IMLebanon

بري حدّد معايير قانون «الغموض البنّاء» … وقهوجي: جريمة بتِدعي لن تمرّ

فيما تخيّم أجواء الحذَر والترقّب على فيينا حيث استؤنِفت فيها أمس المفاوضات النووية بين مجموعة الدوَل الست الكبرى وإيران التي أملت في أن يكون يوم 24 تشرين الثاني الجاري «يوماً للانتصار الوطني في الوصول إلى الأهداف التي سعَت طهران إلى تحقيقها من وراء المفاوضات». ظلّ الاهتمام الداخلي منصبّاً على متابعة ملفات عدّة، لعلّ أبرزَها ملف المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتي تواصل لليوم الثالث الاستماع إلى شهادة النائب مروان حمادة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، إضافةً إلى ملف الاستحقاق الرئاسي مع استمرار الشغور في سدّة رئاسة الجمهورية واستبعاد انتخاب الرئيس العتيد في جلسة الانتخاب المقرّرة اليوم، إلى ملف قانون انتخابي جديد، مروراً بالملف الأمني في البلاد، إلى ملف المخطوفين العسكريين الذي تابعَه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في سوريا ولمسَ فيه استعداداً للمساعدة والتعاون، فيما قصدَ أهاليهم سفارة قطر رافعين رسالةً إلى أميرها الشيخ تميم آل ثاني لتسريع ملف أبنائهم، إلى ملف الحوار بين تيار «المستقبل» وحزب الله» الذي لا يزال ينتظر جوابَ «التيار» على ثلاث نقاط، وهي: موافقة «المستقبل» على الحوار، تحديد مستوى التمثيل فيه، وجدوَل الأعمال. إلى ملف جريمة بتدعي، وأخيراً وليس آخراً ملف فضائح الفساد الغذائي وتداعياته.

عشية جلسة انتخابات الرئاسة الرقم 15 المقررة اليوم توقّعَ رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره امس ان يكون مصيرها كمصير سابقاتها، مشيراً الى انّ ايّ جديد عمليّ في شأن الاستحقاق الرئاسي لم يحصل بعد، بغَضّ النظر عن الإشارات الإيجابية الداخلية والخارجية التي كان تحدّث عنها، وما زال يحوطها بكتمان.

ومن جهة أخرى ابدى بري ارتياحه الى انطلاق لجنة قانون الانتخاب في مهمتها لدرس قانون الانتخاب المختلط والتي حدّد لها الفترة الممتدة من الآن وحتى مطلع السنة الجديدة مهلةً لإنجاز مهمتها.

وذكر برّي انّ عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب آلان عون نقل اليه قبيل إجتماع اللجنة برئاسته أمس الاوّل رسالة رئيس التكتل النائب ميشال عون يطلب فيها تفسيراً للمادة 24 من الدستور وحمّله برّي ردّاً عليها، ثمّ أعيد طرح الموضوع في نهاية اجتماع اللجنة.

وسأل بري النائب عون على مسمع أعضاء اللجنة: هل يربط العماد عون بين مشاركته في عمل اللجنة وبين هذه الرسالة؟ فردّ عون بالنفي، ثمّ قال برّي له إنه سيُجري مشاورات مع الكُتل النيابية لأنّ تفسير المادة 24 الدستورية يحتاج الى ثلثَي المجلس، ممّا يحتّم التشاور ومن ثم دعوة المجلس الى جلسة خاصة بهذا الأمر، لأنّ ذلك من واجبات رئيس المجلس.

وأشار بري الى أنه افتتح اجتماع اللجنة مؤكّداً انّ الرأي العام يعتقد انّها لن تتوصّل الى نتيجة بسبب فقدان الثقة بالمجلس ولأنّ اللجنة عملت سابقاً طوال 8 اشهر على مشروع قانون انتخاب وانتهى الامر بالتمديد للمجلس.

ثمّ حدّد بري معايير ما اتّفق عليه بالإجماع طوال 8 أشهر من اعمال اللجنة نفسها، وهي:

ـ أوّلاً، النسبية: بعدما كان هناك تحفّظ عنها لدى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط وتيار «المستقبل» هناك قبول بها الآن بمعزل عن النسبة. وخلال المناقشات في المرحلة الماضية ارتفعَت نسبة التصويت في النسبي حتى إنّ «القوات اللبنانية» طرحَت مشروعاً يقضي بانتخاب 68 نائباً على اساس النظام الاكثري و60 نائباً على اساس النظام النسبي. وهذه النسبية ضرورية جداً لتمثيل الأقليات في مجلس النواب.

