Site icon IMLebanon

 مرجع أمني لـ«الجمهورية»: المخاطر كبيرة لكن لسنا في مهبّ الريح

ظلّ الهاجس الأمني بنداً متقدّماً مع مواصلة الأجهزة الأمنية كشفَ خلايا كانت تُعِدّ لأعمال إرهابية، وليس آخرها توقيف المديرية العامة لأمن الدولة في جبل لبنان خليةً تنتمي إلى تنظيم «داعش» في منطقة عاليه، بعد توقيف الجيش اللبناني خليةً تابعة لهذا التنظيم في خربة داوود العكّارية. وتَرافقَ ذلك مع تأكيد قادة الأجهزة الأمنية على أولوية مواجهة الإرهاب، وأنّ معركة لبنان معه ماضية إلى الأمام. في الموازاة، تفاعلت تصريحات وزير الداخلية نهاد المشنوق وإعلانه أنّ مبادرة الرئيس سعد الحريري لتسمية رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، لم «تأتِ من الحريري، بل من وزارة الخارجية البريطانية، مروراً بالأميركيين، وصولاً للسعوديين». فسارعَت السعودية وبريطانيا إلى النفي، بينما اعتصَم الحريري بالصمت. أمّا رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط فغرّد على طريقته عبر «تويتر»، وردّ اللواء أشرف ريفي بـ»أنّني شهيد حيّ، والشهيد الحيّ يَعرف قيمة الشهداء».

قال مرجع أمنيّ كبير لـ«الجمهورية»: إنّ الوضع في لبنان بالغُ الدقّة إذا نظرنا إلى الحرائق المشتعلة من حوله، لكنْ قياساً على ما يجري نستطيع القول إنّه أكثرُ مِن مقبول.

ولا شكّ أنّنا في مرحلة غير طبيعية، وأنّ الأزمة السورية لها تداعياتها علينا، ولا شكّ أيضا في أنّ لبنان عرضةٌ لمخاطرَ وانفجارات واغتيالات، لكن هذا لا يعني أنّه متروك أو في مهبّ الريح، أو أنّه سيتحوّل غداً إلى سوريا والعراق.

فكثير ممّا يُقال مبالغٌ فيه، فالأجهزة متيقّظة وتقوم بدورها على أكمل وجه. ليس مطلوباً لا التخفيف من المخاطر التي تُهدّدنا ولا عرضُ بطولات وهمية، المطلوب بكلّ بساطة إطلاعُ اللبنانيين بواقعية على حقيقة الوضع الأمني من دون المبالغة، وإعلامُهم عند حصول توقيفات، بحجمها وبساعتها.

وطمأنَ المرجع إلى «أن لا شيء يدعو إلى الهلع، وقال: لمسنا في الأيام الماضية الكثيرَ من المبالغات والتحليلات غير الواقعية حول وضع المجموعات الأصولية، والخلايا الإرهابية وتكبير حجمها، كما حصل في موضوع المخيمات التي نقرأ فيها اليوم معلومات مناقضة لتلك التي سبقَ وكُتب عنها. المخيّمات ليست على وشكِ الانفجار، والمبالغة في تظهير خطورتها يُحدث إرباكاً لا أساس له.

وسأل: مَن المستفيد من هذه التسريبات وخلقِ حالةِ بَلبلة دائمة توحي باللااستقرار في هذه المرحلة، وكأنّ المطلوب ضربُ ثقة الشعب اللبناني بوطنِه وأجهزته، وضربُ ثقة الخارج بلبنان عبرَ تصويره بغير المستقِر وغير الآمن، خصوصاً على أبواب موسم الاصطياف؟.

وكشفَ المرجع «أنّ التواصل الأمني بين لبنان وأجهزة الاستخبارات الدولية قائم، لأنّ الاستقرار في لبنان حاجة كلّ الدوَل، وفي هذه المرحلة بالتحديد لن يُسمح لأحد بفلتان الوضع الأمني، وإذا سُجّل خرقٌ ما سيبقى محدوداً في ظلّ هذه الحاجة. الخلايا الإرهابية تحت المراقبة والرصد والتتبُّع، وما يقوم به الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية من توقيفات ومداهمات، هو نتيجة هذه المتابعة المستمرّة والدؤوبة».

