IMLebanon

 تسونامي في طرابلس… وفوز «التيار» و«القوات» في البترون والكورة

 

مفاجأة من العيار الثقيل كشفَتها صناديق الاقتراع في الانتخابات البلدية في طرابلس، إذ تمكّنت اللائحة المدعومة من اللواء أشرف ريفي من إحداث صدمة وتسجيل نتيجة كبيرة في مواجهة اللائحة المدعومة من تحالف الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي والوزيرَين محمد الصفدي وفيصل كرامي والجماعة الإسلامية وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية وتيار «المردة» ونواب المدينة، والحزب «القومي» والحزب «العربي الديموقراطي». وسيطر حبس الأنفاس مع تقدّم الفرز الذي استمرّ حتى ساعات الفجر الاولى، حيث أشارت النتائج الأوّلية إلى تقدّم كبير حقّقته لائحة ريفي، بحيث أكدت ماكينته الإنتخابية فوزه بـ17 مقعداً مع فرز 250 صندوقاً من أصل 295. وتوقعت أن تأتي النتائج الإضافية لصالح ريفي خصوصاً أنّ صندوق مسقط رأسه لم يكن قد فُرز بعد. وبذلك، يكون أهل طرابلس قد وجّهوا، عبر صناديق الاقتراع، أكثرَ من رسالة سياسية مدوّية في أكثر من اتّجاه، لا بدّ للقوى السياسية من أن تتمعّن في قراءة معانيها وأبعادها بدقّة وهدوء لمعاودة تقويم حساباتها وخياراتها وتحالفاتها على كلّ المستويات.

إنتهى اليوم الانتخابي «الماراتوني» الطويل في الشمال، خاتماً معه الحلقة الرابعة من مسلسل الانتخابات البلدية والاختياريّة التي جابت المحافظات، وعمّت الاحتفالات الماكينات الانتخابية والفرَقاء الفائزين. ونجح وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والجيشُ وقائده العماد جان قهوجي وقوى الامن والاجهزة الامنية في ضمان الانتخابات وحرية الناخبين.

وعاد السؤال ليُطرَح على الساحة اللبنانية، وهو: «لماذا نجحنا في إجراء الانتخابات البلدية التي تطغى عليها العوامل المحليّة والخلافات العائلية، ولا نستطيع إجراءَ الإنتخابات النيابية». وكذلك لماذا فشلنا حتّى الساعة في إنتخاب رئيس للجمهورية ليستقيم عمل المؤسسات وننقذ بلدنا من الإنهيار الذي ضرب دول المنطقة؟.

وبعد انتهاء الانتخابات البلدية، سينصرف كلّ حزب وتيار وقوّة سياسيّة الى إجراء دراسة واقعية ومراجعة داخلية لِما حصل، إنْ كان من ناحية تحقيق الإنتصار في مكان ما أو الخسارة في أماكن أخرى، كذلك سيكون نبض الشارع وتوجّهاته محور النقاشات السياسيّة المقبلة. فالانتخابات البلدية يمكن ان تشكّل مؤشراً إلى نتيجة الإنتخابات النيابية، وكيف سيكون المشهد السياسي المقبل.

وفي المحصّلة، أظهرَت النتائج الأوّلية فوز لائحة «قرار تنورين» المدعومة من وزير الإتصالات بطرس حرب، فيما حقّقت «القوّات اللبنانية» فوزاً كبيراً في الكورة وبلدات البترون جرداً ووسطاً وساحلاً بالتحالف مع «التيار الوطني الحرّ»، وكذلك حافظت «القوّات» على رصيدها البلدي في بشري المدينة والقضاء، ونجح إختبار التوافق بين رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية ورئيس حركة «الإستقلال» ميشال معوّض في زغرتا، فيما فازت لائحة «القبيات بتقرّر» المدعومة من النائب هادي حبيش والنائب السابق مخايل ضاهر.

طرابلس

وخطفَت طرابلس الأنظار، وانعكس التنافس الحاد بين لائحة «لطرابلس» ولائحة «قرار طرابلس» في نتائج فرز الصناديق التي أظهرَت مفاجأة بعد مفاجأة مع فرز كلّ صندوق إضافي حيث كانت النتيجة تصبّ لصالح لائحة ريفي.

ميقاتي

وفي سياق تعليقِه على النهار الإنتخابي المحتدم، قال ميقاتي لـ«الجمهورية»: «لقد انتصَر الوفاق في طرابلس والميناء، وأثبتَ أبناء طرابلس والميناء انّهم المنتصرون أولاً وأخيراً، وتحت هذا الشعار أردنا المعركة الانتخابية بهدف الخير للمدينتين وأبنائهما الذين أكّدوا توقَهم الى التغيير الإيجابي لتفعيل شؤون المدينتين، لا سيّما منها ما يتعلق بالعمل الإنمائي والبلدي».

