IMLebanon

المجلس تحت الأضواء غداً و«السلسلة» تسلـــك طريقها إلى الإقرار

فيما تدخل البلاد اليوم أسبوعاً جديداً من الشغور الرئاسي، ويبقى مصير انتخاب رئيس جمهورية جديد معَلقاً، وتراوح قضية العسكريين المخطوفين لدى الإرهابيين مكانها، تعود الأضواء اعتباراً من غد الأربعاء إلى مجلس النواب الذي «يُشرّع» أبوابَه بعد فترة غياب وانتظار، أمام التشريع، ولكن تحت شعار «تشريع الضرورة». ويتصدّر جدولَ أعمال الجلسة التي تنعقد في الحادية عشرة قبل ظهر غد بدعوة من رئيس المجلس نبيه برّي، مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب، ليُقَّر بعد مخاض عسير وصَولاتٍ وجَولات في الشارع المطلبي، لتتّجه الأنظار بعدها إلى جلسة التمديد النيابي التي لم يحدّد موعدها بعد. ومع عودة الحياة والحيوية إلى مجلس النواب ولو تحت عنوان «تشريع الضرورة»، ومع نجاح الحكومة في تجاوز كلّ العقبات والخلافات ولو تحت عنوان «الاستقالة خط أحمر»، ينتقل التركيز مجدّداً إلى رئاسة الجمهورية، في ظلّ تقاطع مؤشّرات بأنّه سيكون للبنان رئيس جديد قبل نهاية الولاية الممدّدة لمجلس النواب في 20 تشرين الثاني المقبل.

سلكت سلسلة الرتب والرواتب طريقها نحو الإقرار في المجلس النيابي غداً الاربعاء، في جلسة تشريعية تمّ التوافق على عقدها في اجتماع هيئة مكتب المجلس التي عقدَت اجتماعاً أمس في عين التينة برئاسة برّي، وجرى بحث في جدول أعمال الجلسة التشريعية.

وتمنّى أمين سر هيئة المكتب النائب مروان حمادة أن تقَرّ في الجلسة سلسلة الرتب والرواتب ضمن معايير التوازن في الواردات، مشيراً إلى أنّ التفاهم كان كاملاً بين أعضاء الهيئة والرئيس بري على معيار الضرورة وعلى اختيار المواضيع.

ونفى حمادة التطرّق لأيّ موضوع يتعلق بالتمديد للمجلس النيابي «لا من قريب ولا من بعيد». وعن موضوع تعديل المهَل المتعلقة بالانتخابات النيابية، أوضح انّ «هيئة المكتب تطرّقت الى هذا الموضوع وأرجأته الى جلسة لاحقة ستكون ضمن المهلة التي تسمح بتعديل المهَل».

لغمان

وقد برَز لُغمان في اللحظات الأخيرة يهدّدان «السلسلة»، تمَثَّل الأوّل في حرمان أساتذة التعليم الخاص من الدرجات الست، وتمَثَّل الثاني في تمديد دوام عمل موظفي القطاع العام حتى الثالثة والنصف بعد الظهر، ضمن سَلّة الإصلاحات التي ستواكب إقرارَ «السلسلة».

وفي موضوع حرمان أساتذة التعليم الخاص من الدرجات السِتّ، هدّدَ المعلمون بإغلاق المدارس ابتداءً من يوم غد الأربعاء، وإعلان الإضراب المفتوح إذا تمّ إقرار «السلسلة» والدرجات الستّ للقطاع العام، واستثناء أساتذة التعليم الخاص من هذه الدرجات.

وفي موضوع تمديد دوام العمل في القطاع العام، أعلنَت رابطة الموظفين رفضَها الاقتراح، من دون أن تعلن ما إذا كانت ستتّخذ خطوات تصعيدية في حال إقرار هذا البند في «السلسلة» غداً.

جابر لـ«الجمهورية»

من جهته، عزا النائب ياسين جابر عدمَ إدراج إقرار الدرجات الستّ لمعلمي القطاع الخاص الى أن «لا شأن للحكومة في إقرار درجات للقطاع الخاص».