ـ ثانياً، التوازن الوطني.

ـ ثالثاً، الميثاقية، خصوصاً بالنسبة الى المسيحيين.

ـ رابعاً، «الغموض البنّاء» الذي اتّفق عليه سابقاً، بحيث لا يقَرّ قانون انتخابي يحدّد نتائج الانتخابات سَلفاً.

واعتبر برّي «أنّ هذه المعايير تشكّل انطلاق عمل اللجنة الذي يستمر حتى مطلع السنة الجديدة، ويتمّ خلاله التوافق على المواد الثلاثة الاولى في مشروع قانون الانتخاب المختلط.

وفي الموازاة ستباشر اللجنة التقنية نفسُها التي عملت سابقاً عملها في كلّ المواد التقنية في القانون الانتخابي، بدءاً من المادة الثالثة وحتى آخر مادة فيه، على ان تعمل اللجنتان بالتوازي، حتى أذا أقرّ مشروع القانون ننتظر انتخاب رئيس الجمهورية لكي يكون هذا المشروع في تصرّفه. أمّا إذا تعذّر إنجاز القانون فعندئذ نذهب الى الهيئة العامة للتصويت على المشاريع المتبقّية وعددُها يقارب العشرة، وعندئذٍ نرى.

وأشار بري الى أنّ مشروع القانون المختلط مدروس بعناية ويستوفي المعايير الاربعة. لكنّه أكّد انّه لن يوافق على تعديل نسَب التصويت النسبي والاكثري المحدّدة في المشروع، أي 64 مقابل 64، متمسّكاً بالمحافظة على المساواة في التصويتين.

وتجدر الاشارة الى انّ المادة 24 من الدستور التي يطلب عون تفسيرَها تنصّ في ما تنص على: «يتألف مجلس النواب من نواب منتخبين يكون عددهم وكيفية انتخابهم وفاقاً لقوانين الانتخاب المرعية الإجراء».

وإلى أن يضع مجلس النواب قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، توزّع المقاعد النيابية وفقاً للقواعد الآتية:

أ – بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين.

ب – نسبياً بين طوائف كلّ من الفئتين.

ج – نسبياً بين المناطق».

سلام

وسط هذه الأجواء، طمأنَ رئيس الحكومة تمام سلام الذي عاد من الإمارات العربية المتحدة الى «أنّ الأمن في لبنان متماسك وأنّ الوحدة الداخلية موجودة وأثبتت عن قدرتها على تجاوز المحَن». معتبراً أنّ «هناك تحدّيات كبيرة علينا ان نعترف بها لننطلق جدّياً في معالجتها والمساعدة على توطيد الاعتدال في ظلّ ما تشهده الساحة من أوضاع مؤجّجة وغير مريحة لتصلَ إلى حدّ العنف».

وأشار سلام في مؤتمر صحافي في دبي الى أنّ لبنان يمرّ في ظروف صعبة وغير مريحة تتطلب منّا أن نرصّ صفوفَنا وأن نوحّد كلمتنا ونرتقي الى مستوى التحدّيات الداخلية التي تواجهنا لنتمكّن من العبور بلبنان في مواجهة ما يتهدّده من استهدافات خارجية تريد الأذى، وفي مقدّمها الإرهاب والتطرّف والعنف المستشري».

المشنوق

من جهته، حَذّر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق من أنّ «الوضع الأمني المقبل على لبنان أعظم من كلّ حرائق المنطقة»، وتحدّث عن «مخاطر أمنية كبرى مقبلة أكثر وأكثر على المنطقة ولبنان، ربّما من الآن وحتى سنة»، لكنّه أكّد أنّ «الوضع الأمني في لبنان، رغم كلّ المشكلات المحيطة به، ورغم وجود أكثر من ثلث شعبه من السوريين النازحين، لا يزال ممكناً»، ووصفه بأنه «مضبوط».

حادثة بتِدعي

في غضون ذلك، شيّعَت بلدة بتدعي المغدور صبحي الفخري في أجواء غضب شديد ووسط محاولات تهدئة النفوس والدعوة الى تسليم القتلة، بمشاركة حاشدة من فاعليات المنطقة الحزبية والاجتماعية والسياسية والنيابية ورجال الدين من كلّ الطوائف.

