IMLebanon

سلام إلى بروكسل وباريس والحزب لحوار بلا إحراج عون

تأجيل الملف النووي حتى حزيران من العام المقبل وضع المنطقة ولبنان أمام ثلاثة احتمالات: استمرار الستاتيكو الراهن من دون أي تعديل يذكر، ما يعني أنّ مرحلة ما بعد التمديد ستشكل استمراراً لمرحلة ما قبلها. الذهاب نحو مزيد من التبريد والحلحلة والاستقرار، ما يعني أنّ المنطقة ستشهد انفراجات جزئية في بعض الملفات الساخنة. انهيار الهدنة القائمة والعودة إلى الاشتباك من بابه العريض، ما يعني أنّ كل طرف سيسعى لتحسين أوراقه ومواقعه. وبالتالي، الانزلاق نحو مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار. وإذا كانت الأسابيع المقبلة كفيلة بتبيان طبيعة المرحلة ضمن هذه الخيارات، فإنّ «المستقبل» و«حزب الله» حاولا استباق نتيجة النووي بتحييد لبنان عن خط الاشتباك الإقليمي. وفيما السؤال عن مدى قدرتهما على استكمال هذه المهمة في حال اتجهت المناخات في المنطقة نحو تبادل الرسائل الساخنة، فإنه لا يجب في المقابل إسقاط دورهما في تلقّف وترجمة أي تسوية محتملة بين طهران والرياض برعاية غربية في الملف الرئاسي اللبناني.

لبنان الذي يستعدّ لعاصفة طبيعية جديدة بعدما تكللت قمم جباله بالثلوج في العاصفة الاولى، عليه ان ينتظر ساعات وأيام لجلاء الصورة امامه حيال مواضيع وملفات عدة، في مقدّمها حقيقة الموقف السعودي المستجِد من «حزب الله» وذلك خلال اللقاء المرتقب اليوم بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والسفير السعودي علي عواض عسيري، علماً أنّ الرياض كانت قد أوضحت أن موقفها من الحزب يتصل بدوره السوري لا اللبناني، فضلاً عن موقف رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري خلال اطلالته التلفزيونية بعد غد من دعوة الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله الى الحوار.

فكلّ الأنظار مشدودة إلى إطلالة الحريري التي يتوقف عليها إعطاء الضوء الأخضر لانطلاق الحوار بين «المستقبل» والحزب، خصوصاً أنه كان قد حدد في وقت سابق خارطة طريق واضحة للحوار ترتكز على ثلاث مراحل: التشاور من أجل انتخاب رئيس، الذي يتولى الدعوة إلى الحوار، بغية فكّ الاشتباك مع الملف السوري.

فكل المؤشرات تفيد أن التهدئة التي تطبع الحياة السياسية لا تنذر بعاصفة مرتقبة، إنما على العكس تحمل إشارات تفاؤلية عن مرحلة يرجّح أن تتسِع فيها مساحة التفاهم وصولاً إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وفي هذا السياق قالت أوساط سياسية مطلعة على هذه الاتصالات لـ»الجمهورية» إنّ «حزب الله» يريد الحوار، ولكنه يريد أن يتجنّب الإحراج مع رئيس تكتل «الإصلاح والتغيير» العماد ميشال عون، إذ إن موافقته، على سبيل المثال، إدراج بند الانتخابات الرئاسية ضمن جدول الأعمال تعني وكأنه قرّر الاستغناء عن عون والبحث عن تسوية رئاسية، فيما هذه التسوية تأتي تتويجاً للاتفاق بين الطرفين، وليس مقدمة للحوار. واعتبرت هذه الأوساط أنه على رغم تفهّمها موقف الحزب ووضعه، إلّا أنها تريد أن تأخذ ضمانات بأنه لا يريد الحوار فقط من أجل الصورة.

وفي السياق نفسه لم تستبعد أوساط وزارية أن يشكّل الحوار المرتقب مدخلاً للاتفاق على سلّة رباعية تحكم الوضع في لبنان لسنوات مديدة، وقوامها الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والتوافق على قانون جديد للانتخابات، وإجراء الانتخابات النيابية، والتفاهم على شكل الحكومة وتوازناتها بعد هذه الانتخابات.

«حزب الله» و«المستقبل»

وفي الشأن الحواري أيضاً بين «حزب الله» وتيار«المستقبل»، كشفت مصادر مواكبة للاتصالات لـ»الجمهورية» ان لا جديد على خط انطلاق الحوار بين الطرفين على رغم تزايد التصريحات.

وإذ دَعت المصادر الى ترقّب الموقف الذي سيعلنه الحريري بعد غد، لفتت الى انّ الامور ليست سلبية لكنها تحتاج الى وقت على رغم انّ النقاش الدائر يعكس ايجابية أبداها الطرفان من دون تسجيل خطوات ملموسة على هذا الطريق، مع حرص برّي على استمرار إضفاء أجواء الايجابية من باب تحميل المسؤولية للطرفين من أجل الاسراع في اطلاق هذا الحوار.

سلام الى بروكسل وباريس

وفي هذه الأجواء، يستعد رئيس الحكومة تمام سلام لزيارة فرنسا بعدما حسمت الإتصالات التي جرت بين بيروت وباريس عقب الإتصال الهاتفي الذي تلقّاه من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند موعد اللقاء بينهما، وحدد مبدئياً عبر البرتوكول اللبناني والفرنسي في الأسبوع الثاني من كانون الأول المقبل على أن تشمل الزيارة لقاءات ستعقد مع رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس ووزير الدفاع الفرنسي جان-ايف لودريان للبحث في مختلف تطورات لبنان والمنطقة، ولا سيما ما يتصل بالهبة السعودية من الأسلحة الفرنسية وشؤون متصلة بعمل القوات الفرنسية العاملة في إطار القوات الدولية المعزّزة في جنوب لبنان «اليونيفيل» بحيث سيرافق سلام في زيارته وزيرا الدفاع والخارجية.

ومعلوم انّ سلام سيزور في الأول والثاني من الشهر المقبل مقر الإتحاد الأوروبي في بروكسل للمشاركة في مؤتمر خاص حول مكافحة الإرهاب وقضايا تعني النازحين السوريين في دول الجوار السوري، ولبنان واحد منها.

سعيد

ومن معراب، اعتبر منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد انّ قوى 14 آذار لحظت في مبادرتها أنها «قادرة على فتح الباب من أجل إنقاذ لبنان والتوجّه نحو تسوية حول إسم رئيس للجمهورية». و»تبنّت ترشيح سمير جعجع الذي قال بنفسه في حزيران الماضي إنه قابل لفتح باب التسوية حول اسم أيّ رئيس».

وعن رفضه مبادرة النائب ميشال عون بحصر الترشيح بينه وبين جعجع، اعتبر انّ «قبول عون بالمشاركة في جلسات الانتخاب أمر جيّد ولكن في الوقت عينه لا يستطيع منع أيّ كان من الترشح للانتخابات، بحيث انّ الجوجلة تكون داخل المجلس وتصبح ضمن اللعبة الديموقراطية»، داعياً إيّاه الى النزول الى مجلس النواب.

«الكتائب»

بدوره، طالب حزب الكتائب بـ«وقف المزايدات الرئاسية ووضع المبادرة التي اطلقها رئيسه امين الجميل «في عهدة القيادات المسيحية للاجتماع الفوري واجتراح ما يخرق الفراغ ويُنهيه»، مطالباً «بوقف المزايدات الرئاسية»، وواضعاً «المبادرة التي أطلقها الرئيس امين الجميل في عهدة القيادات المسيحية للاجتماع الفوري واجتراح ما يخرق الفراغ وينهيه، وفي عهدة القيادات الوطنية للانعقاد في جلسة حوار تخرج بقرار واحد يتخذ بالاجماع ويقضي بانعقاد مجلس النواب وانتخاب رئيس للجمهورية».

ورحّب البيان «بأيّ حوار بين الافرقاء اللبنانيين بما يمثّل التكامل الوطني الذي يقود حكماً الى لبننة الاستحقاقات بدلاً من انتظار التفاهمات الخارجية التي قد تأتي وقد لا تأتي».

«التكتل» والتمديد

في غضون ذلك، لا يزال التمديد للمجلس النيابي يتردد صداه في الرابية، إذ اعتبر تكتل «التغيير والاصلاح»، الذي اجتمع استثنائياً أمس عشيّة جلسة المجلس الدستوري، «انّ شرعية المجلس النيابي الممدة نيابته مفقودة بفِعل التمديد للمرة الثانية، فالمجلس عجز لمدة ربع قرن عن إنجاز قانون انتخاب يؤمن التمثيل الصحيح، وعن انتخاب رئيس ليس فقط منذ 5 اشهر بل منذ ربع قرن».

المجلس الدستوري

في هذا الوقت، يعاود المجلس الدستوري اجتماعاته عند العاشرة من قبل ظهر اليوم لاستئناف البحث في الطعن المقدّم من نواب «التيار الوطني الحر» في دستورية قانون التمديد النيابي. وهو الإجتماع الثاني الذي ينظر في التقرير الذي وضعه المقرر الذي كلّف به لتناول الموضوع من جوانب عدة إدارية ودستورية.

وقال أحد اعضاء المجلس لـ«الجمهورية» انّ اجتماع اليوم قد يكون الإجتماع الأخير المُعلن عنه، فالمجلس منعقد في جلسات مفتوحة لِبَتّ الطعن المرفوع أمامه وصولاً الى القرار النهائي، قبولاً للطعن أو رفضاً له.

وأضاف: ليس واجباً ولا ضرورياً أن يعلن المجلس من اليوم وصاعداً عن اجتماعاته. فورشة العمل قائمة على قدم وساق، ولدى أعضائه العشرة الكثير من العمل للبَتّ بما هو مطروح أمامهم في مهلة أقصاها أسبوعين، بدأ احتسابها منذ اجتماع يوم الجمعة الماضي.

وتعليقاً على سَيل المواقف التي أطلقت أمس بعد اجتماع «التكتل» والترجيحات بقبول الطعن أو رفضه، قال: «سمعنا ما قيل اليوم (امس)، ومن المؤكد اننا سنسمع أكثر بعد، ففي السياسة كلام كثير قد لا ينتهي، لكنه كلام سيبقى خارج مقرّ المجلس، امّا في المجلس الدستوري فقد تقرر أن يقفل أعضاؤه الآذان على كلّ ما قيل ويقال وسيقال، الى ان يصدر القرار محكماً غير قابل للمراجعة».

هيل والرابطة المارونية

على صعيد آخر، علمت «الجمهورية» أنّ السفير الأميركي دايفيد هيل، الذي زار أمس وزير الخارجية جبران باسيل ورئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة، سيلتقي اليوم أعضاء الرابطة المارونية.

ويأتي اللقاء في إطار مواكبة الرابطة للحراك الديبلوماسي الذي بدأه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وتستكمله في لقائها مع هيل إضافة الى سفراء الدول الاجنبية والعربية المؤثرة على الساحة اللبنانية، ومن بينهم سفيرا السعودية وإيران.

وفي المعلومات انّ الرابطة ستطرح أمام هيل مجموعة هواجس وتساؤلات تتركّز بمعظمها على الإستحقاق الرئاسي، وما هي الخطوات الاميركية لمعالجة المأزق الرئاسي، كذلك سيتمّ التشاور في المخارج الآيلة لانتخاب رئيس جمهورية جديد.

الى ذلك، ستطرح الرابطة هواجس المسيحيين في الشرق عموماً ولبنان خصوصاً، في ظلّ تداعيات الحرب في العراق وسوريا على لبنان ودور الموارنة في التركيبة الجديدة للعالم العربي على وقع إعادة رسم خريطة المنطقة.

مجلس الوزراء

الى ذلك، يعقد مجلس الوزراء جلسة بعد غد وعلى جدول اعماله 45 بنداً عادياً معظمها مؤجّل من جلسات سابقة، إضافة الى سلة من البنود الروتينية المتصلة بفتح اعتمادات واعطاء سلفات مالية الى عدد من الوزارات والمؤسسات العامة لتسيير أمورها وفق القاعدة الإثني عشرية في ظل فقدان الموازنة العامة.

ولفت عدد من الوزراء انّ البند الخاص بالترخيص لجامعات جديدة وفتح فروع لأخرى سيُرجَأ بتّه مرة أخرى، خصوصاً انّ ما تمّ رفضه الأسبوع الماضي أعيد عرضه مضاعفاً في جدول الأعمال، وهو ما سيؤدي الى تجديد هذا الرفض.

ملف الإتصالات

وحول احتمال مناقشة البند الخاص بدفتر شروط المناقصة العالمية لإدارة شركتي الخلوي في لبنان، قال احد الوزراء المعنيين بالملف لـ»الجمهورية» انّ انتهاء اعمال اللجنة الثلاثية التي انعقدت أمس، والتي ستعاود اللقاء عند التاسعة من صباح اليوم في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة، يشكّل إشارة الى احتمال بَتّ الموضوع.

فإذا أنجزت اللجنة أعمالها شيء، وإذا لم تنجح في توحيد المواقف المتناقضة بين وزير الإتصالات بطرس حرب وزميليه الوزيرين محمد فنيش وجبران باسيل شيء آخر.

وأوضح انه جرى في اجتماع أمس «بحث معمّق في قضايا من زوايا عدة، وسنتأكد اليوم إذا كان ما طرح أمس يهدف الى الحلحلة أم العرقلة لنبني على الشيء مقتضاه».