أضاف: «صفحة الانتخابات قد طويَت، ونشدّد على أنّ التعاون الذي قام بيننا وبين سائر القوى عبر التوافق الذي حقّقناه في هذه الانتخابات، كان يحمل رؤية مشتركة لمستقبل مدينتي طرابلس والميناء، ونحن مستمرّون في التعاون للنهوض بالعمل البلدي والإنمائي لخدمة المدينتين وأهلهما».

وختمَ ميقاتي: «اليوم بدأ التنافس الحقيقي، التنافس بين جميع الراغبين في خدمة المدينة وأهلها وإنشاء المشاريع الاستثمارية والتنموية التي تحرّك العجَلة الاقتصادية».

ريفي لـ«الجمهورية»

وكانت الماكينة الانتخابية للوزير ريفي ناشطة طوال النهار، ولم يتأخّر ريفي في التعليق على النتائج الأوّلية التي وصلت إليه، إذ أكّد لـ»الجمهورية» أنّ «طرابلس انتصرت وقرارُها انتصر، وفي كلّ الأحوال كانت لنا أهداف من خلال هذه العملية وقد تحقّقت». وأضاف: «أساساً أنا قدّمت استقالتي ومصٍرّ عليها، إنّما أنتظر وضعاً قانونياً يَسمح بقبولها، وأنا لم أعد أشبه هذه الحكومة ولا هي تشبهني». وخَتم: «نحن نؤسّس للأيام المقبلة».

جعجع

وليس بعيداً عن طرابلس، خاضت «القوّات اللبنانية» معركة بلدية في مدينة بشرّي وبلدات القضاء، في خطوة أرادت تثبيت إنتماء القضاء السياسي. وبعد إعلان فوز «الإنماء والوفاء» برئاسة فرادي سليم كيروز، قالت النائب ستريدا جعجع لـ«الجمهورية»: «في سنة 2015 فزنا ببلدية واحدة بالتزكية، أمّا في سنة 2016 فقد فزنا بـ4 بلدات بالتزكية وهي: بان، بقاعكفرا، قنات وحدث الجبة، وببلدتين شِبه تزكية هما: حدشيت وبزعون، وهذا يشكّل تقدّماً كبيراً لـ«القوات اللبنانية» في قضاء بشري ودليلاً على إيمان أهلنا بالخط السياسي الوطني والإنمائي للحزب.

وهذا الفوز الكبير لـ«القوات» ليس بجديد، وغداً (اليوم) في الثلاثين من الشهر الجاري هو يوم جديد. وكل البلديات التي فازت ستكون منفتحة على الجميع وستعمل للجميع بلا استثناء، لمن انتخَب معنا ولمن انتخب ضدّنا».

ووجّهت جعجع تحية لوزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي أصرّ على إنجاز الاستحقاق البلدي على رغم الظرف السياسي الأمني الذي تشهده المنطقة ولبنان. واعتبرت ما جرى بأنّه عرس للديموقراطية، وقد لمسنا توقَ اللبنانيين لممارسة حقّهم الديموقراطي وخصوصاً في غياب رئيس الجمهورية، وفي ظلّ التمديد، ونتمنّى ان يشكّل ما جرى فاتحة خير لاستحقاق انتخابات نيابية في موعدها وانتخاب رئيس الجمهورية».

وشكرَت جعجع الجيش وقائده العماد جان قهوجي وقوى الأمن والاجهزة الامنية ووسائل الاعلام. وأضافت: إلى «الحكيم» أقول: لديك صخرة اسمُها قضاء بشري وقفَت الى جانبك في أبشع الظروف عندما كنتَ معتقلاً، كما تقف الى جانبك اليوم في أحلى الظروف في المواجهة التي تخوضها لقيام الدولة الحقيقية في لبنان».

المنية – الضنّية

وتميّزَت الانتخابات البلدية والاختيارية في قضاء المنية – الضنّية، بإقبال كثيف، وسجّلت نسبة اقتراع غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات البلدية وصلت الى 57 في المئة.

فتفت لـ«الجمهورية»

وقال نائب المنية ـ الضنية أحمد فتفت لـ«الجمهورية»: «إنّه يوم ديموقراطي تميّز بمشاركة كثيفة في القضاء، وهذا دليل على وعي الناس وإصرارهم على منطق الدولة وعودة المؤسسات، ونتمنّى ان ينسحب ذلك مباشرةً وعياً لدى السياسيين والنواب والقيادات لانتخاب رئيس

الجمهورية والذهاب الى انتخابات نيابية».