وشهدَت البلدة أوسعَ تضامن، إذ زارَها راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله على رأس وفد من الابرشية معزّياً وداعياً «الدولة اللبنانية والأجهزة الأمنية بفروعها كافة الى تحمّل مسؤولياتها الوطنية والأمنية في هذه الظروف، لأنه لا يجوز ان يتحمّل المواطنون الآمنون عواقبَ التسيّب الامني».

ودانت كتلة «نوّاب زحلة» «الجريمة البشعة»، معتبرةًَ أنّ «التفلت الأمني الذي حذّرت منه مراراً في منطقة بعلبك – الهرمل و»الذي يستفيد من المربّعات الأمنية والمناخات الحزبية تحت عناوين كبيرة، أوصلَ إلى هذا العهر، حتى يجتاح مسلّحون منزل عائلة وينقضّوا على أفرادها».

ودعت «الحكومة بأطيافها السياسية المتنوّعة الى إعطاء الضوء الأخضر لعملية أمنية جدّية بعيدة من المظاهر الإعلانية حتى يستتبّ الوضع الأمني والاجتماعي والاقتصادي في منطقة البقاع».

بدورهم، طالبَ رؤساء بلديات منطقة دير الأحمر ومخاتيرها وفاعلياتها، آل جعفر بتسليم الجُناة الفارّين للقوى الأمنية لمحاكمتِهم وإنزال العقوبات التي يقرّرها القضاء المختص، وذلك حفاظاً على حسن الجيرة. واستنكروا بيانَ آل جعفر لِما يحمله من مغالطات، قائلين لهم: «إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا». وأكّدوا رهانَهم على الدولة للقبضِ على القتلة لكي لا تتفاقمَ الأمور».

ومن جهتها استنكرَت عشيرة آل جعفر حادثة بتدعي وأعلنَت وضعَ نفسِها في تصرّف «أهلِنا آل الفخري، ونحن على استعداد لِما يطلبونه».

وزارَ نوّاب بعلبك ـ الهرمل: الوزير غازي زعيتر، حسين الموسوي، نوار الساحلي، علي المقداد، إميل رحمة، الوليد سكّرية، عاصم قانصوه، مروان فارس، أمس قائد الجيش العماد جان قهوجي وبحثوا معه في الإجراءات التي ينفّذها الجيش لضبط الأمن والاستقرار في منطقة البقاع، وملاحقة مرتكبي جريمة بتدعي.

وأكّد مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ «قائد الجيش أبلغَ الى النواب موقفاً حازماً بأن لا مجال لفرار القتلة، وهذه الجريمة لن تمرّ مرور الكرام وكأنّ شيئاً لم يحصل».

وشدّد المصدر على «عدم سماح الجيش بالتفريط بالسِلم الأهلي في البقاع ولبنان، بعد الإنجازات العسكرية التي حقّقها في معاركه الأخيرة ضد الإرهابيين»، لافتاً الى أنّ «مطاردة القتلة مستمرّة وتوقيفهم مسألة وقت لا أكثر، خصوصاً أنّ أيّ غطاء سياسي لا يمكنه حمايتهم، بعدما بلغَ الغضب في دير الأحمر ذروته، وسط التخوّف من انفلات الأمور والانسياق وراء أيّ فتنة مذهبية تجرّنا إليها مجموعة مجرمين».

سكّرية

وقال سكّرية لـ«الجمهورية»: «طالبنا قائدَ الجيش باتّخاذ الإجراءات الضرورية للقبض على هؤلاء المجرمين في المنطقة وسَوقهم الى العدالة، وأكّدنا له أن لا غطاءَ نهائياً لهم، والجيشُ أصلاً لا يحتاج الى غطاء من أحد، ويستطيع تنفيذ ما يراه مناسباً لجَلب هؤلاء وأمثالهم الى العدالة، ونحن نشدّ على أيديه». واستبعدَ سكّرية الوصولَ الى فتنة شيعية ـ مسيحية، وأسفَ لأنّ البعض، وأمام الأزمات يبيع أمنَه الوطني أحياناً في سبيل مصالحِه الشخصية، ويستغلّ الفرَص للمتاجرة بها سياسياً لكسبِ شعبية».