قهوجي

في غضون ذلك، أكّد قائد الجيش العماد جان قهوجي أنّ «قرارنا الحاسم منذ الأساس، كان أن نحمي لبنان من الأخطار، بكلّ الإمكانات المتوافرة ومهما بلغت التضحيات».

وشدّد قهوجي، في حفل إطلاق مشروع برنامج المساعدات للجيش والأمن العام، بدعمٍ من الاتحاد الاوروبي وتمويله، على «أنّ معركتنا مع الإرهاب ماضية إلى الأمام ولا هوادة فيها، ولن تتوقف إلّا بالقضاء على تجمّعاته وشبكاته التخريبية، وأيّ نشاط يقوم به على الحدود وفي الداخل».

وقال: نحن نعتبر هذه المعركة أولوية مطلقة لدى الجيش، كما نعتبرها جزءاً من جهد لبنان في إطار جهود منظومة المجتمع الدولي لمواجهة هذا الخطر الداهم الذي يتربّص شرّاً بالإنسانية جمعاء».

إبراهيم

بدوره، رأى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم «أنّ لبنان يعيش أدقّ مراحل تاريخه الحديث وأخطرَها، من خلال مواجهته الإرهابَ الذي يتهدّده دولةً ورسالةً حضارية، في مواجهة عقلٍ إلغائيّ لا يعترف بالتنوّع والتفاعل الحضاري بين الثقافات».

واعتبَر ابراهيم أنّ لبنان «في معركته الشرسة هذه، ينوب عن العالم عموماً وأوروبا خصوصاً، لا سيّما في منعِ الهجرات غير الشرعية».

وقال:«وطنُنا آخرُ شطآن المتوسط التي يمكن لأوروبا أن تأمنَ منها، وهذا ما يحتّم على الجميع مدّ يدِ العون إليه لحماية القيَم الإنسانية والفكرية المهدّدة بالزوال إذا لم نحسِن التصرّف، ونضع المشاريع المشتركة التي تحصّن بلدنا في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية».

وأكّد ابراهيم «استمرارَ العمل على دفع الخطر عن وطننا بكلّ ما أوتينا من قوّة وعزم، بالتعاون مع الجيش وكلّ الاجهزة الامنية، وبدعم من السلطات الرسمية والشعب اللبناني والمجتمع الدولي».

بصبوص

مِن جهته، شدّد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص على «أنّ معركتنا مع الإرهاب طويلة ومضنية، لافتاً الى أنّ «المعطيات والتحوّلات على الرغم من تسارعها تشير إلى أنّ الحلول ليست بقريبة، إنّما تسير وفق مجريات خطيرة، تنذِر بتفتيت دول المنطقة وتهجير قاطنيها، وتدمير بناها التحتية وطمسِ تراثِها وثقافتها المتوارثة».

وأكّد أنّ «هذا يُملي على جميع الجهات المعنية، دوليّةً وإقليمية ووطنية وعيَ خطورةِ المرحلة، والسعيَ إلى تجنيب المنطقة ولبنان المخاطرَ المحدقة، والتعامل بحكمة وترَوٍّ مع المتغيّرات والمستجدّات السياسية والأمنية المقبلة».

الاتّحاد الأوروبي

وكانت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان السفيرة كريستينا لاسن شدّدت على انّ الجيش والامن العام «يقفان في مقدّم القتال ضد الإرهاب والسيطرة على الهجرة غير الشرعية والاستقرار الداخلي للبلاد». وأكّدت اهتمام الاتحاد الاوروبي الشديد بالاستقرار في المنطقة، وضرورة تقديم أيّ دعم ممكن إلى لبنان بهدف إبقائه بعيداً من الاضطرابات الإقليمية.

«الحزب»

وأكّد «حزب الله»، بلسان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: «عندما نتحدّث بأنّ المنطقة ستعيش صيفاً حارّاً، فذلك لأنّ أميركا مشغولة بانتخاباتها، وليست جدّية في الحلّ السياسي، سواء في سوريا أو اليمن أو أماكن مختلفة، أمّا في لبنان فلا توجد حرارة بما هو موجود في المنطقة، لكن لا بدّ أن نسمع الكثير من الكلام والدعايات والمناقشات والحوارات التي تضيع في الفراغ».

القوات الدولية

وذكرَت مصادر أمنية في الجنوب أنّ تعميمين متشابهين في المضمون قد أصدِرا، الأوّل عن القوات الدولية، والثاني عن مصادر قريبة من بعض الهيئات الدولية، يدعوان العاملين مع كلّ منهما الى أخذ الحيطة والحذر في ضوء معلومات لديها عن بعض المؤشرات التي قد تستهدف عدداً من الأماكن.

ولفتَ التعميمان «إلى ضرورة ابتعاد الموظفين عن المؤسسات والأماكن التجارية وأماكن التجمّعات، وأنّ بعضاً من المنظمات الدولية أبلغَت موظفيها بإعطائهم إجازات تستمرّ حتى الاثنين المقبل».

وأعلنَ المتحدث الرسمي باسم «اليونفيل» أندريا تينانتي أنّه «ردّاً على تقارير وسائل الإعلام أخيراً عن تعليق «اليونيفيل دورياتها اليومية»، يهمّني التأكيد بأنّ القوات الدولية مستمرة بالعمل في منطقة عملياتها، والاضطلاع بأنشطتها في تنسيق وثيق مع الجيش اللبناني».

وقال تينانتي: «يبقى تركيز اليونفيل الدائم على منطقة عملياتها وتنفيذ القرار 1701» .

وأضاف: «إنّ لـ«اليونيفيل» إجراءات أمنية وحماية شاملة بالفعل، وإنّ مراجعة تتمّ لاتّخاذ هذه التدابير بشكل مستمرّ بناءً على الوضع على الأرض». وأكّد «أنّ أمن وسلامة أفراد القوّة هو الهدف الأسمى لنا، وأنّه جزء لا يتجزّأ من النجاح في تنفيذ مهمتِنا، لذلك فإنّ هذا شيءٌ نأخذه على محمل الجد».

تصريحات المشنوق

وفيما انصَبّ الانشغال الأمني على تحصين جبهة لبنان ودرءِ الأخطار عنه، انكفَأ الحراك السياسي لمصلحة ارتفاع ضجيج السجالات، ما خرقَ مشهد المراوحة في معالجة الملفات، وسط استمرار غياب أفق الحلول لأيّ منها.

وقد أثارت المواقف الأخيرة التي أعلنَها وزير الداخلية في مقابلته المتلفزة أمس الأوّل موجة ردود، أبرزُها للسفير السعودي علي عواض عسيري الذي استغربَ مواقفَ المشنوق و»إقحامَه المملكةَ العربية السعودية في عدد من الملفات الداخلية».

وأكّد عسيري في بيان «أنّ المملكة العربية السعودية لم ولن تتدخّل في الشؤون الداخلية اللبنانية، ولا سيّما ملف رئاسة الجمهورية الذي تعتبره ملفّاً سيادياً يعود للأشقّاء اللبنانيين وحدهم حقّ القرار فيه».

وأوضَح أنّ «دور المملكة يقتصر على تشجيع المسؤولين اللبنانيين على إيجاد حلّ للأزمة السياسية وإنهاء الشغور الرئاسي لينتظمَ عمل مؤسسات الدولة، ويَعبر لبنان إلى مرحلة من الاستقرار والازدهار الاقتصادي، بمعزل عمّن يكون الرئيس الجديد»

بريطانيا

من جهتها، أوضَحت بريطانيا أنّها لا تدعم أو تعارض أيّ مرشّح محدّد لرئاسة الجمهورية. وأكّدت في بيان صدر عن سفارتها «أنّ انتخاب رئيس للجمهورية هو قرار ومسؤولية اللبنانيين». وأبدت استعدادها» للعمل مع رئيس جمهورية لبنان المقبل أياً يكن، ودعَت» إلى انتخاب رئيس في أقرب وقت».