وعن التغييرات المُدرَجة في الصيغة النهائية للسلسلة، كشفَ جابر لـ«الجمهورية» أنّ السلسلة ستعطي الدرجات الستّ لكلّ موظفي القطاع العام من معلّمين وإداريين، وتمّ الاتفاق على رفع الضريبة على القيمة المضافة TVA من 10 إلى 11 في المئة. وأكّد أن لا مفعول رجعياً في «السلسلة» لأن ليس في مقدور الخزينة تحمُّل هذا العبء. وأشار الى أنّ «السلسلة» ستُقسَّط على مدى سنتين.

ولفتَ جابر إلى تعديل في دوام موظفي القطاع العام ليصبحَ من الاثنين الى الخميس من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر، أمّا يوم الجمعة فمن الثامنة حتى الأولى ظهراً، ولا عمل يومَي السبت والأحد. وأكّد أنّ بهذا التعديل يؤمّن الموظف 30 ساعة عمل أسبوعياً على الأقلّ.

ووفقَ جابر، فإنّ حجم السلسلة بات 1940 مليار ليرة، أمّا حجم المداخيل التي ستؤمَّن من الضرائب المفروضة ككُل فيبلغ 1768 ملياراً. كذلك ألمحَ جابر إلى تدابير تعتزم الدولة اتّخاذها في مرحلة مقبلة من شأنها أن تؤمّن موارد إضافية تخفّف العجز، لا سيّما منها رفع فواتير الكهرباء.

وفي سياق الاتصالات التي تولّاها عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان مع الكتل النيابية وأثمرَت توصُّلاً إلى اتفاق مبدئي، عُقِد مساءَ أمس اجتماع بين عضو تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ابراهيم كنعان وعدوان من أجل مواصلة البحث في المواضيع المتصلة بتشريع الضرورة، وقد اتّفقا على استكمال الاتصالات اليوم.

المدارس الكاثوليكية

من جهته، أكّد الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار لـ»الجمهورية» أنّ «عدم إعطاء الدرجات الست لمعلمي القطاع الخاص لم يأتِ بطلبٍ من المدارس الخاصة»، مشيراً إلى أن «لا عِلم له بما ذُكر في نصّ السلسلة» لكنّه أملَ في أن تكون السلسلة عادلة عند إصدارها.

وأوضَح أنّ «كلّ تشريع جديد سيؤثّر حكماً في الأقساط المدرسية، ولا يمكن تحديد نسبة الغلاء من الآن، إذ إنّ ذلك يعود الى ميزانية كلّ مدرسة، آخذةً في الاعتبار عددَ الطلاب وعددَ الأساتذة». لكنّه أكّد أنّ «إقرار الدرجات الست سيكون له تأثير موجِع في الأهل».

جلسة حامية؟!

في الموازاة، باشرَ رئيس الحكومة تمّام سلام فور عودته من نيويورك، جولة من المحادثات والإستشارات الوزارية، فالتقى لهذه الغاية كلّاً من وزير الصحّة وائل أبو فاعور، وزير الداخلية نهاد المشنوق في حضور المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ، ثمّ وزير الإتصالات بطرس حرب، على أن يستأنف جولته على الوزراء اليوم، فيلتقي وزراء من ممثلي حزب الكتائب و«حزب الله» وحركة «أمل».

وعزَت مصادر السراي الحكومي لـ»الجمهورية» جولة محادثات سلام هذه إلى التحضير لجلسة مجلس الوزراء يوم الخميس المقبل، في ضوء توافر معلومات عن مواجهات محتمَلة بين الوزراء، نظراً إلى حجم الملفّات الخلافية المرشّحة لنقاش حامٍ في الجلسة، والتي تجنَّب جدول أعمالها التطرّق إلى أيّ من هذه الملفات الكبرى التي ستكون موضوع نقاش من خارجه.

وفي المعلومات المتداوَلة أنّ من بين القضايا الخلافية ما يتّصل بالطرح الذي ينوي وزير الداخلية تقديمَه في شأن المخيّمات الخاصة بالنازحين واللاجئين السوريين وما أثارته مواقفه من ردّات فعل عنيفة عبَّر عنها وزيرا تكتّل «الإصلاح والتغيير» جبران باسيل والياس بوصعب اللذان انتقدا طرحَ المشنوق واعتبرا أنّه سيفجّر البلد، لأنّ خطوات من هذا النوع لا يمكن أن تكون من طرف واحد ومن دون رضى الجميع.