«الداخلية»

من جهته، اعتبَر وزير الداخلية نهاد المشنوق أنّ «النجاح الكبير هو للناخبين والمقترعين، والفضل الأوّل فيه للجيش اللبناني الذي أثبت بقيادة العماد جان قهوجي أنه حريص على أن يعبّر اللبنانيون عن رأيهم في جوّ آمن، ومديرية قوى الأمن الداخلي واللواء ابرهيم بصبوص، وكلّ الاجهزة الإدارية والامنية التابعة لوزارة الداخلية، ومنها غرفة العمليات المركزية التابعة للوزارة، وكلها أثبتَت أنّها جاهزة وحاضرة وقامت بواجبها على أفضل وجه».

ويعقد المشنوق عند الثانية عشرة ظهر اليوم مؤتمراً صحافيّاً لإجراء عمليّة تقييم شاملة لكلّ الإنتخابات في مراحلها الأربعة، بعدما واكبَ امس وعن كثب سير العملية الانتخابية في الشمال ومجرياتها، وأكد انّه يتعاطى معها بحيادية كاملة.

وكانت أوساط وزير الداخلية قالت لـ«الجمهورية» إنّ وزارة الداخلية قد اثبتت من خلال أدائها انّها وزارة داخلية كلّ لبنان ولجميع اللبنانيين، وأظهرت من خلال موقفها الحيادي انّها على مسافة واحدة من الجميع».

وأشارت الى انّ أحداً لم يتحدّث عن ايّ عملية تزوير خلال كل العملية الانتخابية في مراحلها الاربعة». ولفتت «الى انّ الاستقبال الشعبي الاستثنائي الذي أقيم للوزير المشنوق من البترون مروراً بطرابلس وصولاً الى المنية والبداوي ما هو إلّا دليل على تمسّك اللبنانيين بخيار الدولة وإحياء مؤسساتها، وهذه مقدّمة صالحة للعبور الى بقيّة الاستحقاقات الدستورية، وفي مقدّمها استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية».

وأوضحت الأوساط انّ جولة المشنوق الشمالية امس «كانت غنية بالرموز وحافلة بالرسائل، واختيار محطاتها لم يكن مجرّد صدفة. فإضافةً الى المحطات التقليدية الإدارية والامنية في سرايا البترون وطرابلس وحلبا، كانت محطتا دار الإفتاء في طرابلس ودارة الرئيس عصام فارس في بينو مميزتَين بالمعاني التي تضمّنتهما.

فالمحطة الطرابلسية في دارة المفتي مالك الشعّار لم تكن مجرّد زيارة بل كانت موعداً لتلاقي شخصيات طرابلسية نيابية ودينية وسياسية هدفَت لإظهار الوجه الحقيقي لعاصمة الشمال: التوازن والانفتاح والعيش المشترك.

وهدفت الزيارة الى دارة الرئيس عصام فارس الى الإضاءة على دور هذا البيت السياسي لِما يمثّله من عناصر استقرار وأمان لمنطقة عكار بكاملها، والمواقف الحكيمة والمتّزنة ودورها في تقرير التواصل بين أبناء المنطقة الواحدة الى أيّ طائفة أو جهة انتموا».

قانون الانتخاب والرئاسة

من جهة ثانية، يحضر مشروع قانون الانتخاب مجدّداً على مشرحة اللجان النيابية المشتركة بعد غد الأربعاء، مترافقاً مع تزايد الحديث عن إعادة إحياء قانون الستين.

وبينما لم يخرج الاستحقاق الرئاسي من دائرة المراوحة، كشفَ فرنجية عن اتصال هاتفي جرى بينه وبين الرئيس سعد الحريري امس الاوّل، أبلغَه فيه أنّه سيصوّت لرئيس تكتّل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون ايضاً، إذا أراد الحريري التصويت له، مؤكداً أنّه على تفاهم مع الحريري.

وقد تزامنَ ذلك مع تصاعد التوتر على خط «المردة»ـ «التيار الوطني الحر»، فأكّد فرنجية انّ رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل «لا يحسّ بوجود عون أصلاً، لذلك لن يحسّ بوجود تيار «المرده» في البترون» ، لافتاً الى انّه على رغم الخصومة مع «القوات اللبنانية» فهي موجودة أكثر بـ 20 مرّة من «التيار الوطني الحر» في المنطقة».

فسارَع باسيل الى توضيح موقفِه مؤكداً أنّه لم يقل «إنّنا غير شاعرين بوجود «المردة»، بل إننا لا نشعر بالمنافسة معهم»، و»إنّ المشكلة مع فرنجية تكمن في أنّه يبني على أخبار خاطئة».

الى ذلك، وصَل الرئيس الحريري منتصف ليل امس إلى دولة الكويت، في زيارة يلتقي خلالها أمير الدولة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ورئيس الوزراء جابر مبارك الحمد الصباح وعدداً من كبار المسؤولين، ويعرض معهم آخر المستجدات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين.