجمهورية»: «نأمل في ان يستمر العمل بنحو متواصل وجدي، والايجابية الكبيرة هي انّ السلطة التنفيذية عادت لتقر بنوداً تعنى بشؤون الناس».

واضاف: «امّا في ما يتعلق بالأموال المخصصة للنفايات فنحن وافَقنا عليها مُكرهين كون الترحيل هو أبغض الحلال بعد تعثّر الحلول الاخرى، لكننا شددنا على انّ هذا الحل مَرحلي والاساس هو الخطة التي أقرّها مجلس الوزراء في البداية». وانتقد «حفلة تبييض الوجوه لمَن عرقل منذ البداية ودفع مجلس الوزراء الى اتخاذ هذا القرار المر».

البابا وبطريرك روسيا

في هذه الاجواء، تشخص الانظار الى اللقاء التاريخي الذي يعقد اليوم بين قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس وبطريرك موسكو وعموم روسيا كيريل في هافانا اليوم. وعشيّة هذا اللقاء، لفتت خطوة البطريرك كيريل إيفاد الأرشمندريت أرسين سوكولوف الى بكركي لوضع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في أجواء «لقاء هافانا».

وأشار سوكولوف إلى «أنّ الهدف الرئيسي من هذا اللقاء هو العمل على الدفاع عن حقوق المسيحيين في منطقة الشرق الأوسط». وقال: «نحتاج اليوم الى مزيد من التعاون بين الكنيستَيْن الأرثوذكسيّة والكاثوليكيّة، على رغم كل اختلاف، لأنّ الظرف الصّعب الذي تمرّ به الإنسانية وسط انتشار عالمي للإرهاب، يحضّنا على ذلك».

الخطر الوجودي

من جهتها، قالت أوساط كنسيّة لـ«الجمهوريّة» إنّ «إرسال الكنيسة الروسيّة ذات الإمتدادات الشرق أوسطيّة موفداً خاصاً الى بكركي قبل اللقاء التاريخي بين البابا وكيريل، يبيّن مدى التقدير والإحترام الكبير الذي تكنّه روسيا للبطريركية المارونية التي تعتبر أكبر بطريركية مسيحيّة في الشرق وتلعب دوراً في الدفاع عن الحضور المسيحي في لبنان والشرق».

وأكدت هذه الأوساط أنّ «الخطر الوجودي الذي يهدّد المسيحيّين في الشرق، يدفع البطريركيات والكنائس الى التكاتف لمواجهته، إذ أنّ الإرهاب لا يفرّق بين ماروني أو أرثوذكسي أو سرياني او كلداني أو آشوري»، معتبرة أنّ «لقاء هافانا اليوم يدعم الإجتماعات الدائمة لبطاركة الشرق التي بدأت منذ مدّة طويلة في بكركي».

وشدّدت الأوساط نفسها على أنّ «البطريركيّة المارونية تراهن على دور روسي متقدّم في دعم المسيحيين أولاً، وحلّ عقدة رئاسة الجمهورية اللبنانية، خصوصاً في ظل الدور الكبير الذي تضطلع به في المنطقة، وإصرار جميع البطاركة على أنّ الرئيس اللبناني الماروني يشكّل ضماناً للحضور المسيحي في الشرق. من هنا، فإنّ العلاقة الوطيدة بين بكركي وبطريركية روسيا ستصبّ في خدمة لبنان والمسيحيين».

هولاند والرئاسة

وعلى صعيد الاستحقاق الرئاسي، تمنّت فرنسا حصول «اتفاق شامل» بين مجمل الأفرقاء اللبنانيين للتمكن من انتخاب رئيس وحضور النواب الى المجلس.

واكد أمين سر لجنة الدفاع في البرلمان الفرنسي غواندال رويار الذي جال على الرئيس امين الجميل ورئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية: أنّ «الرسالة التي يحملها هي رسالة الرئيس فرنسوا هولاند الذي أعلن أنّ فرنسا تتمنى إيجاد اتفاق شامل بين مجمل الأفرقاء اللبنانيين للتمكّن من انتخاب رئيس وحضور النواب الى المجلس».