جنبلاط

وغرّد جنبلاط عبر «تويتر» قائلاً: الطرب المشنوقي في الصباح، وقد يسمّى بالمشنوقيات يكاد يشبه رقصَ التانغو، الرشاقة الفكرية تلاقي الرشاقة البدنية.

وتعليقاً على ما قاله المشنوق بأنّ النظام السعودي السابق هو الذي أوصَل تيار «المستقبل» إلى ما وصَل إليه، اعتبَر جنبلاط أنّه «من الظلم وتحريف الوقائع القول إنّ مبادرة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز أوصَلتنا إلى حالة اليوم».

وأضاف: أترُكوا هذا الفارس العربي الكبير يَرقد مرتاحاً، بعيداً عن هذا النوع من الهذيان.

ريفي في بكركي

وفي هذه الأجواء، زار ريفي البطريركَ الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وأوضَح بعد اللقاء أنّه «اقترح وضعَ المسيحيين والعلويّين على لائحة واحدة في الانتخابات البلدية في طرابلس»، لافتاً إلى أنّ «الفريق الآخر رفضَ الموضوع، واعتبر أنّ «تعالي اللائحة الأخرى في طربلس هو الذي حرمَ المدينة من مشاركة المسيحيين والعلويين في البلدية».

وعلمت «الجمهورية» أنّ لقاء ريفي مع الراعي كان جيّداً، وتمّ استعراض الأسباب التي أدّت إلى غياب التمثيل المسيحي، واستمعَ البطريرك الى ما جرى، مؤكّداً على العيش المشترك في طرابلس.

بدوره، حمّلَ ريفي مسؤولية هذا التمثيل إلى رفض الفريق الآخر مبادرتَه، مؤكداً أنّ مَن لم يحالفهم الحظ في النجاح من لائحة «قرار طرابلس» سيكونون إلى جانب المجلس البلدي في قدراتهم وخبراتهم وأفكارهم لإنماء المدينة.

وكان ريفي قد دعا الحريري ورئيسَ حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى سحبِ ترشيح النائبَين سليمان فرنجية والعماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، والعودة إلى التحالف بينهما».

وأعلن أنّه سيشكّل «لائحةً في مدينة طرابلس خلال الانتخابات النيابية المقبلة، بالتعاون مع قوى تغييرية. وقال «إنّ أشرف ريفي بعد الانتخابات البلدية ليس كما قبلها»، مشيراً إلى أنّه «يتحضّر للمرحلة المقبلة من خلال تأسيس تيار أو حركة، رافضاً فكرةَ تأسيس حزب». وإذ أبدى استعدادَه لمحاورة «حزب الله» اعتبَر أنّه بارتداد سلاح الحزب إلى لبنان وسوريا «أصبح هذا السلاح ميليشياويا «.

الجرّاح

وعلى خط العلاقة بين معراب و«بيت الوسط»، أكّد عضو كتلة «المستقبل» النائب جمال الجرّاح لـ»الجمهورية» أنّ العلاقة بين «المستقبل» والقوات اللبنانية» ليست على ما يرام كثيراً، لكنها ليست سيّئة إلى الحد الذي يحاول البعض تصويرَه، وقال: «هناك طبعاً اختلافٌ في وجهات النظر حول عدد من القضايا، وفي مقدّمها موضوع رئاسة الجمهورية، إضافةً إلى بعض التفاصيل الأخرى. لكنّ العلاقة ليست سيئة وليست في أحسن حالاتها في الوقت نفسه». لافتاً إلى أنّ القنوات بين الطرفين مفتوحة وليست مقفلة.