توسّعَ إطار الحركة السياسية بدءاً من عين التينة التي شهدت جولة حوار جديدة طغى عليها ترحيل النفايات، عِلماً أنّ هذا الملف سيَحضر بقوّة اليوم على طاولة مجلس الوزراء، وانتهاءً باجتماع بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس سعد الحريري مساءً، مروراً بـ«بيت الوسط» الذي شهدَ غداءً أقامه الحريري على شرف مرشّحه رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية.
أكّد الحريري بعد زيارته برّي أنّ هناك أربعة مرشّحين التقوا في بكركي، واتّفقوا على إعطاء الغطاء المسيحي لأيّ منهم. وشدّد على أنّ الرئاسة بيَد اللبنانيين «وعلى الجميع أن يعلم أنّه يجب النزول إلى مجلس النواب لننتهي من هذا الوضع، وإذا أرادوا المقاطعة فهذا ليس حقاً دستورياً، إذ إنّه يمكن مقاطعة جلسة أو اثنتين للاستمهال أو للتفكير بالوصول إلى تسوية، أمّا أن نقاطع 21 شهراً فإنّني أرى أنّ هذا الأمر يتجاوز الحقّ الدستوري كما يرى البعض»
وأكّد أنّه لم يرشّح نفسَه لرئاسة الحكومة، وأنّ النواب هُم في النهاية يقرّرون في الاستشارات من هو رئيس الوزراء، ولكنْ «ما حدا يحطّها فيّي». وقال: «سعد الحريري يريد رئيس جمهورية مهما كلّف الأمر، وإذا لم يُطلب منّي أن أترأس الحكومة فلن أفعل، فمباردتي وضَعت الاستحقاق الرئاسي على السكة الصحيحة، وأنا أريد رئيساً للجمهورية مهما كلّف الأمر».
وشدّد قائلاً: «الكلامُ أنّ الموضوع يتعلّق بسعد الحريري وأن يكون رئيساً للحكومة غيرُ صحيح، وأنا لم أتكلّم مع سليمان فرنجية بهذا الأمر ولم أطالب برئاسة الحكومة ولم أفتح هذا الموضوع، هو الذي تكلّم وهو الذي اقترَح. إذا طلِب منّي أن أتولّى هذه الوظيفة سأتولّاها.
وأكّد الحريري أخيراً أنّه يعود إلى رئاسة الحكومة بشروطه لا بشروطهم.
الحريري ـ فرنجية
وكان فرنجية قد أعلنَ استمراره في خوض السباق الرئاسي، شاكراً للحريري دعمَه، وأكد أنّه واثقٌ بالحريري كلّ الثقة، ولا يكترث بالكلام المتداول عن أنّ الحريري يستعمل هذا الترشيح ورقةً للاستفادة في أماكن أخرى، وأعلن أنّه لن يحرجَه من خلال سحبِ ترشيحه، وأكد عدمَ تراجعِه طالما إنّ هناك تأييداً من عدد من الكتل. وأوضَح أنّه لا يقوم بأيّ خطوة من دون التنسيق مع حلفائه، وقال: «المشاركة في جلسة انتخاب الرئيس المقبلة ستكون بالتنسيق مع حلفائنا».
واعتبَر أنّ «التيار الوطني الحر» حليف، والعماد ميشال عون صديق وحليف، والأمور ليست في أحسن حال ولكنّنا و«التيار» في خطّ واحد وموقف واحد». مؤكّداً أنّه «لن يكون هناك رئيس جمهورية في لبنان لا يَحظى بتوافق وطني». ووصَف الحريري كلامَ فرنجية بأنه «كلام مِن ذهب».
وكشفَت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» أنّ فرنجية أبلغَ الحريري أنّ مشاركته في جلسة 2 آذار المقبل لم تختمر بعد، وأنه لا يمكنه في ظلّ الظروف الراهنة المشاركة ما لم يشارك حليفه «حزب الله « فيها، وهو ما أصرّ على الإعلان عنه بعد اللقاء من بيت الوسط.
وكشفَت المصادر أنّ موقف فرنجية تلازَم وموقفَ آخَر لبرّي بعدم نزول نواب «كتلة التنمية والتحرير» أيضاً إذا استشفّ منها أنّها جلسة لتحدّي الحزب بالسعي إلى توفير النصاب الدستوري.