وأضاف: «نحن نقول إنّ هؤلاء هم شهداؤنا قبل أن يكونوا شهداءَهم، وهم مواطنون لبنانيون، ونحن لا نفرّق بيننا وبينهم، والمقاومة في جرود عرسال تقف في وجه التكفيريين دفاعاً عن بلدة رأس بعلبك والقاع، وتقدّم شهداءَ لكي لا يتأذّى أيّ لبناني، سواءٌ أكان مسيحياً أم سنّياً أم شيعياً أم درزيّاً.

وتوجّه سكّرية الى أهالي بتدعي قائلاً: «نحن متألمون مثلكم، والعمل الفردي يؤدّي إلى الأخذ بالثأر، وربّما إلى ثأر متبادَل، ونحن لا نريد ذلك، فالدولة هي مسؤولة، ونحن مع الدولة والجيش».

وأكّد: «إنّ ما حصل هو جريمة نكراء ومُدانة بشدّة، وإنّ الضحايا هم ضحايا كلّ منطقة بعلبك الهرمل، وليسوا ضحايا أهل بتدعي، وهم ضحايا الشعب اللبناني وضحايا الفلتان الأمني في لبنان وفي منطقة بعلبك الهرمل، وهم قُتِلوا مظلومين، فهم شهداء عند الله طبعاً، نحن نتضامن أشدّ التضامن معهم، وندين هذه الجريمة، وندين هؤلاء المجرمين الخارجين على القانون وسلطة الدولة، الذين يعيثون فساداً في المنطقة والبقاع وامتداداً إلى مناطق أخرى.

فهؤلاء امتهنوا الجريمة وسيلةً للحياة، أحدُهم في حقّه عشرات مذكّرات الجَلب القضائية في تجارة المخدّرات والسَلب وإطلاق النار والتعدّي، وهم خارج سلطة الدولة، ويعيشون شريعة الغاب في المنطقة، وهي متأذّية من بقائهم على هذه الحال.

فمدينة بعلبك دفعَت أثماناً، وتجّارُها رفعوا الصوت مراراً وتكراراً بوجوب وضع حدّ لتجاوزاتهم، فإطلاق النار في بعلبك يحصل دورياً، فضلاً عن أعمال تعَدٍّ وخطفٍ لقاءَ فديةٍ وسرقة سيارات ونهب وتشليح. وأتت هذه الجريمة لتتوّج كلّ هذه الجرائم السابقة، لأنها أدّت الى وقوع ضحايا أبرياء».

قانصوه

بدوره، قال قانصوه لـ«الجمهورية»: «أساساً الجيش كان يلاحق هؤلاء المجرمين الذين هربوا من «الدار الواسعة» الى بتدعي حيث ارتكبوا جريمتهم لدى محاولاتهم سرقة سيارات آل فخري للهروب بها الى وسط الهرمل، وطلبنا من قائد الجيش الدخول بقوة على الخط والقبض على هؤلاء، وكل المنطقة بنوابها وزعمائها وفاعلياتها السياسية والحزبية ترفع الغطاء عنهم لكي لا تأخذ الجريمة طابعاً شيعياً ـ مسيحياً مثلما يحاول البعض تحويلها.

فالجريمة بشعة وحدودها هي محاكمة من قام بها في اسرع وقت بغية قطع دابر الفتنة وتلافي الأجواء غير الإيجابية في المنطقة. لذلك تمنّيتُ على قائد الجيش التحدث مع عائلة الفخري، فاتصلَ مدير المخابرات بباتريك الفخري لتعزيته باسمِه، وأكّد له متابعة الموضوع بجدّية».

الإفراج عن الرفاعي

وحسب ما توقّعَت «الجمهورية» قبل ايام، فقد أفرج مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر أمس عن العميد في «الجيش السوري الحر» عبد الله الرفاعي، وسلّمه الى الأمن العام، بعدما كان وكيله تقدّم بطلب الى السلطات القضائية لهذه الغاية.

وكان الرفاعي قد أوقِف مع خالد حيدر الحجيري الذي كان يعمل على تسهيل مهمّة الرفاعي ونقله من الجرود الى عرسال قبل عشرة ايام تقريباً. والرفاعي هو رئيس «المجلس العسكري» في القلمون الذي أسّسه بعد انشقاقه عن الجيش السوري عام 2012.

وقالت مصادر مطلعة إنّ الرفاعي خضَع للتحقيق، وتبيّن أنّه لم يتورّط في أيّ عمل ضد أيّ لبناني أو أيّ مقيم على الأراضي اللبنانية فأُطلِق.