مصادر وزارية

في المقابل، توقّعت مصادر وزارية أن تشهد الجلسة ملفّات ساخنة عدّة، حيث ينوي بعض الوزراء إثارة «الإستلشاق الوزاري» في بعض القضايا، وكذلك التوقّف أمام حجم الخلافات القائمة حول الملفات الكبرى والانقسام الحاد بين الوزراء الذين يتصرّفون وكأنّ لكلّ منهم مقاطعته و»إمارته الوزارية» ويمكنه إدارتها كما يشاء، ضاربين بعرض الحائط مسألة الإجماع والتضامن الحكوميين اللذين ظهر أنّهما سراب إلى اليوم.

وكشفَت المصادر لـ«الجمهورية» أنّ بعض الوزراء سيثير بريبةٍ ما شهدته أروقة الأمم المتحدة من لقاءات شكّلت في شكلها ومضمونها خروجاً على التضامن الحكومي، ومنها اللقاء الذي جمَع الوزير جبران باسيل مع نظيره السوري وليد المعلّم، سواءٌ أكان بناءً على طلب الجانب السوري أو اللبناني لا فرق، فالحكومة لم تقرّر أن يجري أيّ من أعضائها لقاءً من هذا النوع، خصوصاً أنّ مَن أجراه كان عضواً في الوفد الرسمي ولم يغيّبه رئيس الوفد عن أيّ لقاء ليتفرّد بمثل هذه الخطوات الاستفزازية.

وبناءً على ما تقدّم، فُهمَت حركة الإتصالات التي باشرَها سلام سعياً وراء ترميم العلاقات بين وزرائه ومنع حصول ما يؤدّي إلى تعثّر الحكومة في مثل الظروف الخطيرة التي تعبُر بها البلاد.

ملفّ العسكريين

إلى ذلك، لم يسجّل أيّ جديد في ملف العسكريين المخطوفين لدى الإرهابيين، ما خلا حديث المدير العام للأمن العام عن باب ضوء في هذا الملف الذي يسير على الطريق الصحيح. كذلك لفتَ أبو فاعور إلى أنّ الأمور تأخذ منحى التواصل الفعلي، وأملَ في أن تصل إلى خاتمة سعيدة تُطمئن أهالي العسكريين وتعيد أبناءَهم.

تحرّك الأهالي

وكان أهالي العسكريين واصلوا إقفالَ طريق ضهر البيدر، وطريق زحلة ـ ترشيش والأتوستراد الدولي والطريق البحرية في القلمون، ودعوا رئيس الحكومة إلى العمل على تفعيل المفاوضات عبر قطر وتركيا لتحرير المخطوفين، وطالبوا الدولة بألّا تُقدِم على فتح الطريق بالقوّة. كما دعوا «جبهة النصرة «والجهات الخاطفة بألّا تهدّد المخطوفين، حتى يتسنّى لهم الضغط والاستمرار بالتحرك لتفعيل المفاوضات.

أردوغان وتميم

وكان سلام أطلعَ وزير الداخلية والمدير العام للأمن العام على نتائج اللقاءين اللذين عقدَهما مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وما تناوَله البحث بشأن أزمة المخطوفين العسكريين في جرود عرسال وآليّة العمل الواجب اعتمادُها لمواكبة تحرّك الوسيطين التركي أو القطري.

وفهمَ أنّ على الجانب اللبناني أن ينتظر إشارة من الطرفين قبل الإقدام على أيّ خطوة أو زيارة يمكن أن يقوم بها أيّ مسؤول لبناني إلى أنقرة أو الدوحة، في اعتبار أنّ الاتصالات التي جرت في نيويورك حتّمت هذه الآلية، وعلى لبنان أن ينتظر إشارةً من الوسيطين قبل القيام بأيّ تحرّك يستبق ما يمكن أن يُنجزاه بين يوم وآخر.

وضمانات إضافية

وعُلِم من مصادر مطّلعة أنّ الموفد القطري لم يقصد عرسال ولا جرودها حتى الأمس، وأنّ الإتصالات تتركّز على وضع آلية للحوار والمفاوضات، على أن تبدأ بمزيد من الضمانات بوقفِ ذبح العسكريين وضمان سلامتهم قبل الشروع في أيّ مفاوضات وما يمكن أن تؤدّي إليه.

جعجع

وعلى خط آخر حمَّل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «حزب الله» والعماد ميشال عون «مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في لبنان راهناً، فهُما بتعطيلهما انتخابات رئاسة الجمهورية، عطّلا موقع الرئاسة ومعه عمل المجلس النيابي، وحوَّلا الحكومة مجلساً عشائرياً، لا حول له ولا قوّة، يُعيث في الأرض خراباً وفساداً على الصُعد كافة، من طريقة معالجة ملف العسكريين المخطوفين إلى طريقة معالجة ملف المياومين الخاطفين».

وفي هذا الإطار، شرَح النائب فادي كرم خلفيات تصعيد «القوات» ضدّ الحكومة، وقال لـ»الجمهوريّة»: «في الأساس لم نستبشر خيراً عند تأليف هذه الحكومة، وهي أشبه بالعرَبة التي يجرّها حصانان، ودخول القوى السياسية تحت مسمّى «ربط النزاع» أثبَت فشله، وكلّ التبريرات التي أعطانا إيّاها حلفاؤنا لم تُصِب، والآن نواجه ملفّات مصيرية تهدّد الكيان وأمن البلاد، من مسألة العسكريين المخطوفين الى قضية عرسال، وأمام هول ما يجري نرى الحكومة مشلولة وغير قادرة على اتّخاذ القرار وصَوغ حلول».

وعمّا إذا كانت فترة السماح التي أعطَتها «القوات» للحكومة انتهَت، أوضحَ كرم أنّ «القوات لم تشارك في الحكومة لأنّها تعرف ماذا سيحصل، وتعارضُها منذ البداية، وقد قلنا لحلفائنا إنّ وجودكم في هذه الحكومة سيُضعف موقفكم ويناقض الخطاب الوطني والمبادئ التي تنادون بها، لكنّهم لم يسمعوا».

ومن جهة ثانية، أشار كرم الى أنّ «الاتفاق على ملف السلسلة بات في نهايته، والتفاهم الآن هو على التفاصيل الصغيرة»، مؤكّداً أنّ «القوات لن تفتح الباب أمام التشريع إلّا في الحالات الطارئة، لأنّ مهمة المجلس انتخاب رئيس فقط».

واستنكرَ كرم «موقف الائتلاف السوري من أحداث عرسال، في وقتِ أوى الشعبُ اللبناني اللاجئين السوريين الذين أكلوا من حصّتنا، وفتحنا أبوابَنا أمام المعارضين»، ودعاهم إلى «عدم التمادي مع الجيش والقوى الأمنية لأنّ اللبنانيين يقفون صَفّاً واحداً خلفهم».

ورأى أنّ هناك عناصر تفجير شبيهة بالـ1975 لكنّ اللبنانيين تعلّموا من تجارب الحرب، على الرغم من المؤامرة المستمرّة عليهم ومحاولة البعض أخذَهم بخطاب طائفي غرائزي.

الحرَس الثوري

وفي مجالٍ آخر، وفي موقفٍ لافت، أعلنَ قائد القوّة «جو فضاء» في الحرس الثوري في الجمهورية الإسلامية اللواء أمير علي حاجي زادة أنّ القدرة الصاروخية والطائرات من دون طيّار التابعة لـ»حزب الله» لا تقارَن بما كان يمتلكه إبّان حرب تمّوز في العام 2006، مشيراً إلى أنّه على اطّلاع تامّ بما تمتلكه المقاومة الإسلامية في لبنان.

وعن علاقة «حزب الله» بالحرس الثوري قال حاجي زادة إنّ الحزب كان مرتبطاً بالحرس في وقتٍ من الأوقات، ولكنّه تطوّر اليوم لدرجة أنّنا بتنا نستفيد من بعض قدراته في بعض الأحيان، ونحن نمدّه بالدعم عند اللزوم، مشيراً إلى أنّ الحزب والحرس هما جهتان متلازمتان، وما نعلمه أنّه لا ينقص «حزب الله» أيّ شيء في ما يتعلق بالطائرات من دون طيّار والصواريخ.