«التيار الوطني الحر» يَردّ
وليلاً، ردّ مصدر مسؤول في «التيار الوطني الحرّ» على تصريح الحريري في عين التينة قائلاً لـ«الجمهورية»:
1ـ إنّ الميثاقية تحدّدها الأحجام التمثيلية لأيّ مِن الاطراف كلٌّ على حِدة، وفي هذه المعادلة يأتي التفاوت الكبير بالأحجام بين بعضهم ليمنع اعتبار توفّرها بأيّ طرف بمعزل عن حجمه التمثيلي الوازن.
وبعد اتفاق القوّتين الأساسيتين في معراب على مرشّح واحد، لم يعُد هناك من ميثاقية لأيّ مرشّح سوى للّذي حظيَ بتوافق جامع، وإنّ فرَضية المرشّحين الأربعة وإن كانت غيرَ دقيقة أصلاً بتفاوت الحجم التمثيلي لكلّ منهم، لم تعُد واردة، خصوصاً في ضوء مباركة ما يَزيد عن ٨٦٪ من المسيحيين هذا الاتفاق.
2 – إنّ المعيار النيابي البرلماني يجعل من «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» ككتَل نيابية وازنة الممثلين الأساسيين والفعليين للمسيحيين من دون منازع خصوصاً بعد اتفاقهم على مرشّح واحد.
3 – إنّ الميثاقية لا تحسمها لقاءات أو اجتماعات بقدر ما يقرّرها الحجم التمثيلي والنيابي للأطراف المسيحيين، لا سيّما بعد اتفاقهم كما ما حصل في معراب.
لذلك، فإنّ احترام الدستور يتلازم ويترابط بشكل كامل ووثيق مع احترام الميثاقية التي بدورها ليست استنسابية أو انتقائية، بل تخضع لمعيار واحد يحدّده التمثيل الفعلي والحقيقي للمسيحيين ولا تفرَض عليهم. والمطلوب من الحريري عدم الاستمرار في تجاهل الإرادة المسيحية بمخالفة واضحة للدستور واتّفاق الطائف، ما يهدّد العيش المشترك ووحدةَ الوطن».
فرنسا وبريطانيا
واستمرّت الدعوات الدولية إلى انتخاب رئيس في لبنان بأسرع وقت، وذكّرَ وزير الخارجية الفرنسية مارك إيرولت خلال لقائه وزير الخارجية جبران باسيل امس الاوّل بضرورة إبقاء لبنان على سياسة النأي بالنفس حيال النزاع السوري، وأكد عزم بلاده على مواصلة مساندتها لمصلحة الاستقرار والأمن في لبنان».
وأملَ السفير البريطاني هوغو شورتر في أن يساهم وجود الحريري في حلّ مسألة الفراغ الرئاسي. وجدّد التأكيد أنّ لبنان «بحاجة إلى رئيس لكي يتمكّن من المضيّ قدُماً، ولكي يتفادى تآكلَ مؤسسات الدولة، بما يساعد على مواجهة التحديات في هذا الظرف القائم».
وأملَ في«أن يحضر النواب إلى المجلس النيابي لاختيار رئيس من بين المرشحين الموثوقين المقترحين. لقد مرّ لبنان بمأزق سياسي لفترة طويلة وهناك آليّة لحلّ هذه الأزمة وتقضي بأن يصوّت البرلمان على رئيس».
الأمم المتحدة
ورأت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ أنّه يتوجب على كلّ الفاعلين من شخصيات وأحزاب السعي معاً لإنهاء الأزمة الرئاسية، وعبّرَت عن قلقِها «في ما يختص بحسنِ سير المؤسسات وعمل الحكومة، والتحدّيات السياسية والأمنية والاقتصادية التي يفترَض بلبنان مواجهتها، ومِن بينها انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت».
الحضور المسيحي
وفي بكركي، اختتِمت أمس جولة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي للتشاور على مراحل مع الوزراء المسيحيين تحت عنوان البحث في الحقوق المسيحية المهدورة في الإدارات العامة والوزارات والمؤسسات العامة والهيئات المستقلة وسُبل مواجهة بعض القرارات التي أطاحت بالتوازنات الدقيقة في بعض الوزارات ولا سيّما جرّاء مناقلات وتعيينات أجريَت بالإنابة والتكليف في إدارات تبَخّر فيها الوجود المسيحي.
وقالت مصادر مطّلعة إنّ لقاءات الراعي أمس مع الوزراء رمزي جريج وجبران باسيل ونبيل دوفريج أنهَت الجولة التي عَقدها مع مختلف الوزراء بدلاً من الاجتماع الموسّع الذي صرفَ النظرَ عنه مخافة أن تأخذ العملية منحىً طائفياً ومذهبياً.
وسيُطرح ملف حقوق المسيحيين في لقاء يترَأسه الراعي في بكركي اليوم مع رؤساء الرابطة المارونية السابقين بعدما كانوا اجتمعوا في منزل الوزير السابق ميشال إدة نهاية الأسبوع الماضي.
ولم يغِب الشأن الرئاسي عن لقاءات بكركي، وقد أكّد باسيل من الصرح أن «لا أحد يمكنه أن يتخيّل وجود إصابة في التمثيل في موقع رئاسة الجمهورية وأن نبقى في منأى عن هذه الإصابة وعن هذا الخَلل سواءٌ في مجلس النواب أو في الحكومة أو في الإدارة.
فاليد التي تُمدّ على رئاسة الجمهورية تُمدّ أيضاً على الإدارة. والاستخفاف والتغاضي وكسر الإرادة المسيحية عندما يَحصل في موقع ما فهو يحصل أيضاً في كلّ المواقع، وعندما يتمّ تصحيحه في موقع ما فهو ينعكس إيجاباً على كلّ المواقع».
قزي
إلى ذلك، ينعقد مجلس الوزراء اليوم لاستكمال معالجة ملفّ النفايات. وعشية الجلسة، قال وزير العمل سجعان قزي العائد من باريس لـ»الجمهورية»: سنطلب تعليقَ جدول أعمال الجلسة وبتّ موضوع النفايات بعد تزايد حديثِ الناس عن فضائح متراكمة، وتبدو الحكومة كأنها الزوج المخدوع بين مجلس الإنماء والإعمار من جهة وروسيا من جهة أخرى، ولا بدّ مِن ان تتحمل مسؤولياتها كون المتضرّر هو كلّ الحكومة وليس الوزير المعنيّ أو اللجنة الوزارية المختصة بمعالجة هذا الملف وحسب.
وأضاف قزي: «مِن المؤسف أنني طالبتُ في الجلسة السابقة بأن يوضح رئيس الحكومة أو الوزير المختص ماذا يجري في موضوع تلزيم الترحيل، لأنّ كلّ الشعب يتحدث، عن حق أو عن باطل، عن وجود فضائح، ولا أحد يوضح الحقيقة، ولا بد أن نستمع للرأي العام، لذلك على مجلس الوزراء اليوم ان يوضح ملابسات موضوع الترحيل، كما عليه في ظل تعقيدات الترحيل ان يعود الى قراره الاوّل المتعلق بالمطامر، ولا يحتاج الأمر إلّا إلى التنفيذ.
قهوجي
وحضرَت الأوضاع الأمنية في البلاد في زيارة قائد الجيش العماد جان قهوجي الى سلام والحريري.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» إنّ قهوجي أطلعَ سلام على الوضع الأمني في البلاد، وحصيلة اللقاءات التي أجراها مع مسؤولي مجلس الأمن القومي ولجنتَي الدفاع والأمن والشؤون الخارجية في الكونغرس ونتائجها على المستويات كافّة، ولا سيّما لجهة زيادة حجم المساعدات الأميركية للجيش اللبناني بغية تعزيز قدراته في مواجهة الإرهاب.
وأكد سلام خلال اللقاء أنّ احتياجات المؤسسة العسكرية لها الأولوية في مِثل الظروف التي تعيشها البلاد، مجدِّداً الثقة بالجيش وقدراته، ومقدِّراً حجمَ المسؤوليات الملقاة على عاتقه على الحدود وفي الداخل، ومنوِّهاً بالدور الذي يقوم به الجيش في مواجهة الأمن المتفلّت.